fbpx

“توهّمات ثورية”…بمناسبة سبعة أعوام على الثورة السورية!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الثورات تنطوي على تخيّل ما، إلى هذه الدرجة أو تلك، وضمن ذلك الحلم والحتمية والروح الإرادوية والرغبوية، بيد أن الثورات لا تنتصر أو لا تحقّق أهدافها، بهذه النسبة أو تلك، إلا في حال اقترن ذلك بإدراك الفاعلين المعنيين للإمكانيات الذاتية والقدرات الكامنة والمعطيات المحيطة والظروف المناسبة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

الثورة هي ظاهرة اجتماعية، أي من فعل بشر، وكل ظاهرة من هذا النوع تنطوي على قدر كبير أو صغير من التخيّل، حتى لو كان الأمر يعني “صناعة التاريخ”، بحسب قول عمومي ومعروف لكارل ماركس، على الرغم من أنه يستدرك ذلك بتأكيده أن التاريخ لا يصنع على هوى البشر، أي وفقاً لتخيّلاتهم ورغباتهم، فقط، وإنما تبعاً لظروف ومحددات متعّينة وموروثة، أيضاً.
يفيد ذلك بأن الثورات تنطوي على تخيّل ما، إلى هذه الدرجة أو تلك، وضمن ذلك الحلم والحتمية والروح الإرادوية والرغبوية، بيد أن الثورات لا تنتصر أو لا تحقّق أهدافها، بهذه النسبة أو تلك، إلا في حال اقترن ذلك بإدراك الفاعلين المعنيين للإمكانيات الذاتية والقدرات الكامنة والمعطيات المحيطة والظروف المناسبة.
هذا المدخل النظري يستنتج منه أن الثورة السورية، التي يصادف هذا الشهر مرور سبعة أعوام على اندلاعها، تأسّست، أيضاً، على تخيّلات معيّنة، كغيرها من الثورات، إلا أن مشكلتها الخاصة ظلّت تكمن في مسألتين، أولاهما، في تعامل القوى المتصدرة لها، مع تلك التخيّلات، بصورة يقينية، وثابتة، كأنها بمثابة معطيات واقعية. وثانيتهما، في تشبّث تلك القوى بهذه التخيلات، رغم تكشّفها، في التجربة العملية، عن مجرد توهّمات خطيرة أودت بالثورة وبالسوريين إلى كوارث.
أما أهم تلك التخيلات، أو التوهّمات، القاتلة، التي تأسّست عليها ثورة السوريين، فيمكن اختزالها في الآتي:
أولاً، التعويل على الخارج، ومفاده أن القوى الكبرى في العالم معنا، وستساعدنا أو ستمكننا من إسقاط نظام الأسد، آجلاً أم عاجلاً. وقد انطوى هذا الوهم، أو التخيّل، على تصورات كارثية أخرى. بيد أن أهم نتائج هذا التخيّل الكارثي، تمثلت بوهم آخر مفاده الاعتقاد بإسقاط النظام بالعمل المسلح، بدعم من القوى الدولية والإقليمية الكبرى، أو بقيامها بشل قدرات النظام وكبح قواه الجوية، عبر فرضها مناطق حظر جوي أو مناطق آمنة، وهو الأمر الذي لم يحصل حتى الآن. وكما شهدنا فإن كل هذه التصورات انهارت، وتبينت عن كوارث كبيرة، إذ حتى الدعم للفصائل العسكرية كان مقنناً، وبحساب “غرف العمليات” (الموك والموم). وفوق كل ذلك فقد تبينت محدودية وكارثية الانحصار في العمل المسلح، الذي لم ينجح في حماية السوريين ولا في فرض مناطق محررة، بل إنه لم يقدم نموذجا لمنطقة محررة تكون موضع ثقة الشعب السوري، إضافة إلى أن العمل المسلح أخرج ملايين السوريين من معادلات الصراع ضد النظام، كما سهل تشريدهم خارج وداخل سوريا، إضافة إلى أنه رسخ اعتمادية المعارضة السورية على الأطراف الخارجية، بحيث باتت هي التي تتحكم بوتائر الصراع السوري، وتوظف فيه بحسب سياساتها. وطبيعي الاعتراف بأن ما شجّع على هذه النظرة نموذجي العراق وليبيا، وتصريحات بعض قادة الدول التي اعتبرت داعمة للثورة، ما يمكن الاستنتاج معه بأن ذلك، أي تعزيز الاعتمادية على الخارج، بما في ذلك العمل المسلح، كان أكثر مجال تلاعبت فيه القوى الخارجية بالثورة. والمعضلة هنا أن المعارضة ظلت على هذه النظرة، أي لم تقم بمراجعتها، رغم مرور سبع سنوات، بكل ما فيها من تعقيدات ومشكلات ومداخلات واخفاقات.
ثانياً، اعتقاد القوى المتصدرة في المعارضة بأن العالم معها، وأنه منحها شيكاً على بياض، باعتبارها لذاتها بأنها تمثل الحق والعدل، بغض النظر عن طبيعتها وخطاباتها ودرجة تمثيلها لشعبها، أو لاعتبارها كأن العالم يشتغل عند السوريين، وأنه سيقدم للمعارضة الحكم على طبق من فضة، متوسلة في ذلك مثالي العراق وليبيا، كما قدمنا.
المشكلة على هذا الصعيد أن القوى المتصدرة في المعارضة استمرأت الاعتراف الدولي بها، إلى درجة أنها باتت مجرد ظاهرة علاقات عامة، تركز على العلاقات مع الدول، وعلى الظهور في وسائل الإعلام والانخراط في المسارات التفاوضية، في حين أنها لم تنجح في انشاء كيانات سياسية وازنة وذات تمثيل حقيقي، كما أنها عجزت عن خلق اجماعات وطنية بين السوريين، بحكم اضطراب خطاباتها وتبنيها لخطابات الجماعات الإسلامية المسلحة، ناهيك أنها لم تفعل ما يفترض بها أن تفعله بخصوص تنظيم أحوال السوريين، لاسيما في الخارج. والمعنى أن الثورات إذا كانت غير قادرة على تحقيق ما تريده بقواها الذاتية الخاصة عليها أن تحرص على الاستثمار في الوضع الدولي؛ للتعويض عن ضعف إمكاناتها. وهذا أكثر ما ينطبق على الثورة السورية التي تحتاج إلى إيجاد تقاطعات في رؤاها وتصوراتها لمستقبل سورية والسوريين جميعًا، مع تصورات وقيم الأطراف الدولية الفاعلة في الملف السوري، بنبذ الخطابات الطائفية والدينية والقومية المتطرفة، وتبني خطابات تتأسس على قيم الحرية والعدالة والمواطنة والديمقراطية، وهي اللغة التي يفهمها العالم.
ثالثاً، التوهم بحتمية الانتصار، وهزيمة النظام، والمشكلة أن هذا الأمر على مشروعيته لم يتم توفير مقوماته، لذا فهو انطوى على تخيّل غير واقعي، أو إرادوي ورغبوي، من ناحية، ومن ناحية أخرى، فهو لم يقارب أي تجربة تاريخية، إذ إن الثورات يمكن أن تفشل، ويمكن أن تنجح، ويمكن أن تحقق أهدافها جزئيًا، أو على مراحل، ويمكن أن تنحرف أيضًا، أو أن تدخل في مساومات. ونتيجة هذا التخيّل؛ فقد حُرمت هذه الثورة التي ظلت تتسم بالعفوية، والتجريبية، والإرادوية، وتفتقر إلى كيانات سياسية مجربة، ولتراث ثوري سابق، حرمت من فرصة المراجعة، أو من إدراك كيفية السيطرة على وتائرها، بحيث تعرف متى يمكن أن تتقدم ومتى يمكن أن تتراجع، ومتى يمكن أن تتوقف؛ حتى لا تضيع إنجازاتها. ومعلوم، بحسب التجارب التاريخية، فإنه لا توجد ثورة كاملة، أو ناجزة، أو نظيفة، أو ثورة تأتي وفقاً لمساطر أو تنميطات معينة، ثم إن التاريخ لم يعرف ثورات حققت أهدافها واحدة. هكذا، وفي مراجعة متأنّية، ونقدية، يمكننا ببساطة رؤية أن الثورة حقّقت أفضل ما حققته في العام الأول، قبل انحصارها في الصراع العسكري الذي أفلت يد النظام ضد أغلبية الشعب، أو ضد ما عدّه البيئات الحاضنة، فأمعن فيها قتلًا وتدميرًا وتشريدًا. ففي تلك المرحلة كسرت الثورة الخوف في قلوب السوريين، وأخرجتهم إلى الشارع، أي: أدخلتهم في السياسة، وفي صنع تاريخهم، أما ما بعد ذلك، ومع الاحترام للتضحيات والبطولات، فقد كان فائضًا لم يغير من معادلات الصراع مع النظام، ولم يعزز الإنجازات المتحققة، بل إنه أكل منها، علاوة على أنه أدى إلى خراب البلد، وتفكيك المجتمع، وتشريد الملايين.
لا ثورة ولا ابداع من دون تخيّل، لكن ثمة فارق كبير بين التخيلات والأوهام.

[video_player link=””][/video_player]

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.