fbpx

طلاب لبنان يواجهون المجهول: هل يطيح الانهيار الاقتصادي بالعام الدراسي؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بلا كهرباء وبلا انترنت وبلا وقود، كيف يمكن للعام الدراسي الذي بات على الأبواب أن ينطلق وأي أثمان سيدفعها طلاب لبنان جراء الانهيار الحاصل؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أصاب الانهيار الاقتصادي معطوفاً على حال المراوحة السياسية التي يعاني منهما لبنان القطاع التربوي على غرار ما أصابتا باقي القطاعات الحيوية. وعلى الرغم من تطمينات وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب، من أن ” العام الدراسي المقبل سيكون حضورياً، على أن يبدأ التدريس في المدارس الرسمية في 27 أيلول/سبتمبر ويترك الخيار للمدارس الخاصة لتحديد تاريخ العودة بين أيلول وبداية تشرين الأول”، إلا أن مستقبل الطلاب بات على المحكّ، مع احتمالات ضياع العام الدراسي المقبل في ظل سلطة مستهترة لا تقيم وزناً لحياة اللبنانيين وحاجياتهم الرئيسية، وهو ما يثير قلق معظم طلاب المدارس والجامعات على مستقبلهم التعليمي والمهني.

عمر البساط (20 سنة) طالب في الجامعة اللبنانية الأمريكية لكن مع استمرار الضغوط المعيشية لم يجد بداً من خيار ليس بالضرورة متوافراً: “ما في كهربا ندرس عن بعد، ما في بنزين نروح على الجامعة​، ما في مازوت لتقدر الجامعة تأمن خدمات​، وما في مصاري ناخد سكن​، يحتاج الطالب إلى 400$ في الشهر على سعر الصرف في السوق السوداء ليستأجر سريراً، معقول؟”.

جامعة عمر الخاصة، التي كانت تعتبر واحدة من أكثر الجامعات تكلفة على الطلاب، استأنفت التدريس حضورياً في حرمها بعد أن أكملت تلقيح جميع طلابها وكادرها التعليمي والإداري. كذلك فعلت العديد من الجامعات الخاصة، مثل: الجامعة الأمريكية في بيروت والجامعة اليسوعية.

وبالتوازي، أعلنت معظم الجامعات الخاصة رفع أقساطها، مبررةّ قرارها بـ”انهيار العملة الوطنية مقابل الدولار”، وهو قرار اتخذته جامعة عمر (رفع أقساطها إلى سعر صرف 3900 مقابل الدولار) من دون “مشاورة المجالس الطلابية، في مخالفة ليس فقط للقانون بل لمبادئ الجامعة”، وفق ما يؤكد. 

في ظلّ أزمة اقتصادية خانقة كهذه، يعمد الأهل والطلاب عادة إلى اللجوء للتعليم الرسمي، لكن إدارة الجامعة اللبنانية أعلنت عدم افتتاح عام دراسي جديد وإيقاف الدروس، ما يعني تعليق مستقبل ما يقارب 90 ألف طالب للعام الدراسي 2021-2022، وهو عدد ارتفع من 81 ألف طالب في العام 2019، بعد أن بدأت الجامعات الخاصة رفع أقساطها.

وفي موقف مؤيد لاعتراض طلاب الجامعة على قرار إدارتهم، عبّرت الأستاذة في الجامعة اللبنانية الأمريكية، مايا مجذوب، عن رفضها لهذا القرار :”وقفنا وتظاهرنا ضده​، فطبعاً الزيادة البسيطة على أجور الأساتذة لا توازي زيادة أقساط الطلاب”. وتعتبر مجذوب أن هذه الزيادة “كانت قليلة جداً قياساً بالانهيار الاقتصادي الحاصل، وفقدان الليرة اللبنانية لأكثر من 90% من قيمتها، خصوصاً أن الأجور بقيت بالليرة اللبنانية”.

مجذوب تؤكد على أهمية تفهّم التحديات النفسية التي يواجهها الطلاب، خصوصاً “في ظلّ ما نعيشه من أزمات”، مشيرةً إلى أنه “من غير الأخلاقي تركهم لليأس​، واجبنا انتشالهم ودعمهم بشتى الطرق، وتسهيل الأمور عليهم تعليمياً، لا تعقيدها وزيادة همومهم”.

وفي ظلّ أزمة اقتصادية خانقة كهذه، يعمد الأهل والطلاب عادة إلى اللجوء للتعليم الرسمي، لكن إدارة الجامعة اللبنانية أعلنت عدم افتتاح عام دراسي جديد وإيقاف الدروس، ما يعني تعليق مستقبل ما يقارب 90 ألف طالب للعام الدراسي 2021-2022، وهو عدد ارتفع من 81 ألف طالب في العام 2019، بعد أن بدأت الجامعات الخاصة رفع أقساطها.

تروّي مريم معاناتها مع الجامعة اللبنانية التي كانت من المفترض أن تتخرج منها هذا العام: “كل فترة عم أتنازل عن جزء من أحلامي وطموحاتي، خطة حياتي كل يوم بتتغير، نحن حالياً في المجهول، ما بعرف إذا فيني إتخرج، وما فيني سجّل بجامعة خاصة ولا سافر، ما فيني إلا اتعايش مع الواقع”.

بالنسبة إلى المدارس، لم يصدر بعد أي قرار حول خطتها للعام المقبل، إلاً أن الروابط التعليمية كانت قد هددت بإلغاء العام الدراسي الجديد، إن لم تُلبِّ الدولة مطالبها. 

إقرأوا أيضاً:

وكانت المدارس، خلال العام المنصرم، قد اعتمدت نظاماً مدمجاً بين التعليم عن بعد والحضوري، بسبب جائحة “كورونا”. وهي خطة بات الاستمرار بها شبه مستحيل، بسبب شٌح مادتي البنزين والمازوت، وبالتالي غياب الكهرباء والانترنت، وغلاء المعيشة. كما أن التلاميذ في الصفوف الابتدائية والمتوسطة خصوصاً يعانون من مشاكل كبيرة على مستوى التلقّي: “ابني أنهى صف الأول والثاني أونلاين وهلق بلّش بالثالث، وما فاهم شي، الأونلاين وكمان الحضور مش حل بهيك أزمة، يلغوا العام الدراسي ويروح سنة من مستقبلن هيك، ما بصير، عم إدفع نص معاشي لحطو بمدرسة خاصة يقدر يتأسس صح، بس شكلو ابني رح ينظلم بسبب هيك بلد كل شي في فاسد”، تقول أم طارق بعد عامين تقريباً من اعتماد سياسة التعليم المدمج.

وحول المتوقع في القادم من الأيام، يرجّح نقيب الأساتذة في المدارس الخاصة ردولف عبود، اعتماد خيار التعليم عن بعد للعام الدراسي 2021-2022، مشيراً إلى أن “الصعوبات الاقتصادية تجعل من كلفة التعليم أكبر من قيمة الرواتب والتنقل للوصول إلى المدرسة”.

وفي تقريره حول التعليم في لبنان، اعتبر البنك الدولي أن تدفق اللاجئين السوريين، الأزمة الاقتصادية والمالية، جائحة فيروس “كورونا”، وانفجار مرفأ بيروت شكّلوا “ضغطاً على نظام تربوي متعثّر أصلاً”. وقد قدرت خسائر القطاع التعليمي بعد انفجار مرفأ بيروت في آب/اغسطس من العام 2020 بأكثر من 100 مليون دولار، إذ تضرر ما يزيد عن 241 منشأة تعليمية في بيروت وجبل لبنان.

وتوقع التقرير أن تزداد عمليات انتقال الطلاب من المدارس الخاصة إلى الرسمية بعد أن رفعت بعض المدارس الخاصة أقساطها، من دون استشارة لجان الأهل. وفي هذا الصدد، يشير مؤسس “مرصد الأزمة”، ناصر ياسين، إلى أن معظم المدارس الرسمية موزعة في “المحافظات الطرفية”، أي أن بيروت وجبل لبنان فيهما مدارس رسمية أقل من مناطق الأطراف. 

وبحسب الباحث في “الدولية للمعلومات”، محمد شمس الدين، يبلغ عدد المدارس الرسمية في لبنان 1235 مدرسة، تضم نحو 342304 طالباً. في حين يبلغ عدد المدارس الخاصة 1209 مدارس، لكنها تحتوي نحو 558068 طالباً.

بيد أن المدارس الرسمية تبدو عاجزة عن استيعاب حركة نزوح الطلاب من المدارس الخاصة، إذ إنها تعاني منذ عقود من تدني قيمة رواتب أساتذتها، بالإضافة إلى مشاكل أخرى. يقدّر نقيب الاساتذة في المدارس الخاصة عدد الأساتذة الذين هاجروا بنحو 15%، بعد تلقيهم “عروضاً مغرية للعمل في الدول الأجنبية والعربية”.

هل يتحقق اعلان وزير التربية ببدء العام الدراسي وسط كل هذه الصعوبات؟ أمر يبدو صعباً مع إعلان قطاعات تربوية مثل أساتذة التعليم الثانوي رفضهم للقرار. وهذا نموذج صغير من حجم التحديات أمام العام الدراسي المقبل.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.