fbpx

تغليظ عقوبة التحرش في مصر: ماذا عن الاعتداء
الجنسي وكشوف العذرية داخل السجون؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

“طلبت في اليوم الأول أن أذهب إلى دورة المياه رفضوا وفي اليوم التالي طلبت من الضابط وأوضحت له أنني في الدورة الشهرية، ضحك بصوت عال وقال (أنا واخد بالي). عندما أزالوا الغمامة عن عيني اكتشفت أن ملابسي غارقة في الدم” .

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

شهدت الأوساط المصرية احتفاءً بتعديل قانون العقوبات لمواجهة التحرش الجنسي، بخاصة أن التعديلات الجديدة أوصت بعقوبة مشددة تشمل الحبس من عامين إلى أربعة أعوام وغرامة من 100 ألف إلى 200 ألف جنيه، أو بإحدى العقوبتين لكل من تعرض للغير بأمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأي وسيلة.

وفصّلت المادة (306 مكرر أ) أن العقوبة ستقع على كل من يتعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية، سواء بالإشارة أو بالقول، وإذا كان الجاني له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه أو مارس عليه أي ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاحاً، تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات 

هذه العقوبات تبدو  رادعة – في حال تطبيقها- في الواقعين الفعلي والافتراضي، إنما هناك واقع ثالث لن تشمله هذه الإجراءات وهو “السجون المصرية”، فهذا القانون لن ينسحب على ما يحصل يومياً داخل غرف الحبس وبوابات التفتيش، بعد وقائع تثبت تواطؤ إدارة السجون والنيابة المصرية في التحقيق في جرائم التحرش المتكررة، سواء تحرش السجّانين بالمسجونين أو تحرش مسجونين بزملاء لهم، وهو ما يشكك بشكل كبير في احتمال التحقيق في جرائم التحرش داخل السجون وتطبيق العقوبة المشددة في حال إثبات الجريمة.

شروق أمجد ( 27 سنة) مصورة مصرية تعرضت للتحرش أكثر من مرة أثناء فترة اعتقالها التي بدأت يوم 25 نيسان/ أبريل 2018. بدأت وقائع التحرش بها داخل مقر الأمن الوطني، ثم داخل غرف التفتيش الذاتي في سجن القناطر ثم أثناء تحضيرها لجلسة التحقيق في المحكمة.

تحرش جسدي من ضابط أمن وطني

تقول شروق أمجد لـ”درج”، “تم إلقاء القبض علي مع اثنين من الزملاء الصحافيين من أمام نقابة الصحافيين يوم 25 نيسان 2018 ، قيدونا داخل سيارة صغيرة، رؤوسنا على ركبتينا وأيادينا مقيدة إلى الخلف، بعدما أوصلونا إلى مقر الأمن الوطني في العباسية، اعترفت بأنني أنتج تقارير وتحقيقات مصورة لقناة الجزيرة القطرية، وعلى رغم عدم إنكاري ظللت أتعرض للضرب كي أعترف على زميلي المقبوض عليه معنا، لأنه رفض الاعتراف بالاتهامات الموجهة إليه”.

تسرد شروق واقعة التحرش الأولى بها داخل مقر الأمن الوطني في العباسية: “بدأوا يعذبونني خلال التحقيق، الضابط ضربني على وجهي أكتر من مرة بدأوا يكهربونني وأغمي علي”، تضيف “فوقت من الإغماء على يد ظابط بيتحرش بيا، يده على سوستة بنطلوني وبيفتحها، لما صرخت، ضربوني وقالولي الكلام دا مبيحصلش عندنا”. 

بحسب شهادة شروق فإنها تعرضت لتهديد مباشر من ضباط التحقيق في مقر الأمن الوطني في حال سردت واقعة التحرش أمام النيابة فستعود إليهم مجدداً، ووقتها “هنقتلك”.

إذلال بدماء الدورة الشهرية

في اليوم التالي للقبض على شروق، طلبت الدخول إلى دورة المياه لكن ضابط التحقيقات رفض! تقول: “طلبت في اليوم الأول أن أذهب إلى دورة المياه رفضوا وفي اليوم التالي طلبت من الضابط وأوضحت له أنني في الدورة الشهرية، ضحك بصوت عال وقال  (أنا واخد بالي). عندما أزالوا الغمامة عن عيني اكتشفت أن ملابسي غارقة في الدم” .

في اليوم الثالث وصلت  شروق أمجد إلى نيابة أمن الدولة العليا، وهناك رآها وكيل النيابة وطلب لها فوطاً صحية وملابس كي تتخلص من ملابسها الملطخة بدماء دورتها الشهرية “مضيت على المحضر، رحلوني لقسم المرج روحت قسم المرج قعدت هناك تلات شهور ونص محصليش تحرش”.

إقرأوا أيضاً:

انتهاك بدني وكشف عذرية

تم ترحيل شروق من قسم المرج إلى سجن القناطر يوم  21 تموز/ يوليو 2018 وهناك حدثت واقعة الاعتداء الجنسي الثانية، تقول إنه من بروتوكول الترحيل من قسم الشرطة إلى السجن، إجراء عملية تفتيش مهينة تشمل التجريد الكامل من الملابس وفحص فتحتي الشرج والمهبل في أوضاع إذلالية “جات سجانة دخلتني حمام قلعت هدومي وفضلت واقفة بهدومي الداخلية قالتلي اقعلي دول كمان، كنت خايفة فوجئت أنها تجردني من ثيابي الداخلية بيدها “.

تضيف شروق، ” كان عمري وقتها 23 سنة، السجانة أجبرتني كي أنحني  وأنا مجردة من ملابسي بالكامل قامت بفتح منطقة الشرج بيدها وعنفتني بيدها وهي تحاول تفتيش منطقة المهبل، كانت ترغب في إدخال يدها. صرخت وقلت لها أنا عذراء فأجبرتني على الجلوس على حمام بلدي على الأرض لساعات كي تتأكد أنني لا أخبئ شيئاً داخل فتحة المهبل”.

حوادث التحرش من السجانات تكررت مع شروق ومع غيرها من المسجونات “في كل مرة كنت أشتكي لإدارة السجن ولا يصل الأمر إلى تحقيق رسمي بل يجبروننا على حل المسألة بشكل ودي. هناك عسكري كان يصر على وضع يده على أجساد المسجونات وقت تحضيرهن للذهاب إلى المحكمة، وقد وضع هذا العسكري يده على ظهري وتحرش بي، طالبت الضابط التحقيق في الأمر ومجازاة العسكري، لكنه اكتفى بتوبيخه لفظياً”.

عقوبة الاعتداءات الجنسية داخل السجون نقل أو “جزاء إداري”

علم “درج” من مصدر مقرب أن صحافية تعرضت لاعتداء جنسي من السجّانة “هانم” عام 2019 و مع كل العراقيل أصرت على إيصال صوتها للنائب العام بمساعدة محاميها. تقول الصحافية لـ”درج”، “تعرضت لاعتداء جنسي من هانم إحدى سجانات سجن القناطر الخيرية- نساء، وحينما شكوت لوكيل النيابة كان رده (لما زنقتك في الحيطة كانت لوحدها ولا معاها حد)، وفي النيابة التابع لها سجن القناطر، رفضوا استلام المحضر  من المحامي واضطر إلى رفعه للنائب العام ووافق عليه بعد ضجة إعلامية “.

المحضر يصف واقعة الاعتداء على الصحافية كالتالي “قامت السجانة هانم بإجبارها على خلع ملابسها الداخلية وحينما رفضت المجني عليها كون الملابس الداخلية ليست مخالفة للزي المدني المسموح به داخل السجن، وعندما رفضت التخلي عن ملابسها الداخلية قامت السجانة بالهجوم عليها وتجريدها من ملابسها الداخلية بالقوة وعقب ذلك قامت السجانة بالعبث بجسد المسجونة وأعضائها الأنثوية، حتى انهارت ودخلت في نوبة بكاء شديدة واحتضنت جسدها في وضع الجنين”.

وعلى رغم أن العقوبة التي كانت تنتظر السجانة هانم هي الأشغال الشاقة من ثلاث سنوات إلى سبع سنوات باعتبار ما قامت به جناية هتك عرض أنثى، إلا أن النيابة اكتفت بنقلها ومجازاتها إدارياً، ومنعها من تفتيش السجينات السياسيات فقط. 

التحرش اللفظي بالسجينات لغة يومية داخل سجن القناطر 

تكشف شروق أمجد أن التحرش اللفظي داخل السجن لغة اعتيادية تستخدمها السجانات ضد المسجونات، لإهانة كراماتهن، فلا تنادي سجانة مسجونة باسمها وحسب، بل لا بد أن تسبقه بلفظ مهين ذي دلالات جنسية. تقول شروق، “أنا تعرضت لتحرش لفظي مرات لا حصر لها، أثناء التفتيش كانت السجانة هانم والسجانة هناء وأخريات يقلن لي (خليكي معانا شوية يا كرباج) وغيرها من عبارات التحرش الصريح”. 

وتضيف شروق أن التعامل مع سجينات قسم الجنايات أسوأ من التعامل مع السجينات السياسيات في حوادث التحرش اللفظي بهن، ومع الأجنبيات في قسم الجنايات يكون التعامل أسوأ وأسوأ، ” أتذكر أن مسجونة أجنبية أخبرتنا أنه يتم إجبارها على ممارسة جنس فموي مع أحد الضباط مقابل مكالمة تلفون لمحامٍ أو أحد معارفها” .

المحامي الحقوقي نبيه الجنادي أوضح لـ”درج” أنه “من المفترض أن تسري عقوبة التحرش على الجناة داخل السجون كما تسري خارجه، لكن الواقع يكشف عكس ذلك، والمشكلة هنا في الوصول إلى مرحلة التحقيق وإثبات الواقعة. الصحافية سولافة مجدي  تعرضت لتحرش ولم يتم التحقيق في الواقعة، لأن إدارة السجن لم تستجب والنيابة أيضاً رفضت التحقيق، ولا أتذكر أي واقعة تحقيق مع مسؤول أو سجان في واقعة تحرش داخل السجون من قبل”.

يضيف الجنادي: “قدمنا بلاغات للنائب العام والنيابة العامة في واقعة التحرش بسولافة مجدي، النيابة العامة أصدرت بياناً قالت فيه إن كل ما يثار محض شائعات، على رغم أنها لم تحقق  في الواقعة”، يكمن  الحل الوحيد في نظر الجنادي للضغط للتحقيق في جرائم التحرش الجنسي داخل السجون، في رفع قضية لاختصام النائب العام نفسه.

وأوضح الجنادي أن تجريد المرأة من كامل ملابسها ولمس جسدها بشكل مهين أثناء التفتيش يعد تحرشاً واعتداءً جنسياً ما دامت اعتبرته السجينة كذلك، لكن إدارة السجون لا ترى في هذا الفعل تحرشاً لذلك تلجأ إلى حل هذه الوقائع بشكل عرفي من دون التحقيق فيها.

كانت  “الجبهة المصرية لحقوق الإنسان” وثقت خلال شهر واحد اعتداءات على أربع محتجزات، على الأقل، في عنبر “السياسي” في سجن القناطر للنساء خلال الأسبوع الأول من شهر شباط/ فبراير من العام الحالي، إذ تعدى عليهنّ أثناء تفتيش ضباط مصلحة السجون، وتم تجريدهنّ من متعلقاتهنّ الشخصية، وتشريدهنّ خارج عنبر السياسي إلى عنبري القتل والمخدرات.

ووفقاً لـ”الجبهة المصرية لحقوق الإنسان”، تعرضت الصحافية سولافة مجدي محفوظ في مقر احتجازها في سجن القناطر للضرب والتحرش، إذ أجبرتها السجانة على خلع جميع ملابسها بما في ذلك الملابس الداخلية، في حين قام أمين شرطة بسحلها عبر جرها من غرفة التفتيش حتى عربة الترحيلات. وعندما زارتها والدتها بعد هذه الواقعة بثمانية أيام، وجدتها في حالة إعياء شديدة، وقد أبلغتها سولافة بأنها مصابة بنزيف حاد نتيجة الكشف القسري على رحمها داخل السجن.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.