fbpx

مليارا دولار لـ”الحشد الشعبي” في الموازنة العراقية:
السلاح قبل الكهرباء

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الموازنة الحالية لم تراع أساسيات حياة المواطن العراقي اليومية، ولم تعمل على التخفيف من معاناته، بل أسفرت التدخلات السياسية فيها عن تنفيعات لمصلحة المتنفذين…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ترصد موازنة العراق لعام 2021، 11 تريليون دينار (ما يعادل 7.5 مليار دولار) لوزارة الكهرباء، فيما ترصد الموازنة لـ”هيئة الحشد الشعبي” 3 تريليونات دينار (ما يوازي ملياري دولار)، فيما انتفت الحاجة الموضوعية لوجود الحشد، بعد انتهاء القتال مع “داعش”، على مستوى المواجهة المباشرة. وتقتصر المواجهة اليوم على الحرب الأمنية والاستخباراتية التي تقوم بها أجهزة مكافحة الإرهاب والقوات الخاصة في الجيش العراق. موازنة الحشد الرسمية تكاد تعادل ميزانية وزارة التجارة التي تبلغ 3.5 تريليون دينار، وهذه الوزارة معنية بشكل أساسي بتوفير الدعم للبطاقة التموينية التي لم يتبق فيها سوى أربعة أنواع من المواد الغذائية المدعومة بعدما كانت تتألف في السابق من 11 نوعاً.  

يبلغ حجم الإنفاق في ميزانية العراق التي تم التصويت عليها في نيسان/ أبريل الماضي 129 تريليون دينار عراقي (ما يعادل 88 مليار دولار) وبعجز مالي يقدر بـ28 تريليوناً (19 مليار دولار)، إذ احتسبت الموازنة على أساس سعر برميل النفط 45 دولاراً، فمعدل الإنتاج النفطي اليومي في العراق يتجاوز 3 ملايين برميل وتعتمد ميزانية العراق بنسبة 90 في المئة على إيرادات النفط.

“هل كُتب على هذا البلد أن تتحكم بثرواته الجهات التي تسيطر علينا بقوة السلاح والسطوة؟” يسأل شاكر حسين، وهو مواطن من جنوب العراق، يجلس أمام محله لبيع المواد الغذائية، ويمسك بيده قطعة من الورق المقوى يحاول بها تحريك الهواء ليبرّد الحرارة ويجفف عرقه، في ظل الصيف اللاهب والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي. حسين، كغالبية العراقيين يعاني من سوء إدارة الدولة لموارد البلاد، وسوء توزيعها أيضاً، فيما تتحكم أيدٍ خارجية بخيرات الدولة والأرض. 

الموازنة الحالية لم تراع أساسيات حياة المواطن العراقي اليومية، ولم تعمل على التخفيف من معاناته، بل أسفرت التدخلات السياسية فيها عن تنفيعات لمصلحة المتنفذين، إذ تحاول الأحزاب السياسية المتسلطة على الوزارات أن تضغط للحصول على حصص أكبر لوزاراتها للاستفادة عبر مشاريع تقوم بتنفيذها شركات، إما تابعة لها أو من خلال ما يسمى الـ”كومشن المالي” أو السمسرات، حتى وإن لم يكن للمشروع أي أساس على أرض الواقع (مشاريع وهمية) أو نفّذت أجزاء منه فقط، وحتى إن لم تكن الشركة مؤهّلة أو موثوقة. وتظهر الموازنة تفاوتاً بين الصرف على همّ المواطنين اليومي وبين الصرف على التنفيعات والأحزاب والميليشيات.

لم يحصل أي تقدّم في قضية انقطاع التيار الكهربائي الذي يعاني منه العراق منذ سنوات الحصار الاقتصادي الذي فرض إبان حرب الخليج عام 1991 وحتى اليوم، على رغم المليارات التي صرفت والتي ناهزت 81 مليار دولار وهي موازنة بحد ذاتها كافية لإنشاء محطات كهربائية جديدة بحسب الخبراء، وليتمكّن العراق من تصدير الكهرباء إلى الخارج، كما وعد أكثر من مسؤول عراقي سابق.

الباحث وسام الموسوي يجد أن موازنة الحشد غير مخصصة من أجل القتال والدفاع بقدر ما تؤمن موارد الميليشيات الموالية للنظام الحاكم في إيران. حتى تعاقدات شراء الأسلحة، تذهب أرباحها للإيرانيين، وهذا ما تمكن ملاحظته من طبيعة الأسلحة، التي هي غالباً روسية الصنع تستوردها إيران عادة، إضافة إلى امتلاكها شركات لإعادة تأهيل وتصنيع بعض المدرعات العسكرية، كما كان واضحاً خلال الاستعراض العسكري للحشد الشعبي الذي حصل في ديالى حزيران/ يونيو الماضي.

الناشط حسين الكريم يجد أن الموازنات المالية التي أقرها البرلمان العراقي لا تراعي الاهتمام الفعلي لخدمات المواطن إذ خفضت موازنات ورفعت أخرى، فموازنة “الحشد الشعبي” التي تنضوي تحتها مجموعات مسلحة ولا تخضع لقرارات الحكومة إلا على الورق فقط وتنفذ أجندات خارجية، تكون موازنتها ربع موازنة الكهرباء التي يجب أن تخصص لها الحصة الأكبر لأنها تهم حياة الناس وأرزاقهم، فضلاً عن عدم وجود حرب ومعارك في الوقت الحاضر. كما أن موازنة الحشد تعادل موازنة وزارات عدة مجتمعة وهي الثقافة والنقل ووزارة الاعمار والإسكان والبلديات العامة. والأخيرة معنية بالبنى التحتية للمواطن، من إنشاء الجسور والطرق والتنظيفات والوحدات السكنية والقروض والطرق.

انضم إلى الحشد الشعبي الذي ينضوي تحت لوائه قرابة 170 ألف مقاتل، 30 ألف مقاتل جدد بحسب الموازنة الأخيرة التي رصدت إعادة ما يسمى “المفسوخة عقودهم”، على رغم عدم إكمال إجراءاتهم القانونية، وعدم التحاقهم الفعلي بفصائل الحشد، ومع ذلك فقد تم تضمينهم في الموازنة، وذلك لكسب أصوات لانتخابات تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.

وتذكر مصادر حكومية أن هناك أسماء وهمية لمقاتلين غير موجودين في الحشد، يتقاضى رواتبهم قادة تلك المجموعات بشكل شهري، وهذا ما كشفته عملية التدقيق التي استهدفت المسؤول المالي في الحشد قاسم الزبيدي عام 2018 بعدما أقدم على تدقيق قوائم المقاتلين في “الحشد الشعبي”، بأمر من رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي. وتبين أن هناك قيادات تستحوذ على أموال طائلة بأسماء المقاتلين المشاركين الذين يبدو أنهم “فضائيون” لا وجود لهم، حتى قال العبادي في خطاباته الترويجية لقائمته الانتخابية إن خطوة تدقيق قوائم المقاتلين شهدت معارضة كبيرة بين القيادات، وهناك “من يضعون أيديهم على رواتب المقاتلين ويوزعونها كيفما أرادوا”.

في ظل الموازنة، التي يميل ميزانها لمصلحة الميليشيات، لا يزال واقع القطاع الكهربائي يراوح مكانه. و”لا يمكن أن يشهد أي تحسن في غياب حل جذري، بدل الحلول الترقيعية”، بحسب النائب في البرلمان كاطع الركابي الذي يرى أن “هناك مشكلات كثيرة في عمليات ربط محطات الكهرباء بين المحافظات، فأي خلل في أي محطة يؤثر في بقية المحطات، فضلاً عن عملية نقل الطاقة والعشوائيات التي تستنزف الطاقة”.

إقرأوا أيضاً: