fbpx

الركوع على الركبة اليمنى رفضاً للعنصرية:
لماذا الانقسام حولها؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ستبقى العنصرية تمثل الوجه الأقبح في عالم كرة القدم والرياضة عموماً، وسيكون من الصعب القضاء عليها، على رغم الإجراءات المتبعة وحملات التوعية وما إلى ذلك.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عانت الكرة الأوروبية على امتداد السنوات الأخيرة من العنصرية تجاه اللاعبين ذوي البشرة السمراء، على رغم الإجراءات الرادعة التي اتخذتها الاتحادات الكروية وروابط الأندية والجماهير في سبيل مكافحة هذه الظاهرة، التي ازدادت بشكل ملحوظ في ظل الثورة في عالم الاتصالات، وظهور وسائل التواصل، التي فسحت المجال لبعض المستخدمين بتوجيه الإهانات العنصرية للاعبين، ما يؤثر فيهم ويزعجهم. فبعد خسارة إنكلترا نهائي يورو 2020 أمام إيطاليا قبل أشهر، مثلاً، وصلت آلاف الرسائل والتعليقات العنصرية لكل من جادون سانشو، ماركوس راشفورد، وباكايوكو ساكا، بعد إهدارهم الركلات الترجيحية، ما أدى إلى خسارة منتخب الأسود الثلاثة. 

وبالحديث عن إنكلترا التي تعاني أكثر من غيرها من آفة العنصرية في ملاعبها ومدرجاتها، لا بد من التوقف عند لفتة “رابطة الأندية المحترفة” بُعيد عودة النشاطات الكروية، بعد التوقف القسري بسبب جائحة “كورونا” صيف عام 2020، إذ طلبت من اللاعبين أن يجثوا على رُكبهم قبيل انطلاقة المباريات، تعبيراً عن رفضهم العنصرية، في محاكاة للحركة التي قام بها المناضل مارتن لوثر كينغ، خلال تظاهرة مطالبة بإعطاء المواطنين السود حقوقهم عام 1965. وقد لاقت هذه اللفتة ترحيباً كبيراً في إنكلترا وخارجها، بخاصة أن كثيرين رأوا فيها إعادة اعتبار وتكريماً لذكرى الشاب الأميركي ذي الأصول الأفريقية جورج فلويد، الذي قُتل بطريقة وحشية على يد رجل شرطة في ولاية مينيسوتا في الفترة نفسها، وحصد تعاطفاً عالمياً كبيراً، مع الإشارة إلى أن حركة الركبة اليمنى المثنية، تعد أيقونة التعبير عن رفض العنصرية، بخاصة في ملاعب كرة القدم الأميركية. 

لمحة تاريخية عن الاحتجاجات ضد العنصرية 

اللافتات والرسائل الرافضة للعنصرية في الرياضة تعود إلى ستينات القرن الماضي، وتحديداً إلى أولمبياد 1968 في المكسيك، عندما رفع العداءان الأميركيان من أصل أفريقي تومي سميث وجون كارلوس، قبضة اليد اليمنى إلى الأعلى، في محاكاة لحركة أخرى تعود إلى مارتن لوثر كينغ، الذي قُتل قبل الأولمبياد بستة أشهر، وتحول إلى رمز محاربة العنصرية حول العالم، وقد تعرض العداءان لاحقاً لتهديدات بالموت من قبل مجموعات متطرفة من البيض العنصريين. وعام 2016، كان لاعب كرة القدم الأميركية كولين كابيرنيك يثني ركبته اليمنى إلى الأمام خلال عزف النشيد الوطني الأميركي قبيل المباريات، كنوع من الاحتجاج على التمييز ضد السود في الولايات المتحدة.

عانت الكرة الأوروبية على امتداد السنوات الأخيرة من العنصرية تجاه اللاعبين ذوي البشرة السمراء، على رغم الإجراءات الرادعة التي اتخذتها الاتحادات الكروية وروابط الأندية والجماهير في سبيل مكافحة هذه الظاهرة

احتجاج على الاحتجاج 

تراجعت مع الوقت شعبية حركة الجثو على الركبة اليمنى قبل انطلاقة المباريات في إنكلترا، وتعرضت لانتقادات عدة من أكثر من جهة ولأسباب مختلفة، فالبعض رأى أن الأمر بات تقليداً روتينياً أجوف غير مؤثر، أو مجرد استعراض زائد لا فائدة منه، فيما رأى البعض الآخر أنه تأييد لحركة BlackLivesMatter، ما يتناقض مع مبدأ فصل السياسة عن الرياضة، فيما كانت جماعات يمينية متطرفة تعلن رفضها التام لهذه الحركة، وكانت تُسمع صافرات الاستهجان خلال تأديتها في الملاعب الأوروبية. 

في منتصف شهر شباط/ فبراير من العام الحالي، بات الإيفواري لويس زاها أول لاعب في الدوري الإنكليزي يعلن رسمياً أنه سيتوقف عن تأدية تحية الركبة اليمنى، لأنه يرى أنها لم تعد كافية أو مفيدة، وقال لاعب “كريستال بالاس” في مؤتمر صحافي : “أشعر بأن الركوع على الركبة أمرٌ مهين. عندما كبرت أخبرني والداي أنه يجب أن أكون فخوراً بكوني أسود، بغض النظر عن أي شيء، وأعتقد أننا يجب أن نقف شامخين”.

وأعلن ليس فرديناند مدير نادي “كوينز بارك رينغرز”، الناشط في دوري الدرجة الأولى الإنكليزي، أنه لا يجد جدوى بعد من تقديم تحية الركبة اليمنى قبل المباريات، فهي فقدت مضمونها مع الوقت، وباتت تشبه وسوم وسائل التواصل المستهلكة، وأن ثني الركبة لن يحدث تغييراً في اللعبة، بل إن الإجراءات الرادعة هي التي تفعل ذلك.

أما أبرز المواقف الرسمية الرافضة لحركة ثني الركبة في الرياضة، فقد جاءت من اللجنة الأولمبية الدولية، التي منعت اللاعبين المشاركين في أولمبياد طوكيو في الصيف الماضي من القيام بهذه الحركة، لأنها تعتبرها منافية للمادة 50 من الميثاق الأولمبي، والتي تحظر أي نوع مما تسميه “التظاهر أو الدعاية السياسية، الدينية، أو العرقية”، لتعود اللجنة وتتراجع عن قرار الحظر، بعد ضغط الجمعيات المناهضة للعنصرية، ما سمح للرياضيين بالتعبير عن موافقهم قبل المنافسة وبعدها، ليعلن منتخب بريطانيا للسيدات لكرة القدم، اعتزام لاعباته تنفيذ حركة ثني الركبة اليمنى قبل بدء المباراة.

في المحصلة، ستبقى العنصرية تمثل الوجه الأقبح في عالم كرة القدم والرياضة عموماً، وسيكون من الصعب القضاء عليها، على رغم الإجراءات المتبعة وحملات التوعية وما إلى ذلك، وبالتالي يبدو أن تحية الركبة اليمنى المثنية ستستمر في ملاعب كرة القدم، حتى وإن تم التشكيك بجدواها، ولتعارضها مع مبدأ فصل الكرة عن السياسة، فالقيمون عليها يرون ضرورة  الاستمرار بتوجيه رسالة قبل كل مباراة، للقول إن التمييز بين الناس على أساس اللون والعرق لن يكون مقبولاً بأي شكل من الأشكال.

إقرأوا أيضاً: