fbpx

عقوبات أميركية تشطب وجهي
جميل السيد وسعد الحريري

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

اليوم صار بين أيدينا رقم يمكن أن نركن إليه، وأن نتوجه به إلى من تجب مساءلته. والقول إن أرقام وزارة الخزانة الأميركية لها وظائف سياسية لا يكفي لكي نشيح بأنظارنا عنها، فعلى من يوجهنا لعدم تصديقها أن يضع أمامنا الحقائق التي يعرفها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 قبّح الله وجوهنا نحن اللبنانيين، فها هي العقوبات تزحف نحونا من كل حدب وصوب، وهي شطبت أخيراً ثلاثة منها، بعدما كانت أجهزت في المرحلة الفائتة على المستقبل المالي لعشرات، من بينهم ثلاثة وزراء سابقين، اثنان منهم يتهمهما قاضي التحقيق في انفجار المرفأ طارق بيطار بالتورط بالتسبب بالانفجار، هما يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل. علماً أن المعاقبين جميعهم من علية القوم، وممن تحفل بحضورهم البهي الأندية السياسية والاجتماعية ودور العبادة والسهر، ناهيك بمجلسي النواب والوزراء.

لكن ما يميز حزمة العقوبات الأخيرة التي أعلنتها وزارة الخزانة الأميركية، أنها جاءت مرفقة بتفاصيل وأرقام أحاطت بأنشطة أصحاب الأسماء التي استهدفتها العقوبات. إنهم جهاد العرب الذي بنى امبراطوريته المالية في محيط رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، وداني خوري الذي أشار التقرير إلى أنه واجهة لأنشطة الوزير جبران باسيل المالية، وجميل السيد الذي كشف التقرير عن أنه قام هذا العام بتحويل 120 مليون دولار إلى خارج لبنان. وهنا إذا ما أقدم المرء على جمع المبالغ التي أشار إليها القرار الأميركي فسيحصل على نحو مليار دولار، وهذا الرقم يمثل 0.8 من قيمة المنهوبات في لبنان، إذا ما صدق القول بأن حجم سطو الطبقة السياسية اللبنانية بلغ 80 مليار دولار، علماً أن ثمة توقعات بأن الرقم يتعدى المئة مليار دولار.

والحال أن ثلاثة من السياسيين ومن واجهاتهم، وهم ليسوا من الصف الأول، أرشدتنا ثرواتهم إلى نحو مصير مليار دولار، وهو ما يعني أننا بحاجة لقرارات تشمل 240 سياسياً حتى نقتفي أثر الـ80 مليار دولار المنهوبة، وهو عدد سيغطي كل الطبقة السياسية، وعندها سيكون لشعار “كلن يعني كلن” فرصة جديدة لكي ينعقد على مزيد من الحقائق. ورقما الـ240  سياسياً والـ80 مليار دولار على واقعيتهما، إلا أنهما ينطويان على تشبيه تتطلبه المأساة اللبنانية للقياس عليه، وهما الوحيدان بين أيدينا، وتضاف إليهما التقديرات حول الثروة الهائلة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لكي نقيس على ذلك حجم المأساة التي نعيشها. اللافت هنا أن العقوبات لم تقترب حتى الآن من الحاكم وهنا يحضر ما أثير عن حماية أميركية له وهو أمر إذا صح وهو على الأغلب صحيح، يضع منطق العقوبات كله موضع ارتياب وشك وتوظيف، فارتكابات سلامة صارت موثقة على نحو أكثر وضوحاً من غيره، وثرواته في الجنات الضريبية وخارجها لم تعد سراً ويتداولها قضاة أوروبيون ناهيك بالتحقيقات الاستقصائية التي كشفتها.

ونحن في لبنان إذ تتقافز المليارات المنهوبة من فوق رؤوسنا على نحو معلن ومن دون مواراة أو مداراة، راسمة وجوه من تولى نهبها، علينا بالمقابل أن نستعيد وجوه رجال الظل، فها هو جبران باسيل وقد استعان بالمتنبي ليصف حاله بعدما “تكسرت النصال على النصال” لشدة ما رماه “الدهر بالأرزاء”، ولكن أيضاً بالمليارات. أما سعد الحريري، الذي لم يذكره القرار على رغم استهدافه جهاد العرب، فـ”كاد المريب أن يقول خذوني” لشدة اقتراب القرار من وجهه. يبقى أن خيالنا وحده يجب أن يأخذنا إلى مصدر ملايين جميل السيد الـ120 التي أشار إليها القرار، وإلى وجه “المسؤول الحكومي الكبير” الذي ساعده على ذلك، وعلى من سرب للأميركيين هذا الخبر، وهما على الأرجح ليسا حسان دياب ورياض سلامة.

لكن اليوم صار بين أيدينا رقم يمكن أن نركن إليه، وأن نتوجه به إلى من تجب مساءلته. والقول إن أرقام وزارة الخزانة الأميركية لها وظائف سياسية لا يكفي لكي نشيح بأنظارنا عنها، فعلى من يوجهنا لعدم تصديقها أن يضع أمامنا الحقائق التي يعرفها، فالسرقة التي تعرضنا لها معلنة وموثقة، وكثيرون يعرفونها، بدءاً بالمصارف السويسرية التي وصلت إليها التحويلات، مروراً بالسلطات الفرنسية التي قال قضاؤها إن بحوزته قرائن صلبة عن ثروات السياسيين، وصولاً إلى من يدعي “الشفافية” من السياسيين والأحزاب ويمنع عن الرأي العام الحقيقة لكي يحمي المرتكبين ويحمي نظامهم ونظامه. 

طبعاً علينا ألا نحتفي بقرار العقوبات الأميركية، ذاك أن البعد الإمبريالي لهذه العقوبات باد على وجهي جبران باسيل وسعد الحريري اللذين انضما إلى باقة الوجوه التي تستهدفها هذه الإمبريالية، نظراً إلى ما يشكلانه من خطر عليها. علينا أن نركن للإفلاس الذي أصابنا وأن نبقى يقظين من احتمال أن تنقض هذه الإمبريالية على ثرواتنا، ذلك أنها لا تعلم أن ثمة من سبقها وانقض عليها.   

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.