fbpx

طريق الزواج معبد والطلاق مملوء بالأشواك!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

العزوبية نعمة أصيلة منحتنا إياها الحياة، والارتباط أياً كان شكله أمر محمود، لطالما أضاف لنا ومنحنا أفضل ما لديه، والضغط الاجتماعي نقمة من نقمات هذه الحياة، تشتت أذهاننا وتبعدنا من خياراتنا الشخصية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

على رغم التطور ومظاهر الحداثة وسفر كثيرين منا إلى عوالم مختلفة، إنما ما زلنا نجد أنفسنا في أحيان كثيرة مطوقين بثقل العادات والموروث. 

مثلاً، يخرج خبر زواج ذاك وتلك فنسمع التباريك والفرحة، بينما نسمع أنباءً عن طلاق فلان وفلانة، فيتم التعامل مع الأمر وكأنه سر أو حادث مخجل! وما أن يتأكد الخبر حتى ترى الإحباط على محيط الطليقين! فنحن بالغون راشدون عند اتخاذنا قرار الزواج، ومراهقون مستهترون في الطلاق. ويبدو أننا غالباً ما نتزوج ليفرحوا ثم ننفصل لنستعيد أنفسنا، هكذا سارت الحياة وما زالت من دون التفكير في الأسباب أو محاولة معالجة هذه الصورة النمطية التي أخرت كثيرين عن الانتقال إلى حياة أخرى تليق بهم، كما تمكنت من حياة آخرين وجعلتهم يعيشون في ما لا يشبههم. 

في الآونة الاخيرة بدأنا نتابع عبر مواقع التواصل الاجتماعي عبارات قصيرة برسائل ذكية ترفض التدخل في حياة الآخرين وتسييرهم على هواء الغالبية، كتلك التي تحاكي ملاحقتنا اجتماعياً، متى ستتزوجين، ثم متى ستنجبين، ولاحقاً متى ستنجبين له أخاً، إلى أن تعود الدائرة إلى بدايتها ويبدأ سؤالك عن ابنتك متى ستتزوج وهكذا، غير أن مسألة تقبل الطلاق اجتماعياً ما زالت بحاجة إلى توعية أكبر، من أجل فهم هذه الحالة الطبيعية التي يخوضها الأزواج بعد استحالة إيجاد حلول للاستمرار. فالطلاق انطلاق وتحرر من الشيء وتحلل منه، وهو خيار متاح ومباح، لكن العوامل الذكورية من حولنا ضيقت الخناق حول رقابنا.

من تجربة إعلاني نبأ طلاقي عبر حسابي على “انستاغرام”، لمست الكثير من الوعي في التعليقات وهو أمر صحي للغاية، حتى وإن تكررت عبارة “الله يعوضك خير”، وهي عبارة فيها دلالة على الخسارة او الفقد

لقد اتخذت قرار الطلاق بعد زواج دام 8 سنوات، قرأت الكثير خلالها واستمعت لتجارب متقاربة وزرت مختصين، ثم خضت تجربة خاصة جداً وحدي من دون وجود أي محامٍ إلى جانبي أو الاخذ برأي المقربين من حولي، لكنني في كل الحالات وجدت كامل الدعم من أقاربي وأصدقائي الناضجين الذين اهتموا لأمري من دون الخوض في الأسباب، وعلى رغم أن صديقات قلقات أمطروني بنصائحهن واهتمامهن بصحتي النفسية بعد وقوع الطلاق، إلا أنني حقيقة شعرت تماماً كما شعرت يوم زواجي، ببعض القلق من دخول مرحلة جديدة لا أكثر، مثلها مثل أي عمل جديد ننتقل إليه. ويبدو لي أن نصائح صديقاتي ما كانت الا نتيجة لتجارب من حولهن، فقد أُوهمنا بهول لحظة وقوع الطلاق على المرأة، ابتداء من السينما العربية التي تجسد دور المرأة وهي تصرخ “طلقني، طلقني”، ثم تنهار لاحقاً باكية بعد وقوع الطلاق، وصولاً إلى أخبار الصحف التي تتناول بين الحين والآخر إحصاءات الطلاق في بلداننا وكأنها انتشار وباء لا شفاء منه!

ومن تجربة إعلاني نبأ طلاقي عبر حسابي على “انستاغرام”، لمست الكثير من الوعي في التعليقات وهو أمر صحي للغاية، حتى وإن تكررت عبارة “الله يعوضك خير”، وهي عبارة فيها دلالة على الخسارة او الفقد، ولست أعرف إن كانت فعلاً خسارة أم أنني ممتنة لنفسي التي منحتها فرصة جديدة مع اختياراتها في هذه الحياة، فحتى السنين التي نخسرها في علاقة غير ناجحة استنزفت طاقاتنا ليست الا سني الخبرات والتجارب التي أنضجتنا. لقد أبهجتني ردود الفعل التي لمست فيها تفهماً وتقبلاً لمفهوم انتهاء عقد الشراكة، بعيداً من التعامل معه على أنه مأساة، إذ إن هذا الوعي حتماً سيدفع الشركاء إلى التعامل مع الارتباط بنضج بعيداً من المخاوف الاجتماعية أو الأخذ بآراء الدخلاء مهما كانت الأسباب. ثم تبقى لدينا مراجعة أنظمة الطلاق هنا وهناك، لتكون حقاً يسيراً كما هو الحال مع الزواج.

العزوبية نعمة أصيلة منحتنا إياها الحياة، والارتباط أياً كان شكله أمر محمود، لطالما أضاف لنا ومنحنا أفضل ما لديه، والضغط الاجتماعي نقمة من نقمات هذه الحياة، تشتت أذهاننا وتبعدنا من خياراتنا الشخصية. لا يمكن قياس تجربة زواج على أخرى، ولا يمكن التعامل مع نتائج الطلاق واسبابه بناء على تجارب الآخرين، ولا يحق لأحد إقناع شخص يريد إنهاء علاقة هو متورط بها، بالتراجع عن قراره، ولا يحق للقوانين والمحاكم حول العالم أن تجعل إجراءات الطلاق شديدة التعقيد مقارنة بإجراءات الزواج التي تتم في دقائق، أو أن تيسر الأمر له وتجعله في غاية التعقيد عليها متى ما اتخذت قرارها.

إقرأوا أيضاً: