fbpx

العزوف الانتخابي…
هاجس يعكر صفو السلطة في المغرب

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا يختلف المشهد السياسي في المغرب عما كان عليه قبل الربيع العربي، إذ إن دائرة المحبطين من العمل السياسي تتسع يوماً بعد يوماً، ما يعيد للأذهان سيناريو انتخابات 2007 التي سجلت أدنى نسبة مشاركة في تاريخ الانتخابات في المغرب، إذ بلغت 37 في المئة فقط من عدد المسجلين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تزداد حدة النقاش حول جدوى الانتخابات في ظل تراجع الثقة في المؤسسات السياسية، فضلاً عن الاحتقان الاجتماعي الذي تفاقم، بسبب تفشي فايروس “كورونا” والأزمة الاقتصادية الناتجة عنه، وذلك باعتراف من لجنة النموذج التنموي الجديد التي شكلها الملك محمد السادس، إذ أكدت في تقريرها تراجع ثقة المغاربة في مؤسسات الدولة.

الوضع السياسي المتأزم وتراجع الثقة في الأحزاب السياسية والسياسيين خلال السنوات الأخيرة، يزيدان من مخاوف عزوف المواطنين عن العمل السياسي وعن المشاركة في الانتخابات، خصوصاً بعد تنامي خطاب مقاطعة الانتخابات والعمل السياسي من أشخاص كانوا يدعون سابقاً خلال الانتخابات التي تلت حراك عشرين شباط/ فبراير النسخة المغربية من الربيع العربي (يدعون)، إلى المشاركة السياسية وعملية التغيير. 

“الأحزاب السياسية لا تراهن على اختراق القواعد الشعبية، بل على التغلغل داخل السلطة وتوزيع المنافع على أعضائها، وهذا انعكس سلباً عليها، إذ لم تجد مرشحين لتغطية كل الدوائر الانتخابية”.

وكانت السنوات الخمس الأخيرة كافية لجعل فئة كبيرة من المغاربة يؤمنون بعدم جدوى العمل السياسي في ظل واقع الأحزاب السياسية الضعيفة لا تملك قرارها، وحتى وإن وصلت إلى قيادة الحكومة لا تحكم، إضافة إلى تراجعها عن دورها الدستوري القاضي بتأطير المواطنين والاستماع إلى مشكلاتهم وحلها.

وهذا الضعف يظهر بشكل جلي، عندما اضطرت الأحزاب السياسية إلى تعديل برامجها الانتخابية بعدما كانت أوشكت على الانتهاء منها وذلك مباشرة بعد صدور تقرير النموذج التنموي الجديد الذي يقدم رؤية لمغرب 2030، إذ تعي الأحزاب في المغرب أن هامش تنفيذ برامجها الانتخابية شبه منعدم وبالتالي يتمحور دورها في تنفيذ برنامج الدولة الذي يكون معداً سلفاً.

من جهة أخرى، إن التراجعات الحقوقية التي تعرفها المملكة وتنامي ظاهرة الاعتقال السياسي وتراجع مؤسسات الوساطة وتقوية المؤسسات المعينة على حساب المؤسسات الانتخابية، ساهمت أيضاً في توسيع نسبة العازفين عن العمل السياسي وعن المشاركة في الانتخابات، كتوجه تعبيري يعكس سخطاً مجتمعياً من الوضع السياسي والحقوقي والاقتصادي في البلاد.

إقرأوا أيضاً:

الرجوع إلى ما قبل 2011

لا يختلف المشهد السياسي في المغرب عما كان عليه قبل الربيع العربي، إذ إن دائرة المحبطين من العمل السياسي تتسع يوماً بعد يوماً، ما يعيد للأذهان سيناريو انتخابات 2007 التي سجلت أدنى نسبة مشاركة في تاريخ الانتخابات في المغرب، إذ بلغت 37 في المئة فقط من عدد المسجلين.

وفي هذا الشأن، يشير عبد الرحيم العلام أستاذ العلوم السياسية إلى أن “المشهد يشبه إلى حد كبير انتخابات 2007 و2009، من حيث الاحباطات التي تلت تعيين ادريس جطو وزيراً أول بدلاً من عبد الرحمان اليوسفي الذي قاد تجربة التناوب التوافقي، ما دفع المغاربة للابتعاد من الاهتمام بالسياسة ومقاطعة الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2007″، وتابع “ما حدث لليوسفي تكرر خلال عام 2016 حين فاز حزب العدالة والتنمية (الإسلامي) في الانتخابات وما تلاه من (بلوكاج حكومي) تسبب في إبعاد عبد الإله بنكيران من رئاسة الحكومة وحل مكانه سعد الدين العثماني”.

ويوضح العلام لـ”درج” أنه خلال فترة حكومة بنكيران كان المغاربة يهتمون بالسياسة وكانوا مطلعين على كل ما يحصل في البرلمان والشأن العام، لكن بعد خمس سنوات عجاف من حكومة العثماني أصبح واضحاً أن المغاربة عادوا إلى اللامبالاة بالشأن السياسي وهذا ينعكس على نسبة المشاركة في الانتخابات الحالية.

مؤشرات عن العزوف 

على رغم أن المغرب غير نمط الاقتراع من خلال اعتماد القاسم انتخابي على أساس المسجلين في القوائم الانتخابية، وليس على أساس المصوتين، مع إلغاء العتبة الانتخابية، لرفع نسبة التصويت وتمييع اللعبة السياسية من خلال تقوية أحزاب على حساب أخرى، إلا أن هناك مؤشرات على أن نسبة التصويت يمكن أن تشهد تراجعاً عن تلك التي سجلت في الانتخابات السابقة، إذ أكد الأستاذ الجامعي وكاتب الرأي خالد البكاري، أنه يمكن رصد هذه المؤشرات “من خلال الفتور الذي يقابل به المواطنون الحملات الانتخابية، ومن خلال التدوينات في وسائط التواصل الاجتماعي”.

واعتبر البكاري لـ”درج” أن “هذا العزوف المرتقب له أسباب متداخلة، فمن ناحية نجد تداعيات جائحة كورونا، ومن ناحية هناك غياب لأي صراع سياسي حقيقي يمكن أن يغري مواطناً للدفاع عن مشروع حزبي ما، إضاة إلى غياب بدائل حزبية حقيقية يمكن من خلال التصويت عليها أن يعاقب المواطنون حزب العدالة والتنمية، الذي ترأس الحكومة لمدة عشر سنوات، وبالتالي فالمواطنون أمام خيبة امل من حزب العدالة والتنمية من جهة، وأمام غياب بدائل حزبية من جهة أخرى”.

وأضاف “طبعاً فإن فئة ستقاطع الانتخابات إما بسبب الاحتقان الحقوقي والسياسي في البلد، والذي يعبر عنه استمرار الاعتقال السياسي وضرب الحقوق والحريات، كما أن هناك تنظيمات سياسية ومدنية تقاطع بسبب الدستور والأداء السياسي اللذين لا يسمحان للحكومة بممارسة صلاحيات معتبرة كأي حكومة خرجت من صناديق الاقتراع”.

ويرى البكاري أنه “على رغم تداخل هذه الأسباب فإن القاسم المشترك هو إحساس المواطنين بأن لا قيمة لتصويتهم، وأن الانتخابات والحكومة والبرلمان لا تؤثر في تدبير الشأن العام وتحسين أوضاعهم الاجتماعية”.

“نسبة المشاركة المرتفعة في الاستحقاقات الانتخابية تقلل من المخاطر السياسية وهي وسيلة للتغيير السلمي، لكن الحكومات التي تكون لديها امتدادات جماهرية ضعيفة لا تستطيع الصمود أمام التحديات”.

العلام يلفت إلى أن “الأحكام الثقيلة التي صدرت في حق نشطاء الحركات الاجتماعية واعتقال عدد من الصحافيين، وكيف تحولت الأحزاب السياسية إلى ما يشبه “المغرق” في الملفات الحقوقية وتهديد الحركات عوض الانخراط فيها وتأطيرها، عوامل دفعت كثراً إلى اعتبار أن أصواتهم لا يساهم في صنع القرار، والأحزاب الموجودة في الساحة السياسة غير مؤثرة فما الدافع الذي يجعلهم يشاركون في الانتخابات؟”. ويتابع: “الأحزاب السياسية لا تراهن على اختراق القواعد الشعبية، بل على التغلغل داخل السلطة وتوزيع المنافع على أعضائها، وهذا انعكس سلباً عليها، إذ لم تجد مرشحين لتغطية كل الدوائر الانتخابية”.

عدم تطبيق الأحزاب السياسية برنامجها الانتخابي مؤشر آخر على عزوف المغاربة عن المشاركة في الانتخابات، إذ يقول العلام إن “الأحزاب السياسية لا تتذكر برامجها الانتخابية إلا خلال الحملة الانتخابية وبعد الانتخابات تصرح للرأي العام بأنها تطبق برنامج جلالة الملك”، مضيفاً، “اليوم بوجود النموذج التنموي الجديد الذي أعدته لجنة غير منتخبة، على رغم أن الخطاب الملكي تحدث عن أنها لجنة استشارية، جعل مجال المناورة لدى الأحزاب ضعيفاً جداً، لأن هذا التقرير يراد له أن يكون حاسماً في العشر السنوات المقبلة على الأقل”.

ويتنبأ العلام بأنه في حال نتجت عن هذه الانتخابات حكومة ضعيفة ومسؤولين ليس لهم القدرة على الدفاع عن سياسات الدولة، فضلاً عن استمرار الوضع الاقتصادي المتأزم، لن تستطيع الحكومة إكمال ولايتها وستواجه هزات متتالية، مردفاً أن “نسبة المشاركة المرتفعة في الاستحقاقات الانتخابية تقلل من المخاطر السياسية وهي وسيلة للتغيير السلمي، لكن الحكومات التي تكون لديها امتدادات جماهرية ضعيفة لا تستطيع الصمود أمام التحديات”.

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!