fbpx

تقرير “هيومن رايتس ووتش” عن انفجار بيروت:
كلّهم مقصّرون… كلّهم كانوا يعلمون!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تحقيق “هيومن رايتس ووتش” تحدّث عن وجود أدلّة تشير إلى تورّط مسؤولين في الانفجار، وإلى أنّ “العديد من المسؤولين اللبنانيين كانوا، على الأقل، مهملين جنائياً بموجب القانون اللبناني في تعاملهم مع شحنة روسوس”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“أريد أن أضع نفسي في مكان رئيس الجمهوريّة. كان جالساً في قصره يشاهد الحريق. وبصفته الرئيس و(بيّ الكل)، فيمَ فكّر في وقتها؟ فيمَ يفكّر الإنسان عندما يرى هذا المشهد؟ هؤلاء انتظروا 40 دقيقة وهم يتفرّجون علينا ونحن نموت. لم يطلبوا إخلاء المنطقة بل انتظرونا لنموت”.

بعد مرور عام كامل على مجزرة 4 آب/ أغسطس، ما زال المهندس بول نجار، والد الطفلة ألكسندرا، أصغر ضحايا انفجار مرفأ بيروت، يعاني من صعوبة في استيعاب ما حصل. “لا أستطيع تخيّل ما حصل. ما حصل سريالي. أشعر بأنّنا نعيش في فيلم سينمائي”، ويضيف: “كنا في منزلنا يوم 4 آب. أنا كنت أعمل وترايسي (والدة ألكساندرا) كانت تهتمّ بابنتنا التي كانت تلهو بألعابها مع صديقتها. كان يوماً جميلاً”.

كلام نجار هذا جاء خلال مشاركته وزوجته ترايسي في المؤتمر الذي عقدته منظمة “هيومن رايتس ووتش”، يوم أمس 3 آب/ أغسطس، لإعلان نتيجة تّحقيقها بعنوان “دبحونا من جوّا” (They killed us from the inside)، الذي تضمّن تقارير ومراسلات رسمية ومقابلات أجرتها “هيومن رايتس ووتش” مع مسؤولين كبار في الدولة اللبنانية، منهم رئيس حكومة تصريف الأعمال السابق حسان دياب ومدير عام جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا.

“مسؤولون توقّعوا حجم الوفيات وتقبّلوا ضمنياً المخاطر”

“تشير الدلائل إلى أن الكثير من كبار القادة، بمن فيهم الرئيس ميشال عون، حسان دياب، اللواء طوني صليبا، قائد الجيش (السابق) جان قهوجي، وزير المالية علي حسن خليل (السابق)، وزير الأشغال غازي زعيتر (السابق)، ووزير الأشغال (السايق) يوسف فنيانوس، من بين آخرين، تم إبلاغهم بالمخاطر التي تشكلها نيترات الأمونيوم وفشلوا في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الناس”، يقول التقرير، ويضيف: “بمجرد إبلاغهم من قبل جهاز أمن الدولة، فشل مسؤولون كبار في مجلس الدفاع الأعلى، بمن فيهم الرئيس ورئيس الوزراء، في التحرك لإزالة التهديد”.

تحقيق “هيومن رايتس ووتش” تحدّث عن وجود أدلّة تشير إلى تورّط مسؤولين في الانفجار، وإلى أنّ “العديد من المسؤولين اللبنانيين كانوا، على الأقل، مهملين جنائياً بموجب القانون اللبناني في تعاملهم مع شحنة روسوس”. وأضاف: “تشير الدلائل بقوة إلى أن بعض المسؤولين الحكوميين توقعوا الوفاة التي يمكن أن يؤدي إليها وجود نيترات الأمونيوم في المرفأ وتقبّلوا ضمنياً مخاطر حدوث ذلك”.

“أفعال المسؤولين وإهمالهم شكّل خطراً غير مقبول على الحياة (…)بموجب القانون اللبناني، قد يرقى هذا إلى جريمة القتل العمد المحتمل و/أو القتل غير العمد”، ذكر التحقيق، مضيفاً أنّ “فشل الدولة في التصرف لمنع المخاطر المتوقعة على الحياة يرقى إلى انتهاك الحق في الحياة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان”.

إقرأوا أيضاً:

رئيس الجمهورية

يفيد تحقيق “هيومن رايتس ووتش” بأنّ رئيس الجمهورية ميشال عون كان يعلم بوجود هذه المواد الخطرة، على الأقل منذ أول تموز/ يوليو 2020. ويقول: “حتى بعد اندلاع الحريق، لم يتم تحذير المواطنين أو فوج الإطفاء بوجود نيترات الأمونيوم في العنبر 12”.

الجيش

الجيش اللبناني مسؤول عن إعطاء الموافقة المسبقة لاستيراد المعدات والذخائر العسكرية، بما في ذلك نيترات الأمونيوم التي تتخطّى نسبة النيتروجين فيها 33.5 في المئة، وعليه فحص المواد المتفجرة التي تصل إلى البلاد عبر موانئه، لكن لا يوجد ما يشير إلى أنه فعل ذلك، حتى بعدما أكد فحص المواد أنها تندرج تحت قانون الأسلحة والذخائر.

ووجدت “هيومن رايتس ووتش” أنّ المراسلات الرسمية تشير إلى أن “مسؤولي المرفأ والجمارك والجيش تجاهلوا الخطوات التي كان يمكن اتخاذها لتأمين المواد أو إتلافها”.

الجمارك

قالت “هيومن رايتس ووتش” إنّ الجمارك كان يمكنها التّصرّف بخصوص محتويات السفينة من دون انتظار قاضي العجلة الذي راسلته أكثر من مرّة وكان يأتيهم الرّدّ نفسه منه، وهو أن ذلك ليس من صلاحية محكمته.

الداخلية والأمن العام

وزير الداخلية آنذاك والمدير العام للأمن العام أقرّا بأنهما كانا على علم بوجود نيترات الأمونيوم على متن سفينة روسوس، لكنهما قالا إنهما لم يتّخذا أي إجراء لأن ذلك لم يكن من اختصاصهما، وفقاً لتقرير “هيومن رايتس ووتش”.

المالية والأشغال

المراسلات الرسمية تعكس أنه، بمجرد وصول السفينة إلى بيروت، فشل مسؤولو وزارة المالية ووزارة الأشغال العامة والنقل في التواصل بشكل صحيح أو التحقيق بشكل مناسب في طبيعة الشحنة القابلة للانفجار والاشتعال، والخطر الذي تمثله، وفقاً لتحقيق “هيومن رايتس ووتش”. 

“تم تحذير ممثلي وزارة الأشغال العامة والنقل من الخطر الجسيم الذي تمثله نيترات الأمونيوم، لكنهم فشلوا في التحقيق في هذه الخطر وأخطأوا في توصيف ما قيل لهم عن الخطر في اتصالاتهم مع الهيئة التي لديها السلطة في هذه القضية، وهي المديرية العامة لوزارة العدل، الممثل القانوني للدولة اللبنانية في جميع الإجراءات القضائية والإدارية، حيث يقوم وزير العدل بتكليف قضاة ومحامين لمساعدة القاضي الذي يترأس هيئة القضية”، يضيف التقرير.

ويفيد التقرير بأنّ قاضي العجلة سمح بتفريغ السفينة بناء على “المعلومات المغلوطة التي قدّمتها وزارة الاشغال” وبأنّ الوزارة “واصلت تحريف الخطر الذي تمثله هذه المواد، بعد التفريغ”.

تقول المنظّمة إنّ مسؤولي وزارة الأشغال “وصفوا بشكل غير دقيق مخاطر الشحنة في طلباتهم إلى القضاء لتفريغ البضائع، وخزّنوا عن معرفة نيترات الأمونيوم في ميناء بيروت إلى جانب المواد قابلة للاشتعال أو متفجرة لحوالي 6 سنوات في مستودع يفتقر إلى الأمن والتهوئة السليمة وسط منطقة تجارية وسكنية مكتظة”، معتبراً أنّ “ممارساتهم هذه تنتهك الإرشادات الدولية للتخزين الآمن والتعامل مع نيترات الأمونيوم”، وأنّهم “لم يتخذوا، هم أو أي جهاز أمني عامل في الميناء، الخطوات المناسبة لتأمين البضاعة ولم يضعوا خطة استجابة طارئة مناسبة أو إجراءات احترازية في حالة اندلاع حريق في الميناء. كما أخفقوا أيضاً في الإشراف كما يجب على أعمال الإصلاح التي أجريت في العنبر 12 والتي ربما تسببت في انفجار 4 آب 2020”.

يفيد التحقيق بأنّ وزير الأشغال في حينها غازي زعيتر تبلّغ بوجود نيترات الأمونيوم في مناسبتين على الأقل؛ إذ أرسل له المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم خطاباً في 16 أيار 2014 أبلغه فيه بوجود “عدة أطنان من مادة شديدة الخطورة، نيترات الأمونيوم عالية الكثافة”، على متن السفينة روسوس. كما تسلّم بتاريخ 20 آب 2014 رسالة من وزارة الخارجية والمغتربين مرفق بها حكم قاضي الأمور المستعجلة الصادر في 27 يونيو 2014 والذي سمح بإعادة تعويم السفينة بعد “نقل المواد التي على متنها وتخزينها في مكان مناسب تحت سلطتها، وذلك بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة نظراً إلى خطورة المواد الموجودة على متن السفينة”.

“حسان دياب: طلبت تقريراً عن النيترات ثم نسيت الأمر. هناك كوارث كل يوم”

وجد التحقيق أنّ تقرير أمن الدّولة لم يكن كاملاً، فيما لم ترَ المنظّمة سبباً واضحاً يفسّر “انتظار صليبا أكثر من 6 أسابيع لإرسال تقرير الرائد جوزيف النداف لرئيسَي الجمهورية والحكومة”، والذي حذّر فيه بوضوح من خطورة المواد وقال إنّها قد تنفجر إذا ما تعرّضت لحريق، كما حذّر من سرقتها وتحدث عن الفجوة في حائط العنبر 12 وأرسل نسخة للقاضي غسان عويدات ونسخة أخرى للواء صليبا.

تشير الدلائل، بحسب تقرير “هيومن رايتس ووتش” الى أن حسان دياب تم إبلاغه بوجود نيترات الامونيوم في مرفأ بيروت والمخاطر التي تشكلها مرّتين. وقال اللواء طوني صليبا لـ”هيومن رايتس ووتش” إنه أبلغ حسان دياب للمرة الأولى عن نيترات الأمونيوم في 3 حزيران/ يونيو 2020.

في لقائه مع “هيومن رايتس ووتش”، قال دياب إنه لم يكن على علم بمدى انفجار نيترات الأمونيوم إلا بعدما شاهد الانفجار عبر شاشات التلفزة.

وقال دياب إنه قرأ التقرير قبل أن يذكر لاحقاً في اللقاء نفسه أنّ “تقرير صليبا ذكر أن نيترات الأمونيوم كانت متفجرة، لكنني لم أتصفح 30 صفحة. لقد أعطيته لمستشاري الأمني”، مشيراً إلى أنه ليس خبير متفجرات، وذلك لدى سؤاله عن سبب عدم معرفته بهذا الأمر علماً أن تقرير أمن الدولة أشار صراحة إلى المخاطر التي تشكلها نيترات الأمونيوم.

لكنّ تقرير أمن الدولة الذي راجعته “هيومن رايتس ووتش” يتكون من 3 صفحات و6 صفحات من المرفقات. “وقد تمت كتابته بلغة غير تقنية”، بحسب المنظّمة. وتذكر الجملة الثالثة من التقرير أن نيترات الأمونيوم “يُستخدم لتصنيع المتفجرات لأنها شديدة الانفجار وقابلة للاشتعال”.

وردّاً على رسالة من “هيومن رايتس ووتش” تطلب فيها توضيحاً حول هذا البيان، قال دياب إنه قرأ التقرير في الواقع ، وقال مكتبه لاحقاً إن تعليقه على أن التقرير يتكون من 30 صفحة كان مبالغاً فيه.

وبعد طلب توضيح أسباب عدم قراءته التقرير، قال دياب لـ”هيومن رايتس ووتش” إنه قرأه بالفعل. وأضاف أن وزارة الأشغال تسلمت التقرير في 3 آب وختمته في 4 آب، وأن وزيرة العدل تسلمت التقرير بعد الانفجار لأنها كانت خارج البلاد في ذلك الوقت، عازياً تأخّر تسلّم الوزارات التقرير إلى العطل الرسمية والإغلاق بسبب “كورونا”. وقال: “إذاً كان التقرير معي ليوم واحد فقط، ليس مثل صليبا”.

إذاً، دياب قرأ التقرير قبل 4 آب 2020، “فلا بد أنه كان على علم بالطبيعة المتفجرة للمادة قبل الانفجار”، بحسب المنظّمة.

وقال دياب لـ”هيومن رايتس ووتش” إن مستشاره خضر طالب حضر عشاءً خاصّاً مع اللواء طوني صليبا وضغط عليه بشأن ملفات فساد لم يكن مكتب رئيس الوزراء على علم بها. وبعد محاولات، قال أحد الحاضرين لصليبا أن يخبر طالب عن المرفأ، فقال صليبا إن التحقيق لم ينته بعد – على حد قول دياب – لكن طالب أصر حتى أخبره صليبا أنه تم ضبط 2700 كيلوغرام من مادة “تي إن تي” في المرفأ.

وأضاف: “هذا ما فهمه مستشاري، ربما قالوا 2700 طن، لا أعرف، لكن هذا ما فهمه. لقد اتصل بي أمامهم وكانت الساعة نحو الثامنة مساءً”.

لكن صليبا شكّك برواية دياب وقال لـ”هيومن رايتس ووتش” إنه تحدث معه عبر الهاتف في تلك الليلة وأخبره أن 2700 طن من نيترات الأمونيوم كانت في المرفأ وأنها كانت شديدة الانفجار. وتابع صليبا أن دياب سأله كيف عرف ذلك، فأجابه “بناءً على استنتاج الخبير الكيميائي الذي حدد درجة النيتروجين في النيترات”. وقال صليبا إنه أبلغ دياب أنّ كل كيلوغرام من نيترات الأمونيوم هذا كان متفجراً بما يعادل 600 غرام من الـ”تي إن تي”.

تقول هيومن رايتس ووتش في هذا الشّأن: “ليس واضحاً سبب عدم إرسال صليبا إلى دياب التحقيق الذي أعده الرائد جوزيف نداف، والذي تم الانتهاء منه في 1 حزيران/ يونيو 2020، في ضوء علمه بالخطر الكبير الذي تشكّله المواد”.

بعدما ألغى دياب زيارته إلى المرفأ في 3 حزيران 2020، أشار إلى حرسه الوزاري للطلب من رجال صليبا إعداد تقرير في غضون أيام عن نيترات الأمونيوم حتى يتمكن من زيارة الميناء. إلا أن دياب قال لـ “هيومن رايتس ووتش”: “بعد ذلك نسيت الأمر، ولم يتابع معي أحد. هناك كوارث كل يوم. بدأوا إعداد هذا التقرير منذ كانون الثاني/ يناير، عندما بدأه نداف. لماذا استغرق إرساله ثمانية أشهر؟”.

“كان لديهم 40 دقيقة ليتحرّكوا… أين الإنسانيّة؟”

يسأل والد ألكسندرا عن تعريف لمعنى الإنسانيّة ليعرف ما إذا كان خطأ الأهالي أنّهم أرادوا العمل وعيش حياتهم بسعادة في بيروت، ويقول: “نحن لم نكن نقاتل في سوريا أو في الخارج، كنا نعيش حياتنا وقتلونا في منزلنا. ابنتي كانت تعيش في منزل محبّ وكنّا نحاول أن نعيش حياتنا بسعادة. هل كان من الخطأ أن يكون لطفلتنا الحق بأن تلهو بألعابها في منزلها؟ فليعرّف لي أحدكم معنى الإنسانية!”.

“لنتناسَ الفساد، لنتناسَ فشلهم”. لم يستطع بول إلّا أن يفكّر في “انعدام إنسانيّتهم وهم ينتظروننا لكي نموت”، سائلاً: “ألم يكن من الواجب عليهم- على الأقلّ- أنّ يحضروا لما بعد الانفجار؟ عندما حملنا ابنتنا في شوارع منطقة الجميزة المدمّرة خلال رحلة البحث عن مستشفى، كان عليّ أن أحمل طفلتي التي تحتضر على سكوتر”.

يؤكّد نجّار ثقته بأنّ كل من كان مسؤولاً منذ عام 2013 حتى عام 2020 كان على علم بوجود المواد المتفجّرة في مرفأ بيروت، على اعتبار أنّ هؤلاء المسؤولين الذين تمّ ذكرهم في التحقيق هم “جزء من منظومة واحدة، وبالتالي إذا كان أحدهم على علم فالكلّ كان يعلم”. يضيف: “كان لديهم 40 دقيقة (منذ اندلاع الحريق في العنبر 12) ليتحرّكوا ويجلوا سكّان المنطقة المحيطة أو يؤمّنوا لهم ملاجئ، ولم يفعلوا شيئاً”.

وإذ يشير إلى أنّ الدول الأجنبية تتحدّث بالتقنيّات، يؤكّد بول أنّ منظوره لما حصل هو أنّه جريمة ضد الإنسانيّة ويجب التعامل معها على هذا الأساس. “هذه الجريمة ارتكبها أشخاص غير إنسانيين، لأنّهم كانوا يعلمون ما الذي سيحصل وفشلوا في التحرك لحماية الناس. يجب اتّهامهم كلّهم بخيانة بلدهم وخيانة الإنسانيّة”، يختم.

إقرأوا أيضاً:

“تحقيق دولي لإنهاء عهد من انتهاكات حقوق الإنسان”

كين/ كينيث روث، المدير التنفيذي لـ”هيومن رايتس ووتش” دعا الأمم المتحدة إلى “إنهاء عهد من انتهاكات حقوق الإنسان” عبر إطلاق تحقيق خاص للمساهمة في تحقيق العدالة، وإعداد آلية تحقيق تضمن عدم حدوث كارثة كهذه مجدّداً.

“لن تكون محاكمة جنائية، بل ستسعى إلى تبيان حقيقة ما حصل والظروف التي أوصلت السفينة روسوس الى بيروت وكيف وصلت كمّية كبيرة من هذه المواد الى المدينة وبقيت سنوات، ومن كان يستخدم الكمّيّات التي اختفت من المرفأ، وما الذي تسبّب بالانفجار، لتحديد المسؤول عن خسارة الأهالي”، قال روث.

وإذ أكد روث أنّ هذا الخيار ليس الوحيد المتاح، شدّد على ضرورة تدخّل المجتمع الدولي إذا ما فشل التحقيق المحلّي في التوصّل إلى نتيجة، مشيراً في هذا الإطار إلى أنّ المدّعين أو المحقّقين المحلّيّين لا يملكون السّعة أو المواد اللازمة لإتمام التحقيق بأنفسهم.

وفي حين بإمكان المسؤولين عن هذه الكارثة أن يتفادوا المحاسبة بموجب القانون اللبناني، فإنّ المحاكمة الدولية تضمن محاسبتهم ومحاكمتهم، “إذا لم تكن في الداخل اللبناني ففي الخارج، كما حصل مع مسؤولين سوريّين”، بحسب كلام روث الذي اعتبر أنّ لبنان لديه مؤهلات تحبطها الإدارة المحلّيّة وأنّ انفجار المرفأ “دليل على الحكم غير المسؤول وغير الخاضع للمساءلة”.

وفيما لم يستغرب أن يعاني اللبنانيون “بما أنّ المسؤولين مهتّمون بحسن حالهم عوضاً عن أحوال الناس”، قال: “حان الوقت لسماع أصوات اللبنانيين وحمايتهم من هذه الإدارة”.

منظّمة “هيومن رايتس ووتش” لم تحصل على لقطات من الأقمار الصّناعيّة لحظة وقوع الانفجار، وفي هذا الشّأن قال روث إنّه “من المستحيل تقريباً الحصول على صور من الأقمار الصناعية للحظة وقوع الانفجار، سنكون محظوظين جدّاً إذا تمكّنّا من ذلك. يمكننا الحصول على لقطات من اليوم السّابق ليوم الانفجار، أو اليوم الذي تلاه لكن ليس للحظة وقوع الحادثة”.

” المسؤولين سارعوا الى إزاحة اللّوم عن أنفسهم بإلقائه على غيرهم”

وردّاً على سؤال أحد الصّحافيّين عمّا إذا وجدت المنظّمة في تحقيقها دليلاً على أن كمّيّة النيترات التي اختفت تم هريبها إلى سوريا، قالت لمى فقيه، مديرة قسم الأزمات والنزاعات في “هيومن رايتس ووتش”: “ليست لدينا معطيات حاسمة تثبت أنّ هذه المواد كان يُفترَض أن تذهب إلى سوريا (…) كانت هناك تساؤلات حول ما إذا كان مقدّراً لهذه المواد أن تصل إلى الموزنبيق أو أن تبقى في بيروت، ومن هنا تكمن الحاجة الى إجراء تحقيق دولي مستقل”، مضيفة: “السؤال الذي يجب طرحه هو إذا كانت الكمّيّة التي انفجرت تزن 500 طنّ فقط فماذا حصل للكمّيّة المتبقّية؟”.

وختمت بالقول: “كلّ المسؤولين الذين قابلناهم تقريباً سارعوا الى إزاحة اللّوم عن أنفسهم بإلقائه على غيرهم”.

إقرأوا أيضاً: