fbpx

عن نظام “الذئب الأزرق” ما سمعتوا صح؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“ترسيخ الشعور بالملاحقة والاضطهاد ليس بالجديد، بل هو إحدى الآليات القديمة الناجعة للحفاظ على استمرار سيطرتنا على المناطق المحتلة.”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كشفت صحيفة واشنطن بوست الأسبوع الماضي واستنادا لشهادات أدلى بها جنود إسرائيليون سابقون لجمعية “نكسر الصمت”، عن برنامج “الذئب الأزرق” أحدث الابتكارات التكنولوجية التي هدفها تعقب الفلسطينيين في المناطق المحتلة والسيطرة عليهم. 

يقوم المقاتلون الإسرائيليون أثناء خدمتهم العسكرية ما يسمى باجراء “الالتصاق”، أي يجرون دوريات يوقفون خلالها الفلسطينيين عشوائيًا ودون الاستناد لأي معلومات استخبارية، يصورون وجوههم بكاميرات هواتف ذكية خاصة ومن ثمة يخزنون تفاصيلهم داخل النظام. يصور الجنود الأطفال والنساء المسنات  رغمًا عنهم.

صرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي مُعقبا على استعمال هذا النظام قائلا: الذئب الأزرق هو أحد آليات مكافحة الإرهاب بل وهدفه تحسين جودة حياة الفلسطينيين”. وفقًا لوجهة النظر هذه، يقلل هذا النظام الاحتكاك بين الجنود والفلسطينيين ويتيح للجنود تنميط الفلسطينيين الذين يشكلون خطرا أمنيا بنجاعة. قد يكون هذا صحيحًا، لكنه ليس المنطق الأمني الوحيد الذي يقف وراء استعمال هذا النظام الجديد، الذي يهدف، بالإضافة إلى “تحسين حياة الرعية” الفلسطينية إلى ترسيخ السيطرة الإسرائيلية على المناطق المحتلة.

نعم، فقد سمعنا عن هذه الاستراتيجية الأمنية-الرئيسية التي تهدف إلى ترسيخ وتعزيز”الشعور بالملاحقة” لدى الفلسطينيين في المناطق المحتلة من خلال شهادات عشرات الجنود. يستعمل الجيش اصطلاح “إثبات الوجود” الممجوج لترسيخ تفوق الجيش الإسرائيلي وجنوده القادرين على التواجد في كل مكان وزمان بالضفة الغربية. وعليه يعتبر نظام “الذئب الأزرق” وإجراءات “الالتصاق” على أنواعها أحدث آليات الجيش الإسرائيلي بل وجزء من منطقه العسكري. أي أن هذا أن الترهيب ليس مجرد نتيجة ثانوية لنظام التعقب الجديد، بل أحد أهدافها الرئيسية.

يقوم المقاتلون الإسرائيليون أثناء خدمتهم العسكرية ما يسمى باجراء “الالتصاق”، أي يجرون دوريات يوقفون خلالها الفلسطينيين عشوائيًا ودون الاستناد لأي معلومات استخبارية

حدثنا جندي خدم في منطقة الخليل قبل عشر سنوات قائلا: “أمِرنا بترسيخ شعور الملاحقة لدى سكان جنوب جبل الخليل من خلال إثبات وجودنا عسكريا يوميا. كان هذا هو كل ما قمنا به […] تدخل القرية، تنصب الحواجز، تبدأ بتفتيش البيوت، هذه إجراءات روتينية. كل يوم في مكان آخر، تغلق مفرقا مركزيا، شارعا، أو طريقا…” 

تعالوا نتمعن بنقاط التفتيش الفجائية التي ينصبها الجنود عادة على مداخل القرى الفلسطينية، والتي لا تسهم بأي شكل من الأشكال بوقف “مخربين” على حد قولهم. فالهدف منها ليس صد “المخربين”، بل ترسيخ قدرة الجيش الإسرائيلي على تشويش حياة الفلسطينيين وترسيخ ضعفهم. فكلما كان عدد الفلسطينيين المتعرضين لقمع الاحتلال أكبر، زاد خوفهم وخضوعهم. اعترف ووفقًا لهذا المنطق، جنود كثر أنهم استعملوا نظام “الذئب الأزرق” بل وتنافسوا فيما بينهم على التقاط عدد الصور الأكبر.

كما يعرف الجميع يستعمل الجيش الإسرائيلي آلية اقتحام البيوت الفلسطينية ليلًا لترسيخ شعور الملاحقة. أعلن قائد عام قيادة جبهة الجيش الإسرائيلي الوسطى مؤخرًا، عن وقف استخدام اجراء مسح البيوت الفلسطينية المُجحف. لكن الجنود الإسرائيلين اعتادوا على دخول بيوت الفلسطينيين جرهم من أسرّتهم، تسجيل تفاصيلهم وتفاصيل بيتوهم غير مبالين. كان هذا ما جاء على لسان ملازم خدم في منطقة بيت لحم خلال 2014 – 2015: “كان أحد الجنود يرسم مخططًا للمنزل في دفتره: تقسيم الغرف، سكانها ثم يصور سكان البيت. كنا نأمرهم بالوقوف ليلا حاملين بطاقات هوياتهم لنصورهم”.

أخبرنا الجنود أنهم وفي أغلب الأحيان كانوا يتخلصون من رسومات البيوت، فهذا “المسح” ليس سوى ذريعة لتعزيز شعور الملاحقة والاضطهاد. أهناك أنجع من جندي مسلح يقف فوق رأس طفل نائم لخلق هذا الشعور؟

نعم فهدف نظام “الذئب الأزرق” ومهمات “الالتصاق” في عصر الهايتك هو تعزيز وترسيخ الشعور بالملاحقة. يثبت الجنود الإسرائليون للفلسطينيين من خلال هذا النظام أنهم تحت رقابة عين الإحتلال التي لا تنام، بل والتي تحرص على جمع تفاصيل حياتهم كلها ويوثقها. لكن علينا أن نتذكر أن نظام “الذئب الأزرق”  ليس إلا أداة إضافية تنضم إلى أخريات كنقاط التفتيش الفجائية، الاعتقالات الوهمية، التدريبات العسكرية داخل القرى الفلسطينية وغيرها من الممارسات العسكرية الأخرى.

لكن، ترسيخ الشعور بالملاحقة والاضطهاد ليس بالجديد، بل هو إحدى الآليات القديمة الناجعة للحفاظ على استمرار سيطرتنا على المناطق المحتلة. فقد روت لنا أجيال جنود لا تعد ولا تحصي عن مهمات مختلفة حملت نفس الهدف أي الترهيب، فهو ناجع! لكن، لا يمكنك الاستمرار بالترهيب دون أن يجن جنونك! فها نحن نرسل جنودنا لترهيب الفلسطينيين، بل ونتوقع منهم التزام الصمت حيال ما أمرناهم بفعله. وفي هذه اللحظة تتمعن بالمرآة لتجد أن وطنك يعيش تشويها يشبه ما وصفه جورج أوريل عام 1984، إلّا أنه وهذه المرة تشويه محلي الصنع.

هذا الموضوع مترجم عن Haaretz.com  ولقراءة الموضوع الاصلي زوروا  الرابط التالي.

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!