fbpx

“ابنة الراقصة”: منة شلبي بعيداً من الذكورة
السامة… إلى جانب المرأة وقضاياها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تصنعُ منة شلبي شخصية سينمائية فريدة، تجعلها خلال العشر سنوات الماضية صاحبة الرصيد الأكبر من الأدوار المؤثرة والمختلفة من بين نجمات جيلها، والسمة المميزة لجميع تلك الأعمال هي الجمع بين العناصر القوية، والإتقان في صنع التفاصيل.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تقول الممثلة المصرية المعروفة منة شلبي إن الأدوار الرئيسية التي تُكتب للنساء لا تكفي، فهن لا يملكن سلطات صنع القرار على أرض الواقع، وهو ما يعطل دعم النساء لبعضهنّ، لذلك قررت أن تأخذ زمام المبادرة، وتعلن أنها ليست مبادرة لدعم النساء في السينما فقط، إنما ستمتدّ لما هو أبعد من ذلك.

متابعة طريق هذه النجمة الشابة تشير إلى مسار متمايز لجهة تكريس موقعها كامرأة قوية مؤثرة جريئة في طروحات يتحاشى كثيرون إعلانها والتطرق إليها.

منة شلبي ترشَّحت قبل فترة وجيزة لجائزة “إيمي” كأفضل ممثلة في مسلسل تلفزيوني عن مسلسلها “في كل أسبوع يوم جمعة“. 

هذا الترشح هو الأخير في سيرة ممثلة لم تتجاوز الأربعين، فهي سبق أن حصدت جائزة فاتن حمامة من مهرجان القاهرة السينمائي لعام 2019، وجوائز وتكريمات أخرى. وكان من بين حيثيات حصولها على جائزة فاتن حمامة، أنها “تميزت بانتقاء أدوارها والجرأة في طرق الأبواب غير المعتادة لتصبح في زمن قياسي واحدة من أهم ممثلات جيلها”. 

ما بين الظهور الأول لمنة شلبي في مسلسل “سلمى يا سلامة” عام 2000، وفيلم “الإنس والنمس” عام 2021، مرَّت بانقلابات كثيرة، وأزمات مستمرة واختبارات وتغييرات كبيرة في شخصيتها وأهدافها والسُمعة التي تريد أن تصنعَها لنفسها. 

مرت منة شلبي بتجارب صعبة وانتقادات، ورسم لها الناس في خيالهم صورة لم يقبلوا بغيرها بسهولة، توقعوا منها أن تكون ممثلة إغراء تقدم مشاهد حميمية لا تحمل مضموناً أو فكرة، فقط لأنها ابنة الراقصة الشعبية والممثلة “زيزي مصطفى “.

في بداياتها لم تنجُ من المخرج خالد يوسف المتهم بالتحرش وتسجيل فيديوات جنسية لفتاتين. جذب خالد يوسف منة شلبي فكانت علاقة بين نجمة صاعدة شابة ومخرج معروف شهير. لم تتحدث منة شلبي عن العلاقة بشكل واضح، لكن المحيطين بها لفتوا الى ازمة قوية عاشتها بعد انتهاء العلاقة لتخرج منها شخصا آخر.

التجربة التي غيَّرت كل شيء… منة شلبي بعد الرجل السام!

أصبحت منة شلبي أكثر إخلاصاً للسينما، وتمسكاً بالأدوار والأعمال التي تبقى وتؤثر وتثير قضية، غادرت مساحات الإغراء إلى مساحات أرحب، ولا يمكن أن تسمع كثيراً لقب “الفنانة المثقفة”، حتى تقابل منة شلبي لتعرفَ أنها مثقفة بحق، ومؤثرة أيضاً. تتفاعل مع القضايا الحسَّاسة، وتبادر إلى تقديمها سينمائياً وتلفزيونياً، من دون قلق من مردود الجمهور أو فقر شباك التذاكر.

لا تهتم بمنافسات الفساتين، وحروب مواقع التواصل الاجتماعي، والحفاظ على المكياج وهندام الشعر في جميع الأدوار والمشاهد والتفاصيل. ستشعر في “نوارة” أنها سيدة مصرية أصيلة تشبه معظم المصريات في الطبقات الفقيرة بلا مكياج أو مساحيق وبأكبر قدر من الوفاء، وفي “الماء والخضرة والوجه الحسن” هي الفتاة الشعبية التي تعيش بلا إمكانات وتعشق رجلاً لا يحبها، وحين تقابلها في الشارع، ستفاجأ بأنها فتاة عادية لا تظهر دائماً وكأنها أمام الكاميرا. 

في حين تهرع كثيرات وكثيرون للارتباط في الوسط الفني من أجل المال، سارت منة شلبي في اتجاه معاكس، بل هي تحتفظُ منذ تجربتها العاطفية الأولى بموقف سلبي من الزواج، لا تطارد النجوم وأصحاب الهالات الذين يمكن أن يمارسوا “ساديتهم” عليها، وتنتظر رجلاً يقدّرها حقاً، وربما ساهمَ في ذلك كونها مثقفة حقيقية تسخر دائماً من بعض الأوصاف الشرقية التي تسبب أذى نفسياً للأنثى كـ”سن اليأس” و”العنوسة”، وتقول في حوار تلفزيوني إن “الإنسانية تفرض مسميات قاسية فلا أحد يستحق أن يقال عنه إنه في سن اليأس، سواء كان رجلاً أو امرأة”… بعد تجربتها السيئة، أدركت أن الاعتماد ليس على الرجال، وأن الأمان للأنثى في ذاتها فقط، ليس في الزوج أو المال وحسب، وذات منة شلبي هي الفن. 

التقدم نحو لقب “الفنانة الكبيرة”

عرفت مبكراً، أن الفنانات الكبيرات لا بد أن يجمعنَ معارف مختلفة وأن يتميّزن بأشياء تتجاوز المظاهر، وتوقفت قليلاً لتحسينِ جودتها كإنسانة. يقول الناقد السينمائي المصري طارق الشناوي لـ”درج”، إن منة هي أحد أكثر الأسماء الفنية بروزاً في السنوات العشر الأخيرة، ويضيف: “تثير قضايا حقيقية، ولا يمكن أن يقال إن حرصها على الأعمال الثقيلة يأتي مصادفة، بل هو خطة ممنهجة لديها تفرضها على الجميع. فقد أصحبت (تميمة) للأعمال الجيدة، لا أحد يذهب لها بورق تافه لأنه يعرف أنها سترفضه”.

ويضيف الشناوي: “الجانب الآخر في منة شلبي، أنها تقدم كل نوعيات الأدوار وتجيدها تماماً لأنها تحسّ الشخصية التي تقدمها، وتتقمّصها جيداً، تقدم الرومانسية والكوميديا والدراما والتشويق والمأساة، تستطيع إجبارك على كراهيتها أو أن تتعاطف معها وتقع في حبها، حتى وهي تقدم دوراً شريراً، وهذه هي الموهبة الأصيلة والاجتهاد في رعايتها، وتتكلم بعينيها، فيمكن أن تؤدي سينما صامتة بشكل مدهش”. 

إقرأوا أيضاً:

المغضوب عليها… كيف أصبحت “عدوة الدولة الجديدة”؟

تصنعُ منة شلبي شخصية سينمائية فريدة، تجعلها خلال العشر سنوات الماضية صاحبة الرصيد الأكبر من الأدوار المؤثرة والمختلفة من بين نجمات جيلها، والسمة المميزة لجميع تلك الأعمال هي الجمع بين العناصر القوية، والإتقان في صنع التفاصيل، ليصبح أداؤها التمثيلي حبة الكرز التي تزيّن العمل في النهاية، هي التي تجمعُ كل أطراف اللعبة، هي المايسترو، وجودها جاذب للكفاءات، وشرط للجودة، فعلى رغم عمرها الصغير، كانت تتعامل على أنها الكبيرة… التي لا تثير المشكلات، والحارس الأمين على جودة المنتج النهائي.

بدأ ذلك بفيلم “بعد الموقعة” (2012)، الذي قدمت فيه شخصية صحافية وناشطة سياسية وثورية تجمع خيوط موقعة الجمل الشهيرة خلال أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير لتكشفَ حقيقتَها، وتقابل أحد المتورطين وترتبط به عاطفياً… كان الفيلم فريداً في فكرته، وضد التيار السائد.

واستمر في فيلم “نوارة” الذي قدمت فيه دور خادمة بفيلا أحد الوزراء، تعيش قصة حب خلال فترة 25 يناير لتظهر انحيازاً واضحاً للثورة ومبادئها “العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية”. استعرض الفيلم، على رغم مدته الزمنية القصيرة، أثر ما كان يحصل في مصر خلال هذه الفترة على نوارة وقصة حبها ومن هم في مثل مستواها الاجتماعي. 

وبسبب تلك الأعمال، برزت شخصية منة شلبي وميلها للثورة وأفكارها المختلفة، فاعتُبِرت “عدوة للدولة الجديدة” واتهمت بأنها لا تحمل أفكار السلطة، ولولا موهبتها الطاغية، وعدم حديثها المباشر في السياسة، لواجهت مصير فنانين آخرين غابوا عن الساحة بـ”قرار سياسي” واضطروا إلى الهجرة، لكن مواقف منة التي تنبعُ من وعي حقيقي ومعرفة بقيمة الحرية وضعتها في خانة “الممنوعين”، فأصبحت محظورة لا تقدم أفلاماً من إنتاج الشركات التابعة للأجهزة المصرية. على رغم أنها بترشيحها لجوائز “الإيمي” أصبحت فنانة تقترب من العالمية، لكن مسلسلاتها من إنتاج شبكة تلفزيون “إم بي سي” السعودية في سياق المنافسة بينها وبين شركة “المتحدة” المشرفة على الإنتاج في مصر، أما أفلامها فمن إنتاج شركات مستقلة. 

في وقت لاحق قدمت مسلسلين، يمكن أن يصنَّفا بين أعظم الأعمال الدرامية المصرية، هما “حارة اليهود” و”واحة الغروب” لإبحارهما في فترات زمنية وأماكن وثقافات وتقاليد مبهمة وغامضة، على رغم أن القصتين تقعان على أرض مصر.

 عرضت أزمة الجرائم البشعة الناتجة عن اختراق الهواتف والحياة الشخصية في مسلسل “في كل أسبوع يوم جمعة”، المأخوذ عن رواية للروائي المصري إبراهيم عبد المجيد، و”ليه لأ 2” الذي ناقض قضية تبني الأطفال وأعادها إلى الواجهة مجدداً بعد سنوات من غياب تلك القضية عن الشاشات، وكان التأثير كبيراً على الشارع المصري واستيعابه للتبني، وبحسب وزارة التضامن المصرية، زادت أعداد طلبات كفالة الأطفال بعد عرض المسلسل حتى إن الوزارة كانت تبحث 2700 طلب بنهاية أحداثه، وأعلنت أرقاماً رسمية حول “السينغل ماذرز” (الأمهات العازبات) إذ يبلغ عددهن في مصر أكثر من 1100. 

متابعة طريق هذه النجمة الشابة تشير إلى مسار متمايز لجهة تكريس موقعها كامرأة قوية مؤثرة جريئة في طروحات يتحاشى كثيرون إعلانها والتطرق إليها.

تمكين المرأة… والخلطة السحرية بين الشعبي والنخبوي

أمسكت منة بالشعرة التي تفصل بينها وبين فنان الأعمال الثقيلة، الذي لا يحبه الجمهور لكن أعماله تترشح في المهرجانات، فإلى جانب ما تقدمه من أعمال تتناول قضايا حساسة، تتعاون مع كبار النجوم في أعمال أخرى جماهيرية… تثبت بها أنها موهوبة، وتستطيع تأدية جميع الأدوار، وأنها قريبة من الناس، وتروّج للأعمال الأخر.. فإذا اختفت عن الساحة الجماهيرية لن يشاهد أحد أعمالها المهمة. لم تحاصر نفسها في الجدية الزائدة بأفلام ثقيلة لا تحقق أرباحاً كـ”الأصليين” و”نوارة”، إنما مدّت جذورها بأراضٍ جديدة في أفلام جماهيرية- أغلبها كوميدي اجتماعي- تنافس على شباك التذاكر، أحدثها “الإنس والنمس” برفقة محمد هنيدي، الذي حقق إيرادات بقيمة 54 مليون جنيه مصري (3.4 مليون دولار) حتى الآن.

أصبح ذلك النوع من الضجة الذي يتعلق بإثارة قضية مجهولة أو إلقاء الضوء على فئة مطحونة أو منسيّة هو الذي يثير شهية منة شلبي، ويدفعها لتقديم عمل وتجاهل آخر، ليست الضجة الناتجة عن فستان مثير أو مشهد ساخن أو عمل يبرز في وقت عرضه فقط، فالفنانة يبلغ عمرها الفني الآن 21 عاماً، لم تعد تستسلم لمقاييس الفنانات حديثات العهد بالشهرة، فمرورها هادئ، وحضورها لافت فقط لأنها حضرت، ولأنها تقدم أفكاراً داعمة طوال الوقت، وتتبنى قضايا المرأة، بالتصريح والتلميح والأعمال الفنية، وحين تشارك في ندوات أو مؤتمرات لا تتحدثُ حول الفن بمفهومة الضيق، إنما يروق لها أن تشارك بكلمة عن تمكين المرأة، لتكشف جانباً مهماً من كونها نجمة، وهو القدرة على التأثير والتوعية.

وقد بدأت خطاً فنياً واضحاً للتعبير عن انتصارات المرأة وتفوقها، رافضة ميل السينما والدراما إلى تقديم أعمال لها وهي مقهورة وضعيفة، لأنها تعتبر ذلك انعكاساً لرغبة المجتمع في ألا تظهر المرأة قوية، ولذلك لا تتدخل بالتعليق فقط، إنما تحاول تغيير الأمر لتمنح المرأة الفرصة في المشاركة في جميع مراحل الصناعة، فتبنَّت مبادرة “تمكين المرأة في صناعة السينما” لدعم المؤلفات الموهوبات، ودعتهنّ لإرسال سيناريوهات لأفلام قصيرة أو طويلة لمساندتهنّ في توصيلها. وكانت منة دائماً ما تشارك مجاناً في أعمال مستقلة لدعم الموهوبين والصناعة لتؤصّل لكونها تملك فكراً مختلفاً، صار بعيداً من معظم الفنانات العربيات الآن.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.