fbpx

المرأة المثالية هي الخاضعة… رئيس جامعة القاهرة يحكم ربع مليون طالب بأفكار “ذكورية”!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يختصر رئيس جامعة القاهرة المرأة المثالية في نقطة واحدة، الجنس ولذة الجماع والخضوع بسهولة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

اكتشف الباحثون راهناً، كتابين لرئيس جامعة القاهرة صدرا خلال عامي 1984 و1988، تحت عنواني “المشاكل الزوجية وحلولها في ضوء الكتاب والسنة والمعارف الحديثة“، و”المرأة المثالية في أعين الرجال“، حيث ينمّط النساء في خانة الشريك الجنسي ويهين النساء البدينات.

وعلى رغم أن محمد عثمان الخشت أستاذ أكاديمي في فلسفة الأديان والمذاهب الحديثة والمعاصرة، وكان في ذلك الوقت عضواً في هيئة تدريس كلية الآداب في جامعة القاهرة، إلا أنه يكشف في الكتابين عن قدرٍ كبير من الأفكار المغلوطة علمياً ومنطقياً، واحتقار شديد للمرأة مستعيناً بخرافات كتب التراث الحافلة بالتمييز و”الذكورة المتضخمة” ورؤية مادية للجنس تليق بـ”كتب الرصيف”، ويتضح من الكتابين أنهما يستهدفان جمهوراً معيناً من المراهقين والمهووسين جنسياً، والمقبلين على الزواج، ومدمني العادة السرية.

الجنس الجيد… الحل السحري لكل مشكلاتنا الأسرية!

يضع الخشت في كتابه “المشاكل الزوجية وحلولها”، ما يعتقد أنه “محاولة لرسم إطار وقائي للأسرة، يقيها المشكلات والاضطرابات، مع محاولة وضع منهج علاجي لأي مشكلات أو خلافات طارئة، في ضوء القرآن والسنة، والاستعانة بالمعارف الحديثة كلما أمكن ذلك”، بحسب مقدمة الكتاب.

لكن ما قدّمه لم يتجاوز كونه محاولة للتوفيق بين كتب التراث الجنسي كـ”نواضر الأيك” للسيوطي و”الروض العاطر في نزهة الخاطر” للنفراوي، و”رجوع الشيخ إلى صباه”، ونظريات علم النفس الحديثة وبعض العادات والتقاليد والخرافات الشائعة ليصنعَ كتاباً شعبياً جذاباً يحقق نسب مبيعات ضخمة، على رغم أنه يخلو من المنهج العلمي الذي يليق بأستاذ جامعي، ويخلو أيضاً من احترام المرأة.

طوال صفحات الكتاب يشير إلى الرجل بصفته العاقل والمسيطر ومدير العلاقات الإنسانية، ولا يأتي على ذكر المرأة سوى بأنها الكائن الضعيف الذي يجب التلاعب به حتى تسيرَ أمور الأسرة في الطريق الصحيح، نحو الاستقرار، كما أنها تحتاج إلى التحصين من جانب الرجل، وكأنه يستدعي صور حزام العفة من القرون الوسطى، ولا تحصين – في رأيه – سوى بالمزيد من الجنس، الذي يجب أن يغدق به الرجل على “النساء الأربع” المسموح له بهنّ دينياً لتفادي الخيانة.

على الغلاف يضع المؤلف أسئلة ونقاطاً يجيب عليها في كتابه، وهي: ماذا يغري الرجل في المرأة؟ كيف تسعد المرأة زوجها؟

يقول الخشت، مستنداً إلى ما يصفه بـ”أبحاث علمية” لا يذكر مصدرها، إنه “من المعلوم في العُرف والعِلم أن إحساس المرأة بالجنس أشدّ وأعمق وأشمل من الرجل، ولذا فهي في حاجة مستمرة للإشباع. وعلى الرجل أن يأتيها في كل أربع ليال مرة، فهو أعدل، لأن عدد النساء 4، فجاز التأخير إلى هذا الحد… وينبغي أن يزيد أو ينقص حسب حاجتها إلى التحصين”.

وماذا لو كان الزوج عاجزاً جنسياً؟ لا يلقي الخشت على الرجل بمسؤولية العلاج أو زيارة الطبيب، أو أي حلول أخرى علمية أو نفسية، بل يوصي المرأة بأن تتولى حل الأمر.

كيف؟

يشير الخشت إلى ضرورة أن “تلجأ المرأة إلى دبلوماسية النساء، فتحول المغازلات إلى مزاح بريء، ثم تقول له: (يلوح لي أني لست على استعداد لتقبل الحب اليوم، فأرجو أن تكون لك ذات النية)، وبعدها تتابع معه المزاح والمداعبة دون أن تضطره للجماع… وفي أغلب الأحيان تعطي نباهة المرأة نتيجة سريعة، فتنبعث قدرة الرجل فجأة بفضل المزاح الذي حرره من اضطرابه”.

يتجاهل الخشت آلاف الأبحاث والرؤى العلمية والطبية المتراكمة التي تتحدث عن الأمراض الجنسية والعجز والضعف، ويكتفي بحل سحري بيد المرأة يمكن أن يطلق المارد الذي يرقد داخل الرجل، بينما المرأة المصابة ببرود جنسي فعلاجها، بحسب الخشت، “لا تقع الأعباء كلها على الرجل فحسب، وعلى المرأة أن تجتهد في أن تكون تلميذة مطيعة لكي تصبح في المستقبل أستاذة عالمية في الحب”.

المرأة المثالية هي “الخاضعة”؟

وفق كتابه الثاني “المرأة المثالية في أعين الرجال”، فالمرأة المثالية هي “التي تذعن بسهولة، وتستطيع أن تزيل كل الحواجز التي حصّنتها في صغرها، وتستسلم لكل المؤثرات العاطفية التي ترافق الحياة الزوجية وتخلع برقع الحياء مع زوجها وتتحلى بالحياء عندما يغيب، وتكتشف الأوضاع والأفعال والكلمات التي تحفزها وزوجها أكثر مما سواها”، ثم يذكر أحاديث للنبي محمد حول أهمية صدق المرأة وفاعليتها في العمل الجنسي.

عثمان الخشت

يختصر رئيس جامعة القاهرة المرأة المثالية في نقطة واحدة، الجنس ولذة الجماع والخضوع بسهولة، من دون أي شيء آخر، لا مشاركة في المسؤولية ولا محبة ولا إيثار للغير على النفس ولا وفاء ولا رعاية متبادلة. هكذا، طوال الكتاب، يتناول المرأة باعتبارها “شريكاً جنسياً يجب ألا يكون دون المستوى حتى لا يفقد الاتصال الجنسي روعته وكماله ومتعته”، بحسب قول الخشت في تلخيص دور “المرأة المثالية”، وكأنه يقول إن المرأة المثالية هي “خادمة فراش” مثيرة، لا أكثر.

ومنذ الوهلة الأولى حين تطالع غلاف كتاب “المرأة المثالية في أعين الرجال” لا يمكن أن تصدق أنه لأستاذ جامعي، فالكتاب لا يتوجّه إلى المرأة إنما إلى الرجل الذي يريد أن يرسّخ فكرة محددة في عقله حول النساء، فعلى الغلاف يضع المؤلف أسئلة ونقاطاً يجيب عليها في كتابه، وهي: ماذا يغري الرجل في المرأة؟ كيف تسعد المرأة زوجها؟ مفاتيح قلب الرجل.. ماذا تفعل المرأة عندما يهجرها زوجها؟ مقاييس جمال المرأة في أعين الرجال… معايير جاذبية الأنثى… فاعلية المرأة في الحوار الجنسي… كيف تدفع زوجها إلى النجاح؟.. وجميع النقاط تجعل المرأة “مفعولاً بها” ملزمة بإسعاد الرجل وإرضائه حين يهجرها والالتزام بمقاييس الجمال والجاذبية التي يفضّلها، ودفعه للنجاح أيضاً. وبغض النظر عن الخطأ العلمي الذي يتعلّق بتعميم تلك المواصفات أو الشروط أو الخطوات والمعايير على كل الرجال، يخلي المؤلف مسؤولية الرجل عن أي شيء، وينهي الأمر بالاستعانة بأحاديث نبوية مقطوعة من سياقها وأصلها التاريخي.

وفي الكتاب يلجأ إلى ما يشبه مسابقات “اعرف شخصيتك من تفضيلاتك الجنسية”، ويجزم بأن الذين يختارون الأنثى البدينة غير مستقرين عاطفياً واهتماماتهم بالتحصيل الأكاديمي قليلة، والذين يفضلونها معتدلة الحجم يتمتعون بالشعور بالمسؤولية، والذين يحبون “الضئيلات جسمانياً فإنهم يتصفون بعدم الثبات في عاداتهم الشخصية وعملهم”. ويضيف: “الذكور الذين يفضلون النهود الكبيرة يميلون عادة نحو العنف والاستقلالية في الحياة، بينما الذكور الذين يفضلون النهود الصغيرة يميلون إلى السلبية ويقللون من شأن أنفسهم، والذين يختارون السيقان الضخمة يتمتعون بشخصية هادئة ويركزون على أفكارهم ومشاعرهم، أما الذين يميلون للسيقان الناحلة، فيتمتعون بميول جمالية ويجدون مشقة في مواجهة الضغوط ومنهم من يسعى لجذب انتباه الآخرين.

“طول ما السرير بيتهز البيت هيفضل ثابت”

لم يستعن الخشت بالكثير من المصادر الطبية أو الدينية، ففي معظم المقاطع كان يستند إلى جمل محفوظة ومكررة ليصدّر رأيه بـ”اعتماد علمي” مزيف، كأن يقول “ينصح الأطباء”، ويكمل جملته، أو يذكر أن “أبحاثاً علمية أثبتت” أو يشير إلى أنه “تدل الإحصاءات”أو “تبين في دراسات”، ولا يذكر من هم هؤلاء الأطباء، أو عن أي جامعة أو مركز علمي صدرت الأبحاث والإحصاءات والدراسات، ومما عزاه إلى خبراء نفسيين – دون أن يقول من هم – “سر السعادة الزوجية”.

توصّل الخشت إلى إلى أنه “لا شيء أضمن للسعادة الزوجية ولا آمن على رجولة وإخلاص الزوج، غير خبرة الزوجة في فن الحب، والوفاق الذي يتم في الليل نادراً ما تزول سعادته في وضح النهار”.

يمكن أن تمرَّ تلك الفقرة من دون تدقيق أو مراجعة، ورغم أنها لا تزيد على الثلاثين كلمة، إلا أنها تحتوي على عدة مغالطات وتجاوزات. يلقي بمسؤولية فشل أي علاقة زوجية على النساء، ويروّج اعتقاداً شعبياً بأن “طول ما السرير بيتهز، البيت هيفضل ثابت” باعتباره حقيقة لا تقبل الجدل، لكن التجارب الإنسانية تثبتُ يومياً أن هناك مشكلات بين البشر تفسد وفاقهم ليلاً ونهاراً، ويصوّر الجنس بـ”أداة سيطرة” أكثر منه علاقة حميمية بين محبين أو زوجين، وهي فكرة شائعة لدى المتشدّدين دينياً، والأنظمة والمجتمعات الشمولية التي تستخدم الجنس أيضاً في إخضاع الرجال عبر اغتصاب زوجاتهم أمام أعينهم، أو اغتصاب النساء لإخضاعهنّ، أو حرمان المرأة من الجنس لتهذيبها، والتدليل على احترامها.

الخشت من “الإمام الشهيد سيد قطب” إلى “رجل التنوير والتجديد”

إلى جانب الخرافات العلمية والدينية والاجتماعية، التي يروّجها رئيس جامعة القاهرة، يبرز الكتاب الكثيرَ من تحوّلات الخشت، وفي الوقت ذاته يؤكد أنه لم يتخلّ عن أفكاره السابقة. هو فقط وضعها جانباً لأجل حساباته السياسية والشخصية، فالرجل الذي يحكم أكثر من ربع مليون طالب في جامعة القاهرة لا يذكر سيد قطب، المرجع الرئيسي للجماعات التكفيرية، خلال الكتاب، سوى بقوله “الإمام الشهيد سيد قطب”.

وعلى رغم أنه لا يستعين بالكثير من المصادر الدينية، ينقل الخشت فقرات طويلة من كتاب سيد قطب “في ظلال القرآن” الذي صاغ فيه “قطب” أفكار العنف وتكفير المجتمع بمرجعية إسلامية، ويعتبر حتى الآن كتاباً جوهرياً في فكر الجماعات والتنظيمات الإرهابية، لكنه لا يقدر الآن على ذكر سيد قطب أو مديحه أو اقتباس ما يقوله خوفاً من فقدان منصبه، بل يأتي برداء المجدِّد، وينشر أفكاراً تناقض ما يقوله سيد قطب تماماً- حتى الذي يرتبط بالإسلام منها-  باعتبارها هدايا للنظام القائم الذي يجمعه بـ”قطب” ثأر قديم وتمادى في تشويهه عبر مسلسلات، وقد حصلت بين “الخشت”وشيخ الأزهر، أحمد الطيب، معركة كلامية حول مغالطات منهجية ودينية وبحثية في رؤيته لـ”تجديد التراث الإسلامي”.

في الكتاب يلجأ إلى ما يشبه مسابقات “اعرف شخصيتك من تفضيلاتك الجنسية”، ويجزم بأن الذين يختارون الأنثى البدينة غير مستقرين عاطفياً واهتماماتهم بالتحصيل الأكاديمي قليلة.

وعلى رغم الأفكار التي تحتقر المرأة وتتعامل معها كـ”زائدة دودية” وأداة “تفريغ جنسي” وكائن درجة ثانية بالنسبة إلى الرجل، يطلق الخشت تصريحات حول دعمه للمرأة ويؤسس ويشرف على وحدات ومراكز وحملات للمرأة بجامعة القاهرة كـ”وحدة مناهضة العنف ضد المرأة” و”وحدة الاستجابة الطبية للتعامل مع النساء“.

يكشف البحث وراء جذور تلك الكيانات الجامعية الصغيرة أنها تقام لمجاراة قوى نسوية مجتمعية وإرضاء جهات أجنبية تموّل الجامعة لإقامة مثل تلك الفعاليات والمبادرات فمموّل الوحدة الأولى هو المجلس الثقافي البريطاني والمشرف على الثانية هو صندوق السكان بالأمم المتحدة، وتتحول إلى هياكل عظمية تتلقى أموالاً ولا تقوم بأي أدوار حقيقية سوى إقامة بعض الندوات ونشر صور على الانترنت، ولا يتجاوز تأثيرها حدود القائمين عليها.

وهناك وقائع تشير إلى ازدياد معدلات و”فضائح” العنف ضد المرأة في جامعة القاهرة خلال تولي الخشت رئاستها، وكان أشهرها تحرش أستاذ جامعي بطالبات وتطوّر الأمر إلى تسجيلات صوتية وابتزاز ورشاوى جنسية، حتى سُمي الأستاذ بـ”عنتيل الجامعة”، وتحرش في الحفلات الفنية داخل الحرم الجامعي، وانتهاك حقوق النساء وشراء ودّ السلطة السياسية، التي ترى في فتيات “تيك توك” عدواً أصيلاً، يتجلى داخل جامعة القاهرة، إذ كانت الجامعة أول من أحال حنين حسام للتحقيق فور انتشار بعض الفيديوات الخاصة بها، لتفتح باب مساءلتها أمام المحاكم الجنائية.

استكتب 28 فيلسوفاً لإعداد كتاب عن فلسفته على نفقة اليونسكو!

لم يتوقف رئيس جامعة القاهرة عند الأفكار الجنسية الكاملة، وإهانة المرأة في كتبه، إنما تمادى إلى تكليف 28 أستاذ فلسفة بإعداد كتاب حول أفكاره ومنهجه الفلسفي على نفقة جامعة القاهرة واليونيسكو بعنوان “فيلسوف التجديد والمواطنة والتقدم… دراسات في فلسفة الخشت النقدية”.

ويكشف الدكتور أيمن منصور ندى، أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة، أنّ منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونيسكو” جمّدت تعاونَها مع جامعة القاهرة بسبب التلاعب في المنحة المقدمة منها لجامعة القاهرة.

وبحسب ندى، عقدت “اليونيسكو” بروتوكول تعاون مع جامعة القاهرة لتقديم “كرسي اليونيسكو للفلسفة” في الجامعة لتمول عدداً من المشروعات البحثية في مجالات تخصصها (التربية والعلوم والثقافة) بهدف إثراء الحياة العلمية والثقافية، لكن “الدكتور عثمان الخشت لا يرى أن هناك علماً أحق بالدراسة من علمه، وما من ثقافة أجدر بالنشر من ثقافته، وليست هناك تربية أفضل من تربيته، لذلك، أمر بتخصيص المنحة كاملة لدراسة علمه وثقافته وتربيته”.

ويوضح أن “جامعة القاهرة استضافت على مدار أيام عدداً كبيراً من الباحثين والمفكرين من كل الدول العربية، وعددهم 28 للتباحث في فكر الخشت، وتم جمع الكلمات التي قيلت في المؤتمر في كتاب من 584 صفحة، وقد حصلوا مقابل الكتابة حول الخشت على مبالغ مالية كبيرة إلى جانب تذاكر السفر، وإقامة كاملة خلال المؤتمر”. وخُصمت تلك التكاليف من ميزانية المشروع التي خصصتها “اليونيسكو” لحساب إعداد مشروعات بحثية في التربية والعلوم والثقافة.

ويؤكد أستاذ الإعلام، أن ما قام به الخشت لم يلق قبولاً من المنظمة الدولية العريقة، ويضيف: “قررت سحب دعمها ووقف تعاونها وإلغاء كرسي اليونيسكو للفلسفة في الجامعة، وتبرأت من الكتاب الصادر عن المؤتمر حول الخشت”.

يحاول عثمان الخشت، الرئيس الحالي لجامعة القاهرة، تسويق اسمه باعتباره مفكراً كبيراً، ووضعه مع المفكرين والفلاسفة الكبار في لوحات الشرف، على رغم أن تاريخه العلمي والبحثي لا يؤهله لذلك، ويمكن أن تقتنعَ بذلك تماماً حين تقرأ كتابيه عن المرأة والجنس والعلاقات الأسرية.

يجلس د. محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة الحالي، على مقعد سبقه إليه “أبو الليبرالية المصرية” أحمد لطفي السيد، والمفكر أحمد بدوي، وخرج من الجامعة، التي ساهمت في دفع المجتمع المصري بعيداً من الفكر الظلامي ونحو التقدم والإيمان بالعلم، مجموعة من أبرز المفكرين والعلماء العرب الذين حققوا مكانة بارزة على المستوى العالمي، وفي مقدمتهم عالم الذرة، الدكتور مصطفى مشرفة، وعميد الأدب العربي، طه حسين، والدكتور محمد البرادعي، رئيس الهيئة الدولية للطاقة الذرية الأسبق الحائز على “نوبل للسلام”، وتم تصنيفها عام 2004 في قائمة أكبر 500 جامعة على مستوى العالم، وتعتبر الجامعة الأولى مصرياً وعربياً، فهي مصدر إشعاع ثقافي وأكاديمي للباحثين العرب، لكن الوضع الراهن في مصر يشهد انحطاطاً عامّاً.

في جميع الجوانب تجدُ وساطات وحملة مباخر ومنافقين ومحدودين ومتلوِّنين يشغلون مناصب فائقة تجعلهم من صفوة المجتمع المصري، وقادته، ومن بين هؤلاء محمد عثمان الخشت، الذي أصبح رئيساً لجامعة القاهرة منذ الأول من آب/ أغسطس 2017، ولم يتوقف منذ يومه الأول عن تقديم فروض الولاء والطاعة للدولة التي أتت به رئيساً للجامعة بـ”التعيين المباشر“، ما بين إحكام القبضة الأمنية وقتل الأنشطة الطالبية، السياسية تحديداً، وتغيير صارم في المناهج حتى تصبح على هوى الحكم القائم، وتخدم مشروعه السياسي، ودعاية سياسية تبلورت في تقديم رشاوى انتخابية للطلاب تزامناً مع الاستفتاء على التعديلات الدستورية، التي ضمنت للسيسي البقاء في الحكم حتى عام 2030.

الخشت.. وزير الثقافة المقبل؟

يستغل الخشت إمكانات الجامعة وموقعه الوظيفي لخدمة أهدافه المستقبلية وتوطيد علاقاته بالأجهزة الأمنية عبر تعاقدات مع شركاتها وآخرها التعاقد مع مستشفى “19011” التابع لجهة سيادية، إذ إنه يعرف أنّ رئاسة جامعة القاهرة هي مقدمة لمناصب أخرى ستأتي إذا التزام بالصراط المستقيم الذي ترسمه الدولة.

وتكشف مصادر رسمية لـ”درج” أنه مرشح قوي لنيل منصب وزير الثقافة في التشكيل الوزاري المقبل، ولهذا يقدم نفسه منذ توليه رئاسة جامعة القاهرة كإمام التجديد، وفيلسوف التقدم، وصاحب الرؤية التنويرية، وعدد من الأوصاف الحداثية الرنانة التي تستسيغها الدولة المصرية في الوقت الحالي، ضمن حربها على التيارات الدينية.

تكشفُ طريقة اختيار رئيس جامعة القاهرة والأداء الذي يدير به أهم كيان علمي في مصر، الطريقة التي يتم اختيار القيادات بها، حتى وإن كانوا يتولون رئاسة مؤسسات علمية من الدرجة الأولى، لا بد أن تكون الكفاءة عنوانها، فلا تدقيق في أفكار الشخص، أو اتجاهاته، أو تاريخه، أو تحولاته. ما يهم هو تنفيذه الأوامر فقط. لكن الأرشيف لا يرحم أصحابه أبداً، فهو الشاهد الوحيد على انحرافاتهم وتحولاتهم، وهو الذي يهيل بالتراب عليهم في محكمة التاريخ.

إقرأوا أيضاً: