fbpx

“مجزرة الفلافل” في العراق:
مئات حالات التسمم ضحايا تراخي الرقابة الصحية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“الكثير من هذه المطاعم لا تعمل وفق الشروط الصحية، خاصة في ما يتعلق بنظافة العمال وخلوهم من الأمراض الانتقالية، والزبائن لا يسألون عن طريقة طهو الطعام والمواد المستخدمة”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

هل تخيلت يومًا ان تدخل المستشفى و ترقد لأيام فيها بسبب “سندويش” فلافل؟ هل خشيت يوماً ان تموت بسبب قرص فلافل؟ حدث ذلك في العراق، فيما يمكن تسميته بـ”مجزرة الفلافل”، بعد ان سقط 569 شخصاً ضحية تسممهم من أكل الفلافل في أحد مطاعم مدينة العمارة في محافظة ميسان الجنوبية. وتوفيّ أحدهم من مضاعفات التسمم في المستشفى.

دائرة الصحة في المدينة أشارت إلى مستشفيات الدائرة استقبلت عدداً كبيرا من الحالات التي تعاني من الإسهال الشديد والتقيؤ وارتفاع درجة الحرارة والمغص المعوي، وتم تشخيصها بأنها حالات تسمم غذائي.

الشرطة العراقية قامت باعتقال صاحب المطعم و عدداً من عماله بينما قام أهالي المتوفي و المُصابين بالتسمم، بالهجوم على المطعم وتكسيره.

وفق الإحصاءات من قبل دائرة صحة ميسان فقد بلغ عدد الذين أصيبوا بالتسمم 569 شخصاً  جميعهم تماثلوا للشفاء و غادروا مع تسجيل وفاة واحدة فقط، في حين يقول صاحب المطعم أثناء مثوله أمام القضاء العراقي، ودفاعه عن نفسه، إنه باع يومها 200 سندويشة فلافل فقط. 

و يروي المواطن جاسم المحمداوي، وهو من ضحايا الفلافل، ما حدث معه: “توجهت مع أصدقائي الستة مساء يوم الجمعة (31-10-2021) إلى مطعم فلافل و الوضع كان طبيعياً هناك خصوصًا وأن المطعم كان يشهد زحمة كبيرة ، لكن ظهر يوم السبت أحسستُ بمغصً كبير في المعدة بالإضافة إلى التقيؤ الشديد، ما دفع بأخي إلى نقلي على عجل إلى مستشفى الميمونة و اتضح أني أصبت بتسمم غذائي”.

هل خشيت يوماً ان تموت بسبب قرص فلافل؟ حدث ذلك في العراق، فيما يمكن تسميته بـ”مجزرة الفلافل”، بعد ان سقط 569 شخصاً ضحية تسممهم من أكل الفلافل في أحد مطاعم مدينة العمارة في محافظة ميسان الجنوبية.

لم يؤكد الأطباء للمحمداوي ما إذا كان التسمم سببه الفلافل أم من غيرها، “لكنني أستطيع أن أجزم ان التسمم كان من الفلافل لأن أصدقائي الذين رافقوني إلى المطعم نفسه، أصيبوا بالتسمم كذلك”.

إرتفاع في درجات حرارة الجسم، و إسهال حاد ضرب المواطن مؤمل العذاري بعد أكله الفلافل من المطعم نفسه، ما جعله طريح الفراش في المستشفى لمدة يومين.

العذاري يدعو الرقابة الصحية في ميسان و جهاز الأمن الوطني إلى معرفة السبب الحقيقي وراء التسمم الجماعي الذي حدث في المحافظة ومحاسبة المتسبب بذلك بأقصى العقوبات لأن الآمر عبارة عن عملية الشروع بالقتل”، بحسب تعبيره.

وبلغت السخرية السوداء من الموضوع على  مواقع التواصل الإجتماعي حدّ إطلاق “الموقف الوبائي للفلافل” على غرار الموقف الوبائي للكورونا.

أحد النشطاء كتب عبر حسابه على فايسبوك عن لقاحين جديدين لما أسماه “جائحة الفلافل”، “تنصح بهما منظمة الصحة العالمية استجابة لطلب الصحة العراقية التي نجحت باكتشاف جائحة فلافلونا Mesan-21”.

“كل شيء بالعراق مسمم!”، بحسب تغريدة للنائب في البرلمان المنحل فائق الشيخ: “الهواء، الماء، الغذاء، التربة، المجاري، التعليم، الصحة، العلاقات الاجتماعية، التعامل المالي، الوزارات ومؤسسات الدولة كلها مسممة”.

دائرة صحة ميسان قامت بجملة من الإجراءات بشأن حالة التسمم منها توجيه فرق الرقابة الصحية برفقة الأمن الوطني إلى المطعم، وأخذ عينات من الأطعمة والمشروبات لغرض فحصها مخبرياً وإغلاق المطعم احترازيا وفحص المياه في جميع محطات المياه في المحافظة وكذلك مياه الشرب المعبأة.

وتابعت أنه “تمت تهيئة المستشفيات لاستقبال الحالات من خلال فتح ردهات خاصة جديدة وفريق طبي متخصص وأدوية ومحاليل طبية ومستلزمات مختبرية كافية”. 

يعلق والد صاحب المطعم آمالهِ على القضاء العراقي لإنصاف أبنه كونه “متأكد من خلو المطعم من أي أضرار تصيب المواطن العراقي بالأذى”، مشيرًا إلى أنهم كعائلة، “في انتظار نتائج التحليل المختبري و تحليل جثة المتوفي بالفلافل”.

و يستغرب والد صاحب المطعم خلال تصريحات تلفزيونية كيف ان هناك اصابات جديدة في مستشفى الصدر بعد أربعة أيام من إقفال المطعم مشككًا بالمزاعم حول وجود تسمم في مطعم ابنه الموقوف في السجن، متحدثاً عن احتمالية ان يكون تسمم الناس حدث لأسباب اخرى ابرزها الماء في المنطقة.

إقرأوا أيضاً:

وتعيد هذه الفاجعة فتح ملف ضعف آليات الرقابة الصحية في العراق ومعايير السلامة والنظافة في المطاعم خاصة الشعبية منها، والتي في معظمها لا تحمل حتى تراخيص بالعمل كما هي الحال مع مطعم الفلافل هذا.

جميع الدول تهتم بنظافة المطاعم والعمال الذين يعملون فيه بالإضافة إلى أن نظافة الحمامات الصحية والتي تكون من أوليات الشروط التي يجب توفرها في المطاعم، بحسب الناشط العراقي منير العبيدي الذي يقول لـ”درج”: “في العراق هناك عدم مبالاة بالقانون وتطبيقه من قبل أصحاب المطاعم وبالأخص المطاعم الشعبية التي لا تعتمد تطبيق الشروط الصحية”، لافتا إلى أن” غلق بعض هذه المطاعم بسبب مخالفة الشروط الصحية يعد ضرورة صحية خاصة بعد حدوث بعض حالات التسمم في هذه المطاعم وغيرها من مطاعم الشعبية ومطاعم الدرجة الأولى”.

فيما يحمّل طبيب التغذية بشار الحميد المواطن العراقي جزءا من تردي الواقع الصحي في المطاعم بسبب قلة الوعي الشعبي وذلك بسبب اللامبالاة بامور النظافة والتعقيم: “اعتادت الكثير من العوائل العراقية ارتياد المطاعم خاصة في أوقات المساء لكنها للأسف لا تبحث عن المطاعم النظيفة بقدر ما تبحث عن المطاعم المعروفة أو التي يوصي بها بعض معارفهم”. ويوضح أيضًا أن “الكثير من هذه المطاعم لا تعمل وفق الشروط الصحية، خاصة في ما يتعلق بنظافة العمال وخلوهم من الأمراض الانتقالية، والزبائن لا يسألون عن طريقة طهو الطعام والمواد المستخدمة”.

من أجل الحصول على إجازة فتح مطعم في العراق يشترط توفر الكثير من الشروط القانونية والصحية حيث نصت المادة 34 من القانون الصحي يشترط لمنح الإجازة الصحية توفر الشروط الصحية التي تضعها وزارة الصحة بموجب تعليمات تصدر لهذا الغرض في المطعم المراد افتتاحه. ويجب ان يحصل كل من صاحب الإجازة والعاملين في المطعم على دفتر صحي يؤكد سلامتهم من الأمراض الانتقالية وخلوهم من الجراثيم المرضية بعد إجراء الفحوص السريرية و المختبرية و الشعاعية و التلقيحات الضرورية ويخضعون للفحوص الدورية. لكن هذه النصوص القانونية لا تطبق بشكل فعال، ويعاني قطاع المطاعم من فوضى كبيرة وتجاوزات كثيرة. 

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!