fbpx

الانهيار يقوض استقلالية نساء لبنان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

 قد تعيد الحرب الاقتصادية النساء إلى قوقعتهنّ رغماً عنهنّ، حيث هيمنة النظام الذكوري والأبويّ، وفي حال حدوث ذلك قد يغدو رفع الصوت في ما يخص قضايا النساء مجرّد حبر على ورق.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أمس هاتفتني مالكة السكن حيث أقطن وهددت بإقفاله إذا لم نستطع دفع المبلغ الإضافي الذي فرضه صاحب المولد. إنه المنزل السابع الذي انتقلت إليه خلال العام. لم أكن أعلم أن كل ما بنيته هذا العام ستحطمه بضع ليرات إضافية لم تعد تساوي شيئاً إذا ما قارناها بالدولار. مذ تركت بيتنا في الضيعة وحاربت العائلة لآتي إلى بيروت، كان حلمي الوحيد أن أستقلّ في منزل يشبهني. اليوم  بعد عام، ارتفع إيجار المنزل من 300 ألف ليرة إلى مليون ونصف المليون ليرة، وارتفع سعر الخضار، وأصبح سعر قارورة المياه خمسة آلاف ليرة، وتحولت حياتنا إلى صراع من أجل البقاء، وها هو حلمي في أن أعيش حياةً مستقلةً يتحطم فوق رأسي. 

لم تعد أزمةً، إنها حرب ضروس يخوضها النظام ضدنا نحن النساء بشكل خاص. هنا في لبنان نعيش أتعس أيام حياتنا، هذا ليس بكاء على الأطلال، لم يكن لنا في هذه البلاد يومٌ نفرح فيه، على الأقل في السنوات الأربع وعشرين الأخيرة. إذ يعمل النظام على إعادتنا إلى العصر الحجري ويستمتع وهو ينهشنا بأنيابه. نقف نحن النساء على الضفة الأخرى نناضل من أجل حريتنا حتى لا تتهدد حياتنا تحت سلطة النظام الذكوري. نناضل منذ اللحظة الأولى حتى نكتسب استقلاليتنا ونادراً ما لا يكون الثمن باهظاً. اليوم هذه الاستقلالية التي دفعنا لأجلها الكثير يهددنا النظام بانتزاعها عبر محاصرتنا للعودة إلى نقطة الصفر أو الاستسلام. إنه ليس ثمن حبة بندورة بل ثمن عيشنا أحراراً.

“ظروفي المادية ألزمتني إني إرجع على البيت بعد ما جربت طعم الحرية”

 تشهد بيروت اليوم، مغادرة نساء إلى بيوت عائلاتهن بسبب عجزهن عن تأمين معيشتهنّ بسبب الغلاء الفاحش، ما يهدد حريتهن، فالاكتفاء المادي عنصر أساسي في حصول النساء على الاستقلالية. تقول نوال السعداوي إنه على مستوى الدول، الاستقلال الاقتصادي يعني أنها قادرة على امتلاك القرار فما بالك على مستوى المرأة؟ سلاح المرأة الأول استقلاليتها المهددة اليوم والتي ستخسرها كثيرات في ظل الحرب الاقتصادية. ولأن الاستقلالية هي أول الطريق نحو الحرية، فلخسارتها عواقب وخيمة.

تقول رويدا إحدى عضوات مجموعة “مساحة حب ودعم للنساء”، إن الأزمة الاقتصادية تؤثر في مستوى الزواج والطلاق، إذ يمكن إجبار كثيرات على الزواج ومنهن قاصرات، لأن الأهل لم يعودوا  قادرين على تحمل أعباء معيشتهن، وفي حالات أخرى قد يصبح صعباً على النساء الانفصال أو الحصول على الحضانة في حال لم يمتلكن القدرة المادية.

“ظروفي المادية ألزمتني إني إرجع على البيت بعد ما جربت طعم الحرية”، تقول صديقتي رنا (26 سنة) بعدما عادت قسراً إلى منزل ذويها بسبب تعذر تغطية تكاليف العيش وحدها. قبل أشهر هربت رنا من منزلها بعدما خلعت حجابها خوفاً من تهديد عائلتها لها. بفضل عملها المستقل كانت قادرة على استئجار منزل والعيش فيه وحدها لمدة شهر لكن الحلم لم يدم طويلاً، فالوضع الاقتصادي في البلاد وارتفاع الإيجارات أعادا رنا إلى منزل عائلتها. “الحرية حلوة كنت حرة بأفكاري بتصرفاتي بكل شي، رح أعمل جهدي إني استعيد هيدي الحياة إذا إجا يوم وتحسن وضع البلد بس اليوم مضطرة إخضع للواقع”. وللخسارة آثار أخرى نفسية تقع على عاتق صاحبتها، ما قد يؤدي إلى الاكتئاب الذي ما عاد غريباً في هذه البلاد. تقول كريستيان وهي أيضاً عضوة في “مساحة حب ودعم للنساء” على “فايسبوك”، “قبل الأزمة  كنت عم فتش على شقة لإستقل ما لقيت، هلق صرت بفضل قضي نهاري كله بالشغل، بفضل تعب الشغل على تعب النفسية”. 

 قد تعيد الحرب الاقتصادية النساء إلى قوقعتهنّ رغماً عنهنّ، حيث هيمنة النظام الذكوري والأبويّ، وفي حال حدوث ذلك قد يغدو رفع الصوت في ما يخص قضايا النساء مجرّد حبر على ورق.

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!