fbpx

إغتيال “الكهرباء” في العراق بعبوات وصواريخ: العتمة لتأجيل الإنتخابات!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تدور “حرب” موازية أسلحتها العبوات الناسفة والصواريخ، تستهدف أبراجا ومحطات طاقة في العراق وتمنع البلاد من تجاوز أزمة الكهربا، فيمن يقف خلف التفجيرات؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ارتفاع حاد في درجات الحرارة يشهده العراق حتى وصلت إلى نصف درجة الغليان. خمسون درجة مئوية، اضطرت الحكومة إلى تقليص ساعات الدوام الرسمي في مدن جنوبي العراق إلى 5 ساعات فقط. الناس هربت إلى الشوارع بعد انقطاع شبه تام للكهرباء. وعادت الأصوات المطالبة بإسقاط الحكومة لعجزها عن تأمين أبسط مقومات العيش للعراقيين. 

رئاسة مجلس الوزراء اتخذت إجراءات إدارية ومسلكية بحق المقصّرين، ووزير الكهرباء وضع استقالته في تصرف رئيس الحكومة، الذي قبلها في ما بعد. 

وفي تقليد سنوي مستمر منذ سنوات، يخرج العراقيون في احتجاجات موسمية بسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء وتردي الطاقة في فصل الصيف، وتواجه الحكومة الأزمة القديمة- الجديدة بالسياسات نفسها التي يصفها المتظاهرون بـ”الفاشلة” في حل معضلة الطاقة. 

لكن انقطاع الكهرباء بشكل شبه كامل عن العراق لا تقتصر أسبابه على الـ”تقنية”، ولا يمكن إحالتها حصراً إلى الهدر والفساد وسوء الإدارة. فإلى جانب الفساد في إدارة هذا الملف، تدور “حرب” موازية أسلحتها العبوات الناسفة والصواريخ، تستهدف أبراجا ومحطات طاقة في العراق وتمنع البلاد من تجاوز أزمة الكهرباء، إذ يعود من جديد مسلسل تفجير أبراج الضغط العالي وبشكل شبه يومي، في المناطق الصحراوية الخالية من الحماية في محافظات صلاح الدين وديالى وكركوك ونينوى. 

هذه المعطيات تعرفها الأجهزة الأمنية والإدارية العراقية جيداً. وتعرف ان تدمير أبراج الطاقة أثّر بشكل أساسي على ساعات تغذية المدن العراقية بالتيار الكهربائي، ليصل معدل التغذية في بعض المدن العراقية من 3 إلى 5 ساعات في اليوم، فيما شهدت منظومة الكهرباء في بعض مدن الجنوب مثل البصرة وميسان وذي قار والمثنى انطفاء تاما أكثر من مرة، لأسباب مجهولة بحسب مسؤولين. لكن رئاسة الوزراء يبدو أنها تبحث عن إجابة، كما يبدو من تغريدة نشرها الحساب الرسمي للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، تنقل عنه أنه شكّل لجنة تحقيقية خاصة للوصول إلى إجابات عن أسئلة يطرحها المواطنون عن “من يقوم باستهداف شبكات نقل الطاقة اليوم؟ ولماذا يستهدفها؟ وهل نحن أمام عمليات تخريبية ذات طابع سياسي أم إرهابي؟”. ووعد المكتب الإعلامي بالإجابة عن كل ذلك “عند اكتمال التحقيق”. 

ومنذ بداية العام الحالي وحتى ساعة كتابة التقرير بلغت الاستهدافات نحو 37 هجوما، الحصة الأكبر منها كانت لمحافظة صلاح الدين (شمالي البلاد) بـــ 21 استهدافا في غضون 3 أسابيع، أما ديالى (شمال شرقي البلاد) فبلغت الهجمات فيها خلال شهرين 8 استهدافات.

ومؤخرا دخلت صواريخ الكاتيوشا على خط استهداف الطاقة في العراق عبر هجوم هو الأول من نوعه شهدته محطة لإنتاج الكهرباء في صلاح الدين بصواريخ «كاتيوشا»، ما تسبب في أضرار جسيمة بأجزاء الوحدة التوليدية بحسب بيان لوزارة الكهرباء. ويأتي الاستهداف عقب أقل من أسبوع على افتتاح رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، المحطة التي تنتج نحو 1260 ميغاوات من الكهرباء.

من وراء التفجيرات؟

خلال اجتماع حكومي سابق أكد الكاظمي أن “الاستهدافات المتكررة والمقصودة لأبراج الطاقة الكهربائية في عدد من المحافظات، تؤثر في ساعات تزويد المناطق بالطاقة وتفاقم من معاناة المواطنين”، ووجه القائد العام للقوات المسلحة “أجهزة الأمن بحماية أبراج الطاقة وملاحقة الجماعات المسلحة الإجرامية والإرهابية”.

وتحتوي الشبكة الوطنية العراقية على 46 ألف برج، وتقدر كلفة إصلاح كل برج متضرر بنحو 30 مليون دينار ( 20 ألف دولار)، وتقول الحكومة إنها تواجه صعوبة كذلك في دفع المستحقات المتأخرة للمستثمرين والتي تقدر بالمليارات، بالإضافة إلى الدول التي يستورد منها العراق الطاقة والغاز مثل إيران والتي تقدر قيمة الديون المستحقة لها بنحو 11 مليار دولار.

وأمام عجز سلطات الأمن عن حماية خطوط الطاقة وفي تحول جديد بالتعامل مع «الدرون» التي تتجول في سماء العراق، تدرس وزارة الداخلية توظيف الطائرات المسيرة لحماية الأبراج من هجمات العبوات الناسفة.

يقول المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا للوكالة الرسمية إن “هناك تفاوضا مع شركات صينية بهذا الصدد، فضلا عن وجود دعم دولي للعراق في هذا المجال، وأنه سيتم توقيع عقد لجلب طائرات لحماية الحدود وحماية خطوط الكهرباء والمنتجات النفطية”.

“الهجمات لها بعد إرهابي ولا تخلو من البصمات السياسية لخلق مشاكل وأزمات في البلد قد تصل إلى إلغاء الانتخابات المبكرة المقبلة”

من المستفيد؟

عضو مجلس النواب جاسم الجبارة اتهم أياد خفية باستهداف أبراج الطاقة خدمة لأغراض سياسية ويؤكد أن “خطوط نقل الطاقة في صلاح الدين تعرضت لهجمات شرسة، وهي تأتي ضمن عمليات استهداف منظمة”. ويضيف الجبارة وهو عضو في لجنة الأمن والدفاع النيابية، في حديث لـ”درج” إن الجهات المستفيدة، “ربما ‏تكون ‏من‎ ‎وزارة الكهرباء‎ ‎نفسها، خصوصاً العاملين في الصيانة، أو مصنعي الأبراج، ‏وربما حتى جهات أمنية، تكون مستفيدة من ‏ذلك، ولا ننفي احتمالية أن يكون‎ ‎داعش الإرهابي‎ ‎متورطا ‏كذلك”.

ويقول عضو لجنة النفط والطاقة البرلمانية صادق السليطي إن الهجمات ضد أبراج الطاقة في العراق هي “ضربات دقيقة تستهدف خطوط النقل المحملة بالطاقة الكهربائية والتي في حال إطفائها، تؤثر في تغذية الطاقة في العراق كله لأن جميع المحافظات مرتبطة كهربائيا ببعضها ما عدا محافظات إقليم كردستان”.

ويؤكد السليطي أن “القصف الذي طال محطة الكهرباء في صلاح الدين استهدف أهم جزء في المحطة التي أدخلت هذا العام إلى الخدمة،  وهي محطة تعمل فيها شركة صينية، وعقب الهجوم الأخير تهدد الشركة بترك موقع عملها”.

ويضيف السليطي إن “الهجمات لها بعد إرهابي ولا تخلو من البصمات السياسية لخلق مشاكل وأزمات في البلد قد تصل إلى إلغاء الانتخابات المبكرة المقبلة”.

إقرأوا أيضاً:

هدر وحبر على ورق


وينتج العراق من نفطه ومن الغاز الذي يستورده من إيران، نحو 19 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية ، أي أقل بكثير من حاجته المقدرة بـ24 ألف ميغاواط والتي تصل إلى 30 ألف ميغاواط خلال أشهر الصيف اللاهب، ومن المقدّر أن يزداد استهلاك العراق للطاقة أكثر إذ إن عدد سكانه المقدر  بـ 40مليونا قد يتضاعف بحلول العام 2050، وفق الأمم المتحدة” ووقع العراق بهدف ترميم بناه التحتية على مذكرات تفاهم قبل سنوات مع شركة “سيمنز” الألمانية مقابل 10 مليارات دولار، ومع الأميركية “جنرال إلكتريك” مقابل 15 مليار دولار. لكن المشروعين لا يزالان حبرا على ورق.

والعراق مستمر في حرق(هدر) الغاز المستخرج إلى جانب النفط الخام نظرا لعدم وجود منشآت لتحويله إلى وقود يستهلك محليا أو يجري تصديره، ويكبد حرق الغاز الحكومة 2.5 مليار دولار من الإيرادات المفقودة وسيكون هذا المبلغ كافيا لتلبية معظم احتياجات توليد الطاقة باستخدام الغاز بحسب البنك الدولي.

أنفق العراق بحسب لجنة تحقيقية برلمانية 81 مليار دولار على قطاع الكهرباء منذ عام 2005 ولغاية عام 2019 وأدت هذه المبالغ الطائلة إلى استنزاف الخزينة العامة للدولة من خلال منح ضمانات دين سيادية إلى عدد من الشركات الأجنبية والمحلية، إذ يمثل ملف الكهرباء معضلة استعصت على كل الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 2003 بسبب الفساد الذي ينخر مفاصل الدولة العراقية.

إقرأوا أيضاً: