fbpx

حكاية ثلاث مصريات: الوصاية الذكورية من “كود” الملابس إلى الأرحام

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

خلال أسبوع واحد انتشرت قصص ثلاث مصريات تعرضن لسلسلة من الاستهدافات لم توفر لا ملابسهن ولا أجسادهن من الانتهاك.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“البسي تربان، ينفع تدخلي بيه،أما بالحجاب فلا يمكنك الدخول، هذه قواعد المكان ولن نسمح لأي أحد بالدخول بالحجاب”. هدَّدت الفتاة بإبلاغ شرطة السياحة لأن تحديد “كود” ملابس معيّن لحضور حفل موسيقي ليس قانونياً، فألغى المنظم حجزها، وأغلق الهاتف بوجهها. 

حدث هذا في الساحل الشمالي، المصيف الشهير في مصر، كانت فرقة “شارموفرز” الغنائية تستعد لتقديم أحدث حفلاتها، لتتعرض إحدى السيدات للمنع من الحجز، لكونها محجبة. قبل ذلك ساد انشغال بفستان حبيبة زهران، الذي هزّ مواقع التواصل الاجتماعي، واستكمل الاهتمام الإعلامي بفتاة حفل الساحل. 

وكأن وسائل الإعلام تتنافس في اختراع ألقاب لتصنف الفتيات في مصر، بحسب نوعية القهر الذي يتعرَّضن له. فمثلاً رأينا بكاءَ “فتاة البوركيني”، دينا هشام، والمصورة علياء عواد، التي عوقبت بالسجن لكونها صحفية تحمل كاميرا وتصوّر لقطات لا يُراد لها أن تتصدَّر المشهد، وقد هددها مستشفى السجن، حيث تحتجز باستئصال رحمِها. 

خلال أسبوع واحد انتشرت قصص ثلاث مصريات تعرضن لسلسلة من الاستهدافات لم توفر لا ملابسهن ولا أجسادهن من الانتهاك. فمن قصة منع فتاة محجبة من دخول حفل غنائي بسبب ارتدائها الحجاب مروراً بالتنمر على حبيبة طارق، التي لُقبت بفتاة الفستان وانتهاء بعلياء عواد الصحافية المعتقلة التي تتعرض للتهديد باستئصال رحمها.

“فتاة الفستان”… حبيبة طارق في مرمى القذائف

تعرضت  حبيبة طارق زهران، الطالبة المصرية بجامعة طنطا، لواقعة  تنمر (وتحرش!) من جانب مراقبتين خلال أحد أيام الامتحانات. والاتهام، الذي لاحق حبيبة، أنها تذهب إلى الامتحان مرتدية فستاناً. فوجئت بمراقبتين تناديان المراقبات الأخريات والمراقبين الرجال لمشاهدة ملابسها، كان فستاناً محتشماً لا يظهر شيئاً من جسدها، لكن هيأتها التي تبدو منفتحة غير تقليدية في جامعة في مدينة محافظة وريفية أثارت المراقبات ضدها، فقالت إحداهنّ لها: “نسيتي تلبسي البنطلون ولا ايه؟!”. حبيبة من محافظة الإسكندرية الساحلية، التي تعتبر أكثر انفتاحاً، كما أنّ لها خلفية تاريخية حافلة بالجاليات الأجنبية، الأمر الذي يجعل فتياتها مختلفات في أزيائهنّ وذوقهنّ وتحررهنّ من القيود الدينية والاجتماعية عن فتيات المحافظات الريفية.

تروي حبيبة أنه، فور دخولها الكلية، بدأت همسات التحرش والسخافات تطاردها: “كل ولد كان يرمي كلمة، حتى الأمن على البوابة قال كلاماً سخيفاً كالعادة”. دخلت حبيبة الامتحان، وتحرّشت بها المراقبتان، وإحداهما قالت للأخرى: “كانت محجبة وقمر، كانت محترمة زمان، دلوقتي قررتي تبقي قليلة الأدب؟… بقيتي قليلة الأدب خلاص؟ معلش يا حبيبتي هي كده فترة وتعدي من عليكي يا رب، ربنا يهديكي”.

وبدأت أفواج المتفرجين تنهال على حبيبة: “كانوا بينادوا بعض يتفرجوا… الستات تنادي بعض وتنادي الرجالة تتفرج” وتحكي أنها ليست المرة الأولى، التي تتعرض فيها للتحرش: “من سنة، مراقب كان بيعاكس وأنا ماشية، ويقول لي: ايه يا قطة”. 

تدهورت حالة حبيبة النفسية، على رغم نيلها دعماً كبيراً، فوالدها تقدم بشكوى وقال إنه لن يجبرها على ارتداء زي محدد، والمجلس القومي للمرأة تضامن معها ويتابع القضية، وكذلك قيادات جامعية أيضاً، وتحقق جامعة طنطا حالياً في الواقعة، لكن هذا الدعم الهائل على مواقع التواصل الاجتماعي لا يخفي استنكاراً كبيراً يقع على أي فتاة ترتدي فستاناً. 

“فوبيا الأنوثة” جعلت الفستان “زياً من الماضي” 

انتشرت شائعة إحالة حبيبة إلى مجلس التأديب بعد ثبوت كذب روايتها، ولم يكن الأمر سوى أكذوبة في سياق الحرب على حبيبة، التي ارتدت فستاناً، والحرب على كل فتاة ترتدي فستاناً، على رغم أنه – قانوناً – لا تمكن إحالتها إلى مجلس تأديبي لارتداء فستان، فهناك لائحة تنظم الأزياء الجامعية، وتحظر أزياءً، ليس من بينها الفستان.

وتنصّ اللائحة على أنّ “على رأس هذه المحظورات هو ارتداء الطلاب الملابس الممزقة والشورت أو الجلباب داخل الحرم الجامعي، ويحظر على الطالبات ارتداء الفيزون والبرمودا، والإفراط في وضع مواد التجميل وارتداء ملابس شفافة تظهر أجسام الفتيات”. 

تصاب اللوائح الحكومية لتنظيم الأزياء الجامعية بـ”فوبيا الأنوثة” أيضاً تحت ستار حفظ التركيز  والقيم خلال العملية التعليمية، ويبقى الحُكم في ملائمة الفساتين من عدمها راجعاً إلى تقييم ونظرة فرد الأمن، الذي يحرس بوابة الجامعة، الذي يكون أحياناً – حسب شهادات، من بينها شهادة الطالبة حبيبة – “متحرشاً”.

وعلى مدى سنوات، ربما تحت تأثير توغُّل السلفية والعائدين من الخليج في مصر، تحوّل ارتداء الفستان إلى “حنين إلى الماضي” يصيب الفتيات، إذ إنّه يجلب التحرش والنقد والاتهامات بالخلاعة، باعتباره “زياً لافتاً” وغير معتاد، وتحوّل السروال إلى الزيّ الرسمي بينما تستعمر الفساتين الخزانات بعدما كانت قبل عقود أزياءً رسمية للذهاب إلى الجامعات والمصايف واللقاءات والأندية. وهو ما يطلق دعوات وحملات مزمنة، بشكل شبه سنوي، لارتداء الفساتين من دون قلق، كصرخة تحدي بوجه المجتمع، كحملة “ارتدي فستانك ولا تخافي”، لتدلِّل على قهر مجتمعي تجاه الفساتين والملابس الأنثوية، إضافة إلى ما يحويه ذلك من كبت للحريات.

اليوم الذي ترتدي فيه مروة.ح، الفتاة الثلاثينية التي تعيش في القاهرة، فستاناً يصبح “يوماً خاصاً ومكلفاً”: “أضطر لاستئجار سيارة خاصة تأتي لتصطحبني من أسفل البيت وتعيدني مرة أخرى، وافي لمكان الذي أذهب إليه، سواء كان حفلاً أو غير ذلك، لا أنجو من المجاملات و(المعاكسات) التي تبدو رقيقة، على رغم ما تخفيه من تحرش ومحاولات استدراج”.

إقرأوا أيضاً:

وتضيف: “الفستان إن كان فوق الركبة أو (كَت)، تلزمه ترتيبات خاصة، وفي الغالب لا يخرج من الخزانة، يصبح فقط لليالي الحناء التي تسبق أيام زفاف صديقاتي وأقاربي، التي لا يحضرها رجال… وحتى في تلك المناسبات، الفساتين التي تكشف جزءاً من الصدر أو الظهر ممنوعة، فالأمهات يمنعنها خوفاً علينا من (المشي البطال)”. 

تستعيد “مروة” قول الشاعر صلاح جاهين، الذي يقول:”ياللي نهيت البنت عن فعلها قول للطبيعة كمان تبطل دلع”، وتضيف جانباً آخر من “قهر الفساتين”.

توضح: “الأمر لا يبدأ من الشارع، إنما من البيت. هناك ثورة ذكورية ضد الفساتين، تبدأ من البيت، فإذا ارتديت فستاناً، يتذمر شقيقي، ويطلب مني أن أخلعه، ولو كان مناسباً للذهاب إلى زفاف أو غيره، يطلب أن أضعَ فوقه شالاً، كما أن هناك فساتين بعدما اشتريتها تحوّلت إلى أضغاث أحلام، أو أطلال أزياء احتفالية. يعجبني فستان أشتريه، وتحدثُ مشكلة، ويقسم شقيقي أو أبي أنني لن أرتديه أبداً”. وتسخر: “تتحول الفساتين تدريجياً إلى شواهد قبور على أحلامي وأنوثتي الضائعة”.

“فتاة البوركيني”… لن نتضامن مع ابنة خبيرة علاقات جنسية 

عاد إلى الواجهة مجدداً جدل البوركيني الذي يتجدَّد، موسمياً، في بقعة من العالم. والآن، يطلّ من القاهرة بعدما أشعلها سابقاً خلال العام الماضي، لكن الفارق أن أي جهة رسمية لم تصدر بياناً أو رداً حول ما يُثار. 

بدأ الجدل بمقطع فيديو بثَّته فتاة تُدعى دينا هشام، تبيّن في ما بعد أنها نجلة خبيرة العلاقات الجنسية الشهيرة، هبة قطب. وروت دينا، وهي تبكي بحرقة، أنها تعرّضت للمنع من نزولِ حوض السباحة في نادٍ في أحد المجمعات السكنية الراقية. قالت إن صديقتها سألت إن كان مسموحاً بدخول المحجبات فأتت الإجابة بالرفض. شعرت دينا بالقهر، كانت تعيش طويلاً في كندا، ولم تتعرض للمنع أو التنمر أو الحظر لارتدائها “مايوه” إسلامياً، حتى تعرضت لذلك في مصر حيث قررت الاستقرار. 

ما تعرّضت له “فتاة البوركيني“، يشير إلى أن منع زي نسائي وحظر ظهوره في منطقة أو مجمع سكني أو مساحة جغرافية، سواء كان فستاناً عارياً أو “بوركيني”، كلاهما يندرجُ تحت بند انتهاك حريات النساء، والعبث بأجسادهنّ، والوصاية على اختياراتهنّ، فمن حق كل امرأة أن تكون محجبة أو تخلع الحجاب، أن تعري كتفها أو تعري ساقيها، أو تغطيهما، طالما أن ذلك يرضيها.

الجهات الرسمية في مصر لم تصدر توضيحاً، بالسلب أو الإيجاب، رداً على واقعة “فتاة البوركيني”، وتركت الأمر للإعلام، فهل يُسمح قانوناً لأي منتجع أو مجتمع سكني أو قرية سياحية إقرار قانونها الخاص وحظر أزياء بعينها؟الإجابة وردت في تعليق حكومي صدر العام الماضي على مشاجرة في منشأة سياحية كان البطل فيها “البوركيني”، وعلقت وزارة السياحة والآثار المصرية بقولها: “لا يحق لأحد الفنادق والمنتجعات السياحية منع المحجبات من نزول حمامات السباحة بالبوركيني حال كونه من خامات ملائمة لحمامات السباحة وليس لها أثر سلبي على الصحة العامة ومطابقة للمواصفات الصحية”. وأوضحت أن الوزارة أصدرت، سابقاً، منشوراً بهذا الشأن، وتمّ تعميمه على الفنادق والمنتجعات السياحية. إذاً، الجدل ليس دينياً أو قيمياً، الجدل – في هذه الحالة – قانوني بالدرجة الأولى، وهو ما تجاهله الجميع لحساب جدل آخر حول صلاحية البوركيني من عدمه، فالدولة تمنع المنشآت السياحية من أي وصاية على ملابس النساء، ولا توجد أي مادة في القانون أو في العرف السياحي تمنع نزول المحجبات إلى حمامات السباحة بالمايوه الشرعي.

الهدف  من وراء البوركيني “أو لباس البحر الطويل” من الأساس، ليس دينياً فقط،  ترتديه غير المحجبات حين لا يرغبن بتعريض أجسادهنّ لآشعة الشمس الحارقة، وقد ارتدته فنانات في هوليود للهدف ذاته في مناسبات عدة ونشرن صورهنّ به، فأزلن الفكرة الشائعة عن كونه زياً للمحجبات. وبالتالي، يجب ألا يكون وسيلة لتمييز المحجبة عن غيرها، فأحياناً ترتديه غير المحجبات على الشواطئ وحمامات السباحة التي لا ترحّب بالمحجبات، ويُرحَّب بهنّ، فقط لكونهنّ غير محجبات، و”البوركيني” بذلك لا يعبر عن هوى ديني أو مستوى اجتماعي. وهنا تظهر الازدواجية في الحكم على الأمور. 

يبدو من الجدل المستمر حول “البوركيني” أن المستهدف من ورائه فئة محدَّدة من النساء، ومظهر معيّن، لا يُراد له أن يكون حاضراً في مجتمعات تعتبر نفسها أكثر انفتاحاً، وهو الأمر الذي يعد مجتمع “جامعة طنطا” الذي تحرش بـ”فتاة الفستان” صورة مضادة له، فالثاني مجتمع ملتزم ينبذ غير المحجبات ويتعامل معهنّ بعداء في حال ارتداء الفساتين أو الملابس المكشوفة، والأول يحاول منع المحجبات من الدخول. وفي الحالتين، تعاني المرأة من تسليع جسدها، واعتباره ساحة معركة بين فصيلين في المجتمع، ففي واقعة البوركيني التي شهدها الساحل الشمالي العام الماضي، تشاجرت سيدة مع أخرى لأنها ترتدي “بوركيني”، وقالت: “المايوه ده مؤذي للعين”، وطالبت المحجبات باحترام طبيعة الساحل الشمالي، وعدم دخوله، لأن له سمات خاصة. كشفت تلك المشاجرة جانباً سرياً في المعركة، وهو رغبة “مجتمع البيكيني” في فرض سيطرة على “مجتمع البوركيني”، والعكس يحدث في مناطق أخرى. 

معظم  المتابعين المصريين وقفوا في صف دينا “فتاة البوركيني” ليومين حتى اكتشفوا أنها ابنة خبيرة العلاقات الجنسية، د. هبة قطب، فاتخذوا موقفاً آخر وانحازوا ضدها، وأظهروا لها صوراً بـ”البوركيني” من مصايف أخرى، واعتبروها “باحثة عن الشهرة كأمها”، وبعدما كان دعم دينا لا نهائياً من فئات كبيرة في المجتمع، تضامنت معها لكونها محجبة كأغلب فتيات المجتمع المصري، تراجع الدعم كثيراً لاحتقار المجتمع المرأة التي تتحدث في الجنس علناً، حتى لو كانت من خلفية طبية أو علمية، وهي الوصمة التي تتعايش بها هبة قطب منذ انتشارها في القنوات الفضائية، وتدينها في جميع القضايا الخلافية التي تتعرّض لها، على رغم أنها كانت تحقق نسبة مشاهدات مهولة، فهي – بالنسبة إلى المصريين – سيدة تتحدث في الجنس، نشاهدها سراً ونشتمها علناً.

علياء عواد.. أزيلوا الورم ولا تزيلوا الرحم!

تقاوم المصورة الصحافية علياء عواد الموت المُحتمل لأكثر من 5 سنوات، ألقي القبض عليها لتغطيتها أخبار قضايا الإرهاب، بحسب شكوى قُدمت للأمم المتحدة، للتدخل لإنقاذها، والآن أصبحت مهددة بإزالة رحمها عنوةً!

المصورة المحتجزة في سجن القناطر هي من الذين عوقبوا بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 2015 لقيامها بعملها الذي يخالف القانون الذي يجرّم أي تغطية للهجمات الإرهابية أو عمليات مكافحة الإرهاب، لا تتماشى مع الرواية الحكومية. 

وقالت منظمة “الكرامة” للدفاع عن حقوق الإنسان، ضمن شكواها للأمم المتحدة، إنها اعتقلت لأكثر من مرة، و”سبق أن اعتقلت في 3 أيلول/ سبتمبر 2014 من قبل قوات الأمن الوطني لأنها سجلت شريط فيديو أعلن فيه أعضاء ملثمون من (كتائب حلوان) نيتهم استهداف منشآت الشرطة في منطقة حلوان، جنوب القاهرة”. اختفت قسراً لمدة شهر، وأجبرت تحت التعذيب على الاعتراف بتصوير الفيديو ونشرع،  لأنها “متعاطفة مع الإخوان المسلمين”. حوكمت في محاكمات جماعية، ووجِّهت لها اتهامات بالانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون، وأطلق سراحها لأسباب صحية، على رغم أنها لم تبرأ من التهم الموجهة ضدها، قبل أن تعتقل للمرة الثانية في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2017.

فما السبب؟.. اختفت قسرياً مرة أخرى، وانضمت مجدداً إلى ما يعرف بقضية “كتائب حلوان”، ونُقلت إلى سجن القناطر، على رغم حالتها الصحية السيئة، التي أدت إلى إطلاق سراحها في المرة الأولى. تدهورت صحتها تماماً، وأصيبت بنزيف شديد، وأكدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أنها عانت من الانتهاكات والتعذيب المتواصل والمرض، على رغم أنها كانت لا تزال رهن الحبس الاحتياطي.

وبحسب الشبكة، لا يزال المتهمون على ذمة القضية، المعروفة إعلامياً بقضية “كتائب حلوان”، من دون محاكمات منذ 7 سنوات، وهم يعانون من الحبس الاحتياطي من دون سند قانوني، ولم تصدر أيّ من المحاكم المصرية حكماً بشأنهم، ولا يوجد ما يستدعي حبسهم داخل ما وصفته الشبكة بـ”مقابر سجن العقرب شديد الحراسة 1 وشديد 2″، لتبقى القضية معلّقة ومفتوحة على مصراعيها أمام مختلف الاحتمالات، على رغم أنهم ليسوا “كتائب” وليسوا مسلحين، كما يوحي اسم القضية.

توضح الشبكة: “قضية كتائب حلوان، وهو الاسم الشيطاني الذي أطلق على قضية سياسية، لتعطي إيحاءات سلبية وتوهم المواطنين بأنّ هناك تنظيماً مسلحاً يمتلك ترسانة ضخمة من الأسلحة ويتكوّن من هيكل منظم يشكّل تهديداً لأمنهم وسلامتهم؛ اسم أطلق على واحدة من القضايا الرئيسية، لأن معظم معتقليها من سكان مدينة حلوان وضواحيها، والتي شهدت تظاهرات كبيرة ضدّ النظام الحالي، وهي من أكثر القضايا مأساوية، لما طاول المتهمين فيها من ظلم فاق حدود الخيال”. 

وبين المتهمين، أنثى وحيدة، هي علياء. 

تتدهور حالتها الصحية يوماً بعد يوم وتفقد الوعي بشكل متكرر، أصيبت بفقر دم شديد نتيجة نقص الهيموغلوبين، وفقدت الكثير من وزنها، وبعد مطالبات عدة بالتدخل الجراحي من قبل محاميها أمام القاضي وتقديم أسرتها شكاوى، أجرت جراحة استئصال ورم من الرحم منتصف عام 2018، ثم أزالت خُرَّاجاً في المكان ذاته. وأجرى الطبيب الجراحة من دون استخدام مخدر، ونظف الجرح من دون بنج. وفي كانون الثاني/ يناير 2019، أصيبت علياء بنزيف مرة أخرى، وبعد الكشف عليها، وفق تقرير السجن، تم اكتشاف إصابتها بناسور شرجي قطره 3 سنتم، حينها تقدم المحامي للقاضي خلال انعقاد الجلسات بشكاوى تخصُّ وضعها الصحي وحاجتها للتدخل الجراحي لإزالة الناسور الشرجي. 

شهدت تدهوراً مستمراً بحالتها الصحية، وحُدد لها موعد لإجراء الجراحة في مستشفى المنيل الجامعي، لكنها لم تُجرَ . وفي 22 كانون الأول/ ديسمبر 2019 فقدت علياء وعيها في معهد أمناء الشرطه بسبب تدهور حالتها الصحية بسبب نزيف، وتأجلت الجلسة مرة أخرى، ونُقلت إلى مستشفى السجن. تستمر معاناة علياء حتى الآن، وكي تستريح السلطات من شكاواها الصحية المستمرة من بقايا الورم، إذ لا تحصل على رعاية صحية واهتمام ملائم، تنوي استئصال رحمها على رغم أنها لم تنجب حتى الآن، ولم تمر بتجربة الزواج من الأساس. شكل جديد من أشكال الوصاية على النساء التي يعاني منها المجتمع المصري، تجاوزت الملابس ووصلت إلى الرحم، وكأنها رغبة في قطع نسل امرأة “مظلومة” إلى الأبد وتنحية رغبتها وحريتها في جسدها وما تريد أن تفعله به جانباً. 

في جلسة الرابع والعشرين من حزيران/ يونيو الماضي، حضرت في جهاز نقل الدم، وقد شحب وجهها ونقص وزنها إلى النصف مع عدم قدرتها على الوقوف أو الحديث بينما لا يتوقف النزيف، واشتكت علياء للقاضي من رغبة مستشفى السجن في إزالة الرحم تماماً، قالت: “عاوزين يشيلوا الرحم، وأنا لسه بنت ما تجوزتش… أنا عايزة أشيل الورم بس”. 

“علياء” حلقة في مسبحة النساء التي تنفرط على مذبح مجتمع يريد أن يفرض وصايته على المجتمع بشتى السبل، وفق معاييره المزاجية والمزدوجة، فإن كانت ترتدي حجاباً أراد لها أن تخلعه، وإن كانت ترتدي “بيكيني” يقرر لها أن تلبس “بوركيني”، وإن كانت حرة يريدها أن تنجب كثيراً، وإن كانت في السجن، يريد أن يستأصل رحمها.. 

وكأن الهدف هو التحكم والسيطرة على النساء فقط، ولا أهداف أخرى.

إقرأوا أيضاً: