fbpx

تركيا: خطاب كراهية ضد السوريين
يحوّل المدارس بيوت رعب

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

رغم وجود عشرات الهيئات والمنظمات السورية في تركيا، إلا أنها لم تتحمل مسؤولية الدفاع عن السوريين، لأنها ما زالت بعيدة من قضاياهم الجوهرية، وهي تنأى بنفسها عن أي حالة متعلقة بحادثة اعتداء ذات طابع عنصري، متحاشية التصادم مع أي من الجهات التركية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في منتصف العام 2021 ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بأخبار حول فصل أكثر من 12 ألف مدرس سوري من عملهم في المدارس التركية، وهو ما يعني حرمان آلاف العائلات قوت يومهم وايجار منازلهم، وعلى رغم قسوة الخبر وكارثيته، إلا أنه كبقية الأخبار التي يتم تداولها فقد وهجه بعد أيام من دون إيجاد حل للكارثة التي طاولت المدرسين وعائلاتهم.

إلى هنا نظن أننا نتحدث عن خبر قديم، ولكنه ليس كذلك، فالكارثة لم تقتصر على المدرسين وعائلاتهم بل طاولت مئات آلاف الطلاب السوريين في المدارس التركية، الذين حرموا من ملاذ آمن في مدارسهم، وباتوا يواجهون بمفردهم واحدة من أشد موجات خطاب الكراهية التي تعصف بالمجتمع وتنتقل بطبيعة الحال إلى المدارس.

خلال أسبوع واحد، تعرض ثلاثة طلاب سوريين لحوادث عنف أدت إلى إسعافهم إلى المستشفى.

في الخامس والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بعد الانصراف من المدرسة في اسطنبول قام عدد من الطلاب الأتراك بالتهجم على طالب سوري في الصف الإعدادي السابع بعبارات وشتائم عنصرية، ثم قاموا بضربه حتى فقد وعيه في الشارع وأسعفه أحد المارة إلى المستشفى، حيث أمضى ليلته.

وفي الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر دخل أولياء أمر طالب تركي في مدينة بورصة باحة المدرسة وتهجموا على طالب سوري في الصف الثامن أمام جميع الطلاب، ثم قامت والدة الطالب التركي بتقييد حركة الطالب السوري ليخرج زوجها سكينه ويطعنه في أماكن متفرقة من جسده.

تجاوزت الخلافات بين الطلاب في المدارس الحدود التي يمكن السكوت عنها، وتطور الأمر إلى محاولات قتل وخطاب كراهية، تصاعدت حدته بعد فصل المدرسين السوريين الذين كانوا ضمن المدارس الحكومية

وفي إسطنبول تعرض طفل سوري آخر (12 سنة)، لمحاولة الخنق في 3 تشرين الثاني 2021، حيث استدرجه طالب تركي (17 سنة) إلى القسم الخلفي من المدرسة ووجه له سيلاً من الشتائم ثم حاول خنقه حتى فقد الوعي، ثم ضربه وركله قبل أن يشاهده طالب سوري آخر ويطلب المساعدة. تم إسعاف الطالب إلى المستشفى وظل في العناية المشددة نحو 4 ساعات بسبب انخفاض معدل التنفس، ثم تم تحويله إلى مستشفى آخر ما زال يرقد فيه.

مع تزايد خطاب الكراهية لم تعد المدرسة ملاذاً آمناً للأطفال، بل باتت مكاناً أشد خطورة مما نعتقد، تجاوزت الخلافات بين الطلاب في المدارس الحدود التي يمكن السكوت عنها، وتطور الأمر إلى محاولات قتل وخطاب كراهية، تصاعدت حدته بعد فصل المدرسين السوريين الذين كانوا ضمن المدارس الحكومية في إطار مشروع دمج الطلاب السوريين في المدارس التركية PIKTES، وهو مشروع يموله الاتحاد الأوروبي.

تركز عمل المدرسين السوريين خلال السنوات الفائتة ضمن مشروع PIKTES، على الإشراف على الطلاب السوريين داخل المدارس التركية، كما كانوا بمثابة الجسر الواصل ما بين إدارة المدرسة والطلاب السوريين وذويهم، إضافة إلى متابعة أمور الطلاب في الصفوف المدرسية وفي باحة الاستراحة وحتى خارج المدرسة.

يرى الأستاذ طه الغازي أن غياب المدرس السوري عن المدارس التركية، لعب دوراً كبيراً في تنامي حدة السلوكيات العنصرية ضد الطلاب السوريين، والتي لا يمكن تصنيف قسم كبير منها ضمن سلوكيات الطلاب الطبيعية، لأنها تحمل طابعاً عنصرياً بالدرجة الأولى، كما أنها تحمل خطاب كراهية واضحاً، إلى حجم العنف الذي تتسم به، والذي أدى إلى إسعاف الطلاب المعتدى عليهم إلى المستشفى وبعضهم كان في حالة حرجة فعلاً.

إقرأوا أيضاً:

اعتبر الغازي أن المدرس السوري كان بمثابة صمام الأمان وركيزة البيئة الآمنة التي كانت تتوفر للطلاب السوريين في المدرسة، واليوم غياب المدرس السوري ترك الساحة فارغة، فيما يزداد حضور خطاب الكراهية في وسائل الإعلام التركية وخطابات بعض الشخصيات السياسية التركية، ما يؤجج الشارع التركي.

لا يقتصر خطاب الكراهية والعنصرية على الطلاب، إذ اشتكى عدد من الأهالي السوريين من أن بعض الكوادر التعليمية التركية تمارس سلوكيات عنصرية، مثل أن ينادى الطالب السوري في الصف الدراسي بلقب “يابنجي” بمعنى الغريب، كما أن هناك مدرسين يتجاهلون الطالب السوري المجتهد في الصف الدراسي أو الأنشطة.

 تعرض طالب فلسطيني- سوري في الصف الابتدائي الرابع، لضرب على يد أستاذه في إحدى مدارس منطقة أفجلر التابعة لولاية إسطنبول، وأكد والد الطالب أن أحد المدرسين ضرب ابنه، ما تسبب بأذى جسدي في مناطق متفرقة من جسده، أبرزها في منطقة الرقبة، وما كان المدرس ليتوقف عن ضرب الطفل لولا تدخل بعض المعلمات وإنقاذ الطفل من بين يدي المدرس.

لا يقتصر خطاب الكراهية والعنصرية على الطلاب، إذ اشتكى عدد من الأهالي السوريين من أن بعض الكوادر التعليمية التركية تمارس سلوكيات عنصرية، مثل أن ينادى الطالب السوري في الصف الدراسي بلقب “يابنجي” بمعنى الغريب.

وطلب والد الطفل بُعيد الواقعة توضيحاً من المدرسة، لكن أحداً لم يستجب لطلبه، بل هددت الإدارة بطرد ابنه من المدرسة، وادعت أنه دخل في شجارٍ مع مجموعة أخرى من الطلاب، وأن المدرس لم يضربه، ورفضت الإدارة طلب والد الطفل حول مراجعة قيود كاميرات المراقبة أو اللقاء مع الطلاب الذين قالت الإدارة إن الطفل تشاجر معهم، كما لم تسمح للأب بمقابلة المدرس الذي ضرب الطفل.

وكان الطفل أكد لوالديه أنه سمع كلمات تمييزية مثل أنه “طالب أجنبي سوري”، ويذكر أن الطفل كان تعرض لاعتداء جسدي من مجموعة طلاب أتراك، وقد أبلغت والدة الطفل إدارة المدرسة بالواقعة، لكن بلا جدوى.

حمل الأستاذ طه الغازي مديريات التربية مسؤولية تنامي هذا الخطاب في المدارس، وأكد أن من واجبها تأهيل الكوادر التعليمية وتنظيم تعاملها مع الطلاب السوريين في المدارس، وتجهيز لوائح واضحة تنبذ خطاب الكراهية، وعدم إنكار الدوافع العنصرية في الحوادث التي يتعرض لها الطلاب السوريون، أو التهرب منها وإلقاء اللوم على الطفل السوري بحجة أنه من بدأ بالمشكلة، مشدداً على أن غياب العقاب في مثل هذه الحوادث يفتح المجال لتكرارها وتضخمها.

ويرى البعض أن دائرة الهجرة تتحمل أيضاً مسؤولية تصاعد الخطاب العنصري، لأن برامج الدمج التي تستهدف اللاجئين ما زالت قاصرة، بخاصة أنها لا تتعامل بجدية مع البيئة الطاردة للاجئين والتي تشكلت نتيجة زج قضية اللاجئين في الصراعات السياسية الداخلية.

وعلى رغم وجود عشرات الهيئات والمنظمات السورية في تركيا، إلا أنها لم تتحمل مسؤولية الدفاع عن السوريين، لأنها ما زالت بعيدة من قضاياهم الجوهرية، وهي تنأى بنفسها عن أي حالة متعلقة بحادثة اعتداء ذات طابع عنصري، متحاشية التصادم مع أي من الجهات التركية، لذلك ظل عملها مؤطراً ومحدداً ببعض المشاريع والبرامج ولم ترتق إلى واقع اللاجئ السوري في تركيا. وفي كل هذا نرى غياباً تاماً لأي دور للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تركيا، وبهذا يبقى اللاجئ السوري من دون أي حماية، مهدداً بالترحيل أو الاعتداء.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.