fbpx

تونس: تباين في المواقف وقلق على الديموقراطية ومستقبل البلاد

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الخوف الرئيسي حالياً في تونس هو من الانحدار السريع إلى العنف فيما تملأ مجموعات مختلفة الشوارع إما للاحتفال أو لإدانة تصرفات الرئيس.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“ما افتكَّ منّا بالقوة لن يعود إلاَّ بالقوّة وقرارات قيس سعيّد باطلة”، هتفَ رجل ستيني وهو يقف على البوابة الرئيسية لمقر البرلمان التونسي ضمن تجمعات احتجاجية على قرارات الرئيس التونسي الأخيرة.

كان الشارع المقابل لبوابة مجلس نواب انعكاس واضح لانقسام الشعب بين مؤيد لقرارات رئيس الجمهورية قيس سعيد وبين معارض لها. إذ تحول إلى ساحة مقسومة إلى شقين، تتوسطهما الشرطة التي حالت دون التحام مؤيدي الرئيس ومؤيدي “الشرعية” وحركة “النهضة”.  

انتشار أمني كثيف في كل مكان، مع مدرعة للجيش الوطني التونسي تحرس بوابة البرلمان. هتافات على اليمين تنادي “يا غنوشي يا سفاح يا قتّال الأرواح… يا سعيد يا بوها النهضة ن…وها”.

 ومن الجهة الأخرى “يسقط الانقلاب” “يا سعيد يا جبان البرلمان لا يهان”.

هكذا بدا المشهد أمام البرلمان، وهو لم يختلف كثيراً عن الصورة في الفضاء الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي التي كانت لساعات ساحة للمبارزات بين المواقف المؤيدة والمعارضة. وإن خفتت حدة المواقف المتباينة من قرارات قيس سعيد ، إلا أن السؤال الذي طرح بقوة، ماذا بعد؟ وطالب كثر بضرورة بدء إجراءات المحاسبة والمساءلة للفاسدين وبخاصة المسؤولين الذين اضطلعوا بمناصب عليا في الدولة وأضروا بمصالح التونسيين وتحوم حولهم شبهات نهب المال العام.

يوم المشاورات والقرارات

وبعيداً من البرلمان،  كان رئيس الجمهورية قيس سعيد يعقد مشاورات حثيثة مع المنظمات الوطنية والحقوقية محاولاً كسب دعمها.

وكان سعيد أخذ سلسلة قرارات بتعليق عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة وفرض حظر تجول وسلسلة خطوات أثارت الكثير من القلق داخلياً وخارجياً.

ففي حين عبر مناوئون لحركة “النهضة” عن ارتياحهم لما أقدم عليه سعيد إلا أن كثيرين في المقابل تخوفوا من استفراد شخص الرئيس بالسلطة.

الناشط السياسي غسان بن خليفة اعتبر أن قيس سعيّد قد “تعسف” على تأويل الفصل 80 من الدستور كما “تعسفت” حركة “النهضة” على تأويل الديموقراطية وبخاصّة في تجسيد “الوفاء لثورة الشعب”. ويرى أن النقطة الأهمّ تكمن في الجوهر السياسي للموضوع وتبعاته. 

وعلّق بن خليفة مخاطباً سعيد، “من نكّل بالشعب التونسي في معاشه وصحته وحوّل ثورته إلى غنيمة لم يكن النهضة أو نواب البرلمان وحدهم. بل انّ هؤلاء هم شركاء وغالباً أعوان تنفيذ لرجال الأعمال، وقد تملقت اليوم رئيس اتحادهم وأجلسته إلى جانبك”. 

تعليق خليفة اتى بعد لقاء قيس سعيد  رجل الأعمال ورئيس “اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية”، سمير ماجول.

إقرأوا أيضاً:

ورأى بن خليفة أن تصحيح المسار الثوري الذي يريد سعيد تنفيذه يأتي عبر الحفاظ على القطاع العمومي، باتخاذ إجراءات جذرية لمصلحة الطبقات الشعبية المفقرة والمناطق المهمشة، وليس بطمأنة “أصحاب المليارات” والسفارات على مصالحهم وفق تعبيره.

الديبلوماسي السابق هيثم بلطيف يوضح لـ”درج” أن “قرارات رئيس الجمهورية سياسية وليست قانونية”، مشيراً إلى أنه من الواضح أن هذه القرارات رتب لها منذ مدة، وأنه من المؤكد أن تونس قدّمت تطمينات ومعلومات أوفر لشركائها الدوليين من الفاعلين الحكوميين من المنظمات الكبرى، بأن التطور الحاصل في تونس لن يمس بمصالح هؤلاء، وأنه شأن داخلي غايته إصلاح تعثر مسار ديموقراطي، على حد تعبيره.

ويضيف بلطيف: “الحجة التي استند إليها سعيد هي أن الدستور التونسي لا يمنع تجميد عمل المجلس، لكنه يمنع حلّه، وهي الحجة الأكثر قوة التي تقوي قرارات الرئيس”.

وعلى رغم أن 26 تموز/ يوليو كان يوماً حافلاً بالقرارات، والأعين كلها متوجهة نحو رئاسة الجمهورية، إلا أنه لا يمكن غض الطرف عن حادثة اقتحام مكتب شبكة “الجزيرة” في تونس، من قبل 20 رجل أمن وطرد كل الزملاء الصحافيين والعاملين فيه، من دون إذن قضائي، ومن دون تقديم تفسيرات وتبريرات رسمية لا من وزارة الداخلية، ولا من رئاسة الجمهورية. حادثة استنكرتها منظمات دولية منها الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية، وهي من دون شك تعدٍ صارخ على أهم مكسب من مكاسب الانتفاضة التونسية، أي حرية التعبير والصحافة.

“الحجة التي استند إليها سعيد هي أن الدستور التونسي لا يمنع تجميد عمل المجلس، لكنه يمنع حلّه، وهي الحجة الأكثر قوة التي تقوي قرارات الرئيس”.

ماذا بعد ؟

دائماً كان يُنظر الى تونس باعتبارها النجاح الوحيد للثورات العربية، لكن القرارات الآخيرة أغرقت البلاد في أعمق أزمة سياسية منذ عقد، خصوصاً أنها جعلت السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في البلاد الآن في يد رجل واحد.

في السنوات الماضية، شهدت تونس ارتفاعاً في معدلات البطالة التي وصلت إلى نحو 18 في المئة، و40 في المئة بين الشباب، في ظل وباء “كورونا”. كما عانت البلاد من هجمات إرهابية عدة.

وما فاقم التدهور الاقتصادي والسياسي هو الخلاف على الدستور بين مكونات الحكم الحالي وهو أمر كان يفترض أن تعالجه المحكمة الدستورية. ومع ذلك، بعد 7 سنوات من الموافقة على الدستور، لم تتشكل المحكمة الدستورية التي يفترض أن تحسم الجدل، بسبب خلافات حول تعيين القضاة.

الخوف الرئيسي حالياً في تونس هو من الانحدار السريع إلى العنف فيما تملأ مجموعات مختلفة الشوارع إما للاحتفال أو لإدانة تصرفات الرئيس. 

إقرأوا أيضاً: