fbpx

انشقاق عن أهالي ضحايا المرفأ:
“دروع بشرية” في وجه التحقيق

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لم يسبق أن كانت المعركة في وجه تحقيق المرفأ سافرة ومباشرة بقدر ما هي اليوم. “حزب الله” قرر استخدام أهالي الضحايا على نحو ما يضع المسلحون الدروع البشرية في قلب ساحة القتال.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“اللي قدم ابنه كرامة هالبلد وربى أجيال استشهادية ومجاهدين صعبة يعمل هالشي، مستحيل يعمل هالشي”… 

كان يتحدث ببطء ويأخذ نفساً تلو الآخر وعيناه زائغتان وهو يقول هذه الجملة قاصداً بها طبعاً أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله، مردداً لازمة أن ابن نصرالله قتل في معركة ضد إسرائيل وبالتالي من المستحيل أن يكون متورطاً في جريمة مثل انفجار مرفأ بيروت.قائل الكلمات هو حسن أمين عطوي، شقيق أحد ضحايا تفجير المرفأ إبراهيم أمين عطوي. وأنا اتابع الفيديو الذي وزعه موقع “العهد”، إحدى الأذرع الإعلامية لـ”حزب الله”، استعدت سريعاً لقائي مع هذا الشاب قبل أسابيع قليلة في سياق إعداد مادة صحافية عن أهالي ضحايا جريمة المرفأ في الذكرى السنوية الأولى.

ما قاله حسن نقيض ما قاله لي قبل أسابيع قليلة حين زرته وعائلته في منزلهم في برج البراجنة. حينها قال كلاماً عالي النبرة ضد كل الطبقة السياسية بما فيها “حزب الله” وحملهم مسؤولية الانفجار بل وسمى الحزب وزعيمه كجهة “كاذبة” تابعة لمحاور إقليمية. 

أخبرني أفراد من العائلة حينها أنهم تلقوا زيارات من مسؤولين في الحزب يوعزون لهم بعدم الحديث علناً عن “حزب الله” وعن زعيمه في مسألة الانفجار، وهو ما قالت العائلة حينها إنها لن تلتزم به. الأمر ذاته سمعته من عائلات شيعية أخرى فقدت أحد أفرادها في التفجير.

لا يمكن لمن يزور المنزل البسيط لعائلة عطوي التي لم يعد لديها سوى صورة ابنها لتزين بها جدران المنزل المتآكلة، سوى أن يشعر بقهر مضاعف، قهر الفقد والفجيعة وقهر الضغط السياسي والأهلي والذي ترجم في سوق شاب مثل حسن ليكون لساناً ناطقاً بما يريد “حزب الله” أن يروج له تحت طائلة التخويف.

إنه التخويف نفسه الذي دأب الحزب على ممارسته تجاه الخارجين عن الإجماع الأهلي على امتداد السنوات الماضية والذي أخذ شكلاً بالغ الاهانة خلال انتفاضة 17 تشرين عبر ما عرف بظاهرة “قبل السحسوح”، بحيث يساق كل من انتقد مسؤولاً أو شخصية في الحزب، خصوصاً قيادته الى الاعتذار علناً عبر فيديوات تبث بشكل مهين.

تم تأديب الثورة في المناطق الحاضنة للحزب عبر تلك الفيديوات، لكن ومنذ انفجار مرفأ بيروت ومع لعب “حزب الله” دور الحامي للمنظومة والمعرقل الأول للتحقيق، برزت معضلة التعامل مع أهالي الضحايا من الطائفة الشيعية الذين كانوا جزء أساسياً في تحرك الأهالي منذ اليوم الأول للجريمة. 

بعد أحداث الطيونة الأخيرة تغير المشهد تماماً.

وما حصل مع حسن عطوي كان سبق أن حصل مع رئيس لجنة الأهالي ابراهيم حطيط الذي كان معروفاً بتعليقاته الناقدة واللاذعة للثنائي الشيعي، خصوصاً “حركة أمل” ورئيسها نبيه بري وهو ما عرّضه لاعتداءات متكررة، ليظهر بعد أحداث الطيونة وتصريحات نصرالله بعدها ولضغط ترجم بفيديو ملتبس له يعلن فيه انسحابه من لجنة أهالي ضحايا المرفأ وليؤسس لجنة من بعض عائلات شيعية للضحايا بدأت تتحرك لدى مسؤولين وقضاة للتشكيك بالقاضي طارق بيطار وتدعو إلى تنحيته. 

لم يسبق أن كانت المعركة في وجه تحقيق المرفأ سافرة ومباشرة بقدر ما هي اليوم. “حزب الله” قرر استخدام أهالي الضحايا على نحو ما يضع المسلحون الدروع البشرية في قلب ساحة القتال، ما يحتم على خصومهم أن يقتلوا هؤلاء أولاً قبل استهدافهم المقاتلين. 

هذا تماماً ما يحصل مع أهالي الضحايا الذين تم وضعهم في واجهة معركة استهداف القضاء وبالتالي عرقلة التحقيق في جريمة مرفأ بيروت.

إنها مواجهة صريحة اليوم. “حزب الله” يريد إجهاض التحقيق بأي ثمن وليس من المستبعد أن نجده يشكل محاكم “ثورية” على غرار ما يفعل رعاته الإيرانيون لإجهاض أي اعتراض على السلاح وتبعاته ومنها نيترات الأمونيوم. يهاجم التحقيق مستنداً إلى مئة ألف مقاتل أعلن نصرالله أنهم جاهزون في أي لحظة. 

ممنوع الانتفاض ضد الطغمة الحاكمة التي تشكل مظلة للسلاح ولا بد من شق الانتفاضة بمنع الشيعة من المشاركة أو بدفعهم للهجوم بشعار “شيعة شيعة”.

هو موقفٌ صريح من التحقيق، ومن كلّ تحقيق. 

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.