fbpx

إعدام 9 أشخاص بينهم قصّر…
الحوثيون ينتقمون من أبناء تهامة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

“تنفيذ هذه الأحكام ضد تسعة مواطنين يمنيين من أبناء تهامة جريمة مكتملة الأركان تتطلب محاسبة كل من تسبب في إزهاق هذه الأرواح بما فيهم القضاة مصدرو هذه الأحكام السياسية”. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

محمولاً بين أيدي الجنود، وصل الفتى اليمني عبدالعزيز الأسود، إلى ساحة الإعدام، بعدما أصيب بالشلل جراء التعذيب خلال الاعتقال، وهو من ضحايا أكبر مذبحة إعدامات نفّذها مسلحو “جماعة أنصار الله” (الحوثيين). 

الإعدامات العلنية التي نفذت أمام حشد كبير من اليمنيين ووسائل الإعلام، طاولت 9 متهمين، يقول حقوقيون إنهم أدينوا بعد محاكمة حُرموا خلالها من أبسط الحقوق وتعرضوا لصنوف التعذيب. 

إنه السبت الدامي، الذي لن ينساه اليمنيون، إذ انتقلت الإعدامات العلنية من القضايا الجنائية، إلى الملفات السياسية بالجملة، وهذه المرة أشعلت ردود فعلٍ غاضبة، على ضوء معطيات القضية التي يتهم فيها أنصار الله، الشبان التسعة، بتسهيل قتل أحد قادة الجماعة، وهو رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد. والصماد كان قتل بغارة جوية للتحالف السعودي- الإماراتي في نيسان/ أبريل 2018، في محافظة الحديدة. 

 الصماد هو أرفع قيادي في الجماعة يلقى حتفه بغارة جوية، منذ بدء الحرب التي تصاعدت بعد شهور من اجتياح الجماعة العاصمة صنعاء في أيلول/ سبتمبر 2014، وعلى رغم أنه كان يمثل الجناح السياسي غير المرضي عنه لدى القيادات المتشددة في الجماعة، إلا أنه تحول بعد مقتله إلى عنوان القضية الثأرية وعريضة الاتهام، التي شملت قائمة من المتهمين، بينهم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مروراً بقادة السعودية والإمارات والحكومة اليمنية، وصولاً إلى عدد من الذين اعتقلوا في الحديدة، على ضوء الحادثة.

في المقابل، وبصرف النظر عن التفاصيل المرتبطة بالاتهامات والمحاكمة، كان المشهد الذي ظهر خلاله أحد التسعة وهو القاصر الذي اعتقل في الثالثة عشرة، محمولاً بين أيدي الجنود، أقرب المؤشرات الصادمة إلى طبيعة سير القضية، إذ أصيب بشلل في أعضائه جراء التعذيب، قبل أن يباشر جنود الإعدام إطلاق الرصاص، لتنفيذ أكبر عملية إعدام جماعي ينفذها الحوثيون. 

تعذيب وإكراه

تشمل الأسماء التسعة، أمين عام المجلس المحلي في الحديدة علي القوزي (43 سنة) اعتقل في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، إلى جانب كل من عبدالملك أحمد محمد حميد، محمد خالد علي هيج، محمد إبراهيم علي القوزي، محمد يحيى محمد نوح، إبراهيم محمد عبدالله عاقل، محمد محمد علي المشخري، عبدالعزيز علي محمد الأسود، ومعاذ عبدالرحمن عبدالله عباس، ووفقاً لمصادر حقوقية، بما فيها “رابطة أمهات المختطفين”، فإن الضحايا أفادوا المحكمة بأن الاعترافات انتزعت منهم، تحت التعذيب والإكراه الذي بلغ “حد التهديد بإطلاق النار عليهم والحرمان من النوم لأيام عدة، والتعذيب بالإحراق والكهرباء والضرب المبرح، والتعليق بربط اليدين وإحدى الرجلين لأيام، والوقوف على رجل واحدة”. 

وقبل ظهور الأسود أخيراً وهو يسحب إلى منصبة الإعدام، كان علي عبده كزابة (23 سنة) عاشر المتهمين في القضية، قد قضى متأثراً بالتعذيب، في 7 تموز/ يوليو 2019.

خروقات وإخلالات

قبل يوم من الإعدام، أصدرت منظمات حقوقية بياناً اطلع “درج” على نسخة منه، تضمن معلومات صادمة، وأفاد بأن “إجراءات نظر القضية أمام محاكم الحوثي” وبمراحلها المختلفة، صاحبتها خروقات وإخلالات متعمدة وواضحة بحقوق وحريات المتهمين، بدءاً من اعتقالهم، وحجز حرياتهم واخفائهم قسراً في أماكن غير معلومة لأشهر من دون معرفة أحد بما في ذلك أقاربهم وذووهم بمصيرهم ولا بأماكن احتجازهم المخفية”. 

المتّهم مذنب قبل أن تثبت إدانته!

محامي الدفاع عن المتهمين عبدالمجيد صبره المحامي يوضح لـ”درج” أن “شروط النزاهة غائبة تماماً في هذه القضية”، إذ تم التعامل مع المتهمين على أنهم مدانون منذ لحظة اعتقالهم والدليل على ذلك هو الإخفاء القسري لأكثر من ستة أشهر وما تعرضوا له من تعذيب بدني ومعنوي”. 

ويضيف صبرة الذي يرى أن المتهمين “أبرياء” من التهم التي أعدموا بسببها، “مرحلة التحقيق من قبل النيابة كانت ضمن فترة الإخفاء القسري، على رغم أن النيابة هي جزء من السلطة القضائية، ويجب أن تكون إجراءاتها أفضل من الإجراءات أمام الجهات الأمنية؛ بل عليها تصحيح الأخطاء وفقاً للقانون”. لكنها “لم تقم بذلك ولم تكفل للمتهمين حتى أبسط حقوقهم الإنسانية كالتواصل مع أهاليهم”. أما حقوقهم الأخرى ككفالة حقهم في الدفاع عن أنفسهم والتواصل مع محامٍ للدفاع عنهم، فلم تكن في الحسبان، إذ روى معظم المتهمين أنهم لم يعرفوا أثناء التحقيق معهم أنهم أمام النيابة، خصوصاً أن التحقيق معهم أجري في المكان الذي تعرضوا فيه للتعذيب وبحضور الضباط المحققين الذين عذبوهم بحسب كلام المتهمين أمام المحكمة بعد السماح بحضور محاميهم.

أما المحكمة، فيقول صبرة إنها “في جلساتها الثلاث الأولى تمت من دون حضور أي محامٍ عن المتهمين الذين تم استجوابهم في تلك الجلسات”، وبعد حضور المحامين “لم تكفل المحكمة لهم مبدأ المساواة ولم تمنحهم الوقت الكافي لتقديم دفوعهم وأدلتهم أسوة بالنيابة العامة وأولياء الدم. ففي حين استغرقت النيابة وأولياء الدم أكثر من 11 جلسة خلال مدة تجاوزت ستة أشهر، فاجأت المحكمة محامي الدفاع بالسماح لهم بثلاث جلسات في أسبوعين فقط، فاضطروا إلى تقديم طلب رد القاضي عن النظر في القضية لكنه رفض ذلك الطلب وحجز القضية للحكم قبل تقديمنا أي دفاع عن موكلينا المتهمين”. أما “أمام الاستئناف فتم حجز القضية للحكم ولم تستجب الشعبة لطلباتنا لتقديم أدلتنا وما لدينا”. 

إقرأوا أيضاً:

جريمة مكتملة الأركان لا أحكام قضائية

ترى القائمة بأعمال رئيسة نادي قضاة اليمن القاضية الدكتورة رواء عبدالله مجاهد، أن “المحاكمات التي أُجريت افتقرت لأدنى معايير المحاكمة العادلة، وبالتالي فإن الأحكام الصادرة غير قانونية”، إضافة إلى ذلك فإن “السلطات التي أجريت في ظلها هذه المحاكمة سلطات غير دستورية، ما يجعل كل الإجراءات المتخذة من قبلها لا تمت للقانون بصلة”. بما يجعل “تنفيذ هذه الأحكام ضد تسعة مواطنين يمنيين من أبناء تهامة جريمة مكتملة الأركان تتطلب محاسبة كل من تسبب في إزهاق هذه الأرواح بما فيهم القضاة مصدرو هذه الأحكام السياسية”. 

وتضيف مجاهد أن “القضاء اليمني عموماً يفتقر خلال هذه الفترة للاستقلال القضائي المؤسسي، ما يجعل منه قضاء تابعاً غير صالح لإصدار مثل هذه الأحكام نظراً إلى سيطرة الأطراف السياسية على القضاء”، كما أنه “لا يمكن بأي حال من الأحوال وصف هذه القرارات بأنها أحكام قضائية، كونها تفتقر لكل مقومات الحكم القضائي الشرعي القانوني العادل”، وتخلص إلى أن “تنفيذ مثل هذه الأحكام السياسية يُعد مؤشراً خطيراً نحو المزيد من الدماء المسفوكة خارج إطار القانون، وكل هذا يحدث في ظل صمت مخزٍ من المجتمع الدولي”، حد تعبيرها. 

موجة ردود فعل غاضبة

الجدير بالذكر، أن الحادثة على عكس ما سبقها من إعدامات جنائية، جاءت لتطلق عاصفة من الإدانات اليمنية الحقوقية وعلى مستوى رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين وصفوا ما حصل بـ”الجريمة”، وركزوا على كونها استهدفت أشخاصاً ينتمون جميعاً إلى تهامة- محافظة الحديدة، ونشط هاشتاغ #الحوثي_يقتل_أبناء تهامة. 

في المقابل، احتفى “أنصار الله”، بإعدام من أدانوهم بقضية “مقتل الصماد”، ونشر محمد علي الحوثي القيادي البارز في الجماعة على حسابه في “تويتر” صورة الصماد مصحوبة بعبارة “نم قرير العين يرحمك الله”. 

إقرأوا أيضاً: