fbpx

انفجار مرفأ بيروت: هل تُنهي السلطة عرقلة عمل طارق بيطار بتنحيته؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الجريمة التي ارتُكبت على مدى سبع سنوات هي جريمة معقّدة ومتشعّبة ولها بعد دولي، وهولها يُفترض أن يساعد على فرض مبدأ المحاسبة وكسر نظام الإفلات من العقاب المكرّس في لبنان منذ الحرب الأهلية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“منذ متى يجتمع حزب الله مع حركة أمل وتيار المستقبل وكأنهم طرف واحد؟ كل ما أراه اليوم هو تكتّل القوى السياسية كي لا نصل إلى الحقيقة”، يقول المتحدث باسم عائلات ضحايا انفجار المرفأ ابراهيم حطيط لـ”درج”، مؤكداً أنهم صبروا بما فيه الكفاية ولا حصانات فوق دم ضحاياهم، وعليه فإن التصعيد آتٍ.

بعد مرور أكثر من عام على جريمة انفجار المرفأ بلا محاسبة أي متورّط، تُمعن السلطة السياسية في عرقلة التحقيقات التي يقودها القاضي طارق بيطار. إذ ترفض القوى السياسية إعطاءه أذونات بالملاحقة، بينما يضع مجلس النواب يده على التحقيق بالجانب المتعلّق بالنواب والوزراء. كما ترفض النيابة العامة التمييزية ملاحقة الضباط الأمنيين، وهو ما تقول المحامية في “المفكرة القانونية” غيدة فرنجية إنه “الأخطر”، شارحةً أن “قضاة النيابة العامة التمييزية يُفترض بهم أن يكونوا أول المدافعين عن الحق العام، إلا أن المواقف التي يتخذونها تصب في مصلحة المشتبه بهم والمدعى عليهم من النواب والوزراء”. وبالتالي فإن النيابة العامة هي خصم أساسي في التحقيق. وهو ما دفع نقابة المحامين إلى تقديم دعوى ارتياب مشروع ضد محامي النائب العام التمييزي غسان خوري، كونه مستلم التحقيقات وأحد معرقليها. هذا عدا الحملة السياسية والإعلامية القائمة ضد بيطار واتّهامه بالتسييس والاستنسابية. إذ كان لافتاً هجوم أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله الذي شنّه ضد بيطار، والذي يماثل الانتقادات التي سبق أن وجّهها لسلفه القاضي فادي صوّان، قبل أن تتمّ تنحيته من منصبه، إذ اتهمه بـ”التحيّز والتسييس”، سائلاً عن “الدليل” الذي استند إليه لاستدعاء بعض الشخصيات السياسية والأمنية والادّعاء عليها، وهو ما يطرح أسئلة عن تنحية بيطار، خصوصاً أنه يخوض معركته بشراسة وسط تضامن شعبي كبير. وفي هذا السياق، تؤكّد فرنجية أن “ضمان سير التحقيق على الطريق الصحيح يتطلب مجموعة من الإصلاحات، أهمها إقرار قانون استقلالية القضاء لضمان أن المحققين سيمتلكون الشجاعة والطمأنينة والجرأة الكافية أثناء التحقيق”. 

هذا الدعم الشعبي الذي يحظى به بيطار، أتى رداً على حملة الاستشراس السياسية ضده، في مشهدٍ يشي بأن اللبنانيين اكتفوا من نظام اللامحاسبة والإفلات من العقاب الذي يسيطر على البلاد منذ ثلاثة عقود إلى الآن. وعليه، التضامن مع بيطار، أو أي محقق عدلي آخر يجرؤ على مواجهة السلطة، هو رغبة في كسر هذا النظام. 

أين أصبحت التحقيقات؟

“ثقتنا كبيرة بالقاضي بيطار”، يقول حطيط. 

الإطاران القانوني والسياسي وما فيهما من عقبات تواجه المحقق العدلي، لم تمنعه من استكمال عمله. إذ أعاد بيطار النشاط إلى ملف المرفأ بعد أسابيع من محاولة سحب السلطة جانب التحقيق المتعلّق باستجواب المسؤولين السياسيين من يده. 

يتركز جدول استجوابات طارق بيطار في ملف المرفأ في شهر أيلول/ سبتمبر. لا سيما 20 أيلول، الموعد المفترض لاستجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. ويسبقه استجواب كل من مدير المخابرات السابق ​العميد كميل ضاهر، ومدير إقليم بيروت في الجمارك بالإنابة سابقاً موسى هزيمة. إضافة إلى قائد الجيش السابق جان قهوجي والعميد السابق في الجيش جودت عويدات، وغيرهم كثر، على أن يبقى مثول النواب المدعى عليهم، الوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق، مؤجلاً لحين سقوط الحصانة عنهم. 

وفي هذا السياق، تؤكّد المحامية غيدة فرنجية لـ”درج” أن “التمنّع عن المثول أمام القضاء بات واضحاً”، لا سيما في ما يتعلّق بشخصيات “الصفّ الأول” المرتبطة مباشرةً بالملف. “ما يحصل اليوم هو تماماً ما عطّل المحاسبة على مرّ ثلاثة عقود بعد الحرب الأهلية، إذ إن السلطة التشريعية والتنفيذية وموظفي الدولة رفضوا الخضوع للمحاسبة المطلوبة بعدما ارتكبوا جرائمهم”.  

يقود القاضي بيطار قضية أساسية في معركة ضمان استقلالية القضاء، وهي قضية المرفأ. بيطار أصدر مذكرة توقيف وجاهية بحق كل من مدير العمليات السابق في مرفأ بيروت سامي حسين، الذي بات مدّعى عليه، في جناية “القصد الاحتمالي لجريمة قتل”، وجنحة “الإهمال والتقصير”. وهذه المذكرة هي الثانية التي يصدرها في أقل من أسبوع. إذ أصدر بيطار مذكرة مشابهة بحق عضو المجلس الأعلى للجمارك ومدير إقليم بيروت السابق في الجمارك هاني الحاج شحادة، فيما يقول مسار التحقيقات إن المحقق يتّجه نحو توقيف آخرين. 

يأتي ذلك فيما رفض وزير الأشغال العامة والنقل السابق يوسف فنيانوس المثول أمام القضاء وقدّم وكيلاه القانونيان، المحاميان طوني فرنجية ونزيه الخوري، بالدفوع الشكلية لعدم استجوابه في الملف، بذريعة أنّ “صلاحية الادعاء واستجواب فنيانوس تعود إلى مجلس النواب والمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وليس للقاضي البيطار”. ما دفع بيطار إلى إرجاء جلسة الاستجواب إلى 16 أيلول لحين البتّ بالدفوع الشكلية المقدّمة. 

رفع أهالي الضحايا شعار “هذه المرة ليست كما كل مرّة”.

الامتناع عن المثول انطبق أيضاً على المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي رفض وزير الداخلية محمد فهمي طلب المحقق العدلي الإذن بملاحقته. كما رفض مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، الادعاء على كل من إبراهيم، ومدير عام جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا.

من جانبٍ آخر، أوردت “الوكالة الوطنية للإعلام” أن بيطار أشرف على “عملية محاكاة لورشة تلحيم” سبقت الانفجار “للتحقق مما إذا كان للتلحيم تأثير مباشر في التسبب بالحريق في البداية ثم الانفجار”. فيما انطلق التحقيق من البحث في ثلاث فرضيات، أولها اندلاع حريق من طريق الخطأ، أو بشكل متعمد أو عبر استهداف جوي. لكن تقريراً تسلمه بيطار من محققين فرنسيين ساهم في استبعاد الفرضية الأخيرة. كما ينظر التحقيق في تحديد كيفية وصول شحنة نيترات الأمونيوم إلى المرفأ وأسباب تركها مخزنة لسنوات في العنبر رقم 12.

رفع أهالي الضحايا شعار “هذه المرة ليست كما كل مرّة”. الجريمة التي ارتُكبت على مدى سبع سنوات هي جريمة معقّدة ومتشعّبة ولها بعد دولي، وهولها يُفترض أن يساعد على فرض مبدأ المحاسبة وكسر نظام الإفلات من العقاب المكرّس في لبنان منذ الحرب الأهلية. فهل ينجح بيطار في كسر النهج السائد أم ستسارع السلطة السياسية إلى تنحيته كما فعلت سابقاً مع القاضي صوان، حين طلب استجواب نواب ووزراء، مرة أخرى بحجة الحصانات؟

إقرأوا أيضاً: