fbpx

تعز: حين يحمي مرض السرطان الأم
من قذيفة قتلت أولادها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“مجازر عديدة ارتكبت بحق المدنيين منذ اندلاع الحرب. هناك العديد من الاستهدافات طالت المدينة خلال السنوات الست الماضية ، ومازالت هذه الاستهدافات مستمرة ، وأدت إلى سقوط عدد من الضحايا خصوصًا من الأطفال جراء القصف العشوائي للأحياء السكنية من قبل جماعة الحوثي”. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

” عيالي أطفال أبرياء أيش ذنبهم ، مزقوا عيالي الله يمزقهم ” بدموع منهمرة وصوت مبحوح تتحدث فاطمة أم الطفل حامد الناجي الوحيد بين اخوته الثلاثة من قذيفة أطلقتها جماعة الحوثي (أنصار الله) على حي الكمب في مدينة تعز جنوب غرب اليمن، معبّرة بما تبقى لها من كلمات الكلمات عن ألمها بعد أن ودعت ابنائها الثلاثة وترك الموت لها طفًلا مبتور القدم تحمله بين يديها . 

في صباح 31 من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي سقطت  قذيفة هاون على حي الكمب في الجهة الشرقية لمدينة تعز كان ضحيتها شابين من أبناء المنطقة  وأربعة أطفال أشقاء، توفي ثلاثة الأطفال بينما نجا الطفل الرابع، لكنه خسر قدمه.

لم نتمكن من إكمال حديثنا مع الأم بسبب حالتها. أكمل الوالد مصطفى علي سرد المأساة التي حلّت يالعائلة: “عند سقوط القذيفة كنت في المنزل، بينما  زوجتي ذهبت لمستشفى الأورام السرطانية للحصول على جرعتها من العلاج  ، وأثناء عودتها تفاجأت بصوت انفجار، وكانت على مسافة بعيدة، وهرعت إلى الحارة لتتفاجأ بأن أولادنا وقعوا ضحية تلك القذيفة ، وصلت إلى البقالة القريبة من المنزل حيث كانوا هناك لشراء الحلوى ، ورأت أهل المنطقة يهرعون لنقل أطفالنا الأربعة إلى المستشفى بعد أن مزقتهم شظايا القذيفة ، جاءت بسرعة لتخبرني بالحادثة ، وما أن وصلنا إلى المستشفى، تلقينا خبر وفاة ابنتي ليلى ، وبعد ربع ساعة توفى حميد و محمود  وبقي  حامد بساقٍ واحدة وجراح أليمة”.

حامد الطفل الناجي بين أخوته ، لا يدرك  بأن ساقه اليمنى المغطاة بالشاش الأبيض قد بترت إثر القذيفة، يحاول النهوض، والمشي ، لكنه لا يقوى على ذلك: “أشعر بالغصة كلما يحاول الحركة أو النهوض من فوق الفراش ، لكني أحاول أن أخفف عنه ، وقلبي يتمزق، واتمنى أن أعيد له ساقه حتى لو من شراييني” يقول الوالد المكلوم . 

مجازر عديدة  

ليست تلك المجزرة الأولى التي ترتكب في حق المدنيين في تعز، بحسب المحامي نور الدين المنصوري، رئيس شبكة الراصدين المحليين: “مجازر عديدة ارتكبت بحق المدنيين منذ اندلاع الحرب. هناك العديد من الاستهدافات طالت المدينة خلال السنوات الست الماضية ، ومازالت هذه الاستهدافات مستمرة ، وأدت إلى سقوط عدد من الضحايا خصوصًا من الأطفال جراء القصف العشوائي للأحياء السكنية من قبل جماعة الحوثي”. 

كل هذه الجرائم تحدث دون تحرك جاد من المنظمات الحقوقية الدولية ومجلس الأمن أو الأمم المتحدة، يؤكد المنصوري، ويرى في ذلك “تجاهلاً تاماً لجرائم الحوثيين التي طالت المدنيين منذ بداية الحرب ، وكان آخرها مجزرة الكمب”.

المنصوري يعرب عن أمله بأن يكون هناك تحرك فعّال للضغط على جماعة الحوثي لتتوقف عن استهداف المدنيين وإحالة هذه الانتهاكات ومن تسبب فيها الى محاكمة عادلة” .  

وتعاني مدينة تعز من الحصار والقصف العشوائي على المدنيين  منذ ست سنوات، حيث  تشير الأرقام والاحصائيات الموثقة بحسب مركز تعز الحقوقي منذ مارس 2015 وحتى نهاية العام 2020 إلى مقتل 3590 مدنيا بينهم 761 طفلا و347 امرأة و289 مسناً  وإصابة 13736 أخرين بينهم 3155 طفلا و1180 امرأة و764 مسنا، جراء أعمال القصف والقنص التي نفذتها جماعة الحوثي  خلال ست سنوات من حربها على مدينة تعز مستهدفة أحياء وشوارع وأسواق المدينة والمناطق الريفية المحيطة بها، فضلا عن الألغام والعبوات الناسفة التي زرعتها على نطاق واسع .

ويذكر مركز تعز الحقوقي في تقريره ان أعمال القصف الصاروخي والمدفعي التي قام بها الحوثيون على الاحياء السكنية وأماكن التجمعات العامة داخل المناطق المحاصرة في محافظة تعز تسببت وحدها بمقتل 1462 مدنيا بينهم 443 طفلا و180 امرأة و134 مسنا بالإضافة إلى إصابة 8996 أخرين بينهم 2245 طفلا و794 امرأة و495 مسناً.

وبحسب منظمة “يونيسف” فقد قتل وجرح أكثر من 10.000  طفل منذ بداية النزاع في اليمن و بات أكثر من مليوني طفل خارج المدارس، ويعاني أكثر من مليوني طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد في حين يعاني نحو 400.000 طفل من سوء التغذية الوخيم.

على خطوط النار 

لم يتمكن مصطفى من استبدال سكنه القريب من خطوط النار بسبب الوضع المعيشي الصعب وارتفاع أسعار إيجارات السكن في وسط المدينة بعد أن خسر ثلاثة من أولاده، فالحرب الاقتصادية ايضًا لم تترك له مجالاً للحفاظ قدر الإمكان على حياته وحياة من نجا من أولاده: “انا اسكن مع أطفالي في منزل أحد الذين تركوا منازلهم هربًا من الحرب،فلا قدرة لي على دفع إيجارات باهضة، وقررت أن أعيش في هذا المنزل ، على الرغم من خطورة المكان، وغيري كثيرون مثلي لا يستطيعون مغادرة أمكنتهم الخطرة إلى أمكنة أكثر أمناً”.

إقرأوا أيضاً: