fbpx

هشام سلام في مواجهة إسلاميي مصر…
حرب بين العلم والإيمان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“الخلط بين الدين والعلم من خلال تضخيم حدوتة الإعجاز العلمي المخدرة تغري رجل الدين بالتدخل في شؤون العلم وتعطيل تقدمه وشل إنجازاته، والأمثلة كثيرة على هذا التعطيل في بلادنا المسلمة”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

الإنسان أصله قرد، هكذا يكتب الدكتور هشام سلام، عالم الفقاريات المصري، على صفحته في “فايسبوك”، ولكن بصيغ مختلفة وأساليب علمية وصور لحفريات وهياكل عظمية، تثبتُ نظرية التطوّر من الناحية العلمية. وعلى هذا يواجه هشام سلّام انتقادات واتهامات مستمرة بالإلحاد لكونه من أنصار نظرية التطور. 

يفتش هشام سلّام في الصحراء والحفريات والتاريخ البيولوجي والهياكل العظمية للكائنات التي عاشت قبل آلاف السنين ليكتشفَ أن إنسان العصر القديم ليس هو نفسه إنسان العصر الحديث، وأن نشأة الكون لها تفسير وتصوّر واضح توصّل إليه العلم. 

لماذا يعترض ذوو الخلفيات الدينية؟

يسرد سلّام العلم بلغة بسيطة وجذابة كالتي يستخدمها شيوخ الزوايا والمساجد الصغيرة لتغذية التشدُّد… تصل لعامة الناس وتقنعهم ليفهموها بسهولة. وهذا هو الخطر الأكبر بالنسبة إلى الإسلاميين… “اللغة”، من خلالها يسيطرون على البشر، ويخافون أن تتحول إلى “نافذة اختراق” للذين ترعرعوا دينياً تحت أيديهم. واعتاد الإسلاميون حين يجدون ذلك، دق طبول الحرب على من ينافسهم فيها، حتى يسرعوا إلى تشويهه قبل أن يُحدث خللاً في منظومة إيمان المتردّدين، الذين يسمعون المشايخ ولا يؤمنون بما يقولونه بشكل كامل.

كانت اللغة سلاحاً ذهبياً لدى الدكتور مصطفى محمود أيضاً، صاحب برنامج “العلم والإيمان”، الذي بدأ عرضه عام 1971 مع تغوّل الإسلاميين في المجتمع المصري بالاتفاق مع الرئيس الأسبق أنور السادات، لمقاومة سطوة اليسار، وكان ضمن الخطة برنامج علمي إسلامي يؤيّد ميلَ المصريين إلى الدين ويربط بين العلم والإيمان (اللذين لا يلتقيان– بحسب د. سلام)، بل يجعل العلم حُجة على الدين، وكأنه يقول: ما يقوله الإسلاميون صحيح، العلم أيضاً يقول ذلك، ليجد مبرراً للرئيس، الذي لقّبه محمود بـ”المؤمن”، لفتح الساحات لهم. وكان يقدم علماً مخلوطاً بالدين، فيحرّر الموت من أسبابه البيولوجية ويحكي عما يراه الشخص المقبل على الموت والعائد من الموت حتى إنه مما يراه، حين يعود يتعامل مع الحياة بحكمة وزهد، وشرح نظرية التطور لداروين بشكل منقوص، محاولاً إثبات سذاجتها وخطأها من دون أن ينتقدها نقداً موضوعياً، إضافة إلى عشرات الأساطير التي روّجها وكانت على هوى الإسلاميين ذوي الحظوة في ذلك الوقت، إلا أنه لم يقترب من الحياد حتى يضمنَ استمرار البرنامج، الذي ظل 28 عاماً يعرض على التليزيون المصري، وتحول إلى مرجع إسلامي للعلم.

يرصد موقع “إسلام ويب“، رداً على سؤال حول موقف الإسلام نظرية داروين، اختلافات بين النظرية والدين. منها أن نظرية التطور تقول إن الطبيعة هي التي تخلق عشوائياً وليس الله،إضافة إلى معرفة كيفية نشأة الأحياء على الأرض، على رغم قوله تعالى “ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم”. فضلاً عن قول أنصار النظرية إن البقاء للقوي والكوارث هي سبب هلاك المخلوقات الضعيفة. وأخيراً، تكريم الله لبني آدم الذي لا يتناسب مع ردّ أصل الإنسان إلى قرد، قال تعالى: “ولقد كرمنا بني آدم”.

تبدو جميع الأسباب مردوداً عليها، ويبدو أن مروّجيها يريدون احتكار رواية القصة الكاملة للبشر، بجميع التفاصيل، ويمكن العثور على “حلول وسط” بين الدين والنظرية حتى يتوافق العلم مع الدين.

أزمة سلام، هي نفسها أزمة “الدحيح” أحمد الغندور، مقدم المحتوى العلمي، الذي طالته اتهامات بالإلحاد أيضاً.

يفسر سلّام مواجهته عداء كبير، بقول: “الأمر يرجع إلى الأيديولوجيات المختلفة، الناس لا يريدون معرفة شيئ يخالف ما عرفته من قبل، أنا لا أقول كلاماً لتغيير قناعات الناس، دوري أن أعلمهم ما لا يعلمون”. أمّا عن التطور، فيوضح أنّ “الفرق، هو أن المتدينين تترسخ لديهم فكرة الإيمان، وتعريف الإيمان هو تصديق الغيب وتصديق الشيء من دون أن تراه، بينما العلم ليس كذلك، العلم يتنافى مع فكرة الإيمان كلياً، لأن الإيمان غيبي، بينما العلم مبني على المعلومات والأشياء الملموسة، كما أنه يتغيّر، وفي العلم لا بد من أدلة ملموسة”.

ويدور سلام حول الشائعات التي تتردَّد دائماً- ويشيعُها أصوليون– بأن “الغرب أنكر التطور وفندوه وضحدوه”: “التطور يُدرس في جميع أنحاء العالم، التطور هو أساس علم البيولوجي، يُدرّس في جميع الأماكن بالخارج”. 

وكان هشام سلام واحداً من هؤلاء، وبالتبعية فهو يفهمُ دوافعهم وتحدياتهم ويعذر جهلهم والبيئة التي نشأوا فيها، والطريقة التي تعلَّموا بها، وبعدما كان يفكِّر بحزن في التعليقات التي تهاجمه على مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح الأمر بالنسبة له نافذة يقدّم من خلالها علمه بطريقة سلسلة وسهلة وبسيطة ومقنعة.

أزمة سلام، هي نفسها أزمة “الدحيح” أحمد الغندور، مقدم المحتوى العلمي، الذي طالته اتهامات بالإلحاد أيضاً.

سبق سلام في تطويع اللغة لتقديم محتوى علمي محايد.. أحمد الغندور “الدحيح”، في حلقة بعنوان “أبيع نفسي”، كان يؤيد حق تصرف الإنسان في جسده، سواء بالتبرع بأعضائه، أو بيعها، أو بيع الحيوانات المنوية والبويضات، بينما يرى دُعاة الأصولية، أن “الإنسان لا يملك في نفسه شيئاً، لا الجسد ولا الروح”. وبشكلٍ علمي، أصّل الدحيح للفكرة، التي تعتبر غير مقبولة اجتماعياً أو مشروعة في مصر حتى الآن، حتى أن التبرع بالأعضاء لإنقاذ حياة البشر – حتى بعد الموت – لا يزال “محل جدل”.

وفي حلقة أخرى، تلقى هجوماً واتهاماً بنشر الإلحاد لحديثه حول الانفجار العظيم. قال إنه، “منذ 14 مليار سنة، حصل ما يسمى بالانفجار الأعظم، وعلى حد علمنا، دي بداية الكون”. تحقق حلقات الدحيح مشاهدات مليونية، وهو ما يزعج الإسلاميين، إذ إنه مُنتشر ويروّج أفكاراً لا يريدون أن ترى النور، ولهذا يبادرون بتكفيره.

رافعو رايات “حماية الأديان” لا يهدأون في مواجهة تلك الأفكار، التي تهدم جانباً كبيراً من كهنوتهم، وفي حلقة “نهاية الموت”، يقول الدحيح إن التطور الكبير في مجالات التصدي للأمراض ووقف العنف يزيد أعمار البشر، و”من المتوقع بقدوم عام 2050 أن عدد الناس اللي بتوصل لـ80 سنة هيزيد 3 مرات”. ما الذي يزعج الإسلاميين في أن يعيش البشر عمراً أطول؟

يزعجهم أن هذا القول يتنافى مع حديث نبوي يقول: “أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك”. 

لن تهدم تلك الأفكار الدين مرة واحدة، لكنهم يعتقدون أن كثرة الأفكار التي تهدم أجزءاً من الدين ربما تصل به في النهاية إلى إسقاط الإسلام بكامله، وعدم السيطرة على الأجيال الجديدة، التي يتفتّح وعيها، لتناقش أفكاراً دينية بجرأة وحُجة.. وتتجه إلى الخروج على الدين، أو الشك فيه.

عُقدة “الترند”

يتّبع الدحيح منهجاً وهدفاً هو توصيل معلومات علمية بحتة بأسلوب “روش” وسريع ومختلف يجذب الشباب، يقول ذلك حتى يغادره المتطرفون أو لا يأخذوه بتلك الجدية. بينما لهذا السبب تحديداً يشاهدونه ويهجمون عليه بجدية شديدة. فهم يعرفون أن تلك “الروشنة” هي التي تغيّر مسارات الشباب، وأفكارهم، فحتى الصيغة الهزلية- في الغالب- تكون نتائجها جدية للغاية، فضلاً عن تأثيرها وانتشارها الكبيرين.

وفي هذه النقطة، يلتقي الدحيح أحمد الغندور مع  هشام سلام، بينما يعرف الإسلاميون أهمية صناعة “الترند” الذي كانوا أمهر العرب في صناعته، للتجييش لقضاياهم ودعمها وجذب تعاطف الملايين لتأييدها، فهكذا قادوا حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية غضباً على الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وحرّفوا تصريحاته وأشعروا كل مسلم بأنه في خطر، ويجب أن يقاطع ويتضامن، بينما كانت توجهاً إسلامياً مدعوماً من تركيا “العدو الأوروبي لباريس”، وبالطريقة ذاتها، يقودون حملات لمناصرة المسلمين في بورما والصين ومناطق أخرى من العالم من دون شرح أبعاد القصة، باعتبار المسلمين قطيعاً يقودونه بالعصا، ولا يريدون له أن يعرف أكثر عن العلم والعالم حتى لا يتمرد.

إقرأوا أيضاً:

لماذا يكره السلفيون العلم؟

العقل السلفي ينتمي إلى الماضي، ويقدّس التراث، ولا ينحاز لأي تطور أو تقدم قد يقود البشر أو يغريهم للإيمان بأفكار أو تصورات أخرى تتناول الحياة سوى الذي “وجدوا عليه آباءهم” في الكتب القديمة. يتجلَّى ذلك في فتوى أصدرها الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية في مصر، حول دراسة نظرية تطور الإنسان لداروين وإجراء أبحاث تتناولها في الكليات. قال: “لا يجوز أن يقدم الشخص على هذا الأمر، وإذا تم إجباره فعليه أن يخبر فقط حول النظرية. وردّ على سؤال طالب على المواقع الرسمي للدعوة السلفية قائلاً: “حاول أن تضع في بحثك ما ينقض النظرية”.

وجاء المشايخ الأقل تشدُّداً معترضين على فتوى “برهامي” بحجة أن الفكر تمكن دراسته طالما لم يعتقد فيه، ولكن للحذر منه، وأضاف الدكتور محمد عبد العاطي، عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر في القليوبية، أنّ “الإنسان مكلف أن يدرسَ كل شيء ليعرف كيف ينقده ويدحضه حتى إن كان يراها نظرية كفرية”.

هل تعارض النظريات العلمية النصوص الدينية؟

يرى د. خالد منتصر، الكاتب والطبيب، أن منهج العلم مختلف عن منهج الدين، وفي رأيه أن “هذا الاختلاف لا يعيب كليهما، ولا يعني نقصاً في أحدهما، والمقارنة بينهما لا محل لها، فالعلم هو تساؤل دائم، أما الدين فيقين ثابت، العلم لا يعرف إلا علامات الاستفهام والدين لا يمنح إلا نقاط الإجابة”. 

يعني حديث منتصر أنّ الدين يسير باتجاه محدد ويفسر قضايا ويحمل هدفاً، بينما يحمل العلم هدفاً آخر يبعدُ منه تماماً، فالأول هدفه إثارة الأسئلة والقلق، والثاني يهدفُ إلى نشرِ الطمأنينة في قلوب البشر. والدين يقين ثابت لا يتغير ولا يتطور بمرور الزمن، أما العلوم فتتغير وتتجدد وتظهر نظريات جديدة على أنقاض نظريات قديمة، وافتراضات جديدة تنسف أفكاراً قديمة، والذي ينتظرُ من الدين إجابات علمية كالذي ينتظرُ من العلم فتاوى شرعية، كلاهما لن يصلَ، فهل يخالف العلم النصوص الدينية؟

فرض الإسلام العلم وجعله ضرورة واجبة على كل مسلم ومسلمة، وشجع الإنسان على طلب العلم “ولو في الصين”، ولم يساوِ بين العلماء وغيرهم من البشر، بحسب الآية القرآنية التي تقول: “قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ”، لكن هناك من يريد جر العلم من المعمل إلى المسجد ليصبح مقياس نجاح النظرية العلمية هو مدى مطابقتها للنصّ الديني. 

والأزمة أن النصّ الديني “تعبير فضفاض” إذ إنه يضم الآيات القرآنية، ويتّسع ليضم الأحاديث النبوية، ويتّسع أكثر ليصبح كتب التراث، ويتّسع أكثر وأكثر – بفعل الزمن – ليشملَ آراء المشايخ وفتاويهم. لم يقدم الدين فتاوى علمية، لكن هناك من المشايخ من يريد أن يجعله سابقاً للعصر بالاكتشافات العلمية التي سبق إليها الجميع، ليصبح ذلك السبق دلالة على صدقيته وإنجازه وإعجازه، والمثال الأبرز على ذلك زغلول النجار، الذي رفع شعار الإعجاز العلمي في القرآن.

بينما يسعى البعض حتى الآن لإثبات أن الأرض مسطحة، يقولون إن الإسلام أول من قال إن الأرض “بيضاوية” كما يتفق المجتمع العلمي بعد سنوات من الدراسة والبحث، وظهر ذلك في النصّ القرآني “وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا”. يدّعون أن “دحاها” مأخوذ من “الدحية” (أي البيضة)، على رغم أن دحاها هي فعل يعني بسطها وجعل العيش عليها سهلاً للبشر والحيوانات والنباتات.

وهكذا لا يتناقض العلم مع النص القرآني، إنما يتعارض مع التفسيرات “الملفقة” للقرآن والنصوص الدينية. 

سر الحجامة وجناح الذبابة

يفسّر خالد منتصر تغوّل المشايخ على العلم، في كتابه “وهم الإعجاز العلمي”، قائلاً: “يصمت الجميع خوفاً من اتهامات التكفير وإيثاراً للسلامة لأن الطوفان عالٍ والجميع يريد تصديقه، هذا الخلط بين الدين والعلم من خلال تضخيم حدوتة الإعجاز العلمي المخدرة تغري رجل الدين بالتدخل في شؤون العلم وتعطيل تقدمه وشل إنجازاته، والأمثلة كثيرة على هذا التعطيل في بلادنا المسلمة”.

يمكن أن يكون ذلك تفسيراً لفترة سابقة تحوّلت فيها الأصوات الدينية إلى جبهة علمية، وضمت إلى جانب الفتاوى الدينية فتاوى أخرى علاجية وعلمية تتفوق – في أهميتها وصدقيتها بالنسبة إلى عموم الناس – على التجارب العلمية والمعملية وحملة شهادات الدكتوراه من الجامعات العالمية. ونتيجة لذلك، حين تتجوَّل في قرى مصر، تكتشف أنّ الحجامة هي “الشفاء الأول من كل الأمراض”، وذلك بأدلة يقول مروّجوها إنها علمية وصحيحة ومجرَّبة، ولا يشرف على إجرائها أطباء، إنما مشايخ وشيوخ زوايا وحملة مباخر وحفظة القرآن الذين يرتّلون بعض الآيات كي تأتي الحجامة بالشفاء العاجل، سواء لأنها “ناجعة علمياً” أو لأنها “سنة عن النبي”. 

تجلّت السنة النبوية- أيضاً- في القرية التي ولدت فيها، الأرض التي نزرعها برسيماً يتطاير النحل الذي يقرصُ من يراه في طريقه، عشرات المرات قرصني النحل، فلم يعد يؤلمني، وكنا نأكل العسل يومياً، ويتساقط الذباب في العسل، ويقول عمي القروي: في جناحها دواء، كُل، واحمد ربنا.

يستلهم العم حكمته من حديث منسوب إلى النبي محمد، يقول فيه: “إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه، فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء”. يردِّدُ الحديث مشايخ القرية، على رغم أن ذلك شيء علمي وطبي بحت لا تجوز الفتوى فيه لأحد سوى الأطباء والعلماء، حتى صارَ الذباب، بالنسبة إلى القرويين، أشبه بـ”لقاح ضد الأمراض”، وقد ثبت علمياً وجود مئات الأنواع المختلفة من البكتيريا في الحشرة الطائرة، وهناك أنواع من الذباب تنقل أمراضاً وأوبئة. 

لا يتناقض العلم مع النص القرآني، إنما يتعارض مع التفسيرات “الملفقة” للقرآن والنصوص الدينية. 

بول الإبل فيه شفاء للناس!

ويصل الأمر إلى التعافي بـ”بول الإبل” باعتبار شربه يحارب الخلايا السرطانية ويعزز عضلة القلب، ويقوي الأداء الجنسي، حتى إن مواطناً سعودياً افتتح مقهى يقدم بول الإبل الطازج للشفاء من الأمراض، طبقاً لحديث نبوي مزعوم يوصي بالتداوي به، إلا أنه لا أدلة أو دراسات علمية تؤكد أن تناوله مفيد، والعلماء حديثاً حذروا بشدة من تناول بول الإبل، لشدة سُميته، وتركيز مادة اليوريا السامة فيه أكثر من أي كائن حي آخر، نظراً إلى حياة الجمل الذي يعيش في الصحراء ويخزّن الماء لأطول مدة زمنية ممكنة، وتناوله يزيد الإصابة بالفشل الكلوي. وبحسب موقع “أنا أصدق العلم“، فـ”لو كان الجسد مدينة، البول هو مياه الصرف الصحي، وكذلك بول الإبل”.

بول الإبل وجناح الذباب وعسل النحل، ساحات معارك مستمرة منذ مئات السنين بين أنصار العلم الذين يرونها خرافات قد تؤذي البشر، وقد ثبت علمياً أنها مضرة، وبين مشايخ يدعون الناس إلى الاستشفاء بالحجامة والعسل والبول، بينما يسارعون إذا أصيبوا بمكروه إلى تلقي العلاج في مستشفيات الغرب، الذي يتّهمونه بالكُفر، بينما كل ما في الأمر، أن الغرب يؤمن بالعلم.

ويتعجّب سلام دوماً من أن الذين يهاجمونه يطالبونه بالمصادر العلمية، بينما هم في الحقيقة لا يريدون مصادرَ ولا يبحثون عن شيء علمي، يريدون فقط إحراجه حين لا يجدون رداً علمياً على ما يقوله، إذ كان يوماً ما حين خرج من مصر “كأغلب الشرقيين” يؤمن بأن “التطور خرافة”، وأن أتباع النظرية “ملحدون” كما كان يُشاع في الكليات والمنابر التي تأتي على ذكر التطور بشكل عابر لا لتناقشه إنما لتؤكد شيئاً واحداً، هو أن النظرية حرام والمؤمنون بها كافرون، ولكنه بعد شهرين من المنحة، التي حصل عليها في المملكة المتحدة للدراسة في جامعة أوكسفورد، راجع أفكاره العلمية والثقافية، وبحسب قوله، أدرك أن “التطور هو الحياة”.

ولذلك يقول إنه يتعاطف مع منكري التطور، ويتسامح معهم، ويستمر في رسالته: “توصيل العلوم إلى أكبر شريحة ممكنة من المجتمع، عبر استخدام لغة يفهمها الجميع”.

إقرأوا أيضاً: