fbpx

سنتان على حراك تشرين العراقي:
التعايش مع القتلة تحت قبة البرلمان؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

اقتحام الساحات ولّد إصراراً لدى المتظاهرين على الاستمرار في نهج المطالبة بالحقوق وتحسين الواقع الخدمي لمدنهم، فكانت الناصرية واحدة من أهم المدن التي كانت سبباً في تغيير ثلاثة محافظين و9 قادة شرطة و3 من القيادات العسكرية الرفيعة المسؤولة أمنياً عن أربعة مدن في الجنوب.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تحاول أم سجاد العراقي عبثاً ان تكفكف دموعها بعد مضي أكثر من 400 يوم على اختطافه، وهي تطلق المناشدات تارة للميليشيات المسلحة التي اختطفته لإطلاق سراحه، وطوراً للقوات الأمنية للبحث عنه والكشف عن مصيره. وسجاد العراقي شاب عشريني، يعد أحد أبرز وجوه ساحة الحبوبي في الناصرية جنوب العراق، اختطف في كمين أعدته مجموعة مسلحة تنتمي لإحدى الميليشيات.

مضى عامان على الحراك الاحتجاجي الذي اجتاح 15 محافظة عراقية مناهضة للنظام السياسي وراح ضحيته قرابة 800 قتيل وآلاف الجرحى نتيجة عمليات القمع التي مارستها القوات الامنية الحكومية والميليشيات المسلحة التابعة للأحزاب، وهناك ما لا يقل عن 20 متظاهراً وناشطاً لا يزالون في عداد المخفيين قسراً من قبل جماعات مسلحة بحسب تقرير بعثة الأمم المتحدة الذي صدر في نهاية أيار/ مايو الماضي 2021، وبينهم سجّاد.

تظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر 2019 أفرزت نتائج هي دون طموح المحتجين، إلا أنها وضعت البذرة الأولى في تصحيح المسار السياسي للبلاد، فكان إقرار القانون الانتخابي ذي الدوائر المتعددة والذي كان سبباً في ما بعد بخسارة أحد أهم الكتل السياسية التي تربعت على عرش الحكومة وإقامة انتخابات مبكرة وارغام الحكومة التي ترأسها عادل عبد المهدي على الاستقالة.

المتظاهر ناطق الخفاجي من ساحة الحبوبي يرى أن ما تم تحقيقه قليل، فواحد من أهم الأهداف التي يطمح اليها التشرينيون هو ازالة المنظومة السياسية الفاسدة ومحاولة إبعاد الأحزاب المتهمة بالفساد عن الحكم وحل الميليشيات المسلحة والكشف عن قتلة المتظاهرين ومصير المغيبين وتأسيس دولة مدنية ذات سيادة تعمل وفق نظام المؤسسات. 

الاحتجاجات بدأت في الأول من تشرين الأول 2019 واستمرت أياماً وخلالها أقدم المحتجون على حرق مقرات الأحزاب السياسية كخطوة تصعيدية في مدينة الناصرية وقطع الطرق في مدن أخرى لتتوقف التظاهرات بعدها لأيام، لتزامنها مع زيارة اربعينية الامام الحسين وهي واحدة من أهم المناسبات الدينية في العراق، لتعود مرة أخرى بشكل اكبر واوسع في 25 من الشهر ذاته، وتتحول إلى اعتصام مفتوح بعد نصب الخيم في الساحات المركزية للمدن الوسطى والجنوبية. واستمر الحال حتى نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2020. وكانت ساحة الحبوبي آخر الساحات العصية على القوات الأمنية والمليشيات المسلحة، واقتحمها مساء 27 تشرين الثاني 2020 أنصار التيار الصدري وراح ضحية هذا الهجوم قرابة  90 محتجاً بين قتيل وجريح وأحرقت جميع الخيم.

اقتحام الساحات ولّد إصراراً لدى المتظاهرين على الاستمرار في نهج المطالبة بالحقوق وتحسين الواقع الخدمي لمدنهم، فكانت الناصرية واحدة من أهم المدن التي كانت سبباً في تغيير ثلاثة محافظين و و9 قادة شرطة و3 من القيادات العسكرية الرفيعة المسؤولة أمنياً عن أربعة مدن في الجنوب.

هذه التظاهرات حققت نضوجاً سياسياً لدى الشباب الثائرين لينتقلوا إلى مرحلة جديدة يغامرون فيها بتأسيس حركات سياسية، ولدت من رحم ساحات التظاهر نظمت نفسها وضمت في صفوفها قانونيين ونشطاء وأساتذة جامعات، وكان من أبرزها “حركة امتداد” و”البيت الوطني” وحركة “نازل اخذ حقي” و”25 أكتوبر” و”جبهة تشرين”…

الحركات السياسية الجديدة أنتجت انقسامات في ما بينها مع قرب العملية الانتخابية فمنهم من أراد الخوض في السباق الانتخابي، فيما رفض آخرون المشاركة بحجة أن الأمن الانتخابي غير متوفر في ظل انتشار السلاح المتفلت وعدم السيطرة على المال السياسي واستغلال موارد الدولة من قبل الأحزاب السياسية.

أُجريت الانتخابات المبكرة في وقتها المقرر 10 تشرين الأول 2021 وحققت القوى التشرينية على غير المتوقع نتائج “جيدة”، بحسب مراقبين، قياساً إلى حداثة نشأتها وعدم امتلاكها هيكلية تنظيمية كتلك التي تمتلكها الأحزاب السياسية التقليدية، فيما خسرت قوى سياسية تمتلك أموالاً طائلة واجنحة مسلحة قادرة على تغيير الموازين، أبرزها “تحالف الفتح” الذي يضم في صفوفه قوى من “الحشد الشعبي” موالية لإيران.

إقرأوا أيضاً:

“حركة امتداد” وهي حركة تشرينية ناشئة لم يمر على تأسيسها سوى ستة أشهر تمكنت من حصد 300 ألف صوت انتخابي، ما أهّلها للحصول على 9 مقاعد، خمسة منها في مدينة الناصرية.

تصدّر مطلب تقديم قتلة المتظاهرين للعدالة والكشف عن مصير المغيبين والمختطفين ومحاسبة الفاسدين، البرامج الانتخابية للقوى التشرينية، لذا بدأت هذه القوى بالتحرك والتفاوض مع بقية المستقلين الفائزين، لتشكيل جبهة معارضة قوية داخل البرلمان لتحقيق هذا المطلب وغيره.

أمين عام “حركة امتداد” علاء الركابي يرى أن فتح ملف المتسببين بقتل المتظاهرين واختطافهم هو واحد من أهم الملفات التي يحملها برلمانيو تشرين، لأن الهدف الرئيسي هو إنهاء ما يصفه بـ”شريعة الغاب”، وتفعيل القوانين المعطلة وإقرار قوانين أخرى منها قانون النفط والغاز وقانون الخدمة الاتحادية الذي يضمن العدالة بتوزيع الدرجات الوظيفية.

هذه الحركات الناشئة وعلى رغم ما تمتلكه من قاعدة شعبية، إلا أن ملف المتظاهرين يرجح أن يواجه صعوبة في حسمه، فالكتلة الأكبر الفائزة في الانتخابات هي الكتلة الصدرية التي حصدت 73 مقعداً، والتيار الصدري متهم باقتحام ساحات التظاهر في الناصرية والنجف وساحة التحرير وقتل وجرح العشرات، ما سيضع حركات تشرين في مواجهة كبيرة داخل البرلمان مع هذه الكتلة. 

الباحث صلاح الموسوي يرى أن القوى التشرينية ستعاني لفتح هذا الملف، خصوصاً انها لا تشكل اغلبية في المجلس النيابي، وهذا يضعها أمام اختبار صعب.

المتظاهر حسين العظمي يرى الأمر من زاوية أخرى، فـ”دخول ممثلين لتشرين الى ساحة البرلمان خطوة مهمة حتى وإن لم تحسم جميع الملفات التي يتم طرحها فوجودهم ومعارضتهم بشكل مستمر، يعتبران نقلة نوعية في العملية السياسية الجديدة بعد 18 سنة من تسلط الأحزاب التقليدية على مفاصل الدولة”.

وحدها أم سجاد العراقي، لا يعنيها هذا الصراع السياسي كله. تثبّت بصرها نحو باب منزلها وتنتظر خبراً عن ابنها المفقود. 

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.