fbpx

عازبات المغرب وأرامله ينتفضن لكي يرثن الأرض

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بدأت نساء السلاليات الاحتجاج منذ عشر سنوات، ومنذ ذلك الحين، استطعن إنشاء منظمة شعبية قوية، لا تناضل من أجل الأراضي القبلية وحسب، بل من أجل المطالبة بالمساواة في حقوق التملك، في بلد ترث فيه النساء أقل من الرجال بحكم القانون.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

طوال حياتها، امتلأت أيام سعيدة سوقات بأعمال الحقل الروتينية، التي تنطوي على العمل في المزرعة، ورعاية الماشية. إلا أنها وجدت نفسها تقوم بشيء مختلف تماماً، إذ كانت تتحدث أمام مجموعة من النساء خلال وقفتهن الاحتجاجية الأسبوعية للمطالبة بوقف خصخصة الدولة مناطق التجمّعات القبلية التقليدية، والمعروفة باسم الأراضي السلالية في المغرب.

كانت تهتف في مكبر الصوت قائلةً، “قدم في الأعلى وقدم في الأسفل. من أجل أرضي سيراق دمي”.

بدأت نساء السلاليات الاحتجاج منذ عشر سنوات، ومنذ ذلك الحين، استطعن إنشاء منظمة شعبية قوية، لا تناضل من أجل الأراضي القبلية وحسب، بل من أجل المطالبة بالمساواة في حقوق التملك، في بلد ترث فيه النساء أقل من الرجال بحكم القانون.

تقول زكية سليمي، الأستاذة المساعدة في جامعة روتغيرز، والتي درست تلك الحركة بشكل متعمّق: “تُعدّ تلك أول حركة تناهض نظام السلطة الأبوي المتأصل في المجتمع”. وتضيف: “إنهن يقلن لا، لا يمكنك منح الأرض للرجال، كما يطالبن بذلك أيضاً في مسألة خصخصة الأراضي، نريد أن نمتلك حصتنا العادلة”.

يحدث كل ذلك في مواجهة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية خلف الستار في المغرب، والذي يظهر بشكل جلي في الحركة النسائية.

بعد أن تولى الملك محمد السادس عرش المغرب خلفاً لوالده عام 1999، كان من بين أهم إنجازاته تعزيز حقوق المرأة، حينما كان المغرب يسعى إلى القيام بدور القائد الإقليمي. وعام 2004، حمل قانون الأسرة الجديد مزيداً من الحقوق للمرأة في ما يتعلق بمسائل الزواج والطلاق، رافعاً الحد الأدنى لسن الزواج، ومقيّداً لتعدّد الزوجات.

وعام 2011، في أعقاب الثورتين التونسية والمصرية، وضعت البلاد دستوراً جديداً يؤسّس للمساواة بين الجنسين. وعلى رغم ذلك، يقول المدافعون عن حقوق المرأة، إن النساء غائبات بشكل كبير عن سوق العمل، وفي المسائل القانونية، غالباً ما تكون النساء في وضع شديد الهشاشة أمام الرجال.

وفي ظل سعي المغرب نحو تحرير اقتصاده منذ تسعينات القرن الماضي، من خلال بيع الأصول الحكومية، وتقليل العوائق أمام المستثمرين الأجانب، ازدادت حدة التهديدات للأراضي العامة عام 2004، عندما وقّع المغرب اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، الاتفاقية التي زادت من قوة الحافز نحو خصخصة الأراضي التقليدية. وتنميتها.

صرّحت وزارة الداخلية المغربية، إن قرابة 35٪ من أراضي المغرب حُصرت باعتبارها أراضي سلالية. فعام 1919، عندما كان المغرب لا يزال مستعمرة فرنسية، انتقلت مهمة إدارة الأراضي إلى الوزارة من السلطات القبلية، تنفيذاً لمخطط التشجيع على وقف الهجرة من المناطق الريفية إلى المدن.

بموجب هذا النظام، وبما أن الناس لم يتملكوا هذه الأراضي، فقد مُنحوا حق العمل في قطع أرض محددة، ومن ثم يحصلون على حصّتهم من الحصاد. وتجدر الإشارة إلى أن الحصص في الأراضي العامة يمكن أن تنتقل من الآباء إلى الأبناء فقط إذا تجاوزت أعمارهم 16 سنة.

ووفقاً للقانون القبلي، فإن النساء العازبات، والأرامل، والمُطلّقات، واللواتي لم يكن لهن ولد، لا يرثن الأرض، أي تقوم الدولة بمصادرة الأرض من دون دفع أي تعويض. على مدار سنوات طوال، أجبرت آلاف النساء -لا يمكن أحد معرفة عددهن على وجه الدقة- على هجر منازلهن والانتقال للعيش في الأحياء الفقيرة في المدن والبلدات المجاورة.

بدأت تلك الحركة الوطنية عام 2007، عندما طالبت نساء من بلدة القنيطرة، بالقرب من العاصمة، الرباط، بالمساواة في حقهن بتملك الأراضي.

ساعدت سعيدة الإدريسي، رئيسة مكتب الرباط في الجمعية المغربية لحقوق المرأة، هؤلاء النسوة في تنظيم أنفسهن، وأكسبتهن المعرفة اللازمة بالقانون الدستوري، وقادتهن إلى مفاوضات مع وزارة الداخلية.

تقول الإدريسي: “معظم هؤلاء النساء أمّيات من المناطق الريفية، ممّن يخفن التحدّث، لذا، طبّقنا استراتيجية خاصة على هذه الفئة من النساء”.

بعد فترة وجيزة، بدأت النساء اللواتي يعشن في هذه المنطقة بتنظيم أنفسهن، وعام 2009، احتشدت 500 امرأة تقريباً من جميع أنحاء البلاد أمام البرلمان في مظاهرة طالبن فيها بحق المساواة في التملك، والتعويض إذا ما صودرت الأراضي. ومنذ ذلك الحين، انضم إلى الحركة مئات أخريات.

وفي ردها على ذلك، أصدرت وزارة الداخلية منشورات عدة تنص على ضرورة استفادة النساء من بيع الأراضي العامة، وضرورة اشتراكها في عملية التفاوض. غير أن هذه المنشورات لا تُعد ملزمة، وبإمكان المفوّضين الذين تختارهم القبيلة كممثلين للسكان أن يتجاهلوهم.

تمكن رؤية هذا التهديد الوشيك من أعلى التل، خلف منزل الآنسة سوقات مباشرةً، وهو مشروع مترامي الأطراف من الشقق حول ملعب غولف، بنته شركة “الضحى” العملاقة للتطوير العقاري. وقالت سوقات إن أحد المفوّضين باع الأرض عام 2007 من دون الرجوع إلى سكان قريتهم أو استشارتهم.

تقول سوقات البالغة من العمر 27 سنة، وهي أم لطفلين، إذ إنها تركت الدراسة في سن مبكرة وتزوجت في السادسة عشرة: “نحن لسنا ضد المشاريع التنموية، لكننا نطالب باحترام حقوقنا”.

في بادئ الأمر، كانت المظاهرات يقودها رجال، وسرعان ما شاركت النساء. توضح سوقات: “في تقاليدنا، من المخجل أن تغادر المرأة منزلها”. وتضيف: “لكن رجالنا قد اعتُقلوا، ومن ثم، تولّت النساء زمام الأمور. وتركنا أطفالنا خلفنا”.

تقول سعاد الدوادة، الأستاذة في جامعة القنيطرة، والمتخصصة في الدراسات الجنسانية: “تقف النساء في جميع أنحاء البلاد في مقدمة الصفوف، لأنهن أقل عرضةً للسجن والاعتداءات الوحشية من الشرطة. لقد أحرزن نجاحاً باهراً في معركتهن. لقد اُضطررن إلى مغادرة بيوتهن، ونلن الدعم من الرجال”.

وعلى رغم تحقيق هؤلاء النسوة بعض المكاسب، إلا أن المعركة أبعد ما تكون من الحسم، إذ إنهن لا يزلن غير قادرات على تمرير حصصهن لأطفالهن.

تقول الإدريسي: “نطالب في الوقت الراهن بسن قانون يضمن هذه الحقوق. فهذه المنشورات هشة للغاية حتى الآن”، مؤكدة أنه “لا بد أن تصبح النساء طرفاً مستقلاً تماماً في إدارة الأراضي المشتركة”.

لم تستجب شركة “الضحى” للتطوير العقاري، ولا وزارة الداخلية لطلبات التعليق على هذا الأمر.

في كانون الأول/ ديسمبر من عام 2015، أصدر الملك رسالة تدعو إلى تغيير الوضع القانوني للأراضي العامة، ووضع حد للممارسات الحالية.

وقد جاء في رسالة الملك، “لا بد من إصلاح وضع الأراضي السلالية حتى يتمكنوا من المشاركة في جهود التنمية، من خلال دمج المستفيدين في هذه الحركة الوطنية ضمن إطار مبادئ القانون والعدالة الاجتماعية”

لم يتخذ نواب الشعب في المغرب، وهو نظام ملكي دستوري، أي إجراء بناءً على هذا الطلب حتى الآن.

بناءً على ذلك، تتعالى أصوات الاحتجاجات مرتين كل أسبوع، إذ تستقل إحدى قريبات سوقات سيارة أجرة لتنضم إلى الاحتجاجات. وتدعى قريبتها فاطمة سوقات، وهي ليست على يقين كم تبلغ من العمر بالضبط، لكنها تعتقد أنها في الـ93 من عمرها.

فقد ولدت عندما كان المغرب تحكمه فرنسا، واحتفلت عندما نالت البلاد استقلالها عام 1956، وهتفت عندما نالت المرأة حقوقها الأساسية بموجب قانون الأسرة الجديد عام 2004.

وعندما امتلأت الشوارع بالمتظاهرين المنادين بالديموقراطية عام 2011، شاركتهم احتجاجاتهم. وها هي اليوم لا تزال تناضل من أجل الحق في تملك الأرض التي ولدت عليها، وربّت فيها 8 أطفال.

قالت فاطمة سوقات في إحدى التظاهرات الأخيرة: “أطالب بحقي في أرض أجدادي”. وأضافت، “لقد تعرضنا للضرب. إننا مُضطهدات”.

أشارت سعيدة سوقات إلى أنها واجهت تهديدات وترهيب بسبب دورها في الحركة. ففي شهر شباط/ فبراير الماضي، تعرضت للضرب المبرح على يد رجل عندما كانت تسير وحدها في الطريق. إلا أن أكثر ما يقلقها وفق قولها، أن تُجبر هي وعائلتها على إخلاء الأرض، ويُطردوا من منزلهم.

قالت سوقات وهي جالسة في غرفة الجلوس، وبينما ترتشف رشفة شاي بالنعناع، تحت صورة آخر ثلاثة ملوك للمغرب: “أنا خائفة على أطفالي، وليس على نفسي”. وأردفت: “الشيء الوحيد الذي يسبّب لي الرعب، أن يأتي قرار المحكمة بإخلاء الأرض. لا أستطيع النوم ليلاً بسبب قلقي حيال هذا الأمر”.

الموضوع مترجم عن موقع nytimes ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي