fbpx

حزب الله حدد سقف المنافسة الانتخابية والجميع قَبِلَ

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

وسط غابة الشعارات الانتخابية في لبنان يبقى حزب الله وحده كاشفاً عن هويته فيها، فمن ينتخب الحزب انما ينتخب سلاحه وينتخب حربه في سورية وينتخب رجال دينه ودنياه. والحزب لم يباشر بعد نشر ملصقاته الانتخابية، لكنه اليوم وسط حملة ملصقات موازية نشرها على طول الطرقات المفضية إلى الجنوب والبقاع ويدعو فيها المتبرعين إلى المشاركة في مشروع “تجهيز مجاهد”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 
في الانتخابات النيابية اللبنانية، ثمة ميل للتخفف من السياسة واستبدالها بقدر من اللعب واللهو. هذا الشعور يخلفه رصد شعارات القوى الانتخابية الأساسية، فباستثناء القوى الشيعية التي يبدو أنها ستحتكر السياسة. شعار تيار المستقبل هو “الخرزة الزقاء”، والتيار الوطني الحرّ سمى نفسه في الانتخابات “التيار القوي”، فيما استعاض حزب الكتائب عن الشعارات التي كانت في صلب المشاعر الانتخابية المسيحية، بشعارات حول الفساد والنفايات وروائح الصفقات، وأعطى مرشحيه قوة “النبض” فسامي الجميل هو نبض المتن، ونديم الجميل هو نبض الأشرفية، وعلى ذلك فقس!
ثمة ما يوحي في ظل هذا القاموس الانتخابي، أن أصحابه قرروا الانسحاب من السياسة، بوصفها رغبة في مواجهة الخصم الكبير الذي هو حزب الله، وهم إذ يُذكرون ناخبيهم بأن شعاراتهم حول سلاح الحزب وحول دوره في سورية وحول السيادة ما زالت تشتغل، إلا أنهم دفعوا بهذه العناوين إلى أسفل برامجهم الانتخابية، فيما تقدمتها في هذه البرامج شعاراتٍ حول التنمية وتطوير الادارة والوعود الاقتصادية. لكن ما غلب على كل هذه البرامج مساعٍ “ترشيقية” تخففت فيها اللوائح من أثقال السياسة، بوصفها خطب  مواجهة وانقسام. لكن هذا ليس جزءاً من رغبة في تفادي الصدام وفي دفع الانقسام، إنما ينطوي على شعور بالهزيمة. فحزب الله فعلاً هزم خصومه، وإن لم يتمكن من القضاء عليهم، وهؤلاء الخصوم حفظوا الدرس وقبلوا بالعرض.
كل القوى السياسية اللبنانية آثرت تحويل مناسبة الانتخابات من فرصة لمنافسة حزب الله، ومن مناسبة لتظهير المشهد الانتخابات بصفتها فرصة لمعاودة فرض معادلة مختلفة في ظل النصر العسكري والأمني لحزب الله، إلى مناسبة لتظهير الحد الأدنى من الحضور الشعبي لتفادي الموت السياسي. ولعل العبارة التي نُقلت عن رئيس الحكومة سعد الحريري في أحد جلساته تشكل تعبيراً عن هذا الحال، اذ نُقل عن الحريري قوله: في العام 2009 انتصرنا انتخابياً على حزب الله، فماذا أفادنا هذا الانتصار؟
“التيار القوي” و”الخرزة الزرقاء” و”نبض لبنان”، شعارات لا تأخذنا إلى منافسات حامية، وإلى معارك سياسية موازية لحجم الانقسام الحقيقي. سعد الحريري مثلاً حين لفظ عبارة “الخزرة الزرقاء” أرفق لفظه لها بابتسامة من يشعر بخفتها. أما عبارة “التيار القوي” فيشعر قارئها على الملصق الانتخابي، أن صاحبها يدفع عبرها ضعفاً بادياً على محياه. ويبقى الـ”نبض” الذي يدعيه الكتائب، فعلاً تعويضياً أقدم عليه حزباً فقد نبضه منذ سنوات طويلة. ووسط غابة الشعارات هذه، يبقى حزب الله وحده كاشفاً عن هويته فيها، فمن ينتخب الحزب انما ينتخب سلاحه وينتخب حربه في سورية وينتخب رجال دينه ودنياه. والحزب لم يباشر بعد نشر ملصقاته الانتخابية، لكنه اليوم وسط حملة ملصقات موازية نشرها على طول الطرقات المفضية إلى الجنوب والبقاع ويدعو فيها المتبرعين إلى المشاركة في مشروع “تجهيز مجاهد”.    
من الواضح أن سقف المنافسة الانتخابية في لبنان انخفض عن ذلك الذي جرت على أساسه الانتخابات النيابية في العام 2009. كل القوى السياسية الرئيسة اليوم تخوض المنافسة ملتزمة بهذا “المنخفض السياسي”، وبهذا المعنى يبدو منافسو الحزب من الشيعة، على رغم ضعف مقدراتهم، هم الأكثر وضوحاً واستمراراً في التزام سقف العام 2009، فهم أعلنوا برامجهم الانتخابية يتقدمها السلاح غير الشرعي للحزب، وتحوله سلطة حكمت المجتمع الشيعي على مدى أكثر من ربع قرن.
ومن الواضح أن القانون الانتخابي الجديد بعث الأمل مجدداً لدى هذه القوى بامكان إحداث اختراق للوائح تحالف حركة أمل وحزب الله سواء في الجنوب أم في البقاع، ذاك أن الصوت التفضيلي يتيح لمرشحين اختراق مكامن ضعف في لوائح التحالف، لا سيما وأن الأخيرة ستشهد تشطيباً متبادلاً قد يتيح التسلل إليها.
واذا كان من خلاصة سريعة يمكن فيها للمرء وصف العملية الانتخابية في لبنان، والتي ستجري في السادس من شهر أيار، فهي أنها انتخابات نجاة حزب الله من تبعات الحساب الانتخابي، ففشل الهزيمة التي ألحقها خصوم الحزب به في العام 2009 كانت درساً مفاده، أن أي انتخابات يجب أن تجري تحت سقف المساس بالموقع الأمني والعسكري والسياسي للحزب، وهذا ما تعلمه الجميع على ما يبدو.
[video_player link=””][/video_player]