fbpx

لبنان: عن جورج قرداحي راجح سلطة 4 أب

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

وطن الرحابنة ليس أكثر من “يوتوبيا” لم تقترب يوماً من واقعنا، وهي في أحسن الأحوال مواساة فنية لوقائع مريرة بلغت ذروتها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد مبادرتها المشؤومة، تحضر فرنسا من جديد، وهذه المرة كقياس عن علاقة الإعلام بالسياسة، فيما المُستحضِر ليس إلا وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي.

   وطن الرحابنة أيضاً وجد له متسعاً في ذاكرة وزير إعلامنا وهو يحث محرري الصحف اللبنانية على العودة إلى “صناعة الوهم”.

    هكذا إذن، وزير إعلام في جلسة مع نقابة محرري الصحف، يقفز عن أسباب كل الركام السياسي والاجتماعي في لبنان، ويذهب مباشرةً إلى النتيجة التي رغم قساوتها، ورغم مسبباتها المعلومة، يباشر من مكان آخر بإعطاء دروس أقرب إلى خليط بين الحلم والوهم عن كيفية تعاطي الإعلام مع الوقائع المعاشة، وملقياً تبعات الصورة المشوهة عن أحوالنا على عاتق الإعلام .

     وكلام قرداحي السلبي عن الإعلام، وقد تكرر لمرتين منذ تسميته وزيراً، يمهد على الأرجح لمسار قد يسلكه الرجل، ليس أقله المباشرة بسلوك هدفه محاولة تدجين الإعلام المناهض للسلطة، وهي خشية لا تبدد ملامحها “ودِّيته” المفتعلة غالباً، ويضاعفها مسؤوليته في التسويق لسياساتها التي يكاد ينحصر كشف موبقاتها على بعض الإعلام المرئي والمقروء، والذي بدت رسالة قرداحي من خلال حديثه لنقابة المحررين موجهة إليه.   

    والمرء لو قدر له تقمص جورج قرداحي في البحث عن مآل وطنه المشتهى، فلا شك أن فرنسا أول من يحف بالذاكرة، وهو من عاش شطراً طويلاً من حياته فيها، ودان لها بشهرته في الإعلام السياسي، وصوته يكاد يلتصق بذاكرة جيل كانت إذاعة مونت كارلو، حيث اشتهر، السُعفة التي تشكَّل الوعي السياسي للبنانيين كثر في تقصي الأحداث من خلالها، هذا قبل تفشي الإعلام المرئي. 

   وتقمص كهذا يفضي إلى فهم هذا الانفصام الشخصي الذي تنكبه قرداحي عن نظرته للحرية و للإعلام وماهيتهما، وهو يمارسه راهناً بسلطة وصلت إليه كوظيفة يراد به وبها تجميل القبح السلطوي، وقد باشر تلك الوظيفة بمقاربة متهافتة عن العلاقة بين السياسة والإعلام.

    والملفت أن قرداحي وفي لحظة استحضار فرنسا كنموذج عن الإعلام الراقي، كان رئيسها ايمانويل ماكرون يكابد حظه السيء رشقاً بالبيض مرةً ثانية، وهو فعل لا اظن انه يستعصي على قرداحي إدراك تبعاته لو فعلها مواطن لبناني على سياسي من سياسيي السلطة التي يعيش في كنفها راهناً، وكمقاربة نموذجية عن مفهوم الحرية ومآلاتها التي يريدنا الرجل الاقتداء بنسختها الفرنسية.

وقرداحي أيضاً، وهذا المهم إذا ما أحسنَّا الظن، يعلم أنَّ الحرية الإعلامية في فرنسا تحديداً أتاحت للقضاء الفرنسي محاكمة رؤساء جمهورية كساركوزي وشيراك بتهم الفساد، وبدون ضوابط رقابية هي بالضرورة صنائع سلطوية لا تخفف مسمياتها الإعلامية من الالتباس العميق بين غايتها وأدوارها في قمع كل رأي لا يتماهى مع السلطة، وهوما  تمثل النقابة التي تحدث إليها الوزير وجهاً من وجوهه. وأغلب الظن أيضاً أن مضبطة قرداحي الاتهامية المغلفة بمذمتي السباب والشتائم، ليست إلا محاولة لإخراج تهم “السارق” و”الحرامي” و”الفاسد” من سياقها السياسي، إلى سياق آخر يعرف قرداحي أنَّ مهمته صارت منذ 17 تشرين العام 2019 ديدن المواطنين.

      بعد الحلم الفرنسي يسوقنا الوزير قرداحي إلى الوهم اللبناني الذي أتقن الرحابنة صناعته، وهو وهم ساقه رحباني آخر، هو زياد، كمساهم في الكي السلبي للوعي عن الواقع الحقيقي للبنان الحديث. والحال، فوطن الرحابنة ليس أكثر من “يوتوبيا” لم تقترب يوماً من واقعنا، وهي في أحسن الأحوال مواساة فنية لوقائع مريرة بلغت ذروتها، وهنا المفارقة، في الزمن الأشد مرارة الذي يريدنا فيه قرداحي أن نكون”رحبانيين” أمام سلطة تفتقد لمثالية واحدة من كل “مثاليات” الصناعة الرحبانية المُثقلة بالوهم إلا من “راجح”ما، هو دائماً ضالة هذه السلطة التي أخرجته من شره الظريف إلى شره المستطير الذي تختبئ خلفه   . بالمناسبة يا معالي الوزير، آخر شرور “راجح” السلطة هي جريمة 4 آب.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.