fbpx

مخاوف من إبطاء الحكم… فرنسا تدين لبكي
باغتصاب طفلات والكنيسة ترتبك!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“هو رجل دين تحميه بكركي، وكما يلجأ السياسيون إلى مرجعيات دينية مختلفة في الدولة فتحميهم من المحاكمة في قضية انفجار مرفأ بيروت، لا نستغرب أن تحمي رجل دين”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

على سجل مرتكبي الجرائم الجنسية في فرنسا أدرج رسمياً اسم الكاهن الماروني اللبناني منصور لبكي، بعدما أصدرت محكمة كالفادوس، في منطقة كان، حكماً بسجنه 15 عاماً بتهمتي اغتصاب وتهمة اعتداء جنسي على ثلاث قاصرات. ويعتقد أن الاعتداءات الجنسية التي أدين الكاهن بارتكابها وقعت في باريس، وفي بلدة دوفر لا ديليفراند الفرنسية، حيث أدار ميتماً بين عامي 1990 و1998.

وحوكم الكاهن المدان كنسياً عام 2013، والفار من وجه العدالة الفرنسية غيابياً، بعدما رفض المثول أمام المحكمة، وبعدما رفض لبنان تسليمه للسلطات الفرنسية، على رغم صدور مذكرة توقيف دولية بحقه عام 2016. وأمام لبكي فرصة لمعارضة هذا الحكم بحجة غيابه عن المحاكمة. لكن لا يبدو أنه سيسلك هذا الاتجاه، إذ يتعين عليه حضور الجلسة شخصياً لمحاكمته مرة أخرى في محكمة جنائية، بينما لا تزال مذكرة التوقيف سارية المفعول.

 وأفردت الصحافة الفرنسية مساحة واسعة تناولت فيها الحكم الصادر بحق لبكي “الكاهن اللبناني ذي الـ81 عاماً المحكوم بالسجن 15 عاماً لإقدامه على اغتصاب قاصرات”.

الكنيسة تتجنب التعليق

قرار المحكمة الفرنسية وجّه الأنظار إلى لبنان، وتحديداً نحو الكنيسة المارونية المتهمة بحماية لبكي وبمنع محاكمته. ففي لبنان، البلد الذي تحول ملاذاً للبنانيين الفارين من عدالة الدول التي تطبق القوانين، اعتاد رجال الدين على البقاء فوق المحاسبة وفوق القانون بحرص من السلطات الدينية المعنية وبتواطؤ من الدولة.

حاول “درج” استطلاع موقف الكنيسة، لكن ما من موقف واضح حتى اللحظة. وفي اتصال معه، اعتبر رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام، الأب عبدو بو كسم، أن ما نشر مجرد “حكي جرايد”. وأكد أنه لا يملك معلومة واضحة أو أكيدة، “ننتظر معرفة تفاصيل الحكم لنبني على الشيء مقتضاه”. وأضاف بو كسم أن الدعوى بحق لبكي كانت دعوى شخصية تخصه وأن الكنيسة لم تتدخل. ولدى سؤاله عن اتهام الكنيسة بحماية لبكي شدّد على أنها “لا تحمي أحداً بحال ثبت أنه مرتكب”. وعن الجهة التي منعت تنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة بحق لبكي في العام 2016 ينفي بو كسم علمه بوجودها.

كذلك حاول “درج” التواصل مع النائب البطريركي المطران، بولس صياح، فاعتذر عن التعليق لعدم امتلاك المعلومات الكافية عن الموضوع. بينما لم نتمكن من الحصول على إجابة من النائب العام البطريركي المطران سمير مظلوم.

عدم تعاون لبنان يهدد العدالة

في حديث إلى “درج” بعد صدور القرار، تدعو سولانج دوميك، المحامية الموكلة من قبل الناجيات، لبنان إلى التعاون لتطبيق مذكرة التوقيف الصادرة بحق لبكي، “فإن لم يتعاون لبنان لا يمكن إجبار لبكي على الذهاب إلى السجن”. وتلفت المحامية الفرنسية إلى أن عدم تعاون لبنان وامتناعه عن تسليم لبكي قد أبطأ المسار القضائي في فرنسا مدة خمس سنوات.

وترى دوميك أهمية كبرى للقرار، “لأنه صدر هذه المرة عن محكمة مدنية بعد تحقيقات دامت 8 سنوات، وبعد أخذ ورد وبحضور محامية لبكي التي عبرت عن موقفه وقدمت كل ما تملك. لقد قدمت 170 مستنداً للدفاع عن لبكي وترافعت عنه مدة ساعة”. وتعتبر المحامية أن الدفاع الذي قدم بحق الكاهن هو أقوى وأفضل ما يمكن، “أي أن الحكم الفرنسي صدر مع كل الضمانات على قوته وصدقيته”.

وتكمن أهمية الحكم أيضاً في تداعياته على ضحايا لبكي في لبنان، وفق ما تؤكده دوميك. “الحكم يؤكد امتلاك الضحايا في لبنان الحق في التكلم والقول بأنهن كن ضحايا. الأب لبكي حبس ضحاياه في سجن من الصمت من خلال استخدام سلطته وقوته وإلقاء اللوم عليهن”، تقول المحامية.

الانهيار القانوني والحقوقي يفوق الانهيار الاقتصادي

تعليقاً على عدم تسليم لبنان لكاهن متهم بجرائم اغتصاب اطفال تقول المحامية في منظمة كفى ليلى عواضة، إن الانهيار القانوني والحقوقي الذي نشهده يفوق الانهيار الاقتصادي، إذ لا تكترث الدولة ورجال الدين والسياسيين بمطالب الناس.

وتشبّه وضع لبكي بوضع كارلوس غصن، الذي هرب إلى لبنان كي لا يحاكم في اليابان. وتسأل عواضة: كم يمكن الضغط على الدولة لتنفذ مذكرة التوقيف؟ وتضيف “هو رجل دين تحميه بكركي، وكما يلجأ السياسيون إلى مرجعيات دينية مختلفة في الدولة فتحميهم من المحاكمة في قضية انفجار مرفأ بيروت، لا نستغرب أن تحمي رجل دين”.

وتتهم عواضة الطوائف والمراجع الدينية بعدم احترام قانون الدولة “لأنها تملك قوانينها الخاصة وتطبق عقابها الخاص وتعتبر نفسها أعلى رتبة من المواطنين، هذه القدسية يجب أن تسقط عن رجال الدين”. وتلفت عواضة إلى أن القانون اللبناني ينص على تشديد العقوبة على كل من يمارس سلطة وهو ما يصحّ في قضية لبكي.

إقرأوا أيضاً:

كيف تمكن مواجهة تمنع لبنان؟

ترى المحامية ديالا شحادة أن هناك إمكانية لمحاكمة لبكي في لبنان، استناداً إلى شهادات الناجيات اللواتي ادعين عليه في فرنسا. وعلى رغم هذا الأمل، تصف امتناع لبنان عن تسليم مطلوب بموجب حكم قضائي غيابي لدولة فرنسية بجرائم اغتصاب قاصرات، بأنه “وصمة عار إضافية على جبين القضاء والسلطة التنفيذية أيضاً في ما يختص بالتزامات لبنان الدولية وبحقوق الطفل والإنسان”.

قانونياً، تؤكد شحادة أن بإمكان أصحاب المصلحة والصفة القانونية ووكلاء الضحايا المجني عليهن في فرنسا توكيل محامين ووكلاء في لبنان، لمقاضاة الكاهن منصور لبكي في لبنان. وتشير إلى أن القضاء لا يستطيع عادة إصدار حكم في موضوع سبق أن صدر حكم فيه، “لكن ونظراً إلى عدم تنفيذ الحكم الصادر في فرنسا، بسبب امتناع الدولة عن تسليم لبكي، يمكن الانطلاق من هذه النقطة واعتبارها قراراً من الدولة بالتمسك باختصاصها في مقاضاة الكاهن  فيطلب منها أن تقاضيه هي”.

وتشير شحادة إلى دور المدافعين عن حقوق الإنسان وواجبهم برفع تقارير عن القضية إلى اللجان التي تتابع تنفيذ الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل والإنسان من أجل الضغط على السلطات اللبنانية.

لبكي خالف قرار الفاتيكان وضغط على الإعلام

في رد فعل على صدور الحكم بسجن لبكي، كشفت الإعلامية دلال معوض، عبر تغريدة لها، أنها تعرضت عام 2013 لتهويل ومحاولة ضغط من لبكي بسبب عملها على متابعة القضية بعد أن أدانه الفاتيكان بالاعتداء الجنسي على ثلاث قاصرات.

وفي حديث لـ”درج” تؤكد معوض أن لبكي اتصل بها مباشرة بعد أن طرحت قضيته عبر شاشة الـ”أل بي سي”، وبعدما علم محاميه بأنها كانت تقوم بعمل استقصائي للبحث عن مزيد من الوثائق ولقاء إحدى الناجيات التي لعبت دوراً رئيسياً إدانة الفاتيكان للبكي.

وتقول معوّض أن الكاهن المدان اتّصل بها ليضغط عليها كي لا تتابع القضية، واستخدم انتماءها إلى الطائفة المارونية وإلى عائلة متدينة تخدم وتمول الكنيسة وعلى معرفة به كي يضغط عليها. “حاول استخدام انتمائي ضدي ليهددني بطريقة غير مباشرة، وقال إنه كان عليّ الاستماع إلى رواية الطرف الآخر”.

وشكل اتصال لبكي بمعوض انتهاكاً لقرار الفاتيكان وللعقوبة التي أنزلت بحقه والتي تمنعه من الاتصال أو الإدلاء بأي تصريح للإعلام.

وفي حين تعرضت معوض فعلياً لضغوطات من قبل أفراد من عائلتها وصلت حد مقاطعتها تؤكد أن موقفهم اتجاهها تغير اليوم. وتشير إلى أن ضحايا لبكي ينتظرون أن يؤدي القرار الفرنسي إلى تجريده بالكامل من أية صفة دينية.

محاولة فاشلة لتأجيل المحاكمة

في حديث لـ”درج”، تصف الصحافية في “لوريون لو جور”، كارولين حايك، جو المحاكمة بالثقيل. ويبدو من كلامها أن محامية لبكي حاولت تطيير جلسة المحاكمة على الطريقة اللبنانية، إذ طلبت تأجيل الجلسة بذريعة أن عليها أن تكون في باريس لحضور جلسة أخرى. فاستنكرت الناجيات ذلك رفضاً لتأجيل جديد بعد انتظار دام 8 سنوات من أجل الوصول إلى لحظة النصر هذه.

ووفق حايك، أخبرت الضحايا قصصهن بهدوء وبشكل واضح جداً، “الضحية الأولى كانت تبلغ 13 عاماً عندما تعرضت للاغتصاب على يد لبكي. لم تكن ترغب بالتكلم بشكل علني لكنها قررت في اليوم نفسه التكلم أمام الجميع لأجل جميع الضحايا في لبنان واللواتي لم يتمكن من الكلام ومن حضور المحاكمة”.

ومن بين ضحايا لبكي شقيقتان كانتا تبلغان 8 سنوات و11 سنة، خسرتا والديهما في الحرب وتعرضتا للاغتصاب لسنوات من قبل الكاهن الذي نقلهما إلى فرنسا بحجة تعليمهما. “دمرهما ولم تستطيعا حضور المحكمة، إحداهما تقيم في لبنان” تضيف حايك.

وتؤكد الصحافية أن القضاة صدموا عندما علموا بأن محامي لبكي، أنطوان عقل، قد ادعى على الضحايا وعلى محاميتهن وعلى عدد من الأشخاص.

إقرأوا أيضاً: