fbpx

“13 تشرين”: المحور إذ يبدّل أبطاله

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

عون رئيساً للجمهورية هو ما يجعل يوماً كالثالث عشر من تشرين الأول/اكتوبر يفضي إلى فكرة تقول إن الهزيمة ليست بالضرورة نهاية، وهي في الحالة العونية شكلت بداية جديدة للطموح الذي أجلت مفاعيله تلك الهزيمة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في 13 تشرين الأول/اكتوبر 1990، انتهى ميشال عون لاجئاً إلى سفارة فرنسا في لبنان، ولاحقاً منفياً إلى أراضيها.

   إزالة “تمرد” عون حينها، والذي تكفّل به النظام السوري، لم تكن مآلاته على ما توهم كثيرون، ولم تفضِ هزيمته العسكرية إلى نهاية “العونية” كحالة كان الوصول إلى رئاسة الجمهورية غايتها الدائمة، وإن بوسائل كثيرة كان آخرها وأنجحها تفاهم مار مخايل.

    في العام 1976غادر الراحل ريمون إده لبنان، ومن منفاه الطوعي في فرنسا ثابر على حلمه برئاسة الجمهورية معولاً على “فلسفة” ساقها كحتمية تاريخية: “من يهاجر ينتصر”، قال إده. وقدم شخصيتي النبي محمد وشارل ديغول كنموذجين عن حتمية المواءمة بين الهجرة والنصر. عون هاجر أيضاً على غرار إده، وإن قسرياً، لكن مآل الهجرتين انتهى إلى عودتين متناقضتين. في العام 2000 عاد ريمون إده من منفاه إلى ضريح اتسع له ولطموحه الرئاسي، ثم لاحقاً للكتلوية السياسية(نسبة إلى الكتلة الوطنية) وقد كتبت مع ابن شقيقه كارلوس آخر فصولها، فيما “العونية” طوت  سنوات المنفى لتعود  بحتمية ريمون إده التاريخية حاملةً ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، منتصراً بمن هزموه في 13 تشرين الأول 1990، ومؤسِّساً ايضاً لمقاربة عن السِّلمِية وقد مثلتها الإدِّية، والعبثية التي مثلها عون، وعن مآل غايتهما  في بلد كلبنان.

   عون رئيساً للجمهورية هو ما يجعل يوماً كالثالث عشر من تشرين الأول/اكتوبر يفضي إلى فكرة تقول إن الهزيمة ليست بالضرورة نهاية، وهي في الحالة العونية شكلت بداية جديدة للطموح الذي أجلت مفاعيله تلك الهزيمة.

   وبين التمرد ثم الهزيمة، ثم الإنقلاب السياسي ، مسار طويل باشره عون قبل منفاه وبعده متسلحاً بعكاظيات الممانعة ثم عكاظيات خصومها، وهو في الحالتين ظل أسيراً، ووفياً لطموحه الرئاسي. 

لكن المهزوم جبان وخائن عندما يكتب المنتصر التاريخ على ما قال أراغون، والمرء ليس بحاجة إلى عصف ذهني ليعرف من يفرض علينا تاريخنا منذ 1990 حتى اليوم.

  في فيديو يتداول بكثرة لوئام وهاب، يتحدث فيه عن ميشال عون في لحظة معركة “13 تشرين”، يستحضر فيه مذمة أراغون الاولى، بمعزل عن اسلوب وهّاب الوضيع غالباً في مخاطبة الخصوم. كما ان  أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله يصف في العام 1989 عون بـ”الحالة الصِدامية والتدميرية والإسرائيلية”، على ما يُكثِر نصرالله من لغة هجائية دائمة ضد خصومه، وغالباً بتهافت، ثم يضيف بأنه، أي عون، “لا يرى إلا مصالحه الشخصية”، وهنا تماماً يُحسب لنصرالله بصيرة ورؤيوية في توصيف رجل لم يلبث بعد ثلاثة عقود أن صار المساهم الأكبر في إيصاله إلى رئاسة الجمهورية. 

وبين التمرد ثم الهزيمة، ثم الإنقلاب السياسي ، مسار طويل باشره عون قبل منفاه وبعده متسلحاً بعكاظيات الممانعة ثم عكاظيات خصومها.

   عموماً، العودة إلى وقائع تلك المرحلة قد تمنح سخرية وهاب بعض واقعيتها، لكنها ترُد كلام نصرالله إلى الآلة الدعائية المختلة في “أسرلة”(من اسرائيل) عون. كان ميشال عون حالة صِدامية صدَّامية نعم، لكن اسرائيليته تهافتت على لسان ديفيد كمحي منسق الأنشطة الإسرائيلية في لبنان وهو يصف عون بالرجل الذي يحفر قبره بيديه حين رفض عروضاً  إسرائيلية لمساعدتة في حربه ضد النظام السوري.

    بعد اغتيال رفيق الحريري، عاد عون إلى لبنان وبشروط الممانعة، وطوت الأخيرة هجائيات أراغون في الرجل لتؤول لغتها إلى افواه خصومها، لكن هجائيات الخصوم الراهنين تفترض أن يتشاطر هؤلاء رذائلها معه، وهم من منحوه تسويات سياسية كثفت في العونية ممانعتها، ثم زادت من نزعتها العبثية والتدميرية على ما يشي راهننا، وهي نزعة مرتبطة أصلاً بشخصية عون النرجسية وقد باشرها منذ ثمانينات القرن الماضي على ما تبصَّر أمين عام حزب الله.

    والحال، في 13 تشرين الأول/اكتوبر من كل عام يحتفل العونيون بذكرى آخر المعارك العسكرية لجنرالهم، وفي حين يُثقِل خصوم العونية تلك الإحتفالية بالسخرية، فأغلب الظن أنهم لا ينتبهون إلى ان أن هزيمة الثالث عشر من تشرين الأول/اكتوبر من العام 1990 كثَّفت حالة شعبية استثمر ميشال عون فيها للوصول إلى رئاسة الجمهورية  ممانعاً هذه المرة، وكبطل ثانوي، لا استثنائي، في محور يعرف كيف يبدلّ بين أبطاله الثانويين.

إقرأوا أيضاً: