fbpx

إيرانيون يواجهون عتمة النظام وشماتة مناوئيه

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

استغل سكان طهران العتمة التي خيمت على المدينة، فخرجوا إلى الشرفات وأسطح المباني، وهتفوا “الموت للديكتاتور – الموت لخامنئي”…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تغرق العاصمة الإيرانية طهران في العتمة الكلية، إذ تجاوز التقنين في التيار الكهربائي التسع ساعات يومياً، وذلك بسبب الإنتاج غير الكافي للطاقة، الذي يتزامن مع توسع رقعة الإضرابات العمالية، خصوصاً عمال الصناعات النفطية والبتروكيماويات ومصافي النفط ومحطات الكهرباء ومعامل الحديد والصلب ومنشآت المياه.

وفي حين تعزو وزارة الطاقة سبب العتمة، إلى الاستهلاك المرتفع للطاقة لمزارع العملة الرقمية “بيتكوين”، وإلى الجفاف الذي يضرب إيران منذ نحو عشر سنوات، والذي أدى إلى تناقص كميات المياه في السدود، التي يعتمد عليها لإنتاج الطاقة الكهرومائية، يرى خبراء أن السبب الرئيس لهذه الأزمة، يكمن في اهتراء البنى التحتية لمحطات التوليد وشبكات التوصيل، والتي تعجز الدولة عن إعادة تأهيلها بسبب العقوبات الدولية، والإصرار وربما العجز عن توفير مصادر أخرى لإنتاج الكهرباء، إضافة إلى ارتفاع الطلب على الطاقة، بسبب تزايد السكان، خصوصاً في المدن الكبيرة.

أزمة الكهرباء في إيران، ليست وليدة هذا الصيف، فقد واجه الإيرانيون “صيفاً ساخناً” في العام الماضي، وخضعوا لجدول تقنين قاس نسبياً، من دون أن تقدم الحكومة أي أسباب وجيهة، أو تطرح أي حلول، سوى لوم الناس على استهلاكهم المرتفع للطاقة، وحثهم على ترشيده. فإيران بحسب أرقام وزارة الطاقة، تنتج سنوياً 343 تيراواط/ ساعة من الكهرباء، يذهب منها 93 تيراواط/ ساعة فقط، للاستهلاك المنزلي، ويتم فقدان 40 تيراواط/ ساعة خلال مرحلة النقل والتوزيع، بسبب تآكل الشبكة. وكان من المقرر، بحسب الوعود الحكومية، أن يزداد الإنتاج نحو 5000 ميغاواط سنوياً، لكن عوضاً عن ذلك، انخفض هذا الرقم إلى النصف في العامين الماضيين، علماً أن لدى إيران متوسط ​​زيادة سنوية في استهلاك الكهرباء يبلغ 5 في المئة.

لهذه الأسباب وغيرها، وعلى رأسها الفساد وسوء الإدارة والاستخفاف بحاجات الناس وحقوقهم، كشرت الأزمة عن أنيابها هذا العام، مع بداية شهرأيار/ مايو الماضي، وعادت أعتى وأشد قساوة من العام الماضي، وذلك على وقع الإضرابات العمالية، والاستهلاك المتزايد لأجهزة التبريد بسبب ارتفاع درجات الحرارة، فغرقت أولاً محافظة ألبرز في الشمال، في العتمة، ثم تبعتها محافظات فارس، كلستان، هرمزكان، سيستان بلوشستان خراسان الشمالية وطهران، ومن المحتمل أن تصل إيران كلها هذا الصيف، إلى العتمة الكاملة “خاموشى هاى سراسرى”، كما حذر مسؤولون في وزارة الطاقة.

ليل السبت- الأحد (3- 4 حزيران/ يونيو)، استغل سكان طهران العتمة التي خيمت على المدينة، فخرجوا إلى الشرفات وأسطح المباني، وهتفوا “الموت للديكتاتور – الموت لخامنئي”، وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو، توثق هذا الحدث، فطهران تخضع لعدد ساعات طويلة من التقنين، منذ أسابيع، إلا أنه مع نهاية الأسبوع، ترافق انقطاع الكهرباء مع موجة حر شديد تجاوزت 40 درجة، ما فجر غضب الأهالي.

حال المدن الأخرى ليس أفضل من طهران، فالتقنين وموجة الحر، دفعا الأهالي إلى النزول إلى الشوارع، وتجمع المحتجون أمام مباني شركات الكهرباء، واشتبكوا مع شرطة مكافحة الشغب، التي عملت على تفريقهم بالقوة.

الاحتجاجات على انقطاع الكهرباء مستمرة حتى الساعة، على الأراضي الإيرانية، تلازماً مع التقنين، كما يظهر في الفيديوات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي. ففي مدينة كوردكوي في محافظة كلستان، أشار المحتجون إلى أن الكهرباء تنقطع ثلاث أو أربع مرات في اليوم لمدة ساعتين على الأقل في كل مرة، وأن انقطاعها المتكرر، تسبب في انقطاع المياه عن الشقق، التي تصلها بواسطة الكهرباء، وفساد اللحوم والمواد الغذائية والأطعمة المبردة، واحتراق الأجهزة المنزلية، وبحسب المحتجين، أغلب العائلات المتضررة، ليس بمقدورها تعويض خسائرها بسبب الغلاء الفاحش.

أما في مدن بندرگز، بندرترکمن وآققلا جنوب بحر قزوين، وفي مدن بندر عباس وكازرون وگنبدكاووس فقد ردد المحتجون، على غرار سكان طهران، هتاف “الموت لخامنئي” كما يظهر في الفيديوات المتداولة، في حين وعدت شركة كهرباء خراسان الشمالية، المحتجين، بتخفيض ساعات التغذية، بدل طمأنتهم، فوزارة الطاقة، بحسب الشركة المذكورة، تعمل على وضع برنامج تقنين جديد وموحد، سيكون قاسياً نوعاً ما، وعلى الشعب أن يتحمل، خصوصاً أن يوم السبت (3 حزيران) سجل استهلاكاً جنونياً للطاقة وصل إلى 66 ألف ميغاواط. لذلك اضطرت الشركة إلى رفع ساعات التقنين ليلاً.

محافظة ألبرز التي افتتحت الأزمة، خرجت عاصمتها كرج، إلى الشوارع والساحات ليلة الأحد بعد انقطاع في التيار الكهربائي، استمر لأكثر من 11 ساعة، ما أصاب المدينة بالشلل الكامل وأصاب سكانها بالغضب الهستيري، فهتف المحتجون ضد “النظام الفاسد” و”الحكومة القاصرة”، إضافة إلى أن انخفاض ساعات التغذية بالتيار الكهربائي في مدن المحافظة، عطل عمل المستشفيات والمراكز الصحية، مما شكل خطرا مباشرا على حياة المرضى في غرف العناية المركزة، ونشر اختصاصي الصحة العامة الدكتور محمد رضا هاشميان، مقطع فيديو على حسابه على “إنستغرام” يُظهر انقطاع التيار الكهربائي في وحدة العناية المركزة في أحد مستشفيات المحافظة، وقال: “نعاني من أزمة حقيقية في تشغيل أجهزة التنفس الصناعي”، كما عطل غياب الكهرباء شبكة الهاتف المحمول والدوائر الحكومية وحركة المرور وأضر بمصالح الموظفين الذين يعتمدون على شبكة الإنترنت في أعمالهم.

على الصعيد الصحي، تتوقع المراكز الطبية تلف كميات كبيرة من لقاحات “كورونا”، بسبب انقطاع التبريد، وهذا من شأنه أن يأخذ البلاد نحو كارثة إنسانية، لكن التقنين مستمر، وليس هناك أي حل يلوح في الأفق، و”الظروف صعبة جداً”، وقد أذهل تصريح لأحد المسؤولين في وزارة الطاقة، الإيرانيين فتداولوه على نطاق واسع، مع الكثير من السخرية وأحياناً السباب، إذ قال: “إن صناعة الكهرباء في إيران تمر بظروف صعبة”. 

باختصار، النظام الإيراني لم يعد قادراً على توفير الكهرباء لشعبه، على رغم أن إيران واحدة من أغنى الدول بالنفط والغاز في العالم، وبإمكانها استخدام هذه الثروة كوقود في محطات توليد الكهرباء، لكن النظام يفضل الاعتماد على موارد أخرى “الطاقة الكهرومائية”، ليوفر هذه الثروة لحساباته الخاصة أو ليصرفها على مشاريعه العملاقة، ولذلك ستظل هناك مسافة كبيرة جداً ما بين إنتاج الكهرباء واستهلاكها في إيران، ولذلك سيغرق الشعب الإيراني في مزيد من العتمة. 

 يقول صحافي معارض: “إن الصحافة العالمية توقعت صيفاً ساخناً في المنطقة بعد فوز ابراهيم رئيسي بالرئاسة، ويبدو أن السخونة بدأت في طهران، بانقطاع التيار الكهربائي وتجدد الاحتجاجات الشعبية”، فمن المحتمل أن تشكل الاحتجاجات إذا ما استمرت، تحدياً جدياً، للنظام ولعهد رئيسي القوي جداً، بخاصة أن أزمة التقنين، ستضاف إلى أزمات أخرى متراكمة، مثل غلاء البنزين، ندرة المواد الغذائية، فقدان الدواء وحليب الأطفال، وشح المياه، والأزمة الأخيرة أكثر خطرا من أزمة الكهرباء، إذ باتت تهدد 101 مدينة وقرية بالموت عطشاً، وعن هذا تقول صحافية معارضة: “أكثر ما يؤلمني في مشهد التقنين، سماع عبارات الشماتة من الشعوب من حولنا، هذا النظام يقتلنا كل يوم، ولم يترك لنا صديقاً ليترحم علينا، نحن نموت بصمت”.

إقرأوا أيضاً: