fbpx

جيران العتمة: منازل الرؤساء اللبنانيين مضاءة ولكن بخفر!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا بأس بجولة في شوارع المدينة لتقصي من يواصل إنارة منزله من المسؤولين. لكن معرفة ذلك لا تحتاج إلى جولة في الشوارع.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 لم يعد أمامنا في بيروت سوى أن نحصي المصابيح التي تضيء منازل أهل الطبقة السياسية. فالمدينة مُطفأة، وأهلها يمضون أوقاتهم في الليل على شرفات منازلهم التي تتصدر الغرف الكئيبة خفيضة الإضاءة، ووحدهم الرؤساء ينعمون بما تبقى من كهرباء. هذه ليست معادلة “شعبوية” تحريضية، انما هي واقع لا يمكن أن يتفادى التفكير به من طردته الكهرباء لكي يمضي ليلته على الشرفة. لا بأس بجولة في شوارع المدينة لتقصي من يواصل إنارة منزله من المسؤولين. لكن معرفة ذلك لا تحتاج إلى جولة في الشوارع. فهل لدى أحد منا شك بأن في منزل سعد الحريري في وادي أبو جميل كهرباء؟ وليد جنبلاط يحاول أن لا يخدش مشاعر جيرانه، فقرر أن يُطفىء المصابيح في محيط دارته، على ما قالت زميلة مرت بالقرب من منزله ليلاً، لكن ذلك لا يعني أبداً أن الرجل لا ينعم بالكهرباء داخل منزله. كهرباء مع قدر من الخفر ومحاولة للحفاظ على ما يعتقد أنه ماء وجهه حيال جيرانه الذين توقفت مولدات الكهرباء في مبانيهم في ذلك المساء! اذاً هو يعرف حجم الموبقة وهو خجل من فعلته، ويحاول مواراتها، وإلا لما كان خفض الإنارة في محيط منزله!

أما قصر عين التينة، حيث يقيم رئيس مجلس النواب نبيه بري، فقد اضطر حراسه إلى إضاءة المصابيح الكاشفة في محيطه، شاهرين النعمة التي يعيشها الرئيس، وذلك خوفاً من تسلل أهل ضحايا انفجار المرفأ، فهؤلاء بلغوا من الوقاحة حداً جعلهم يطالبون بالكشف عن قاتل أولادهم. رئيس المجلس ينعم بدوره بالكهرباء، وكان يرغب بمداراة هذه النعمة عن المحرومين منها، إلا أن أهل الضحايا حرموه من ممارسة هذه الرغبة.

مبنى بلاتينوم المقابل لمنطقة الـ”زيتونة بيه”، حيث يقيم رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي مُضاء بقوة إنارة هائلة، بحيث يظهر وسط العتمة التي تشهدها بيروت وكأنه جسم كهربائي يشتغل بطاقة آتية من خارج الكوكب. إنه المبنى نفسه الذي اشترى ابن ميقاتي شقة فيه عبر قرض معفى من الفوائد من مصرف لبنان. لكن القرض لم يشمل الإضاءة، فهذه يدفعها السكان المساكين من مدخراتهم الـ”fresh” في المصارف السويسرية التي انتقلت إليها ودائعهم بعدما أطبق رياض سلامة على ودائع المواطنين من غير سكان مبنى بلاتينوم.

الزميل ايلي الحاج تساءل في تغريدة عن سبب بقاء فيلا النائب جبران باسيل في منطقة اللقلوق مضاءة على رغم أن أهلها لا يقيمون بها في هذه الأيام! الأرجح أن باسيل أقل فطنة من وليد جنبلاط، وهو لا يستعين على موبقاته بالكتمان. أما عمه، رئيس الجمهورية ميشال عون فمن غير المنطقي أن نتساءل ما إذا كانت الكهرباء تغذي قصره في بعبدا! ففي ذلك “ضيق عين” ووقاحة، فهل يعقل أن تنقطع الكهرباء عن قصر رئاسي؟ هل حصل ذلك في أي دولة في العالم. هذا جزء من حوار داخلي يخوضه المرء مع نفسه في ليلة مظلمة وحارة من ليالي بيروت. علينا أن نتذكر دائماً أن الرؤساء يجب أن ينعموا بالكهرباء.

لكن أهالي بيروت يمضون لياليهم هذه الأيام في عرض سيناريوات غريبة عجيبة عن الكهرباء. زميلة قالت لنا إن منزلها القريب من منزل رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ينعم بالكهرباء حين يأوي دياب إليه، ويُحرم منها حين يغادر الرئيس، وما أكثر ما يغادر دياب منزله. في بيروت الغربية لدينا ثلاث بقع ضوء لرؤساء الحكومة (المكلف بالتأليف والمكلف بتصريف الأعمال والرئيس السابق) إضافة إلى بقعة ضوء في عين التينة لبري، وضوء خافت وخفر لجنبلاط في كليمنصو، وأضواء أخرى متفرقة بينها شعلة ضوء مبنى البلاتينوم.

أما زعماء الطائفة المسيحية الكريمة، فمعظمهم لا يقيمون في بيروت، ولهذا كان من الصعب علينا أن نحصي مصابيحهم الكهربائية!

لكن العتمة تستدرج الهذيان، ولا بأس أن نسأل أنفسنا الهاذية: لماذا لا يقيم زعماء الطائفة المسيحية في بيروت؟ لماذا لا ينعمون على المواطنين من أبناء طائفتهم في العاصمة ببقعة ضوءٍ تغبطهم في هذه العتمة الحالكة؟   

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!