fbpx

لبنان: العقوبات الفرنسية على أبواب المسيحيين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الأرجح أن نجيب ميقاتي لن ينجح بتشكيل الحكومة، واعتذاره سيعجل في صدور القرار الفرنسي بعدما أخذت باريس موافقة الاتحاد الأوروبي.         

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ليس تفصيلاً أن يذهب ميشال عون بالمسيحيين إلى حيث هو ذاهب بهم اليوم! الوجهة ليست مغايرة عن سياقٍ ثقافي وتاريخي وسياسي فحسب، إنما مهددة فعلاً لوجودهم. هذا الرجل غير معني إطلاقاً بمستقبلهم، ولا يمت بأي صلة لحساسياتهم، وهو مستعد لمزيد من الحروب الخاسرة، طالما أنها تخاطب غرائز صهره جبران باسيل. أما مناسبة استحضار هذه الغرائب فهو ما تسرب من أخبار، من المرجح أنها صحيحة، عن 60 شخصية سياسية لبنانية ستستهدفها العقوبات الفرنسية الوشيكة، وربما الأوروبية، بسبب “فسادها وتعطيلها النظام الديموقراطي”، وعلى رأس هذه الشخصيات أسماء مقربة من رئيس الجمهورية، وهنا طبعاً يحضر اسم صهره، جبران باسيل الذي سبق أن تعرض لعقوبات أميركية أملتها بحسب القرار عمليات فساد تورط بها الرجل. 

علماً أن قانون ماغنتسكي الأميركي يستهدف الشخصيات التي يثبت تورطها بعمليات فساد وتبييض أموال. وكان جبران باسيل دافع عن نفسه حيال هذه العقوبات بأن قال إن ادعاءات الإدارة الأميركية محض افتراء، وإنه كان ليدحضها أمام القضاء الأميركي لو أنه يملك أكلاف دعوى قضائية في أميركا. 

والحال أن جبران، ومن ورائه عمه، يرأس أكبر كتلة نيابية مسيحية في البرلمان اللبناني، والقول إن مستوى تمثيله انخفض بفعل ارتكاباته، لم يُختبر بعد. ثم إن الرجل يتمدد بنفوذه داخل السلطة، ويسعى إلى مخاطبة المسيحيين بغرائز عابرة من نوع استعراض قدرته على تعطيل تشكيل الحكومة بمواجهة رئيسها (السني)، وفي لبنان نعرف أن هذه المساعي تؤتي أُكلها في سياق الصراع المذهبي. كما يتولى الرجل مستعيناً بـ”حزب الله” مواجهة رابحة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيصفه تارة بالبلطجي ويعطل تارة أخرى قدرة بري على التحرك والمفاوضة، كما حصل خلال التفاوض على تشكيل الحكومة. وهذا استعراض لعضلات مذهبية يمكن استثماره في المشهد الطائفي اللبناني.

60 شخصية سياسية لبنانية ستستهدفها العقوبات الفرنسية الوشيكة، وربما الأوروبية، بسبب “فسادها وتعطيلها النظام الديموقراطي

وفي مقابل هذا النفوذ العابر، يدفع جبران باسيل لـ”حزب الله” فاتورة مكلفة. فالرجل اختار للمسيحيين موقعاً في مواجهة العالم. ها هم اليوم على لوائح العقوبات الغربية، ومحاولة التمييز بينهم وبين جبران باسيل ليست بدهية. إنه ممثلهم في السلطة وفي الخيارات! كما أن مقاومة الخيارات العونية لم تصل إلى حدود المواجهة بينهم وبينه. البطريرك الماروني بشارة الراعي شهر بوجه ميشال عون مطلب حياد لبنان، وهذا مطلب لا ينسجم طبعاً مع “الخيار الشرقي” الذي اختاره جبران للمسيحيين، إلا أن الأمر بقي في سياق الخلاف بوجهات النظر، ولم يتحول إلى وجهة سياسية منسقة واستقطابية. في وقت يُشهر جبران مقولة أن العقوبات عليه هي عقوبات على المسيحيين، ويناور بتمثيله إياهم أمام الرأي العام الغربي.

المسيحيون اللبنانيون أمام استعصاء التمثيل. فجبران ممثلهم إلى أن يثبت العكس.

“حزب الله” لن يتيح لهم فرصة إثبات العكس. المنطق يفترض ألا تجرى الانتخابات، وهي إن أجريت، فمؤشراتها توحي بتغيير ولكن ليس كبيراً. ستعيد السلطة تحالفها مع بعضها بعضاً. لن تغير قانون الانتخاب الذي تم تفصيله على قياس جبران تماماً، وسيعود “الطاشناق” لاحتضان باسيل في المتن و”حركة أمل” و”حزب الله” لمده بأصوات من الضاحية الجنوبية، والمعركة الانتخابية مع سليمان فرنجية ستكون موضعية.

وهنا نعود لنخلص إلى السؤال نفسه. هل يتحمل المسيحيون اللبنانيون مواجهة مع الغرب؟ القول بأن هذا ليس خيارهم صحيح، إنما ثمة آلة أقوى منهم تدفعهم إلى هذا الموقع. “حزب الله” يدفعهم نحوه، لكن ميشال عون سقطة في تاريخهم الحديث، هم ليسوا أبرياء منها. 

أن يصدر قرار عقوبات فرنسية تتصدر الأسماء فيه شخصيات مسيحية لبنانية فهذا ليس تفصيلاً عابراً. العقوبات الأميركية حين صدرت بحق الرجل كان لها بعد تقني وآخر سياسي وموضعي. العقوبات الفرنسية تردنا إلى تأمل من نوع آخر. فالارتدادات هنا تتعدى ما تعنيه العقوبات من إجراءات عملية، وتصل إلى إعادة النظر بالفهم الفرنسي للبنان، بوصفه البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي يرأس مسيحي الجمهورية فيه. الأرجح أن العقوبات، إذا ما أقرت، تعني أن فرنسا لم تعد تعتبر أن هذا الأمر مهم لها.

الأرجح أن نجيب ميقاتي لن ينجح بتشكيل الحكومة، واعتذاره سيعجل في صدور القرار الفرنسي بعدما أخذت باريس موافقة الاتحاد الأوروبي.         

إقرأوا أيضاً:

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 27.03.2024

“بنك عودة” في قبضة الرقابة السويسرية… فما هو مصدر الـ 20 مليون دولار التي وفّرها في سويسرا؟

في الوقت الذي لم ينكشف فيه اسم السياسي الذي قام بتحويل مالي مشبوه إلى حساب مسؤول لبناني رفيع المستوى، والذي امتنع بنك عودة سويسرا عن ابلاغ "مكتب الإبلاغ عن غسيل الأموال" عنه، وهو ما ذكره بيان هيئة الرقابة على سوق المال في سويسرا "فينما" (FINMA)، تساءل خبراء عن مصدر أكثر من 20 مليون دولار التي…