fbpx

قصة زواج “توترز” من السلطة:
أفراد من عائلات رياض سلامة وعباس إبراهيم وآخرون

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

شركة “توترز”، جرى دعمها عبر خمس مصادر تمويل، بينها ثلاث شركات تعنى برأس المال الاستثماري، استفادت مباشرة من التعميم 331 ولأصحابها روابط عائلية وسياسية بين مؤسسيها ومصرف لبنان.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في حديث أجراه معه موقع Entrepreneur middle east، يقول مؤسس شركة Toters تميم خلفا، إن شركته تولي أهمية كبيرة لعملية اختيار الموظفين. السؤال الذي يجب ان تطرحه على نفسك قبل توظيف أي شخص، بحسب خلفا هو: “هل تمانع ان تكون عالقاً معه في مصعد لثلاث ساعات؟”. 

في الزلقا (شرقي بيروت) في أحد فروع “توترز”، حينما اعترض عاملو خدمة التوصيل التي تقوم الشركة على أكتافهم، على تدنّي البدلات المالية المخصصة لعمليات التوصيل التي يقومون بها بعد غلاء أسعار المحروقات وندرتها، لم ينتظر عناصر أمن الشركة ثلاث ساعات للتحرك. على الفور، قاموا بضرب العمّال في مشهد نقله فيديو انتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الإجتماعي قبل أيام. العمال بحسب شهادات بعضهم، يعانون من ظروف عمل سيئة، خصوصاً في المتن حيث يفتقرون إلى وجود محطة ثابتة للاستراحة ودخول الحمام، وينالون مبلغاً زهيداً على التوصيلة، بالليرة اللبنانية، خصوصاً مع انهيار العملة المحلية أمام الدولار. 

الشركة نفت في بيان أن تكون أسباب الإشكال مرتبطة بشكاوى مطلبية لدى العمال، مشيرة إلى أنّ “الإشكال بدأ بتلاسن بين عدد من عمال خدمة التوصيل وبعض موظفي الأمن ثم تطور إلى اشتباك بالأيدي”، مؤكّدة أنّ “الأسباب شخصية ولا تتعلق بأيّ مطالب حقوقية للموظفين”. 

لكن احد مؤسسي الشركة نائل حلواني قال لـ”درج” إن تجمع السائقين كان لهدف المطالبة بمحطة في المتن، بالإضافة إلى الأخذ بعين الإعتبار مسألة ارتفاع أسعار المحروقات. لكن الإشكال وقع، بحسب حلواني، لأسباب شخصية، ثم تطور إلى تضارب بالأيدي بين بعض الموظفين.

إقرأوا أيضاً:

السجل التجاري وما وراءه

الإشكال الذي وقع يفتح الباب للتدقيق في أصل وفصل هذه الشركة التي تضخّم عملها في السنوات الماضية، على شفير إفلاس البلاد وبعده، واستفادت بشكل كبير من أزمة كورونا لتوسيع أعمالها. 

تأخذ الشركة من المطاعم نسبة تترواح بين 20 و25 في المئة من قيمة الفاتورة، وهي نسبة مرتفعة جداً، وتدفع في المقابل بدلاً ثابتاً لعمال خدمة التوصيل عن كل توصيلة 4500 ليرة لبنانية، اذا كانت في نطاقه الجغرافي، وأما إذا كانت التوصيلة إلى خارج نطاقه الجغرافي تزيد التعرفة 1500 ليرة لتصبح 6000 ليرة لبنانية، أي ما يقارب ثلاثين سنتاً (بالدولار الأميركي) بحسب سعر صرف السوق السوداء. 

حلواني يقول إن الرسم يزيد إلى ما حدود 8000 ليرة بعد نيل السائقين مكافآة مالية (bonus) مع نهاية كل شهر. ويقول حلواني إن هذا المبلغ هو من الأعلى الذي يُعطى لسائقي خدمة التوصيل في هذا القطاع في لبنان.

تأسست “توترز”  في بداية العام 2017 بحسب سجل الشركة التجاري. اسمها التجاري انتغرايتد بلايس ش.م.ل، وهي مملوكة من ثلاثة مساهمين رئيسيين هم، تميم الخلفا(المؤسس)، أدونيس سعادة الشامي(شريك)، ونائل مروان حلواني(مؤسس). نوع النشاط يتضمن “إنشاء سوق للتجارة الالكترونية لجمع المنتجات التجارية المحلية وخلق وتملك اسطول توزيع لخدمات التوصيل”. 

لكن التدقيق في هوية مالكي الشركة سيقود الى تفاصيل أخرى.

الرقم السرّي: 331

نهار الخميس في 19 كانون الأول/ديسمبر 2013 نظّم مصرف لبنان ورشة عمل تحت عنوان: “رسملة الشركات الناشئة في إقتصاد المعرفة”، برعاية حاكم المصرف رياض سلامة، بمناسبة صدور التعميم رقم 331 المتعلق بالشركات الناشئة (startups)، والذي ينص على ضخ 400 مليون دولار معفاة من الفائدة لفترة 7 سنين تستعملها المصارف لشراء سندات خزينة تدرّ عليها 7٪ فائدة سنوية، على أن تستثمر قيمة مماثلة في الشركات الناشئة في اقتصاد المعرفة أو الشركات الداعمة لها. 

هذا التعميم كان يفترض أن يؤمن تمويلاً لشركات ناشئة وأفكار مبدعة للشباب، تؤمن فرص عمل في لبنان. لكن يبدو أن هذا التعميم انتهى، بدل دعم شركات ناشئة، إلى توزيعه على شركات مالية استثمارية محسوبة على أطراف في السلطة، كما سيتبين معنا.

في كلمته أثناء انعقاد ورشة العمل تلك، قال سلامة إن المطلوب هو “أن تكون هذه الشركات لبنانية وتعمل في لبنان لأن هدفنا تعزيز وضعنا الاقتصادي وخلق فرص عمل”. 

“توترز” شركة لبنانية، لكن عملها الأساسي، الذي يدرّ عليها الأرباح، هو في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، فيما يقول حلواني، أحد مؤسسي الشركة، إن “الشركة تخسر في لبنان، ولا تحقق أرباحاً”، وهذا سبب “اضطرراها” إلى العمل في الخارج، مع ما يعنيه ذلك من خطب ود السلطة في كردستان العراق لنيل فرصة الاستثمار على غرار ما يحدث في لبنان. لكن هل من علاقة بين “توترز” والتعميم 331؟ 

في تقرير أعدّه البنك الدولي عام 2016 عن “النظام البيئي للشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا”، أقرّ رواد الأعمال الذين قابلهم معدّو التقرير بأن التعميم الرقم 331 قد يكون أفاد مؤسسات مالية أكثر من الشركات الناشئة. 

في حالة “توترز”، جرى دعمها عبر خمس مصادر تمويل، بينها ثلاث شركات تعنى برأس المال الاستثماري، استفادت مباشرة من التعميم 331 ولأصحابها روابط عائلية وسياسية بين مؤسسيها ومصرف لبنان.

في مصعد واحد

الشركة الأولى هي Middle East Venture Partners واختصارها MEVP وقد تأسست في العام 2010، ومؤسسها هو وليد حنا، نجل سمير حنا رئيس مجلس إدارة بنك عودة، علماً أن بنك عودة تربطه بحاكم مصرف لبنان وبابنه علاقات وشراكات جرى توثيقها بأكثر من تحقيق استقصائي. 

والثانية هي Phoenician Fund وتأسست في العام 2015، وهي ايضاً شركة رأس مال استثماري، من بين مؤسسيها جاد سلامة، ابن شقيق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومحمد إبراهيم، نجل مدير عام الأمن العام عباس ابراهيم. 

والشركة الثالثة BY Venture Partners يمتلكها الأخوان عبدالله وغيث اليافي، وهما شقيقا الصهر الشهير لنائب حزب الله السابق نوار الساحلي الذي ضجّت وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي بعرسه مؤخراً. 

استثمرت هذه الشركات، ومعهما شركة رابعة، وبرنامج “كفالات” المدعوم من الدولة اللبنانية والبنك الدولي، حوالي خمسة ملايين دولار في شركة “توترز”، حصلت على 550 ألف دولار في بداية عام 2018، ثم حصلت على مبلغ 4450000 دولار في الشهر الأخير من العام 2018. 

هكذا يتبين أن الشركات المرتبطة بالسلطة استفادت بشكل مباشر من التعميم 331 للاستثمار في الـ400 مليون دولار التي كانت مخصصة لتشجيع الاستثمارات الناشئة، حولها رياض سلامة إلى نوع من “family business”، خصوصاً أن السلطة، بتناقضاتها كافة، تتصرف كعائلة واحدة في إدارة الأعمال والأموال، وتضع جانباً كل الخلافات السياسية العلنية التي تُلهي بها الناس، في وقت تزاوج بين استثماراتها تحت الطاولة. 

حلواني لا ينفي العلاقة التمويلية بين “توترز” والشركات الثلاث. ويقول في رده على تساؤلات “درج”، إن “توترز” لجأت إلى هذه الشركات لأنها عانت من مشاكل مالية في انطلاقتها واحتاجت إلى التمويل، وكان التعميم 331 هو ملاذها، كما معظم الشركات الناشئة. ولجأت إلى هذه الشركات، لأنها بحسب حلواني ذات سمعة عالمية. 

ولدى سؤاله عن نسبة الأرباح التي تتلقاها هذه الشركات من “توترز”، أعاد حلواني التأكيد أن شركته تخسر في لبنان. وهذا يعيدنا إلى أصل المشكلة في التعميم 331 الذي حذر خبراء اقتصاديون من انه يغطي مالياً شركات توقعوا أن معظمها سيفشل حتماً وفق معطيات السوق. وقد أخذ مصرف لبنان على عاتقه تحمّل خسارات هذه الاستثمارات العالية التي تستفيد منها شركات استثمارية ومصارف من قلب المنظومة الحاكمة، ودائماً من جيوب اللبنانيين. 

بعد كل هذه المعطيات لك أن تتخيّل عامل خدمة توصيل في “توترز”، عالقاً في مصعد واحد لثلاث ساعات مع ابن اخ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ابن مدير عام الأمن العام عباس إبراهيم، وابن رئيس مجلس ادارة بنك عودة سمير حنا. وعلى غرار أغنية “همّ مين واحنا مين” للشيخ إمام من كلمات أحمد فؤاد نجم مع قليل من التصرّف، “حزّر فزّر شغّل مخّك شوف مين فيهم حياكل مين”.

إقرأوا أيضاً: