fbpx

لبنان: مآلات المجلس الشيعي بعد رحيل قبلان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

عام 2000 تولى الشيخ عبد الأمير قبلان رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، لكن اعتلال صحة الرجل، وتغول “حزب الله” داخل أطره، واقتراب الكثير من العلماء منه على حساب “حركة امل”، حولت قبلان إلى ما يشبه رئيساً فخرياً له.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يفضي النظر في أحوال المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى منذ نشأته وحتى راهنه، إلى ثلاث مراحل ارتبطت غالباً بالشخصية الدينية التي تبوأت رئاسته.

من السيد موسى الصدر إلى الشيخ عبد الأمير قبلان، وبينهما الشيخ محمد مهدي شمس الدين، تكاد سيرة هذا المجلس تصير مرادفة للشخصيات الدينية الثلاث في أثرها وتأثيرها الديني والسياسي والاجتماعي في اللبنانيين عموماً والشيعة خصوصاً، لكن التأثيرات الثلاثة سلكت مساراً متفاوتاً وانحدارياً هو في المحصلة رديفاً للسياق الزمني لرؤساء المجلس.

    وككل شيء يرتبط بالمؤسس، ويبلغ ذروته به ومعه، كان للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى حضوره الكثيف في مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية في لبنان في المرحلة التي تولى فيها السيد موسى الصدر رئاسته، وتقصي معالم هذا الحضور تحفل بها الأحداث السياسية التي رافقت نشوء المجلس حتى لحظة تغييبه، وهذا الحضور وذاك التأثير مستمدان من شخصيته الكاريزماتية أولاً، ثم المد الشعبي الشيعي الذي احتضن حراكه السياسي، وليس انتهاءً بعلاقات عربية ودولية كانت رافداً نوعياً لهذا التأثير.

مع الشيخ عبد الأمير قبلان كان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى قد دخل بعمق مرحلة الضمور إلا من التسمية.

 مع الشيخ محمد مهدي شمس الدين، وبروز “حركة أمل”، والانشطار، من دون القطيعة، الذي حصل بين الإطارين السياسيين الوليدين على يد موسى الصدر، بدا تأثير المجلس الذي آلت رئاسته لشمس الدين مرهوناً لشخصية الأخير وقد انفض عنها البعد الجماهيري الذي ذهب نحو “أمل”. وهو أيضاً نتيجة حتمية لافتراق الرؤية بين الأخيرة والمجلس، وقد غاب المؤسس، ومن هنا بدا تأثير المجلس الشيعي منوطاً بالحضور الفكري والثقافي اللافت لشمس الدين، ومن دون تجريده من الأثر السياسي الذي ظل حاضراً، لكنه في معظم الأحيان كان أسير الاقتراب أو الاختلاف السياسي بين الراحل ورئيس “حركة أمل” نبيه بري.

 مع الشيخ عبد الأمير قبلان كان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى قد دخل بعمق مرحلة الضمور إلا من التسمية.  وكان “حزب الله” قد باشر منذ زمن حياكة بدائل مالية تخضع لمرجعيته، ومع بروز الأخير كقوة شيعية شعبية هائلة دفعت “امل” وراءها، وتشكلت منها غالبية وازنة داخل الجسم التنظيمي للمجلس. واحتواء كهذا كان كفيلاً بتسييل الدور السياسي للمجلس في خدمة الإطار الحزبي الضيق، وقد انتهت مفاعيل حضوره اللبناني والعربي بغياب الصدر ورحيل شمس الدين.

عام 2000 تولى الشيخ عبد الأمير قبلان رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، لكن اعتلال صحة الرجل، وتغول “حزب الله” داخل أطره، واقتراب الكثير من العلماء منه على حساب “حركة امل”، حولت قبلان إلى ما يشبه رئيساً فخرياً له، فيما بدا أثر المجلس في السياسة، إن وجدت، معقوداً لنائبه الشيخ علي الخطيب المحسوب على “حزب الله”، وصار حضور المجلس قاصراً، إلا عن ردود يتولاها الخطيب على المرجعيات الدينية الأخرى.

    عموماً، في الكثير من اللبنانيين غلبة للوجدان عندما يحضر الموت، والأخير هو صانع الحدث راهناً، وقد اختار الآن الشيخ عبد الأمير قبلان. والسمة الوجدانية هذه تسندها عبارة ما انفكت الألسن ترددها: “اذكروا محاسن موتاكم”. وإذا ما قدر للمرء مسايرة تلك العبارة، فأغلب الظن أنه لن يجد من محاسن الراحل أكثر من توريث نجله دار الإفتاء الجعفري، ووصفه لميشال عون في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2017 بالإمام ميشال عون.

إقرأوا أيضاً: