fbpx

هجرة الأقليات: لمَ يرحل البهائيون واليارسان والمندائيون من إيران؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا توجد إحصاءات دقيقة عن أعداد الأقليات الدينية والمذهبية غير المعترف بها في الدستور الإيراني. أفراد هذه الأقليات، يقولون إنّ التمييز ضدّهم والمشكلات التي تعترضهم كبيرة ومتماثلة، وكذا إنكار هويّاتهم وعدم الاعتراف الدستوري بهم، وهي أهم الأسباب التي تؤدي بهم إلى الهجرة خارج إيران.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“ما تخبرنا به المؤسّسات الأمنية، هو أنّنا أقلّ من مليون نسمة. لكن ما تقوله مؤسّساتنا الدينية هو أننا بحدود مليوني نسمة من مختلف أبناء طائفة أهل الحقّ”.

لا توجد إحصاءات دقيقة عن أعداد الأقلّيات الدينية والمذهبية غير المعترف بها في الدستور الإيراني. أفراد هذه الأقليات حتى وإن كانوا يختلفون في معتقداتهم الدينية والمذهبية، يقولون إنّ التمييز ضدّهم والمشكلات التي تعترضهم متماثلة، وكذلك إنكار هويّاتهم وعدم الاعتراف الدستوري بهم، وهي أهم الأسباب التي تؤدي بهم إلى الهجرة خارج إيران.

وفقاً لدستور الجمهورية الإسلامية، فإنّ الإيرانيين الزرادشتيين، واليهود والمسيحيين فقط يُعرّفون كأقليات دينية، لهم الحرية في ممارسة شعائرهم الدينية وفق الدستور، ولهم الحرية في إقامة مراسمهم الدينية ولهم قانون الأحوال الشخصية الخاص بهم وفق دينهم، فيما الإيرانيون البهائيون، واليارسان، والمندائيون والأقليات الدينية الأخرى لم يشملهم هذا القانون، والحرمان من التعليم ومصادرة الأموال، وعدم إصدار تراخيص العمل ومنع التعاقد، من القيود التي تواجههم في إيران. ونفت الحكومة الإيرانية مراراً ممارستها أي إساءة معاملة أو تمييز ضدّ الأقليات الدينية في البلاد.

وقالت سيمين فهندز، المتحدّثة باسم الجماعة البهائية العالمية في مقرّ الأمم المتّحدة بجنيف: “كان البهائيون حوالى 350 ألف شخص في بدايات الثورة، لكن الآن لا توجد إحصاءات رسمية لأعدادهم، بالتأكيد ثمة بعض الإحصاءات غير الرسمية لكنّها غير دقيقة، هناك مجموعات من البهائيين الذين يتزايدون نتيجة الزيادة الطبيعية وهناك من يعتنقون البهائية، إنما لأنّهم لا يستطيعون التعبير عن ذلك والإعلان عنه رسمياً، لذا يصعب بالفعل إحصاؤهم”.

أكد سياوش حياتي الناطق باسم المجمع الاستشاري للناشطين المدنيين اليارسان في إيران، أن لا إحصاءات رسمية للإيرانيين اليارسان، “لدى المسؤولين الرسميين إحصاءات سرية لكن غير دقيقة، لأنّ أولئك الذين يجبرون على رفض هويّتهم لا يتم شملهم بهذه الإحصاءات. ما تخبرنا به المؤسّسات الأمنية، هو أنّنا أقلّ من مليون نسمة. لكن ما تقوله مؤسّساتنا الدينية هو أننا بحدود مليوني نسمة من مختلف أبناء طائفة أهل الحقّ”.

حتى ملبسهم مختلف، وهذه المصاعب والقيود الاجتماعية تؤدي حتماً إلى الهجرة والهروب

يقول ساهي خميسي، الكاتب والباحث والعضو السابق في “جمعية الصابئة المندائية”، “بسبب الظروف الأمنية ومخاوف المندائيين، لا توجد إحصاءات دقيقة عن المندائيين في إيران. لقد أردنا عام 1996 أن نجري إحصاء وكنت أنا مسؤولاً عن الإحصاء، وذهبنا إلى جميع المدن ولم نستطع الحصول سوى على 60 في المئة من الإحصاءات لأن الكثير من الأسر كانت خائفة من الاستمارات”.

ووفقا للمادّة الرابعة عشرة من الدستور، “فإنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمسلمين ملزمون بالتعامل مع غير المسلمين بالأخلاق والمعاملة الحسنة والقسط والعدل وحقوقهم الإنسانية. هذا الحقّ هو لأولئك الذين لا يتواطأون ولا يتآمرون ضدّ الإسلام والجمهورية الإسلامية الإيرانية”.

إقرأ أيضاً: قانون الدولة الأمة اليهودية: كيف بات للتمييز العنصري جذورٌ قانونية

بحسب سياوش حياتي، فإنّ اليارسانيين وبسبب عدم اعتراف الدستور بهم، ليست لهم منزلة اجتماعية أو إدارية وسياسية كما يتم إنكار هويتهم باستمرار: “شبابنا مضطرون لإخفاء هويتهم للحصول على التعليم أو على الأقل التمتع بالنجاح، ومن أسباب الهجرة أيضاً مسائل متعلّقة بالهوية والثقافة والحالة الاجتماعية والاقتصادية. في السابق كان أبناؤنا الذين لا يجدون لأنفسهم موطئ قدم في المؤسسات الحكومية يلجأون إلى العمل كفنّيي هندسة أو العمل في المصانع، وفي أي حال كان لديهم نشاط اقتصادي ليعتاشوا منه، لكن الأزمة الاقتصادية حدّت من هذا الأمر أيضاً، ومن وجهة نظر ثقافية، يختلف مجتمع اليارسان عن العرف والفقه الإسلامي، حتى ملبسهم مختلف، وهذه المصاعب والقيود الاجتماعية تؤدي حتماً إلى الهجرة والهروب”.

ويمتد تاريخ الديانة اليارسانية إلى أكثر من 700 عام، وينتمي أتباعها إلى الأتراك والأكراد واللاك، ويعيشون في شكل رئيس في غرب إيران وشرق العراق وشماله، ومرتفعات قره باغ بالقفقاس.

كما تفرّق كثيرون من أبناء هذه الديانة بسبب النزوح داخل المناطق المختلفة في إيران، وعادة ما يؤدّون طقوسهم في الخفاء ويتجنّبون الأنشطة ذات الطابع السياسي، لذا فإنّهم يشهدون الكثير من المضايقات والضغوطات من المسلمين المتطرّفين.

يقول الناشط المدني اليارساني رضا شاه مرادي: “ليس من الممكن الحصول على وثيقة في إيران تشير إلى أنّ أحداً ما هو من اليارسان، وحتى في معاملات الزواج والعقارات، ومع كلّ هذه السرية لا يتم فتح باب فرص العمل أمامنا، أنا شخصياً شاركت في امتحان القبول للتربية والتعليم وتم قبولي، ومع أني كتبت في خانة الديانة “إسلام” ولكن تم رفضي في الانتخاب المحلي بعد ما عرفوا أني من اليارسان. نحن في الحقيقة نحمل شخصية مزدوجة في إيران، وهذه القيود وإنكار الهوية تجبرنا على الهجرة في نطاق واسع وتراجع عدد اليارسان في إيران”.

تنص المادة 28 من الدستور على ما يلي: “لكلّ شخص الحقّ في اختيار الوظيفة التي يرغب فيها، بما لا يعارض الإسلام والمصلحة العامة وحقوق الآخرين”

في قوانين الجمهورية الإسلامية لا يوجد أي مانع للتحصيل الدراسي أو العمل للأقليات الدينية، وليس ثمة ما يشترط كونهم مسلمين. تنص المادة 28 من الدستور على ما يلي: “لكلّ شخص الحقّ في اختيار الوظيفة التي يرغب فيها، بما لا يعارض الإسلام والمصلحة العامة وحقوق الآخرين. الدولة ملزمة مراعاة احتياجات المجتمع، وتمكين الناس من الحصول على الوظائف المختلفة وتكافؤ الفرص أمام الجميع للحصول على الفرص”.

وفقاً للمادة 30 من الدستور أيضاً يرد ما يلي: “الدولة مُلزمة توفير التعليم المجاني لجميع المواطنين حتى نهاية المرحلة المتوسطة، وتوفير التعليم العالي مجاناً حتى اكتفاء البلاد الذاتي”.

الإيرانيون المندائيون أيضاً مثل اليارسان مجبرون على إخفاء هويتهم الدينية. يقول ساهي خميسي كاتب وباحث مندائي: “جميع أتباع ديانتنا يعيشون نوعاً من الخوف والوهم، وأرادوا تعويض عائلاتهم بالعمل الحرّ لكنهم لم يستطيعوا، وأجبروا على الذهاب إلى المدن الأخرى وفي نهاية المطاف اضطروا إلى الهجرة إلى دول أخرى”.

ووفقاً له، فإنّ عدم ذكر المندائيين في الدستور وإنكارهم، أديا إلى ضغوط من قبل الحكومة وقوات الأمن، فضلاً عن الأشخاص الذين يضايقونهم تحت تأثير الدعاية الحكومية: “لا يمكن أن نتوظّف في أي مكان، لا نستطيع أن نغدو مدرّسين، ولا نستطيع دراسة الحقوق، ولا نستطيع أن نغدو عمّال بلدية، ولا نستطيع افتتاح سوبر ماركت، أطبّاؤنا ليس لديهم الحق في العمل في المستشفيات، وفي كلّ هذه البلاد ليس لنا سوى بطاقتنا الشخصية والتي بدورها تنكر هويتنا كمندائيين، وفي مثل هذه الظروف نضطر إلى الهجرة”.

إقرأ أيضاًقانون “ازدراء الأديان” في مصر سيف مسلط على أقلياتها

المندائيون هم أتباع حضرة النبي يحيى، ويعيشون على ضفاف نهر دجلة والفرات والكارون، وتساهم الدعاية السلبية والتصوّرات المحرّفة حول الإيرانيين اليارسان والمندائيين والبهائيين من قبل الحكومة في خلق صورة غير حقيقية عنهم لدى الإيرانيين الآخرين. هذه الصورة التي تؤدي أحياناً إلى مضايقات يتعرضون لها من قبل بعض الناس.

إنّ الملاحقة القضائية والأمنية، وتخريب مقابر البهائيين وعدم السماح بدفن الموتى، هي أشكال أخرى من التمييز ضدّ البهائيين في إيران، والتي تساهم في هجرتهم من إيران.

ووفقاً للمتحدث باسم الجماعة البهائية، إنّ أهمّ الحقوق التي حرم منها البهائيون؛ هي بالدرجة الأولى الحقّ في التعليم، وثانياً حقّ العمل، ففي بدايات الثورة تم تسريح الموظفين العاملين في وزارات الدولة وطردهم، وبعد ذلك لم يتم السماح لهم بالعمل أبداً في الوزارات ولا في المؤسسات الحكومية، وحتى المؤسسات والشركات الخاصة، وحين كانوا يعلمون أنّ أحدهم من البهائيين لم يكونوا يوظّفونه، وحتى إن تم توظيفه يقوم مسؤولو الشركة بالضغط عليهم للتخلّص منه، وحتى إن انخرط البهائيون في الفاعليات الاقتصادية بشكل حرّ، أو عملوا وافتتحوا أماكن بغرض الكسب في المدن المختلفة، يتم تشميعها وإغلاقها”.

ترجمه عن الفارسية عبّاس علي موسى

هذا الموضوع مترجم عن BBC باللّغة الفارسية ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي