fbpx

إسلاميو البرلمان العراقي
يخوضون الانتخابات بتعديلات ذكورية على أحكام الحضانة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“بعدما سرقوا كل شيء في هذا الوطن: ثرواته، مستقبل أجياله، صحة أبنائه، أسماء الشوارع والمدن، و أطاحوا بكل شي جميل، جاءوا اليوم ليسلبوا المرأة العراقية حق الحضانة وانتزاع الطفل من ذراعيها”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كانت دعاء علي (23 سنة) تتحدث مع بكرها وهو في العاشرة، عبر اتصال فيديو سراً، من دون علم والده بينما كانت شقيقاته الصغيرات يبكين ويطالبن برؤية والدتهن عبر الشاشة. إحدى الصغيرات نامت على الأرض من التعب وفرط البكاء، بينما أغلقت دعاء الاتصال وهي توصي ولدها بأن يعتني بشقيقاته، مشيرة إلى أنها ستعود قريباً لأخذهم.

تقول دعاء إنها كانت تتعرض للتعنيف الزوجي منذ سنوات طويلة، “ولم أستطع الانفصال لأنه كان يقول إنه لن يعطيني الطلاق فامارس الجنس مع من اريد بينما هو يدفع نفقة الأطفال”، ثم قام بضربها وطردها من المنزل محتفظاً بالأطفال. 

بالتزامن مع ما تتعرض له دعاء كان عدد من نواب الأحزاب الدينية في مجلس النواب العراقي يتقدمون بوثيقة من أجل تعديل أحكام الحضانة في قانون الأحوال الشخصية وسلب الأطفال من الأمهات، كجزء من الحملات الانتخابية التي يطلقها مرشحو الأحزاب الدينية والسياسية مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.

هناك من يعتقد أن حرمان الأمهات من الحضانة يقلل من حالات الطلاق

الباحثة بلسم  مصطفى تقول إن “المسودة لا تراعي مصلحة الطفل إطلاقاً، إنها مجرد ترجمة لتمييز وكراهية متجذرة ضد النساء، وإلا فلماذا لا يضع المشرع شروطاً لأهلية الوالد وما علاقة الجد في حضانة الطفل وكيف تحرم الأم من طفلها في حال زواجها، بينما لا يحرم الأب من ذلك؟”.

القاضي السابق رحيم العكيلي، يرى أن هذا المقترح “ليس سوى دعاية انتخابية مبكرة تغازل فئات الآباء المحرومين من أطفالهم، لكنها لا تبحث عن حل عادل لمعضلة الحضانة بين الأبوين، ولا تؤمن حقوق الأطفال ولا الأمهات، ولا تضع حلاً جذرياً وعادلاً لمشكلات الآباء، المهم أن يوفروا فئة تنتخبهم ولو دمروا المجتمع وأضافوا إلى أزماته، مشكلات جديدة”. 

ويضيف العكيلي أن هناك من يعتقد أن حرمان الأمهات من الحضانة يقلل من حالات الطلاق، ومن المعروف أن الطلاق بيد الرجال، أما الزوجات فليس لهن سوى طلب التفريق من المحكمة فإذا وجدتها محقة طلقتها، وإلا رفضت طلبها، فهي لا تملك حق الطلاق إنما تملك طلبه فقط. مع ذلك فإن الإحصاءات تظهر أن عدد الرجال الذين طلقوا زوجاتهم خارج المحكمة بلغ 4431، أما التفريق فبلغ 2172، وبالتالي فان عدد حالات إنهاء عقد الزواج بارادة الزوج أو بطلب منه تبلغ 5103 حالات، مقابل 1500 حالة بطلب من الزوجة أي أن الطلاق أكثره بيد الرجال يوقعونه بإرادتهم المنفردة.

يشير المحامي محمد جمعة إلى  المادة (1/7) من التعديل المقترح التي تنص على أن الطفل “لو تضرر من البقاء عند والده بمعنى تعرضه للعنف او ارغامه على ترك الدراسة أو أي ضرر آخر فإن الأم لا تستطيع المطالبة به إلا بعد سنة واحدة أي أن على الطفل أن يتحمل الضرر والتعنيف طوال هذه المدة”، لذا فإن هذا التعديل، بحسب جمعة، “يعامل الطفل كقطعة أثاث  ينتقل من بيت إلى آخر وليس إنساناً يتمتع بحقوق”.

إقرأوا أيضاً:

كما يستغرب جمعة الإصرار على تطبيق أحكام الشريعة في قوانين الأحوال الشخصية على رغم أنها لا تخالف أي نص قرآني، بينما لا نجد هذا الإصرار في تطبيق الشريعة في قوانين العقوبات والقانون المدني، مع أنهما يخالفان صراحة نصوصاً قرآنية واضحة. وهذا يدل، بحسب جمعة، على استخدام هؤلاء النواب الدين خدمة لمصالحهم الانتخابية. ويشير إلى أن التعديلات المقترحة تتعامل مع النساء كأدوات جنسية للإنجاب فقط. وتلغي التعديلات وجود الأم حتى في حال وفاة الأب، إذ تنتقل الحضانة إلى الجد (والد الأب)، وإذا توفي الجد، وكانت الأم الأرملة متزوجة، لا يسمح لها بحضانة ولدها بل ينتقل إلى دار ايتام تابع للدولة، وهذه “جريمة في حق النساء” تقول جمعة. 

 عضوة اللجنة القانونية النيابية بهار محمود أعلنت في بيان  إن “هذا التعديل يسلب حق الأم والطفل ويضرّ بهما، كما أن النص الحالي في قانون الأحوال الشخصية جيد ويجب أنْ تبقى الحضانة للأم، ولكن إنْ كانت حضانة الأم تضرّ بمصلحة الطفل عندئذ تنتقل الحضانة إلى الأب”. 

أما الناشطة روان سالم، فتقول إن السياسيين العراقيين، “بعدما سرقوا كل شيء في هذا الوطن: ثرواته، مستقبل أجياله، صحة أبنائه، أسماء الشوارع والمدن، و أطاحوا بكل شي جميل، جاءوا اليوم ليسلبوا المرأة العراقية حق الحضانة وانتزاع الطفل من ذراعيها”. وتكمل بغضب: “هذا البرلمان فشلَ بتشريع قوانين تخدم العائلة العراقية، وسط قوانين ذكورية مهينة فيما يزداد سخط الناس على سوء الخدمات وأزمة الكهرباء وانفلات الوضع الأمني”.

وتوضح الناشطة النسوية نور العنزي، إن الأحكام الذكورية هي بالأصل قوانين عُرْفية واجتماعية ولا يعززها بالتالي سوى قوانين الدولة، وهذه التشريعات الجائرة، كأن يخفف القانون عقوبة الرجل الذي يقتل زوجته او ابنته، أو تحرم تعديلات على القوانين كتلك المقترحة الآن، الأم من حق الزواج أثناء فترة الحضانة، من دون أن تلحظ اي حرمان للأب من ذلك، والتعامل مع المرأة كأداة للحمل والولادة، فهذا بحسب العنزي “تعديل تعسفي يحمل تمييزاً ضد المرأة، إضافة إلى عدم مراعاة مصلحة الطفل والآثار النفسية التي يتركها عليه”.

المفوضية العليا لحقوق الإنسان وغيرها من الجهات أكدت وجود ملاحظات كثيرة بشأن تعديل قانون الأحوال الشخصية الموجود في مجلس النواب، وقدّمتها له.

يبدو واضحاً بالنسبة إلى مروة عبد الرضا، مديرة منظمة “لأجلها” أن بعض الجهات الدينية في البرلمان “تعمل على إعادة المطالبة بتعديل تشريع المادة 57  كل أربع سنوات قبل بداية الانتخابات كجزء من حملتها الانتخابية واستغلال الآباء المتضررين من هذه المادة لكسب أصواتهم”. وتذكّر عبد الرضا بأن الجهات نفسها، ومن ضمنها حزب الفضيلة، طرحت قبل سنوات تعديلات على قانون الأحوال الشخصية من ضمنها تشريع زواج القاصرات في التاسعة، بحسب القانون الجعفري”. وهذه قوانين تتعارض مع الكثير من الاتفاقيات الدولية  التي تضمن حق المرأة، لكن الحكومة العراقية لا تلتزم بها.

وتشير مروة، إلى أن دور المنظمة هو مساعدة النساء على تجاوز هذه الأزمات خصوصاً أن كثيرات ممن يتأثرن بشكل سلبي قد يحاولن الانتحار في حال المصادقة على سلب حضانة الاطفال منهن، وواجهت الجمعية قصصاً لآباء استغلوا دعوة تشريع هذا القانون لتهديد النساء بإبعاد أولادهن منهن، “كما أن التأثير النفسي في الأطفال هو الأسوأ، إذ لا يستطيع الطفل أن يواجه الصراع الذي يخوضه والداه بسبب جهة سياسية تستثمر هذا الصراع لحصد المزيد من الأصوات الانتخابية”. وتكشف مروة أن الجمعية “لم تجد أي تضامن من  المسؤولين في لجنة المراة في البرلمان، عدا بعض النائبات اللواتي ابدين تضامنهن مع النساء”.

المفوضية العليا لحقوق الإنسان وغيرها من الجهات أكدت وجود ملاحظات كثيرة بشأن تعديل قانون الأحوال الشخصية الموجود في مجلس النواب، وقدّمتها له.

إقرأوا أيضاً: