fbpx

لبنان: بين عون وبري ضغائن ضرورية
يرعاها “حزب الله”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“حركة أمل” والتيار العوني يخوضان بمواجهة بعضهما بعضاً معارك ضارية على معظم الجبهات، لكنها معارك مضبوطة بالسقف الذي حدده لهما “حزب الله”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 يأخذنا الخلاف المرير، والبذيء أحياناً، بين “حركة أمل” والتيار العوني، والذي يرعاه “حزب الله”، إلى المرحلة التي كان يرعى فيها النظام السوري خلافات جماعاته اللبنانية، فيزكيها من جهة ويمنع انفجارها من جهة أخرى. وهو بذلك كان يؤمن لنفسه موقعاً ضرورياً ووحيداً في صياغة المشهد السياسي اللبناني. واليوم يؤدي “حزب الله” المهمة ذاتها، فهو إذ يستتبع طرفي النزاع بين “حليفيه”، ما زال قادراً على عدم تحويل الاشتباك بينهما إلى حصيلة سياسية يمكن البناء عليها. فأن يقول جبران باسيل إن نبيه بري بلطجي، فهذه عبارة منزوعة من أي سياق سياسي. هي شتيمة عادية على بري أن يقبلها، وعلى جبران أن يعود عنها. هي شتيمة لا ترتب انشقاقاً على رغم بذاءتها وانطوائها على كراهية هائلة بين الرجلين. الأمر نفسه يتكرر حين تسمي جيوش “أمل” الإلكترونية ميشال عون الـ”برغوت”، فهذه عبارة على رئيس الجمهورية تفادي سماعها من حلفائه، وبالتالي قبولها وابتلاعها.

في الأيام الأخيرة شهدنا اختباراً ميدانياً لهذه المعادلة. غزت “حركة أمل” الشيعية بلدة مغدوشة المسيحية. حطمت مزارات دينية واستولت على محطات البنزين في البلدة. وصف على ضوء ذلك النائب العوني زياد أسود رئيس المجلس النيابي بأقذع الأوصاف، وذهب إلى ما بعد “البلطجة” في استعماله العبارات. هذان الأمران، أي الغزوة والشتيمة، لا تترتب عليهما خطوات سياسية. “حركة أمل” والتيار العوني هما جزء من منظومة سلطة “حزب الله”، وممنوع عليهما ترجمة الاحتقان بينهما إلى واقع سياسي. ممنوع على التيار العوني أن يخوض معركة رفع الحصانات عن النواب في موضوع التحقيق بانفجار المرفأ، وممنوع على “حركة أمل” الذهاب بخصومتها مع ميشال عون إلى حد الوقوف إلى جانب نجيب ميقاتي في موضوع تشكيل الحكومة. مسموح لهما، لا بل من المستحب، أن يتقاتلا في مغدوشة، وأن يتبادلا أوصاف “البلطجي” و”البرغوت”، وأن يتواصلا مساء مع مسؤول وحدة الارتباط في “حزب الله” وفيق صفا ليهدئ خواطر الغاضبين، ويعيد التحالف إلى نصابه.

هل تذكرون غازي كنعان، المندوب السامي السوري، حين كان يرعى الخلافات بين رفيق الحريري وسليم الحص، أو بين الأول ونبيه بري؟ الخلاف كان ضرورياً ومطلوباً، لكن ضمن السقف الذي كان يحدده المندوب السامي، وعلى أن يتوجه الطرفان في الصباح إلى الشام، كل إلى مربطه هناك.

لكن هذه الوتيرة من الاحتقانات المضبوطة لها فعل تراكمي، ربما تكون له وظيفة لاحقة. فمثلما تم توظيف تراكم الاحتقانات بين رفيق الحريري وبين خصومه من أتباع النظام السوري في خلق جبهة تتولى استيعاب جريمة قتله، أطلق عليها في حينه “8 آذار”، وهي جبهة ما زال لها أثر إلى يومنا هذا، فمن المرجح أن يكون لتراكم الاحتقان بين “حركة أمل” والتيار العوني، ومن خلفهما قوى أصغر حجماً مثل المردة، وظيفة مستقبلية تتولى استيعاب جريمة موازية أو انقلاب أو انعطافة كبرى تحتاج للتضحية بطرف صار من الضروري إبعاده.

ولهذا التوقع الاستباقي ما يبرره اليوم، فـ”حركة أمل” والتيار العوني يخوضان بمواجهة بعضهما بعضاً معارك ضارية على معظم الجبهات، لكنها معارك مضبوطة بالسقف الذي حدده لهما “حزب الله”. وضبط “حزب الله” هذا الاحتقان يبقى في إطار موقعهما في السلطة، فيما يتم التأسيس لضغينة أفقية موازية لا تعالجها اتصالات وفيق صفا، ولا عبارات الإطراء التي يوزعها أمين عام الحزب في خطبه المتلاحقة. ومن المرجح أن الحزب استفاد من تجربة نفوذ النظام السوري في رعاية الخلافات وفي توظيفها لتعزيز نفوذه.

في موضوع تشكيل الحكومة أمر العرقلة منوط بميشال عون، وفي موضوع المرفأ يتولى نبيه بري شل قدرة القاضي طارق بيطار على مواصلة التحقيق. بري أقرب إلى نجيب ميقاتي في مواجهته مع ميشال عون في موضوع تشكيل الحكومة، وكان قبلها أقرب إلى سعد الحريري، وميشال عون أقرب إلى طارق البيطار في موضوع التحقيق بانفجار المرفأ، لكن ليس لهذا القرب أو البعد أي وظيفة سياسية، ولا تترتب عليه خطوات فعلية. هو قرب ضمني يبلعه الرجلان المستتبعان ولا يذهبان به إلى أكثر من رسمه على ملامح وجهيهما، وهما يقولان ما نقله الجاحظ عن الضفدعة: في فمي ماء!   

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.