fbpx

الناصرية تكافح الدعاية الانتخابية
لأحزاب السلطة العراقية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تحت أسماء مختلفة، أن تنافس لكسب أكبر قدر ممكن من الأصوات والمؤيدين، إلا ان خيبة الأمل ما زالت هي الشعور السائد بين معظم الناخبين الذين يناهز عددهم مليون و150 ألفاً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

هي المرة الأولى التي تخلو فيها شوارع مدينة الناصرية في جنوب العراق وساحاتها من الدعاية الانتخابية في فترة التحضير للاستحقاق الانتخابي. كانت المدينة معتادة على الحملات الانتخابية كل أربع سنوات منذ عام 2005، لكن هذا العام كان مختلفاً تماماً. 

هي الانتخابات النيابية الأولى بعد حراك تشرين 2019، الذي سقط في سبيله أكثر من 800 قتيل وآلاف الجرحى وعشرات المختطفين. وللناصرية حصة كبيرة من الثمن الذي دفعه العراقيون المنتفضون على الميليشيات وأحزاب السلطة. ولهذا لا يزال متظاهرو الناصرية غاضبين من الأحزاب، وهددوا بتمزيق أي إعلان انتخابي حزبي، فيما لا تزال مقار الأحزاب والفصائل المسلحة في مدينة الناصرية خاوية محترقة ومدمرة، مذ قام المتظاهرون في تشرين 2019 بإحراقها وتجريف البعض منها تعبيراً عن الغضب من حجم الضرر الذي لحق بالمدينة نتيجة سياسات الأحزاب وميليشياتها.

الأحزاب السياسية التي حكمت العراق 18 عاماً، لم تجرؤ حتى الآن على رفع أي لافتة أو شعار مرتبط بها داخل المدينة، التي عرفت بعصيانها المدني ضد الأحزاب والميليشيات المسلّحة، الذين تحمّلهم مسؤولية قمع المتظاهرين وقتل النشطاء واختطافهم. ويبدو أن مفوضية الانتخابات في العراق انتبهت إلى هذا التفصيل، أي منع مرشحي السلطة في الناصرية من الاعلانات الانتخابية، فسمحت بفترة أطول للبدء بالدعاية الانتخابية، وجعلتها 90 يوماً بعدما كانت تقتصر على 30 في المرات السابقة. 

“الدعاية الانتخابية هي من أموال الشعب ونتيجة الفساد المالي الذي حصلوا عليها، ويصرفونه بشكل مخالف للضوابط الدعائية، لكن الدوائر الرقابية لا تمتلك القوة لمحاسبتهم”.

فوج لمكافحة دعاية الأحزاب الانتخابية

الناشط هشام السومري يرى أن الانتخابات الحالية هي وجه آخر من وجوه الفساد السلطوي بعد المشاركة الواضحة لأحزاب السلطة ومرشحيها في محاولة الانقلاب على إنجازات تشرين، وأن ما يحصل في هذه المدينة والمدن الأخرى، يعبّر عن غضب المتظاهرين إزاء سياسة الأحزاب ضد الشعب، فالشباب العراقي الغاضب لا يرغب بوجود أي دلالة أو إشارة لدعاية خاصة بالأحزاب.

منصات التواصل الاجتماعي التابعة للمتظاهرين أطلقت منذ أشهر تحذيرات من وضع أي صورة للمرشحين في شوارع الناصرية، عبر تشكيل ما سموه “فوج مكافحة الدعاية الانتخابية لمرشحي الأحزاب”، وهو فوج مهمته تمزيق أي لوحة فيها إشارة إلى مرشح انتخابي داخل المدينة.

المتظاهر علي الموسوي يجد أن خلو الشوارع من صور مرشحي أحزاب السلطة وميليشياتها هو حفاظ على البيئة العامة من “الملوثات”، فـ”الدعاية الانتخابية هي من أموال الشعب ونتيجة الفساد المالي الذي حصلوا عليها، ويصرفونه بشكل مخالف للضوابط الدعائية، لكن الدوائر الرقابية لا تمتلك القوة لمحاسبتهم”.

هذا الإجراءات، دفعت بمئات مرشحي السلطة إلى اللجوء إلى “فايسبوك”، للإعلان عن برامجهم الانتخابية، بعدما بات رفع إعلاناتهم الانتخابية في الطرق صعباً، وخصوصاً في مدينة الناصرية. فخوف مرشّحي الأحزاب من الظهور في الشوارع أصبح سمة غالبة على المرشحين وشهدت مدينة الحلة اقتحام متظاهرين أحد المؤتمرات الانتخابية في الفترة الماضية.

مجلس القضاء الأعلى العراقي أصدر مؤخرا توجيهاً حكومياً خاصاً بمحاكم التحقيق المنتشرة في المحافظات العراقية، يطالبها باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المعتدين على صور المرشحين وبرامجهم الانتخابية، للحد من هذه الظاهرة مع قرب الانتخابات. وأشار إلى أن قانون الانتخابات يعاقب كل من يتعمد الاعتداء على صور المرشحين أو برامجهم المنشورة في الأماكن المخصصة لها.

وأقدم عشرات المتظاهرين قبل أيام في الناصرية على إزالة إحدى صور المرشحين وإحراقها في ساحة الحبوبي، أبرز ساحات التظاهر في العراق وتعرض آخرون للملاحقة بعد محاولتهم تمزيق صورة أخرى، واعتقلت القوات الامنية اثنين منهم وإثر ذلك تظاهر العشرات في اليوم التالي مطالبين بإطلاق سراحهما.

إقرأوا أيضاً:

رابع ثقل انتخابي في العراق

فترة قصيرة تفصلنا عن موعد الانتخابات التي يتنافس فيها أكثر من 3200 مرشح، والناصرية تعدّ رابع ثقل انتخابي بين بقية المدن إذ تمتلك 19 مقعداً يتزاحم عليها المرشحون، وتحاول الأحزاب السياسية تحت أسماء مختلفة، أن تنافس لكسب أكبر قدر ممكن من الأصوات والمؤيدين، إلا ان خيبة الأمل ما زالت هي الشعور السائد بين معظم الناخبين الذين يناهز عددهم مليون و150 ألفاً.

أستاذ العلوم السياسية في ذي قار نجم الغزي يرى أن ما يحدث في مدينة الناصرية من منع تعليق صور المرشحين وتمزيق البعض منها، يحمل رسائل بأن هذه المدينة لم تنس ما حدث معها من قتل 130 متظاهراً وجرح المئات وهذه الرسائل لم تقرأها الأحزاب السياسية بشكل واضح، فهي تشكّل رفضاً صريحاً للأحزاب التقليدية الحاكمة. ولهذا تبدو الدعاية الانتخابية، إن وُجدت، خجولة في المدينة، بحسب الغزي، كاشفاً أن هناك مرشحين يقومون بالتسويق لأنفسهم عبر الاتصالات الهاتفية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، تفادياً للاصطدام بالغضب الشعبي. لكن الغزي لا يبدو متفائلاً من قدرة الأحزاب التشرينية على هزيمة أحزاب السلطة، لأن الأخيرة لا تزال تتمتّع بالدعم الإقليمي والخبرة والمال والسلاح، ما يرجّح أن تكون قادرة على حسم المعركة في النهاية لمصلحتها، على رغم الغضب الشعبي الكبير ضدها. 

إقرأوا أيضاً: