fbpx

العقوبات على السيد والعرب وخوري:
هل يمكن استعادة أموال لبنان المنهوبة؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بررت الخزانة الأميركية قرارها بأن من” وردت أسماؤهم إما حولوا أموالاً إلى خارج لبنان أو أنهم متورطون بصفقات بالتراضي وبهدر المال العام وغير ذلك، وعليه فلتتخذ النيابة العامة التمييزية والمالية الإجراء القانوني إما لإنصاف هؤلاء بحال لديهم تبرير وإما لإنصاف الشعب اللبناني”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

دخل جميل السيد نادي النواب اللبنانيين المعاقبين أميركياً، وهؤلاء يشكلون اليوم كتلة من 5 نواب هم، إضافة إلى السيد، أمين شري، محمد رعد، جبران باسيل، علي حسن خليل. واتُّهم السيد بتحويل 120 مليون دولار إلى خارج لبنان وتقويض حكم القانون. 

وبدا لافتاً أن العقوبات شملت هذه المرة “متعهدي الجمهورية” جهاد العرب وداني خوري. وأرفقت وزارة الخزانة الأميركية إعلانها عن العقوبات بخطاب شعبوي معيشي يحكي عن هموم الناس. وفيما لم يتضح بالنسبة إلى كثيرين بعد الهدف المباشر من هذه العقوبات، يجمع محللون على أن العقوبات ستحدّ من الطموحات السياسية للمشمولين بها. ويؤكد بعضهم أنها تصبّ في خدمة أهداف سياسية تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقها من بينها إنهاء المرحلة الماضية في لبنان.

إذاً بات جهاد العرب وداني خوري، اللذان اشتهرا في ملفات النفايات ومطمري الناعمة وبرج حمود على “لائحة الشرف” بحسب أدبيات الحزب والتي تضم أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله ونائبه نعيم قاسم وعدد من المسؤولين في الحزب، من بينهم حسين الخليل وإبراهيم أمين السيد وفؤاد شكر ومحمد يزبك. 

إضافة إلى هؤلاء، تضم اللائحة الوزير السابق يوسف فنيانوس، وشركات ارتبطت بمؤسسات تابعة للحزب أو اتهمت بتمويله، مثل “مؤسسة القرض الحسن” وتلفزيون المنار وإذاعة النور. كما تضم أشخاصاً اتهموا بتمويل “حزب الله”

قرار الخزانة الأميركية يصنف ضمن العقوبات السياسية، إذ لم تتم مقاضاة السيد والعرب وخوري.

تجميد أموال في الخارج وتصفية حسابات في الداخل

سنوات من العقوبات المتلاحقة بحق شخصيات ومؤسسات لبنانية فكيف أثرت تلك العقوبات عملياً؟

تؤكد الباحثة في القوانين المصرفية، سابين الكيك لـ”درج” أن لعقوبات وزارة الخزانة الأميركية تأثيراً مالياً في الشخصيات التي طاولتها، لا على مؤسسات الدولة اللبنانية، وهي تطاول الأصول المالية والممتلكات خارج لبنان. وتضيف الكيك أن العرب وخوري هما رجلا أعمال لديهما مصالح واستثمارات وشركات في الخارج، ما سيؤثر في أعمالهما. وفيما يعود إلى كل دولة تحديد طريقة التعامل مع هذه العقوبات، ترجح أن يطلب من المتعهدين إقفال شركاتهما في الخليج والخروج من أسواقه، درءاً للمخاطر التي يمكن أن ترتد على أي دولة أو مؤسسة أو مصرف.

وتشرح الباحثة أن لأميركا تأثيرها في دول كثيرة، عندما تضع شخصاً على لائحة العقوبات تختلف تلقائياً طريقة تعامل المصارف الخارجية والمؤسسات المالية والدوائر الرسمية معه وتتجمد حساباته المصرفية. وعند صدور لوائح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأميركية (أوفاك)، تصبح جميع المؤسسات مجبرة على الالتزام بها وتصبح المؤسسات التي تتعاطى مع من هم على اللوائح مهددة بدورها. 

أما في لبنان، وبحكم أن جميع مصارفه مجبرة على الالتزام بقرارات الخزانة الأميركية، فتضطر إلى إقفال الحسابات التابعة لكل من تشمله العقوبات.

فرصة لاستعادة الأموال المنهوبة

قرار الخزانة الأميركية يصنف ضمن العقوبات السياسية، إذ لم تتم مقاضاة السيد والعرب وخوري بحسب الكيك، لكنها ترى فيه وبقرار تجميد الأموال الذي سيرافقه فرصة لاستعادة الأموال المنهوبة لا يمكن تحقيقها من دون تحرك القضاء اللبناني. إذ ترتبط استعادة الأموال المنهوبة أساساً بصدور أحكام مبرمة من القضاء اللبناني.

“بررت الخزانة الأميركية قرارها بأن من وردت أسماؤهم إما حولوا أموالاً إلى خارج لبنان أو أنهم متورطون بصفقات بالتراضي وبهدر المال العام وغير ذلك، وعليه فلتتخذ النيابة العامة التمييزية والمالية الإجراء القانوني إما لإنصاف هؤلاء بحال لديهم تبرير وإما لإنصاف الشعب اللبناني”، تقول الكيك. وتلفت إلى غياب إمكانية تلمس نتائج العقوبات على المستوى العام في البلد من دون مسار قضائي وطني.

إقرأوا أيضاً:

هل تلتزم الحكومة اللبنانية بقرار الخزانة الأميركية؟ 

بحكم قرار العقوبات، يفترض ألا يتمكن المتعهدان الشهيران من إكمال عقودهما مع الدولة اللبنانية. لكن الباحثة تلفت إلى احتمال أن تغض الحكومة اللبنانية الطرف عنهما، “كما حصل في قضية النفط الإيراني الذي دخل إلى لبنان وتمت شرعنته، خصوصاً أن الحكومة تمثل طرفاً معيناً ولا تلتزم بهذا النوع من العقوبات”.

وعن العقود الرسمية التي لا تزال سارية مع المتعهدين تسأل: “هل ستجتمع الحكومة لتجمّد هذه العقود؟ أم ستستمر بسياستها المعتادة لشراء الوقت؟”. وتتابع “عملياً أي تنفيذ للصفقات يمر عبر الخزينة اللبنانية ومصرف لبنان. فهل ستتخذ الحكومة إجراء بحق المتعهدين أم ستبحث عن ديباجة لتدفع مستحقاتهما بأساليب مختلفة؟”.

كيف يوفق سلامة بين العقوبات ورضا المعاقبين؟

بالاستناد إلى قرارات العقوبات السابقة، ترى الباحثة أن ما صوره القطاع المصرفي وعلى رأسه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة خلال السنوات الماضية على أنه التزام بالاتفاقيات الدولية والعقوبات الأميركية، لم ينعكس على الأرض بشكل جدي. حيث استمر من شملتهم عقوبات بالتحرك مالياً، كما استمر النواب منهم بقبض رواتبهم من الدولة اللبنانية، واستمرت حركة دخول الأموال وخروجها عبر المعابر واستمرت “مؤسسة القرض الحسن” بالعمل في لبنان، ويعتقد أنه حصلت من خلال لعبة الشيكات عملية تبييض أموال كبيرة، وفق الباحثة.

وتعتبر الكيك أن ما ذكرته ما كان ليحصل لولا أن مصرف لبنان والمصارف قد أوجدوا وسيلة لذلك، “وهو ما يفسر سكوت حزب الله عن سلامة طوال هذه الفترة والتمديد له. لبقاء سلامة مبرراً عملياً على الأرض، إذ تمكن من التعامل معهم، أو ربما غض النظر عن أعمالهم أو منحهم الغطاء”.

 مرحلة جديدة لم تعتدها الدولة

الباحث في “مركز كارنيغي للشرق الأوسط” مهند الحاج علي، في تعليقه على قرار العقوبات الجديد، يشير إلى تصعيد أميركي باتجاه “حزب الله”، بصفته “القوة المهيمنة على لبنان”. ويوضح لـ”درج” أن الخبر الأساسي هو فرض عقوبات على النائب جميل السيد، “حليف حزب الله والنظام السوري والذي لعب دوراً أساسياً في المرحلة السابقة”. ويرى في نشر خبر عن نقل السيد 120 مليون دولار إلى خارج لبنان، محاولة أميركية لإبراز علاقة حلفاء “حزب الله” بعمليات الفساد المالي وسوء إدارة الدولة خلال السنوات الماضية.

العقوبات هي عودة إلى التصعيد الأميركي ومرحلة الضغوط التي اعتقد البعض أنها مرتبطة بعهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

أما جهاد العرب وداني خوري، فيعتقد الحاج علي أن في ورود اسميهما محاولة لإظهار توازن في العقوبات، ولا يعتبر العقوبات على العرب، استهدافاً سياسياً لتيار المستقبل، “فماذا تبقى من الحريري؟ إن كان من جثة سياسية في البلد فهي الحريرية”.

على المستوى العام، يتخوف الحاج علي من أن تؤدي العقوبات إلى مزيد من التعقيدات السياسية وارتفاع منسوب التصعيد ضد الولايات المتحدة، والمزيد من الخنق على مستوى علاقة لبنان بالعالم. ويُذكّر بالأزمة السياسية التي تلت فرض عقوبات على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، والتي أجلت تشكيل الحكومة.

أما على صعيد المصارف اللبنانية، فيتوقع أن ترتفع التعقيدات المالية المرتبطة بالتعاطي معها، خصوصاً أن المتعهدين عادة ما يحظيان بعقود مع الدولة، وسبق أن حصلا على تسهيلات مصرفية كونهما محظيين.

وعن كيفية تعاطي الدولة اللبنانية مع واقع أن عدداً من نوابها بات على لائحة العقوبات الأميركية، فيعتبر الباحث ذلك من علامات مرحلة جديدة لم تعتدها الدولة، وعنوانها الهيمنة السياسية لـ”حزب الله”.

“هل ستجتمع الحكومة لتجمّد هذه العقود؟ أم ستستمر بسياستها المعتادة لشراء الوقت؟”

حرب الدولار كسلاح لمواجهة سيطرة ايران

السفير والخبير بالعلاقات الدولية، هشام حمدان، يوضح أن الولايات المتحدة لا ترمي التهم قبل استكمال الملفات. لكنه يشير إلى أن اختيار الأسماء لاستكمال الملفات له دائماً بعد سياسي يهدف إلى خدمة التوجهات السياسية الأميركية في المنطقة. ووفق تفسيره، يشكل لبنان اليوم النقطة الحساسة الأساسية في التطورات القائمة في المنطقة. ويصنف الأسماء الثلاثة التي شملتها العقوبات بأنها لأشخاص “ذي طابع غير سيادي أو طابع حمل تسوية مع حزب إيران”.

تريد الولايات المتحدة الفرز لمواجهة الاحتلال الإيراني المقنع للبنان يقول حمدان. ويتوقع تدرجاً في العقوبات يشمل كل القيادات السياسية التي تدخل بتسويات وتتجنب المواجهة وتساهم بالتورية على “احتلال إيران المقنع للبنان عبر الحزب المسمى حزب الله”.

ويربط بين المعركة الانتخابية المقبلة في لبنان والعقوبات، إذ يعتبرها معركة أساسية بالنسبة إلى الولايات المتحدة وغيرها. 

ووفق حمدان ففي هذه المرحلة لم تعد هناك حاجة إلى سعد الحريري ووليد جنبلاط اللذين يتهمهما بأنهما جزء من القوى السياسية التي نهبت واستفادت من التسوية من خلال حماية سلاح “حزب إيران”. بل يعتبر أن الحاجة اليوم هي لإنهاء سلاح حزب إيران، “فإما مواجهة السلاح أو دفع الثمن. والدولار اليوم هو السلاح المستخدم لتدمير أي قوة من دون اللجوء إلى السلاح الحربي كما دمر الاتحاد السوفياتي سابقاً”. 

وعلى رغم حديثه عن الإطاحة بأصحاب التسويات، يلفت السفير حمدان إلى أن العقوبات طاولت النائب الأساسي المرشح لخلافة رئيس مجلس النواب نبيه بري. ويضيف “بري حصان أساسي بالنسبة إلى الأميركيين، فهو أكبر مساعد لهم في المنطقة”.

من جهة ثانية، يدعو سفير لبنان الأسبق في واشنطن، رياض طبارة، إلى الانتظار قليلاً ريثما يتضح الهدف من العقوبات والجامع بين الشخصيات الثلاث. ويذكر طبارة بأن الهدف من فرض عقوبات على علي حسن خليل ويوسف فنيانوس كان الدفع باتجاه تحريك قضية ترسيم الحدود البحرية، “وبعدها بدأت المفاوضات”. ويسأل “هل يعرقلون شيئاً تريده أميركا”، بينما يرجح أن يكون الهدف حث المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، حيث سيصبح من الصعب على هؤلاء التعاون مع شركات خارج لبنان.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.