fbpx

“سيلفي” فيروز وريما الرحباني: “بلا كل شي في تزيين”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تُسجن فيروز باسم الحب. باسم الخوف عليها وعلى صورتها. وحينما تخرج من الكادر الأيقوني الذي وضعوها فيه، يرجموها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

الصورة في الليل. “اللامبادير” مضاء وراءهما. الإضاءة خافتة. حتى الآن بيت فيروز مضاء في ظل اسوأ أزمة محروقات يشهدها لبنان. تلفون ريما فيه خدمة انترنت، والحمدلله. وهما ساهرتان. اتخيلهما تستمعان إلى “سهار بعد سهار” من ألحان محمد عبد الوهاب. وتدندن فيروز: “شو همّ ليل وطار، وينقص العمر نهار، بس سهار…”. تحب فيروز الليل، وتطيل السهر، و”الصبح بعيد”. هذا ما يقوله عارفوها. وهذا ما توحي به الكثير من اغنياتها. التقطت ريما الهاتف وقالت لفيروز: “تعالِ لنأخذ سيلفي”. 

هل هي المرة الأولى التي تلتقط فيها ريما سيلفي لفيروز؟ هل كانت المرة الاولى التي تتعرف فيها فيروز إلى هذه التقنية المستحدثة؟ لا نعلم. ولا نعلم اذا كانت فيروز تمتلك هاتفاً ذكياً تستخدمه بنفسها. ربما كانت تلتقط لنفسها الكثير من صور السيلفي كما يفعل معظمنا، لكن لا تنشرها. كثيرون توحي لهم فيروز أنها لا تزال في زمن سابق. تحمل تلفون قديم وتقول: “ألو، كحلون؟ ضيعة ستي؟”. ثم تبدأ بالغناء: “ستّي يا ستّي…”. كثيرون يضعونها في خيالهم، داخل مسرحية دائمة، بثياب “فولكلورية” وفساتين مزركشة وملوّنة، مع تسريحات متنوعة، وتبرّج “فنّي”. يتركونها هناك، سجينة الأيقونة التي وضعوها فيها، وربما شاركتهم، مع عدد ممن داروا بفلكها، في وضع نفسها فيها. ألم يرسلها سعيد عقل ذات يوم سفيرة إلى النجوم؟ وقيل فيها إنها “جارة القمر”؟ 

المهم، ريما تمسك الهاتف الخلوي. تفتح الكاميرا. وفيروز إلى جانبها. غالبيتنا فعل هذا الأمر مع آبائهم وأمهاتهم، مع جدّاتهم وأجدادهم. في البيت، في السهرة، يحدث ان يحمل احد هاتفاً خلوياً ويقترح “سيلفي”. شيء اشبه باقتراح نخب للجلسة. رفع الهاتف، في احيان كثيرة، هو رفع للكأس عالياً والاحتفاء باللحظة. وقد تكون ريما قد فعلت ذلك مع أمها. ربما كانتا تشربان كاساً من النبيذ سوياً، تتسامران، أم وابنتها. تحكيان عن عاصي في الذكرى 35 لغيابه، و”ليلات الحلوة عالبال”. ربما كانتا في جلسة معاتبة، بين ام وابنتها، و”موّال يجرّح موّال”. يحدث هذا الأمر. تحدث السيلفي في أحسن العائلات. تحدث وتكون بنت لحظتها. ولا تكون منمّقة أو مهندسة لتلائم الجميع. مجرد صورة تلتقط لحظة كما هي، “بلا ولا شي” على ما يقول زياد. “بلا كل انواع ثيابك” يا فيروز، “بلا رموش وماسكارا” وطبعاً “بلا كل شي في تزيين”. بلا ولا شي. “بالفي”. على ضوء “اللامبادير” الخافت، “مش لحدا” ما تبقىّ من ضوء في بيت فيروز. “مش لحدا” هذه اللحظات التي تختار فيروز ان تشاركها مع الجميع. 

ترفع ريما الهاتف بـ”السيلفي ستيك” كما يبدو من الصورة. ريما تبتسم. فيروز أيضاً. ابتسامة طفيفة. لكن “ضحكات عيونها ثابتين ما بينقصوا”. ولا تخلو عيونها من الدهشة. من فرح طفولي بالصورة كما لو انها “علبة فيها لعب”. “ألف غنية” عيونها في الصورة. وقد لا يرى فيهما من لا تعنيهم فيروز أي نغم. وهؤلاء أحرار في ان يروا الصورة كما يريدون. ان ينتقدوا “تسريحة” شعرها، وهم لا يعرفون ان فيروز “مخباية بالمراية”. وأنّ مرآتها “لون العينين”. 

ويستطيع المنادون بسجن “الحلواية” في أيقونة، ان ينتقدوا الصورة بما هي خروج على ملازمهم الصارمة. وأن يحاولوا تحميلها عبء الأسطرة والتأليه. وسجن “القمرة” في البيت و”كل البواب مسكّرة”، لأن الهوى “هيك” بحسب هؤلاء. يسجنوها باسم الحب. باسم الخوف عليها وعلى صورتها. وحينما تخرج من الكادر الأيقوني الذي وضعوها فيه، يرجموها، بكل ما أوتوا من أحكام. واحياناً تشارك ريما في “أيقنة” فيروز. تضع الملازم على صورتها. تقيّدها بالأصفاد. لكن “الديفا” فيروز تبقى، كـ”طفلة وحشية”، عصيّة على اللجم. تتصارع الطفلة الوحشية مع الديفا. واحدة تريد الخروج من الأيقونة وأخرى تريد البقاء. يضيق “خلقها” أحياناً من “هالجو العصبي”. وحينما يرتفع الهاتف الخلوي، ايذاناً بالسيلفي، تخرج من الأيقونة، عبر ثقب (عدسة) كاميرته الصغيرة كما تهرب من الشباك وتذهب إلى “عيد العزّابي”، بعد ان يقفل أباها البوابة. ومن يدري، قد تكون هي التي طلبت إلى ريما أن تصوّرها. وأن تنشر الصورة. وربما قالت لها ريما بتردّد: “بس يا ماما…”، فأجابتها فيروز بحزم: “مش فارقة معاي”!

إقرأوا أيضاً: