fbpx

ماذا لو كان سمير جعجع سنياً؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما لم توفره مسيحية سمير جعجع، كان لسنيته المفترضة ان تصنع نوع من التوازن السياسي المقبول بين الثنائيتين، ثم في موقع لبنان من ذلك الصراع.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

السؤال ليس ترفاً، وليس عبثياً أيضاً، لكنه مغرٍ في لحظة حادثة الطيونة، وذلك بانسيابه كأثر رجعي مفترض في  وقائع العقدين الماضيين، ويَفترِض على الأرجح مآلات على غير ما هو عليه راهننا، أقله في السياسة.

  بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، بدت الطائفة السنية في عجز عن إنتاج زعامة حقيقية، وهو ما نعثر عليه بين ما راكمه الوريث السياسي فيها من إحباط نتقصاه في وهنها السلطوي، وبين خصوم الحريرية الذين بدوا غير قادرين على ملء الفراغ الذي فرضه الاغتيال حتى في لحظة تقلص أثر الأخير في وجدان أهل السنة.

   في المقابل كان سمير جعجع يكثف شيئاً فشيئاً حضوره القوي في الوجدان المسيحي، ويجهد ليستعيده من موقعه الملتبس الذي أخذه إليه ميشال عون  بتفاهم مار مخايل. وجاءت حادثة الطيونة الأخيرة تعبيراً صارخاً عن العودتين المذكورتين، حيث تجلت في كلام جعجع الصريح والمباشر الذي تلا الحادثة، ومن دون تكلُّفه درأ تبعاتها مع أن الأمر كان متاحاً على الأرجح على ما كشفت الوقائع التي تلتها، في حين كانت إطلالة جبران باسيل عليها ملتبسة، ومكثِفة للالتباس الأساسي الذي يعيشه جمهوره بين إرث الماضي وطموح رئاسي لا يزال يرى أن الوصول إليه هو عبر حزب الله.

     العودة إلى السؤال أعلاه يُفضي على الأرجح إلى وقائع مختلفة عما ساد في العقد الأخير، حيث بدا حزب الله ومن وراءه محور الممانعة حاكمين بأمرهم، فيما الركون إلى “سنية” سمير جعجع المفترضة وتأثيرها في الوقائع، فمرده إلى صعوبة الفصل بين حالنا وأحوال الاقليم المنشطر على صراع سني شيعي يشحذ وقائعه من الجغرافيا والتاريخ، ولا يخفف أثره إنكار متنكبيه. 

   سنية سمير جعجع إذن، كانت لتضعنا أمام لبنان آخر مادام محكوماً غالباً بصراع هاتين الثنائيتين، فيما مسيحية رئاسة الجمهورية يبدو تأثيرها مرهون لتسوياتهما حيناً، أو في ارتهانها للأقوى كما في حالة ميشال عون.

   إذن، ما لم توفره مسيحية سمير جعجع، كان لسنيته المفترضة ان تصنع نوع من التوازن السياسي المقبول بين الثنائيتين، ثم في موقع لبنان من ذلك الصراع، وليس عابراً أن الحضور الإيراني العميق في السياسة اللبنانية، وعبر حزب الله تحديداً، كان ليجد استعصاءً في عمقه لولا الانسحاب السعودي الذي استمد خيبته من الوهن السني الذي مثله سعد الحريري كنموذج مقابل للبأس الإيراني الذي يتولى حزب الله نموذجيته الرابحة، فيما سيبقى اختلال التوازن في المعادلة الثنائية، وفي لبنان، مرهون بلا شك لوجود السلاح، وهذه مُسلَّمة.

إقرأوا أيضاً:

   والسلاح بالذات كعامل في اختلال موازين السياسة، هو ما وشت به إطلالة سمير جعجع  الأخيرة. وبتعسف مقصود على الأرجح، حاول بخفر من خلاله تكثيف قوته السياسية و(العسكرية )، وتكريسها كندية لحزب الله من خلال مبالغات  لفظية قد تخدم في مراكمة جمهور محكوم بالغرائز، كحال كل جمهور، لكنها في تسييلها كوقائع عسكرية  فأغلب الظن أنها محكومة بعقل حزب الله  أكثر من حماس قواتي في حادثة بدا للحزب أن الاستثمار السياسي والقضائي فيها أقل كلفة من الذهاب إلى حرب قد تبدو نتيجتها محسومة، إلا إذا افترضنا أن لدى القوات سلاحاً هائلاً، يُثري سلاح حزب الله من جهة، ويخل بخطاب قواتي لا يني يرفع شعار الدولة، ويذم كل سلاح من خارجها، ويقصد سلاح الحزب تحديداً.

   في العام2005 خرج سميرجعجع من السجن ليجد وجداناً سنياً بدَّل اغتيال رفيق الحريري في رؤيته للكثيرين من خصوم رئيس القوات اللبنانية، وبدا أن جعجع وجد رافداً هائلاً لثأره من النظام السوري أولاً، لكنه وجد حزب الله أيضاً ، وكحزب تدور السياسة في لبنان وفق مشيته غالباً. والسنوات الخمس عشرة الأخيرة أتاحت له ايضاً،  وفي كثير من الأحيان ان يكون بطلاً مرتجى لهذا الجمهور الذي عقد  هذا الدور لبطل فرضه القدر أكثر مما فرضته السياسة، وتقصي ردة فعل الشارع السني على حادثة الطيونة تشي بالكثير من هذا الرجاء الذي سيبقى محكوماً بقضاء الطوائف وقدرها في انتقاء زعاماتها.    بالأمس، وهو يحصي مضبطة اتهامية لسمير جعجع، تبدأ بإسرائيليته التي خرج منها الأخير ولم تخرج من ألسنة الممانعين كحفر في الماضي إذ لا يسعف الحاضر، ومروراً بـ”داعش” و”النصرة”، كثف أمين عام حزب الله مشروعية سمير جعجع كزعيم مسيحي، ثم كزعامة مرتجاة من جمهور سني عريض، وتحديداً حين أثقل تلك المضبطة بمكاشفة عسكرية بين من يملك فائض القوة، وبين من يستجديها راهناً.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.