fbpx

جريمتان واشتباكات وقتلى… خلدة كصورة عن إفلاس الدولة اللبنانية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

المذهبيّة التي يخال البعض أنها وُئدت لا تزال حيّة وشرارة صغيرة قادرة على إعادة إحيائها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“ثأر” عشائر عرب خلدة (منطقة في جنوب بيروت) لمقتل الفتى حسن غصن يوم 27 آب/ أغسطس 2020، في الاشتباكات التي وقعت بين “سرايا المقاومة” وعرب خلدة، لم يتأخر. فقبل حلول الذكرى السنوية الأولى، أقدم شقيق القتيل أحمد غصن على قتل العنصر في “حزب الله” علي شبلي خلال حضوره حفل زفاف، وهو المتّهم بقتل أخيه. 

مقتل شبلي، المحارب في “حزب الله” والمشارك في الحرب السورية والحرب اللبنانية– الإسرائيلية عام 2006، أجج صراعاً طائفياً ساكناً منذ سنوات بين الطرفين. إذ تحولت مسيرة تشييع شبلي في خلدة إلى اشتباكات حصدت أرواحاً وأسقطت عدداً من الجرحى، وفرضت مناخاً مخيفاً في البلد، وزادت من الاحتقان الطائفي والمذهبي، وكررت المشاهد الحربية التي شهدتها المنطقة قبل عام. وعُرِف من بين الضحايا صهر علي شبلي الطبيب محمد أيوب، وعلي حوري وحسام العالق. 

توالت البيانات التي تشجب ما حصل أو تدعو إلى درء الفتنة، وآخرها بيان عائلة حسن غصن و”عموم العشائر العربية” في لبنان الذي قال إن “العمل ثأري لا أكثر”، وكأنه مبرّر شرعي للقتل. كما أشار إلى أن “موكب التشييع تعمّد المرور داخل منطقة خلدة مدجّجاً بالسلاح ومزّق صورة غصن”. فيما قال “حزب الله” في بيانه إن الجنازة تعرضّت لـ”كمين مدبّر”، مطالباً “الأجهزة الأمنية والقضائية بالتصدي الحازم لمحاسبة الجناة والمشاركين معهم”، علماً أن الحزب نفسه رفض تسليم القاتل علي شبلي حين ارتكب جريمته منذ عام. 

ما حدث كان يمكن تفاديه لو فُرض حظر التجوال يوم التشييع في خلدة. وكان يمكن تفادي مقتل شبلي لو تمّ تسليمه ومجموعته للدولة حين ارتكب الجريمة. كما تفادي مقتل الفتى غصن لو نُزع السلاح غير الشرعي من لبنان. لكن ما حدث قد حدث وعرّى الدولة اللبنانية ومؤسساتها، وعلى رأسها القضاء والأجهزة الأمنية التي أظهرت غياباً شبه تام خلال الجريمتين والاشتباكات الأخيرة. 

ووفق المحامية ديالا شحادة، فإن القضاء تخلّى عن مسؤولياته إذ إنه “لم يصدر أي بيان توضيحي سواء عن المجلس الأعلى للقضاء أو النيابة العامة التمييزية يرفض فيه على الأقل الأعمال الثأرية”. وتوضح شحادة أن “القانون اللبناني يُعاقب على الأعمال الجرمية بما في ذلك العمل الثأري، الذي لا يخفّف من العقاب بل يُكرّس نزعة استيفاء الحق بالذات”. 

شرارة المذهبيّة تتجدّد 

لا يمكن فصل مؤشرات حادثة خلدة عن المسار السياسي. قبل سنة، وعند حصول الاشتباكات الأولى بين عشائر العرب في خلدة و”حزب الله”، كان مصطفى أديب بصدد تشكيل الحكومة. قيل حينها إن الاشتباكات تهدف إلى الضغط عليه لتقديم تنازل، وقيل العكس أيضاً، أي أنها يجب أن تحفزه على عدم التنازل على حساب “الدم السنّي”. ما حصل الآن يبدو أنه سيرافق أيضاً مسيرة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي. فيما قد يكون الأصح أن لا أثر لهذه المسارات على الأرض على المجريات السياسية.

كل ذلك يأتي فيما لا بوادر لتشكيل حكومة في المدى القريب، وفيما تحاول السلطة مصادرة ذكرى انفجار 4 آب/ أغسطس عبر مراسم تحوّل المأساة إلى ذكرى فولكلورية.  

ما حدث كان يمكن تفاديه لو فُرض حظر التجوال يوم التشييع في خلدة. وكان يمكن تفادي مقتل شبلي لو تمّ تسليمه ومجموعته للدولة حين ارتكب الجريمة. كما تفادي مقتل الفتى غصن لو نُزع السلاح غير الشرعي من لبنان.

يحصل كل ذلك على وقع مؤتمر تنظمه فرنسا لدعم لبنان، يحضره قادة دول ومنظمات إغاثية، إلا أنه يحصل بعيداً من الدولة اللبنانية التي تقتصر مشاركتها فيه على بعدها الرمزي، في حين أعلنت معظم الدول المشاركة أن دعمها لبنان في أزمته لن يكون عبر أجهزة السلطة في لبنان خوفاً من أن يُستنفد الدعم بقنوات الفساد. لكن الأهم من ذلك أن الوقائع اللبنانية تجري أيضاً بموازاة اقتراب عقوبات أوروبية على أفراد من الطبقة السياسية، توقعت أوساط أن تشمل حوالى 60 شخصية لبنانية. وهنا تلوح الاشتباكات الأخيرة في جنوب بيروت بوصفها استكمالاً لمشهد الخراب اللبناني الذي أذهل العالم فهب للمساعدة، إلا أنه لم يحرك ساكناً لدى أهل السلطة. 

المذهبيّة التي يخال البعض أنها وُئدت لا تزال حيّة وشرارة صغيرة قادرة على إعادة إحيائها. حتى إن سجال تغريب عرب خلدة عن لبنان باعتبارهم غير لبنانيين أُعيد طرحه، علماً أنهم حصلوا على هويات لبنانية في عهد رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري عام 1994 ضمن قانون تجنيس. 

إقرأوا أيضاً: