fbpx

جيهان السادات: حكاية زوجة أنور ومؤيدة مبارك ومرسي والسيسي!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تحوم الشبهات حول جيهان صفوت رؤوف، هناك من يقول إنها كانت إحدى أوراق الرئيس لإظهار الوجه المعاصر للدولة والتقارب مع الولايات المتحدة، وصوت آخر يؤكد أنها كانت تدير السادات وتحكم دولته من وراء ستار، حتى إنها أمرت باقتراب لقب “سيدة مصر الأولى”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“ستكونين سيدة مصر الأولى، وستنجبين أربعة أطفال أغلبهم من البنات”، أجابت ساخرة: “هل سأكون الملكة؟”، فردّ: “لا أعرف”. ضحكت جيهان، وضحك أنور  السادات على نبوءة العراف، ولم يفهم أن المُنجّم رأى مستقبله في كف زوجته. 

لم يخلُ يوم وفاة جيهان السادات من أسئلة وحقائق حول أول “سيدة أولى” في تاريخ مصر، ولم يكن اللقب موجوداً قبل أن يصبح الضابط أنور السادات رئيساً، وقد روت حكاية هذا اللقب في مذكراتها “سيدة من مصر” حين ذكرت أن عرَّافاً قرأ لها الكف، خلال نزهة ليلية مع زوجها على نيل الجيزة ليلة ثورة يوليو 1952.

في اليوم التالي، اصطحب أنور زوجته إلى السينما، وعند عودتهما إلى المنزل، وجد ورقة تقول “المشروع يبدأ اليوم”. فهم السادات كلمة السر، فتركها وذهب إلى زملائه ليذيع بيان حركة الضباط الأحرار، وسقوط الملك، وبداية عصر جديد أصبح فيه السادات عضواً في مجلس قيادة الثورة.

انطلقت تجربة جيهان مع لقب “السيدة الأولى” بحركة الضباط الأحرار العسكرية، وانتهت بحادث اغتيال… لكن قصتها بدأت قبل ذلك بوقت طويل. 

أنور وجيهان السادات

رحلة “جين”

لم تعرف جيهان اسمها حتى بلغت الحادية عشرة من عمرها: “لم أعرف اسمي الحقيقي إلا عندما تسلمت شهادة الابتدائية قبل أن أنتقل إلى المدرسة الثانوية وحين رأيته مكتوباً على شهادتي يتلوه عنواني سألت المدرسة: من هي جيهان؟ فقالت: أنت، وعدت إلى البيت مسرعة وسألت أمي: ما اسمي؟.. فقالت: في المدرسة الآن اسمك جيهان، أما في العائلة فأنت جين”. كانت أمها البريطانية تطلق عليها “جين” فأصبح اسمُها الشائع بعيداً من الأوراق الرسمية. 

و”جيهان” – كلمة فارسية تعني “العالم”- يشير إلى انتماء من تحمله إلى الطبقة الوسطى أو الأرستقراطية، التي كانت معجبة بطريقة الحياة الأوروبية ومظاهرها باعتبار الأوروبيين أكثر تقدماً ورقياً، فكانت تقلّدهم حتى في الأسماء.

وولدت جين للطبيب صفوت رؤوف الذي كان يدرس الطب في جامعة شيفلد في بريطانيا، وقابل أمها، غلاديس تشارلز، وتزوّجها وعاد بها إلى القاهرة، لتعيش في جزيرة الروضة، التي أصبحت حالياً “منيل الروضة” في الجيزة. 

كانت جزيرة في النيل تتصل عبر جسور بالقاهرة في الشرق والجيزة في الغرب، وتمتلئ بالحدائق والفيلات وتسكنها عائلات الطبقة الوسطى، والآن، تحوّلت إلى مقر لقصور رجال الأعمال بعد كثير من البناء والتطوير والعزل عن المناطق المحيطة. 

تربّت جيهان، منذ اليوم الأول، تربية أوروبية على يدِ أمها، التي كانت تريدها سيدة أرستقراطية، تروي، ضمن مذكراتها، أن أمها لم تكن كالأمهات المصريات اللواتي يدرن حول أطفالهن لتحميهم: “عندما نقع أثناء اللعب في الحديقة، تسرع إلينا عماتنا يحملننا، ولكن أمي كانت تقول: دعوهنّ يقفن وحدهن، ولا تجلس معنا حتى ننام، وتطلقهنّ ليلاً في الحديقة المظلمة حتى يتعلمن عدم الخوف”.

تربت جيهان على عدم الخوف وهو ما ساعدها على تخطي محن داخل قصر رئاسي انطلق منه قرار الحرب ومعاهدة السلام، وتحكي في مذكراتها أنه عندما أعلن زوجها استعداده للذهاب إلى القدس لتحقيق السلام، “أدركت على الفور أنه سوف يلقى مصرعه ضحية لهذا السلام، لم أعرف متى سيقتل ولا أين ولا من الذي سيقتله، أدركت فقط أن أيامي مع زوجي أصبحت معدودة، ومنذ تلك اللحظة، في نوفمبر 1977 حتى اغتياله أصبح الصداع الذي أصبت به منذ سنوات مزمناً لم أعرف يوماً مر بي دون ألم”. 

“لم أعرف اسمي الحقيقي إلا عندما تسلمت شهادة الابتدائية قبل أن أنتقل إلى المدرسة الثانوية”

وتحمّلت صدمة أن تكون أول من يناقشه في قراره الجريء بزيارة القدس بعدما عرفته من ابنتها “نانا”: “اندفعت صاعدة السلالم وقلت: أنور، هل صحيح ما قالته لي نانا؟”، فأومأ برأسه وبرّر الموقف، وجاءت إلى السؤال الصعب: “ولكن لماذا تذهب إلى هناك بنفسك يا أنور؟”. وبين خوفها من قراراته المفاجئة وخوفها عليه من الاغتيال في تل أبيب، فقد كان جنرال حرب منتصراً على عدوه إسرائيل في عيد الغفران، والآن يذهب إلى العدو في داره. طلبت منه أن يرتدي سترة واقية من الرصاص في القدس، ورفض قائلاً إنه سيدخلها بـ”روح السلام”، ووقع قلبها حين وصل السادات، وبدأ عزف النشيد القومي المصري في تل أبيب، لتسمع طلقات الرصاص: “حسبتها موجهة إلى أنور، وأحسست أنني أرى فجوات في شاشة التلفزيون، لكن زوجي لم يسقط، فأدركت أن تلك الطلقات هي الإحدى وعشرون طلقة للتحية”. ولولا القوة التي اكتسبتها في صغرها لانهارت مع الوقت، وهي تشهد جولات السادات في بلاد أعدائه، ومظاهرات معارضيه في القاهرة، بخاصة أنها كانت شاهدة على سقوط حكم شاه إيران، زوج صديقتها فرح ديبة التي ما إن رأت المظاهرات ضدها حتى اتصلت بها في قلق، تصطنع فرح الهدوء، وترد: إننا نمر بشدة، ونصلي لكي تمر سريعاً.

عاشت جيهان السادات في أسرة متوسطة، متحررة دينياً واجتماعياً، ففي إحدى المناسبات، زارت إحدى صديقاتها من بنات الجيران، فوجدت أمها تخدم زوجها فقط، وتعد له الطعام، ولا تجرؤ على الجلوس أمامه، أو تناول الطعام في حضرته، حتى يشبع هو تماماً، ولا تغادر البيت، وإذا زارهم صديق لزوجها، أسرعت إلى غرفة أخرى حتى لا يراها. بدت تلك السيدة مدهشة بالنسبة إلى جيهان، التي أخبرت والدها بما رأته، فضحك، وقال لها: “إنهم موضة قديمة”.

تلك الموضة القديمة أشعلت نيراناً طويلة المدى في قلب جيهان، ما دفعها إلى تغيير تلك القوانين واستبدالها بأخرى أكثر تحرراً لتطوير شكل الحياة الاجتماعية، ودعماً للمرأة في أن تعيش وتسير بجوار الرجل وليس خلفه بخطوات، ومن قماشة تلك القوانين، قانون الأحوال الشخصية الذي يسمح للمرأة بطلب الخلع والاحتفاظ بحضانة طفلها… وألغيت تلك القوانين بعد رحيل السادات لعدم دستوريتها.

سيدة التمرد الأولى… بدأت حياتها بزواج ثوري ضد إرادة الأب وطباع الطبقة الوسطى

يمكن أن تدخل إلى جيهان السادات من أبواب عدة، التمرّد الذي جعلها تقبل الزواج من ضابط مفصول لا يشبهها في أي شيء، والطباع الأوروبية التي سهّلت عليها الاندماج في حياة القصور حتى توصفَ بأنها “أبرز سيدة أولى” في تاريخ مصر، والأب المتحرر الذي جعلها شريكة لأنور السادات في كل شيء، والأم البريطانية القوية التي صنعت شخصيتها المستقلة.

ولم تؤثر تلك الصفات على الحياة الزوجية أو الأسرية للسادات وحده، إنما تداخلت “بعنف وغرور” في مفاصل دولة خرجت من حرب مهزومة، ودخلت حرباً أخرى… وكانت طوال حكم الرئيس الذي أحبّ لقب “المؤمن” تعيش على برميلِ بارود.

أصبحت “زوجة ثانية” ثم أصدرت قانوناً يمنح الزوجة حق الطلاق لـ”تعدد الزوجات”

هامت جيهان بأنور على رغم أنهما كانا بعيدين ومختلفين تماماً، هي شقراء جميلة وهو أسمر يشق الصلع طريقه مسرعاً في رأسه الذي لا يتّصف بالوسامة. كانت من عائلة متوسطة تعيش في حي للأثرياء، وكان فقيراً، كانت أمها إنكليزية تعشق وينستون تشرشل، بينما يناضل هو ضد الإنكليز، ويصنع الخطط والمؤامرات لطردهم من مصر، كانت تملك كل شيء، وهو مفصول من عمله ومعتقل سابق ولا يملك شيئاً حتى ثمن هدية عيد ميلادها، وكانت صغيرة، في عامها الخامس عشر، وهو في الثلاثين من عمره، متزوج ولديه ثلاث بنات.

كانت على جانب من الحياة، وهو في الجانب الآخر، لكن ما يفرقه المال والسياسة يجمعه الحب.

كانت تعلم أنه متزوّج، وتزوّجته من دون علم زوجته الأولى، السيدة إقبال ماضي، فانقطع عن نفقة الأطفال ولم يكن يرسل لزوجته أي أموال. ويحكي صديقه حسن أنه استضاف أنور وجيهان في منزله في السويس شهرين، وكان ذلك وقتاً كافياً لاشتعال الحب بينهما، وطلب السادات يدها من أبيها من دون إبلاغه. 

اندهش أحد أصدقائها من قرارها، بخاصة أنه يعلم بحكاية زوجته وأطفاله، وجلس إلى جيهان ليقول لها ما يعتقد أن أنور لم يبلغها به: “أنور عنده 3 بنات، ومفلس، ودخله الشهري لا يتجاوز 15 جنيهاً شهرياً لا تكفي مصاريف بناته”، فردت: “حتى لو عنده 14 عيل هتجوزه”.

لم تكتف جيهان بذلك، كانت تعرف أن المستوى الاجتماعي والمادي لأنور أقل من أسرتها بكثير، فوسوست له بالكذب على أبيها، وإخباره بأنه “غني ويملك أراضي”. وتقول جيهان: “أنور رفض وقال لي مش هنغشه، ووصلنا لحل وسط، قلت له: لو سألك أنت غني؟ قل له: أنا لا أملك شيئاً، ووالدي إنسان وهيقول أنا بشتري راجل”.

تزوج أنور حبيبته الجديدة، وأهمل زوجته الأولى وأطفاله، حتى إنها لاحقته بدعوى “نفقة”، وحكمت لها المحكمة، وعندما علم أنها ستقيم دعوى أخرى، طلب منها ألا تفعل ذلك، وبدأ يرسل لها أموالاً بانتظام، على أن يلبي احتياجاتها “حين تسمح الظروف”.

إقرأوا أيضاً:

هل كانت جيهان السادات “الرئيس السري” لمصر؟

تحوم الشبهات حول جيهان صفوت رؤوف، هناك من يقول إنها كانت إحدى أوراق الرئيس لإظهار الوجه المعاصر للدولة والتقارب مع الولايات المتحدة، وصوت آخر يؤكد أنها كانت تدير السادات وتحكم دولته من وراء ستار، حتى إنها أمرت باقتراب لقب “سيدة مصر الأولى” باسمها في جميع وسائل الإعلام، فور وصول زوجها إلى السلطة.

الرأي الأول يحتوي بعضاً من الحقيقة، والرأي الثاني ينطوي على جزء منها أيضاً… لكن الاثنين رأيان متعصبان بحق السيدة. 

كانت جيهان وجهاً ناعماً يساعد في تسويق المشروع السياسي للسادات، تحديداً في القضايا الخارجية، في وقت سياسي مرن يفضّل وجود المرأة في الصفوف الأولى، ويدعم العلاقات الأسرية بين الزعماء، لا المفاوضات الخاطفة، ولذلك كانت قبلتها لكارتر من ضرورات الحكم.  

يعلم السادات ذلك، فلم يعترض، وهو الرجل الذي بدأ- على يديها- يتحرّر من الجلباب وخلفيته “الفلاحي”، فكان التأثير بينهما متبادلاً. هي صنعت منه رئيساً من الناحية الشكلية، وهو منحها جزءاً من السلطة كي تصبح سيدة أولى فعلاً لا قولاً.

وحين خالف الهيئة الرئاسية التي صنعتها بيديها، انفجرت فيه…

كان السادات يمتلك شخصية مندفعة نحو الشهرة والظهور، ربما لأنه كان يريد أن يصبح ممثلاً وتقدم لاختبارات التمثيل وفشل، فاستخدم الصحافة في ذلك، ووفر لها مادة ثرية عن مساحات خاصة من حياته الشخصية لتنشرَها ويصبح حديث الناس، وكانت الواقعة الأشهر حين نشرت صحيفة “أخبار اليوم” على ثلاث صفحات صوره بالملابس الداخلية داخل الحمام، وهو يغسل وجهه ويحلق ذقنه وينام على سريره ويلعب مع حفيده بالدراجة، ويصلي ويقرأ القرآن ويقف على رأسه فيما يشبه تمرين “يوغا”، وكان سبقاً صحافياً بالنسبة إلى صحيفة شعبية مصرية أن يخلع الرئيس ملابسه الرسمية على صفحاتها، وكان الرئيس يتوقع الضجة التي أثيرت حول الصور، ويطلبها، فكان إلى جانب الشهرة، يريد أن يشعر الناس بأنه قريب منهم، ويشبههم. 

وكي يمرّ الموضوع الصحافي بلا اعتراضات، لم يبلغ جيهان. 

كان يعرف أنها مهووسة بالأناقة والبروتوكول والرسميات، وستعترض، وحين نشرت الصور، وانقلبت مصر من شرقها إلى غربها سخرية من السادات، كان في القناطر الخيرية، وذهبت إليه جيهان، وهي في قمة غضبها وثورتها، وقالت له إن أساتذة الجامعة كلموها وسألوها: “ازاي رئيس البلد يتعمل فيه كده؟”.

حضر الكاتب الصحافي أنيس منصور تلك الواقعة، وروى أنه لم ير السادات طوال عمره يعنّف جيهان إلى هذا الحد.

أحبت جيهان السلطة، كانت ترافق السادات في رحلاته الخارجية، وتذهب في رحلاتٍ بمفردها كجولتها في جامعة كولون في ألمانيا عام 1975، وزيارتها الرسمية إلى بانكوك عام 1976، وكانت تعتقد أنها شريكة في الحكم لا زوجة الرئيس فقط، وكان من شدة حبه وانبهاره بها يسمح لها بأن تشغل جزءاً كبيراً من الصورة، وكان يروق لها أن تجمع في أيديها كل السلطات. 

رأست نحو 30 جمعية ومنظمة خيرية في الفترة ما بين 1970 و1981، أبرزها: الهلال الأحمر، والوفاء والأمل، وبنك الدم، الجمعية المصرية لمرضى السرطان، وجمعية الخدمات الجامعية، ومثّلت مصر في مؤتمرات خارجية، وفي الوقت نفسه كانت تدرس الماجستير في الأدب العربي بجامعة القاهرة. 

سيدة أولى تؤدي مهمات رئاسية وترأس عشرات الجمعيات والمنظمات وتدير مبادرات وأندية وتجمعات نسائية وترافق الرئيس في جولاته الداخلية والخارجية، حتى إنها زارت معه أسوان للقاء مناحم بيغن، رئيس وزراء إسرائيل للتفاوض على السلام، ولم تتركه لحظة طوال عشرة أيام… هل يمكن أن تتفرغ لإعداد رسالة الماجستير وسط هذا الصخب؟ 

كانت تملك من السلطة ما يسمح لها بإخضاع الرجال، ففي إحدى المناسبات، طلبت من الشيخ متولي الشعراوي، وكان وقتها وزيراً للأوقاف، أن يحضر مؤتمراً لسيدات “الروتاري” في رمضان. اشترط أن ترتدي السيدات الحجاب، لكن عندما وصل إلى المقر وجد السيدات من دون حجاب، وبعضهنّ بملابس قصيرة، فغضب وغادر سريعاً. 

اعتبر السادات ذلك الموقف إهانة لزوجته أمام سيدات المجتمع، وسريعاً ما اقترحت جيهان تعديلات على قانون الأحوال الشخصية، التي رأى الشعراوي أنها “تخالف الشرع” ودخلا في معركة صامتة انتهت برحيل الشعراوي من الوزارة. 

قوانين المرأة “طلقات في الهواء” لإخفاء دعم السادات للجماعات الإسلامية؟

عام 1979، وظفت تأثيرها في زوجها في إصدار مجموعة من القوانين، كما تم تخصيص 30 مقعداً في البرلمان المصري للنساء، ومُنحهن حق الطلاق لتعدد الزوجات مع الاحتفاظ بحضانة أطفالهن. 

هل كانت تلك صواريخ من ورق، وتكثيفاً للدعاية للسيدة الأولى لا أكثر؟

هناك من يقول إنها كانت وراء تلك القوانين لتظهر أمام المجتمع والسياسيين باعتبارها سلطة موازية للرئيس، بجواره، لا خلفه وسائرة في ركابه. ترويجها لدعم المرأة المصرية وتحسين حياتها، وفق بعض الآراء، لم يكن سوى مداعبة من الدولة للولايات المتحدة كي تظهر مساندة للمرأة، لتنفي الدعم المطلق من دولة السادات للجماعات الإسلامية. وعلى رغم أنها أفادت بعض النساء في ذلك الوقت، لم يمتدّ تأثيرها لما بعد جيهان، فلم تقم على أسس دستورية أو تتحول إلى حملات توعية وتغيير كلي في السلوك العام.

معظم قوانين المرأة التي تحمّست لها قرينة السادات، وسارعت في تطبيقها، كأنها جراحات تجميلية، ألغيت لاحقاً لأنها لم تُقرّ بشكل قانوني صحيح، إذ صدرت إرضاءً لجيهان في فترة إجازة مجلس الشعب، ولم يناقشها أو لم تحصل على موافقة أغلبيته، أو تطبّق وفق الدستور والقانون، إنما كانت مزاجاً شخصياً وطموحات للحصول على شعبية بين سيدات الروتاري، وليست توجهاً حقيقياً. والدليل، أنّها لم تُرَاكِم حقوقاً أخرى للمرأة فيما بعد. 

ويشهد الكاتب الصحافي إبراهيم سعدة، الذي كان مقرباً من السادات، أنه كان ينزعج من محاولات جيهان الظهور واستضافتها شخصيات لا يعرفها ولا يريدها في المنزل، ويقول إنه كان يشكو من ذلك كثيراً. وخلّفت فترة رئاسة السادات ضيقاً منها في الأوساط الصحافية والثقافية وبين المصريين، وترجم ذلك الغضب إلى مقالات تهاجمها بعد رحيل زوجها، حتى إن الرئيس الأسبق، حسني مبارك، تدخّل، وطلب، في أحد اللقاءات، عدم الهجوم على جيهان السادات.

كانت جيهان وجهاً ناعماً يساعد في تسويق المشروع السياسي للسادات، تحديداً في القضايا الخارجية، في وقت سياسي مرن يفضّل وجود المرأة في الصفوف الأولى، ويدعم العلاقات الأسرية بين الزعماء، لا المفاوضات الخاطفة، ولذلك كانت قبلتها لكارتر من ضرورات الحكم.  

الحنين إلى القصر… سر انقلاب جيهان على مبارك وتأييد مرسي والسيسي!

الأضواء التي تحيط بالقصور كانت تجذب جيهان السادات، فلم تستطع أن تبتعد منه يوماً واحداً منذ اغتيال زوجها. 

احتفظت بعلاقات دافئة مع مبارك وأسرته، وكتبت في مذكراتها “سيدة من مصر” أنها يوم اغتيال زوجها لم تكن تريد إرباك السيدة سوزان بحديث حول عدم ارتياحها لتأمين الحفل، وكانت تشهد برقي الأسرة وأخلاقها واتصالاتها وتعاونها وحرصها عليها، وكثيراً ما حفلت الصحف بتصريحاتها في حق مبارك، وأنه خير خلف لخير سلف، وأنها دخلت غرفة كان يضمّد بداخلها جراحه يوم الاغتيال، وقالت له: “يجب أن تقودنا“، حتى قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير، لتطل السيدة الأولى السابقة بتصريحات أخرى.

تقول في آذار/ مارس 2011، إن تعيين حسني مبارك نائباً للسادات كان “جريمة لا تغتفر“. 

وتعترف بأنها فرحت بثورة الخامس والعشرين من يناير، وابنتها وحفيدتها كانتا من المتظاهرات في ميدان التحرير، لأنه “لا يحدث في الشعوب المتحضرة أن يظل حاكم 30 عاماً في الحكم ويريد أن يورث ابنه 30 عاماً أخرى”.

وحين جاء نظام جديد مغاير تماماً لطبيعة نظام السادات، وبدا أنه سيبقى طويلاً بعد مبارك، دانت له بالولاء وتصريحات الثناء… على رغم أنه كان إسلامياً أشرك “قتلة السادات” في احتفالات أكتوبر.

تقول، في برنامج “العاشرة مساء” على فضائية “دريم”، إن محمد مرسي منحها ما حرمها منه “مبارك”. 

وتحكي أنها طلبت منه أن يمنح زوجها الراحل “نجمة سيناء” ولاحتياجها المادي لما توفره تلك النجمة من معاش، لكنه رفض بحجة أن السادات قائد حرب يمنح القلادة ولا تُمنح له. وبرّرت تهليلها لمرسي، في احتفالات أكتوبر، بمنحه زوجها “نجمة سيناء”. 

وبزوال مرسي، قالت إنها بكت حين شاهدت “قتلة السادات” يحضرون احتفالات أكتوبر.

ثم جاء السيسي، تلك النزعة التي تتمتع بها جيهان السادات للقرب من أي ساكن بالقصر الرئاسي دفعتها إلى تأييد السيسي تأييداً مطلقاً، واعتباره بطلاً جاء بعد 30 سنة متجاهلة من مدحتهم قبله، ولم تذكر أي أسباب للتأييد المطلق، يكفي فقط أن السيسي من خلفية عسكرية وأنه أصبح رئيساً.

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!