fbpx

تركيا تُعطّش عفرين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

تواجه مدينة عفرين وأطرافها حرباً أخرى، مضافة إلى تلك التي تشنها تركيا على الكُرد في شمال غربي سوريا، عبر القصف الجوي والجيش والقوات الخاصة بمشاركة فصائل المعارضة السورية المسلحة، وهي حرب المياه وتعطيش السكان.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 
تواجه مدينة عفرين وأطرافها حرباً أخرى، مضافة إلى تلك التي تشنها تركيا على الكُرد في شمال غربي سوريا، عبر القصف الجوي والجيش والقوات الخاصة بمشاركة فصائل المعارضة السورية المسلحة، وهي حرب المياه وتعطيش السكان.
وتقول الرئيسة المشتركة لمديرية مياه عفرين روزالين عمر, إن الجيش التركي قطع المياه عن المدينة وأطرافها كلياً، ولم يعد بإمكان المديرية الوصول إلى محطات ضخ المياه وتوزيعها على السكان. وتتحدث روزالين عن استحالة الوصول إلى محطة الضخ في ظل القصف الجوي المستمر، ناهيك باحتلال سد ميدانكي، وهو خزان مياه شرب المدينة، من قبل القوات التركية والفصائل السورية المعارضة، إذ لم تعد ممكنةً أعمال تصفية المياه وإصلاح الأضرار التي لحقت به، جراء القصف الجوي والبري. وهناك الآن وفقاً للمديرية ذاتها أكثر من مليون إنسان في المدينة بلا مياه وكهرباء.
ويؤكد مصدر آخر من داخل مدينة عفرين أن توفير المياه للسكان من خلال الصهاريج من الآبار والساقيات الموجودة في أطراف المدينة، بات الوسيلة الوحيدة، وذلك بسبب تدمير محطة الضخ والتصفية الموجودة بين كفرجنة وعفرين جراء العدوان عليها، وهو أمر يهدد بحدوث كارثة إنسانية كبيرة في ظل توقف خدمات توزيع المياه والكهرباء. ويقع سد ميدانكي على نهر عفرين، وهو إضافة إلى توفيره مياه الشرب، يعد المصدر الرئيسي للري وإنتاج الطاقة الكهربائية لأجزاء واسعة من مقاطعة عفرين. ولا يتوقف تأثير حرب المياه في السكان المدنيين واحتياجاتهم اليومية للشرب والاستخدام المنزلي، بل يشمل قطاعات الصحة والتربية والطاقة والري، بخاصة أن المنطقة تتميز بالزراعة وتعتبر سلة الخضار في محافظة حلب.
تعيد حرب تعطيش عفرين إلى أذهان الكُرد حرباً أخرى قديمة في تاريخ كُردستان، إنما مشابهة لهذه الجديدة، وكان التعطيش فيها آخر وسيلة لجأ إليها الإيرانيون عام 1609 بالقرب من مدينة (أورميه) الحالية، بغية القضاء على الأمير خان لَبزيرين (صاحب الكف الذهبي). قام خان لَبزيرين الذي هرب من السلطان العثماني عصرئذ واستقرّ في مناطق أورميه، بتحصين قلعة (دمدم) وتطويره، بما فيها شبكة توزيع المياه والري والزراعة.
واعتبر الشاه الصفوي حاتم بيك ذلك تهديداً لنفوذه في المنطقة، فأرسل جيشاً لمحاصرة القلعة، لكنه حين فشل في السيطرة عليها، لجأ إلى قطع مصادر المياه عنها وتعطيش من فيها. هذا بعدما دارت الحرب على القلعة ثلاث سنوات، ولم يعرف الشاه سرّ المقاومة والبقاء فيها كل تلك الفترة، على رغم طوق الحصار، وقد أخبره أخيراً أحد المقرّبين من الأمير الشاب لَبزيرين وهو (محمود المركاني)، إذ هرب من القلعة وكشف عن وجود خزانات في محيط القلعة وداخلها، تمد السكان بالمياه. يقال إن (المركاني) هرب من القلعة بعد أن يئس من الوصول إلى زوجة الأمير الشاب (كُلبهار) التي كان مغرماً بها وفق الروايات التاريخية. وقتل هذا الأخير على يد الشاه الإيراني في اليوم الذي كشف له سرّ خزانات المياه.
تالياً، كما في التاريخ البعيد، تشكل المياه اليوم، السلاح الأقوى من أجل إخماد ثورات وطموحات الكُرد، ليس في تركيا فحسب، بل في الدول المجاورة أيضاً. تخريب سد عفرين والمقايضة بمياه نهر دجلة خير دليل على هذه السياسية. وفي بداية الحرب على عفرين في شهر كانون الثاني، زار وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو بغداد، وعرض على رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي نية تركيا بتجميد تخزين المياه في سد أليسو الضخم على نهر دجلة، مقابل مشاركة العراق في الحرب على حزب العمال الكُردستاني. وفي سياق السياسة ذاتها، زار رئيس أركان الجيش التركي خلصوي آكار بغداد بداية هذا الشهر من أجل الوصول إلى الهدف ذاته. كما كشف أوغلو بعد زيارة رئيس الأركان عن استعداد بغداد للتعاون مع تركيا في الحرب على (العمال الكُردستاني)، أي أن المقايضة بمياه دجلة مستمرة.
اختصاراً، في السياسية الأردوغانية الجديدة: عين على استثمار الدين والقومية والشعبوية وإحراق ما يمكن حرقه من أجل الوصول إلى طموحاته، وعين أخرى على المياه التي أصبحت مصدراً للتعطيش والمقايضات بدل أن تكون سلاماً أزرق.

 [video_player link=””][/video_player]

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!