fbpx

تصعيد الحوثي جنوباً: من تستهدف رسائل النار؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

“تصعيد الحوثي ضد الجنوب له أهداف آنية وأخرى استراتيجية”، تتضمن الأولى رسائل وإشارات تستبق تسلم المبعوث الدولي الجديد مهماته، وأخرى تتمثل بكون من “يدعم الحوثي ويقف خلفه يريد أن يوصل رسائل عبر الحوثيين لدول الإقليم والعالم”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أسئلة كثيرة، يثيرها الهجوم الذي استهدف قاعدة العند الجوية في جنوب اليمن، على صعيد توقيت الهجوم الذي توجهت الاتهامات فيه إلى جماعة الحوثيين (أنصار الله)، والمكان الذي اختاره، إضافة إلى ما وراء قرار التصعيد جنوباً، ومواقف كل من الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً و”المجلس الانتقالي الجنوبي” قبيل الموعد المقرر لبدء المبعوث الدولي الجديد هانس غروندبرغ مهماته. 

وبحسب الإحصاء الذي أعلنه وزير الصحة اليمني قاسم بحيبح في وقت متأخر مساء الأحد (29 آب/ أغسطس)، فقد وصلت حصيلة الضحايا إلى 30 قتيلاً وأكثر من 100 جريح، إصابات بعضهم خطرة، جراء استهداف معسكر التجنيد في “قاعدة العند الجوية”. وتقول معلومات أولية إن الهجوم شنته طائرة بدون طيار، وتتحدث أخرى عن وجود صاروخ باليستي إلى جانب طائرة مسيرة، ما خلّف مقتلة وثقت مشاهدها الصادمة، مقاطع متداولة على شبكات التواصل. 

ووجهت الحكومة المعترف بها دولياً، في مختلف البيانات الصادرة عنها، الاتهام إلى جماعة الحوثيين بتنفيذ الهجوم، والأخيرة تحفظت في المقابل عن إصدار أي تعليق يؤكد الاتهامات أو ينفيها، حول ما وصف بـ”المجزرة”، التي تعد الأولى من نوعها، منذ هجمات مطار عدن الدولي في 30 كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي. 

ووصف وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني الهجوم بـ”الإرهابي الغادر والجبان”، وقال إنه نُفذ “باستخدام صاروخ باليستي إيراني الصنع”، معتبراً أنه يؤكد من جديد “مضي الحوثيين في نهج التصعيد العسكري في مختلف الجبهات، وتقويض الجهود الدولية للتهدئة ووقف إطلاق النار، وذلك بإيعاز وسلاح إيرانيين”. 

قاعدة العند الجوية

أكبر قاعدة عسكرية

من حيث الهدف، اختار الحوثيون كبرى القواعد العسكرية في اليمن، وهي قاعدة ضخمة بناها  الاتحاد السوفياتي منذ عقود تضم عدداً من الألوية العسكرية وقاعدة جوية، تقع على بعد نحو 60 كيلومتراً من عدن وتوصف بأنها حامية المدينة من الجهة الشمالية. واستهدف الهجوم، تجمعاً تدريبياً لأفراد من اللواء الثالث- عمالقة، وهو جزء من القوة التي شاركت في المعارك مع الحوثيين، في الساحل الغربي، كما دخلت كقوة “وسيطة” للفصل بين القوات الحكومية وقوات المجلس الانتقالي في محافظة أبين، بإشراف التحالف. 

والهجوم هو الثاني من نوعه منذ سنوات على القاعدة ذاتها، إذ كانت مسرحاً لهجوم دامٍ في كانون الثاني/ يناير 2019، خلف عشرات القتلى والجرحى في صفوف العسكريين، بينهم قيادات ومسؤولون في وزارة الدفاع، كانوا هناك لحضور تدشين العام التدريبي في المعسكر نفسه، لكن التكرار جاء ليعكس فشل التحالف وقوات الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع تكرار الهجمات. 

التصعيد باتجاه الجنوب

منذ أشهر طويلة، يحاول الحوثيون إحداث اختراق نحو محافظة مأرب وسط البلاد، ويكثفون هجماتهم صوب المحافظة الأهم بالنسبة إلى الحكومة المعترف بها شمالاً، ليأتي التصعيد جنوباً ويثير الكثير من الأسئلة، حول ما إذا كان استراتيجية للمرحلة المقبلة أم لا. 

أبرز نقطة توقف عندها مسؤولو “الشرعية”، كانت اعتبار أن الحوثيين ومن خلال هجماتهم جنوباً، يؤكدون أنهم لا يستثنون طرفاً دون آخر، ولن يتوقفوا عند حدود الشمال والجنوب التي كانت سائدة قبل عام 1990. وهو الرأي الذي عبر عنه سفير اليمن في بريطانيا، أمين عام “الحزب الاشتراكي” سابقاً، ياسين سعيد نعمان، في مقال له عقب الهجوم، باعتبار أن “الذين يعتقدون أن الحوثي سيتوقف عند حدود الدولتين قبل عام 1990 ربما لا يدركون أن مشروع الحوثي ترسمه طهران وفقاً لاستراتيجيات يجهلها الحوثيون أنفسهم”. 

الكاتب السياسي ياسر اليافعي يوضح لـ”درج”، أن “تصعيد الحوثي ضد الجنوب له أهداف آنية وأخرى استراتيجية”، تتضمن الأولى رسائل وإشارات تستبق تسلم المبعوث الدولي الجديد مهماته، وأخرى تتمثل بكون من “يدعم الحوثي ويقف خلفه يريد أن يوصل رسائل عبر الحوثيين لدول الإقليم والعالم”. 

ويضيف أن “للحوثي أهدافاً استراتيجية، وهي منع تأسيس قوات مدربة ومؤهلة في جنوب اليمن، إذ سبق أن استهدف معسكر الجلاء في عدن وهو أكبر المعسكرات التي تدرب قوات الجيش في الجنوب، كما استهدف قاعدة العند الجوية”. وقد استغل الحوثيون برأي اليافعي “عدم وجود دفاعات جوية في المحافظات المحررة، وهذه المسؤولية يتحملها التحالف العربي فهو من بيده إنشاء دفاعات جوية بحكم ضعف الإمكانات لدى الحكومة اليمنية وبحكم أن التحالف يسيطر على الأجواء”. 

إقرأوا أيضاً:

انتقام من “القوات الجنوبية”

رئيس الدائرة الإعلامية في “المجلس الانتقالي الجنوبي” منصور صالح يوضح لـ”درج” أن “الهجوم تقف خلفه جماعة الحوثي، وهو سلوكها للانتقام من القوات الجنوبية التي تلحق بها هزائم متتالية في مختلف الجبهات”، ويضيف “نعتقد أن هناك تخادماً حوثياً واخوانياً في استهداف القوات الجنوبية، ساعد في تحقيق العملية هدفها بدقة، بخاصة أن للجماعتين جبهات مفتوحة وحرباً ما زالت قائمة مع الجنوب”، في إشارة إلى المواجهات بين قوات المجلس والقوات الحكومية التي يعتبر “الانتقالي” أنها تمثل الإخوان. 

ويشدد منصور على أن الهجوم “استمرار للحرب التي تشن على الجنوب”، مشيراً إلى عجز  الميليشيات الحوثية عن تحقيق أي شكل من أشكال الاختراق  لصفوف القوات الجنوبية، ولذلك لجأت إلى هذه العملية التي تكشف ضعفها وعجزها”. ويقول إن “هذه العملية الإرهابية من دون شك تنسف جهود السلام التي تبذل لوقف الحرب والبحث عن صيغة سلام تضمن حقوق الجميع ومصالحهم، بما فيها حق شعب الجنوب في استعادة دولته”. كما أن “الرد يكمن في استمرار التصدي لهذه الميليشيات وتحصين الجنوب منها، ومواصلة تلقينها الدروس في جبهات القتال”. 

وصلت حصيلة الضحايا إلى 30 قتيلاً وأكثر من 100 جريح، إصابات بعضهم خطرة، جراء استهداف معسكر التجنيد في “قاعدة العند الجوية”.

الانقسام وفوضى الحرب

رئيس تحرير صحيفة “عدن الغد” الصحافي والكاتب السياسي فتحي بن لزرق، يرى أن استهداف الحوثي لما يطلق عليها “المحافظات المحررة والجنوبية على وجه التحديد هو انعكاس لحالة الفوضى والتخبط التي تشهدها الحرب في اليمن”، وأنه “عندما اندلعت الحرب عام 2015 كان الحوثي غير قادر على قصف المحافظات المحررة ولا حتى على الاستهداف المتكرر للأراضي السعودية”. 

ومع ذلك، يقول لزرق إنه حينما ضلت الحرب طريقها وتعدد أطرافها وانقسم الأطراف الذين يحاربون الحوثي، “وجد الحوثي فرصة كبيرة في تعزيز قدراته العسكرية وضرب المواقع المختلفة سواء للشرعية أو للمجلس الانتقالي أو لقوات الجيش في مأرب أو في الساحل الغربي”. 

ويتابع: “السبب من وجهة نظري أن المتحالفين ضد الحوثي انقسموا في ما بينهم، وخاضوا حروباً أضعفت كل طرف، وهي ثغرة نجح الحوثي في استغلالها بشكل كبير، إذ نجح في تزويد حركة التهريب بالأسلحة وعزز قدراته العسكرية، وبالتالي نجح فعلاً في النشاط الاستخباراتي في مناطق المحافظات المحررة وتمكن من ضرب كل طرف بأريحية”. ويقول إن “الحل هو عودة الحرب إلى اتجاهها الصحيح أي محاربة الحوثي”. 

وفيما تعالت الانتقادات للحكومة والتحالف، لكونهما أخفقا في منع اختراقات الحوثيين، يشدد رئيس تحرير “عدن الغد”، على أن المسؤول عن التهاون هو حالة الانقسام، فالتحالف صار ضعيفاً في “المحافظات المحررة”، إشارة إلى تلك غير الخاضعة لسيطرة الجماعة، حيث “كنتونات متناحرة، وغاب المشروع الأساسي الذي هو في الأساس مواجهة الحوثي، وأصبح الصراع داخلياً وهو أمر استفادت منه الجماعة”.

نفي على هامش لقاء 

وعلى رغم التزام إعلام الجماعة وقادتها الصمت تجاه استهداف العند، نقلت وكالة “سبأ” الحكومية في صنعاء معلومات مفادها النفي، وذلك خلال لقاء جمع رئيس الوزراء في الحكومة الموالية للجماعة عبدالعزيز بن حبتور ونائب المنسق المقيم للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ديجو زوريلا. اعتبر الأول أن “العدوان”، يسعى إلى “إذكاء الصراع بين أبناء الوطن الواحد، وآخرها ما حصل يوم الأحد، من استهداف التحالف قاعدة العند في محافظة لحج، وتحدث عن مسارعة من وصفهم بـ”مرتزقة التحالف”، إشارة إلى الشرعية، بـ”اتهام الطرف الوطني المقاوم من دون أي دليل، كما حصل سابقاً في مطار عدن”، وفق تعبيره.

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!