fbpx

وادي بنجشير الأفغاني وأحمد مسعود:
هل يعيد التاريخ نفسه؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

للصراع في أفغانستان أبعاد إقليمية وعالمية أيضاً. تستغل دول المنطقة أفغانستان في مناكفاتها والمنافسة في ما بينها، وكانت على استعداد لتمويل الوكلاء للقتال ضد بعضهم بعضاً في أفغانستان نيابة عنها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فيما تحاول “طالبان” إحكام قبضتها على أفغانستان، يبدو أن التاريخ يعيد نفسه. ولا يزال وادي بَنجشير، الواقع في شمال شرقي كابول، الجزء الوحيد من البلد الذي لا يخضع لسيطرة المتطرفين، على رغم أنه محاصر بشكل كبير، وتم قطع الاتصالات عنه، ولا يزال يشهد قتالاً شرساً على أطرافه.

وفي الوادي، الذي يقع في التلال المرتفعة لجبال هندو كوش، ارتدى أحمد مسعود حذاء والده الشهير، واعتمر قبعة باكول الصوفية الشهيرة، ليعلن نفسه زعيماً لحركة مقاومة وليدة ضد “طالبان”. وقد عمل والده، أحمد شاه مسعود، أحد قادة التحالف الشمالي، على ضمان ألا يسقط وادي بَنجشير في أيدي “طالبان” خلال فترة حكمهم التي استمرت سابقاً بين عامي 1996 و2001. وبعد مقتل أحمد شاه مسعود على يد “القاعدة” قبل يومين من أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، أراد ابنه أن يُبقي جمر المقاومة مشتعلاً في الوادي الأسطوري.

أحمد مسعود

وأعلن مسعود الوادي ملاذاً آمناً من حكام البلد العنيفين الجدد، وقال إنه يفعل ذلك بناءً على طلب شعبه، الطاجيك المستقلين الذين أبقوا الوادي مغلقاً بإحكام أمام معظم الغرباء مذ تفاوضت إدارة الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب على عقد صفقة مع “طالبان” عام 2020، ما أدى إلى منحهم الشرعية، وتقويض الحكومة الأفغانية والجيش، وساهم في انتصار المتمردين يوم 15 آب/ أغسطس.

ويقول متمردو بَنجشير، الذين يلقبّون أنفسهم بـ”جبهة المقاومة الوطنية”، إن لديهم آلاف المقاتلين، إضافة إلى معدات عسكرية لدعم معركتهم من أجل الحكم الذاتي. لكن المفاوضات مع “طالبان” حول إدراج هؤلاء المتمردين في حكومة مستقبلية وصلت إلى طريق مسدود، ولم يُبد أي من الجانبين استعداداً لتقديم تنازلات.

وقال مسعود إنه لا يتلقى أي دعم خارجي، في حين دعا السيناتور ليندسي غراهام، والنائب مايك والتز، وهما جمهوريان، الولايات المتحدة إلى الاعتراف بمسعود ونائب الرئيس الأفغاني السابق أمر الله صالح باعتبارهما يمثلان الحكومة الشرعية في أفغانستان. وصالح هو بنجشيري عمل مع مقاومة أحمد شاه مسعود، ومنذ عودته إلى الوادي في 15 آب أعلن نفسه الرئيس الشرعي للبلد.

وأجاب مسعود على أسئلة طرحتها عليه مجلة “فورين بوليسي” الأميركية قبل قطع الاتصالات عن الوادي. وأشار إلى أنه لا يريد حرباً أهلية بقدر ما يريد حكومة تمثيلية كاملة، وعدالة، ومساواة للجماعات العرقية والدينية في أفغانستان، ووضع حد للتدخل الخارجي.

وقد نُقِّحت إجابات مسعود المُرسلة عبر البريد الإلكتروني بشكل طفيف، والتي أكدت مجلة “فورين بوليسي” أنها شفافة، وأُوجِزت لتصبح واضحة.

إقرأوا أيضاً:

فورين بوليسي: الآن بعدما سيطرت “طالبان” على كابول ومعظم أفغانستان، وأُعلنت البلد إمارة إسلامية، ما هي خططك؟

أحمد مسعود: خطتي هي السعي لتحقيق السلام أولاً وإيجاد طريقة لتلافي الحرب والصراع. لقد ناضلنا طوال الخمسين عاماً المنصرمة من أجل السلام، والحرب كانت دائماً مفروضة علينا. ومع ذلك، لا يعني السلام الاستسلام وإباحة الظلم وعدم المساواة في أفغانستان.

وإذا كانت “طالبان” مستعدة للتوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة، بحيث يتم توزيعها بالتساوي وتصبح لا مركزية، عندها يمكننا التحرك نحو تسوية مقبولة للجميع. ولن نقبل أي شيء أقل من هذا، وسنواصل نضالنا ومقاومتنا حتى نحقق العدل والمساواة والحرية.

فورين بوليسي: ما هو الدعم المقدَّم لمقاومتك؟ هل تعتقد أن شعب أفغانستان سيدعمك؟ إذا كان الأمر كذلك، لماذا؟

أحمد مسعود: لدي دعم شعبي. ولن يسمح شعبنا للمعتدين بغزو مقاطعتهم وإخضاعنا. ولهذا السبب، طلب الناس مني بدء التعبئة قبل عامين، وتحديداً في 5 أيلول 2019، عندما علموا أن عملية السلام في الدوحة (صفقة توسطت فيها إدارة ترامب وعُرقلت تقريباً جراء هجوم شُن على قاعدة عسكرية أميركية في كابول في 5 أيلول 2019 وأودى بحياة 12 شخصاً على الأقل، من بينهم جندي أميركي)، ستؤدي في النهاية إلى الوضع الحالي. ولولا الدعم الشعبي، لما تشكّلت المقاومة في هذا الوادي.

فورين بوليسي: هل تعتقد أن إقحام أفغانستان مجدداً في حرب أهلية، وهو أمر لا يُستبعد حدوثه، هو الشيء الصحيح الذي يجب فعله؟

أحمد مسعود: أنا لا أرى هذا على أنه حرب أهلية. لقد فُرضت هذه الحرب علينا من قِبل مجموعة تعتمد على دول كثيرة وليس من قِبل حركة وطنية مستقلة. وإذا كانت “طالبان” على استعداد لتقاسم السلطة مع الجميع ومستعدة لإقامة العدل ومنح حقوق وحريات متساوية لكل الأفغان، حينها سأستقيل وأعتزل ​​السياسة.

وللصراع في أفغانستان أبعاد إقليمية وعالمية أيضاً. تستغل دول المنطقة أفغانستان في مناكفاتها والمنافسة في ما بينها، وكانت على استعداد لتمويل الوكلاء للقتال ضد بعضهم بعضاً في أفغانستان نيابة عنها.

ويتمثل الجانب العالمي لهذه الحرب في عودة ظهور الإرهاب الدولي. والنضال ضد الإرهاب الدولي يجعل هذا نضالاً عالمياً، ولهذا نشدّد على ضرورة بقاء المجتمع الدولي منخرطاً في أفغانستان.

فورين بوليسي: في الواقع، كانت أفغانستان ساحة معركة بالوكالة لسنوات عدة، انخرطت فيها كل من باكستان والهند وإيران والمملكة العربية السعودية والصين والولايات المتحدة. ما هو تحليلك لمستقبل أفغانستان الجيوسياسي؟

أحمد مسعود: حدثت عمليات إعادة الاصطفاف في السنوات القليلة المنصرمة. ودفعت حكومة الرئيس الأفغاني المخلوع أشرف غني، الكثير من دول المنطقة للوقوف بجانب “طالبان”. فخطاب الحكومة القومي العرقي وسياساتها المائية استفزت جيران أفغانستان، وأثارت عداءها لتلك الحكومة، وجعلتها تتقرّب أكثر من “طالبان”.

والسبب الآخر الذي جعل قادة الدول يتقرّبون من “طالبان”، هو وجود الولايات المتحدة، وأنهم كانوا قادرين على إلحاق الضرر بالولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي من خلال دعم التمرد. وتنظر الصين إلى “طالبان” على أنها عامل استقرار، كما تنظر لأفغانستان باعتبارها دولة يمكن أن تكون بمثابة جسر بري يربطها بإيران بسهولة. وتعتقد الصين أن بإمكانها ممارسة نفوذها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتحدي الولايات المتحدة إذا كانت مرتبطة بإيران عبر أفغانستان. ولهذا السبب هم على استعداد للاعتراف بـ”حركة طالبان” ودعمها.

فورين بوليسي: هل لديك دعم من أي دولة؟ هل تتلقى أي تمويل أو إمدادات من الخارج؟

أحمد مسعود: أنا لا أتلقى أي مساعدة من أي دولة أجنبية.

فورين بوليسي: ما هو أملك بشأن مستقبل أفغانستان؟

أحمد مسعود: أملي بأن تصبح أفغانستان دولة تُوزّع فيها السلطة والموارد بالتساوي، ويتمتع فيها المواطنون بحقوقهم وحرياتهم، وتسود العدالة الاجتماعية، ويتم إحياء الإسلام الوسطي، وتُعزّز التعددية السياسية والثقافية، ويتم الحفاظ على الديموقراطية.

أعتقد أنه لا تزال هناك فرصة لتتحقق كل هذه الآمال في المستقبل، وستستطيع المقاومة تحقيق حلم والدي في أفغانستان.

هذا المقال مترجم عن foreignpolicy.com  ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي.

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!