fbpx

تركيا: العثمانيون الجدد يقتلون عائلة كردية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

جريمة مقتل سبعة أفراد من عائلة كردية في تركيا عمّقت مشاعر الغبن التاريخي بحق كرد تركيا الذين تعرض أفراد وناشطون منهم لسلسلة استهدافات واغتيالات مؤخراً.

صدع عميق يتعمق في تركيا مع ارتفاع عدد الهجمات المصنفة عنصرية ضد أكراد والتي ارتفعت وتيرتها في الأسابيع الأخيرة.

آخر ما أجج مشاعر الغبن التاريخي لدى الكرد في تركيا هو مجزرة جماعية قتل فيها سبعة أفراد من عائلةٍ ديدي أوغلو الكرديّة في هجوم مسلّح نفّذه متطرّفون أتراك في مدينة قونية التركيّة. العائلة الكرديّة سبق أن تعرّضت لهجوم في شهر أيار/ مايو الماضي، رفع خلالها المهاجمون شعار: “ليس مسموحاً للأكراد بالعيش هنا”. أثناء الهجوم الأوّل على العائلة، قال وكيل الدفاع عن الضحايا المحامي، عبد الرحمن كارابولوت، أنّ المهاجمين أطلق سراحهم، وهو ما منحهم شعوراً بالإفلات من العقاب.

هذه الحادثة تأتي بعد حادثة قتل فلاح كردي على يد مهاجمين ردّدوا شعار: “لا نريد كرداً هنا”، في  تمّوز/ يوليو الجاري. وكذلك بعد شهرين من حادثة قتل الناشطة الكرديّة دنيز بويراز، على يد أونور غينجير، الّذي كان مسلحاً قاتل مع فصائل معارضة في المدن الكردية في سوريا. 

في عام 2007، اعتبر الرئيس التركيّ الحالي، رجب طيّب أردوغان، الدّولة العميقة “ظاهرة خطيرة” يجب القضاء عليها، وشبه العاملين في هذه الجماعة “بعصابةً” تنتهك القوانين التركيِّة، ورفض وصف المختلفين مع هذه الجماعة بـ “الأعداء الداخليين” وهو الوصف الّذي أطلقه مصطفى كمال أتاتورك قبل وفاته، وهؤلاء الأعداء الداخليون هم الكرد والإسلاميين. ما جرى، أنّ العدو السّابق للدولة العميقة، وهو أردوغان، أصبح قائداً فعليّاً لهذه الجماعة، بعد أن غيّر منهجها من معادية للإسلاميين والكرد، إلى أن تكون معادية للكرد بالدرجة الأولى، وإلى حدٍ ما اليساريين.

 باشرت السلطة بخطاب عدواني ضدّ الكرد، وتصعيد للكراهيّة ضدّ الكرد، في محاولةً لإعادة  الجماعات الكرديِّة من المدن التركيّة الرئيسيّة إلى مدنهم الكرديّة التقليديّة الّتي هجّروا منها في برامج إعادة التأهيل والاندماج

يختلفُ تعامل القوّات الخاصّة الرديفة للجيش وقوى الأمن التركيِّة في عهد أردوغان عما كان عليه في عهد مصطفى كمال أتاتورك؛ فالقوّات الخاصّة في زمن أتاتورك كانت تتبنّى نهج محاربة الإسلامييّن العثمانيين وتُعادي الكرد، وهي قوّات كانت تتمتّع بهويِّة علمانيِّة، وتسعى لعلمنة ما أطلقوا عليه “الأمّة التركيِّة”. أمّا في تركيا الحالية، فالقوّات الخاصّة هي قوّات إسلاميّة تمجد الإرث العثمانيّ الإسلاميّ، وتُعادي الكرد على وجه الخصوص، وتعتبرهم هويِّة “خطرة” على وجود الأمّة التركيِّة.

بعد أن استهدفت الوحدات الخاصّة غير الرسميِّة في تركيا الكرد والأرمن واليساريين الأتراك، تحوّلت هذه الوحدات إلى مؤسّسة للثقافة السياسيِّة والعسكريِّة للقوميِّة التركيِّة في التعامل مع المختلفين سياسياً ومع القوميات الّتي تعيش تحت حكم “الأمة التركيِّة”. 

منذ عام 1971، أسّست تركيا  ما سمته “إدارة الحرب الخاصّة”، والّذي يُعرف باسم “غلاديو”، وكُلِّفت هذه الجماعة غير الرسميِّة بتنفيذ الاغتيالات وعمليات الخطف والابتزاز وطرد السكان في المدن الكردية في تركيا، رغم أنّ وجودها جاء لمواجهة التهديدات الروسيِّة. 

إقرأوا أيضاً:

بعد سقوط الدولة العثمانيِّة، كان ثمّة إمكانيِّة لمُلاحظة التمايز الجغرافيّ بين مناطق التواجد الكرديّ ومناطق التواجد التركيِّ في تركيا الناشئة؛ إذ كان الوجود الكرديِّ يقتصر على كردستان الّتي ألحقت بتركيا، مع وجود جاليات كرديِّة متفرّقة وغير منضبطة في عدد من المدن التركيِّة الرئيسيِّة مثل اسطنبول وأنقرة وإزمير وأضنة وغيرها. لاحقاً، توسّع هذا الوجود، بعد أن بدأت تركيا بتنفيذ عمليات تطهير ضدّ الكرد عبر الجيش التركيّ والوحدات الخاصّة غير الرسميِّة، وبعد أن طبّقت مشاريع إعادة تأهيل المجتمع في كردستان، والّتي هدفت إلى دمج الكرد في الأمّة التركيّة، أو تشتيت كثافتهم السكّانيّة داخل تركيا الحاليِّة. هذه العمليِّة حتّى وقتٍ قريب، أإدت إلى في فقدان عدد من الأجيال الكرديّة اللاحقة لهويتهم القوميّة الكرديّة. لكن، منذ سنوات، تحوّلت هذه الفئات السكّانيّة المهجّرة من المناطق الكردية، إلى أداةٍ سياسيّة تؤثّر في الانتخابات، مثلما فعلت الجالية الكرديّة في اسطنبول، عندما هزمت أردوغان في انتخابات البلديِّة، وتحوّلت إلى ورقة ضغط انتخابيّة، تغيّر موازين القوّى. 

تحوّلت هذه المجموعات السكانيّة الكرديّة الموجودة في المدن التركيّة، إلى خطرٍ يُهدد سلطة حزب العدالة والتنميِّة في تركيا، وأصبح من الممكن أن تكون أصوات هذه الجماعات المعارضة لأردوغان، سبباً أساسيّاً في هزيمته بالانتخابات البرلمانيّة والمحليّة في تركيا. لذا، باشرت السلطة بخطاب عدواني ضدّ الكرد، وتصعيد للكراهيّة ضدّ الكرد، في محاولةً لإعادة  الجماعات الكرديِّة من المدن التركيّة الرئيسيّة إلى مدنهم الكرديّة التقليديّة الّتي هجّروا منها في برامج إعادة التأهيل والاندماج، خاصةً أنّ نتائج الانتخابات البرلمانيّة والمحليّة في المدن الكرديّة أصبحت شكليّة، وصارت الدّولة تستخدم محاربة الإرهاب ومكافحته في تغيير المسؤولين الناجحين في الانتخابات، وتضع محلّهم وكلاء الدّولة، وبعضهم جزء من القوّات الخاصة غير الرسميّة التركيّة، وكلّهم ينتمون لحزب العدالة والتّنمية. 

إقرأوا أيضاً: