fbpx

مهاجرون إلى برد بيلاروسيا عادوا خائبين إلى العراق…

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“تعرضنا إلى السرقة والاستغلال وسلبت أموالنا، أمضينا أشهراً في غابة مكشوفة تحت المطر والبرد، ولم توفر لنا جهة واحدة الغذاء والماء”… يقول أحد المهاجرين بعد عودته إلى العراق.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أربعة أشهر أمضاها بلسم عبد الستار (53 سنة) عند الحدود البيلاروسية في محاولته الدخول إلى ليتوانيا، لكن الرجل لم يفلح في الدخول إلى أوروبا على رغم إنفاقه نحو 30 ألف دولار، ليعود بعد ذلك إلى بغداد على متن رحلة استثنائية للخطوط الجوية العراقية لإجلاء العالقين هناك.

«لن أترك بلدي مرة أخرى»، من مطار بغداد وبعد لحظات من وصوله؛ يجيب عبد الستار عند سؤاله عما إذا كان يفكر في إعادة محاولة الدخول إلى أوروبا مجدداً: “تعرضنا إلى السرقة والاستغلال وسلبت أموالنا، أمضينا أشهراً في غابة مكشوفة تحت المطر والبرد، ولم توفر لنا جهة واحدة الغذاء والماء، بالعكس كان العسكر البيلاروس يضربوننا ويبيعوننا الغذاء بأسعار خيالية”، يكمل المهاجر العراقي “لا رحمة في قلوبهم ولا إنسانية”.

وعن الأسباب التي جعلته يخوض غمار الهجرة يقول عبد الستار، “لدي 35 سنة خدمة في وزارة الداخلية وفي عائلتي 3 ضحايا حرب ولم نتسلم من الحكومات المتعاقبة أي حقوق، عسر الحال والضائقة المالية جعلانني أفكر في الهجرة إلى أوروبا”.

البطالة وانعدام الفرص المتكافئة في العمل والدراسة وغيابُ الحريات، يقول المهاجرون إنها أسباب غير هامشية دفعتهم لمغادرة بلدانهم بحثاً عن حياة أفضل.

الموت أو العودة!

محمد (30 سنة) هو الآخر فشلت محاولته في الدخول إلى أوروبا، يقول إن “الحدود أغلقت بوجهنا والأوضاع هناك مأساوية”. يتابع الشاب وهو خريج جامعي “لا نملك خياراً ثالثاً: إما الموت برداً أو بالرصاص أو الرجوع، الأوضاع هناك معقدة، مياه الشرب هي من البرك، والناس تجمدوا في ظل درجات الحرارة المتدنية عند الحدود بين بيلاروسيا وبولندا”.

“عدنا بعدما أغلقت الحدود بالكامل، وبعدما دفعنا مبالغ كبيرة حتى وصلنا إلى بيلاروسيا التي استخدمتنا وسيلة لرفع العقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي” بحسب حسين (25 سنة) الذي يؤكد أن “القوات البيلاروسية ليست لديها رحمة أو إنسانية. كانوا يعاملوننا بشكل سيئ، بعيداً من أعين المنظمات الحقوقية التي لم تستطع أن تصل إلى هناك”.

البطالة وانعدام الفرص المتكافئة في العمل والدراسة وغيابُ الحريات، يقول المهاجرون إنها أسباب غير هامشية دفعتهم لمغادرة بلدانهم بحثاً عن حياة أفضل.

ويقدر عدد المهاجرين بـ7 آلاف من مختلف الجنسيات وأغلبهم عراقيون موجودون على الأراضي البيلاروسية، بينهم نحو ألفي شخص ينتظرون في المخيمات على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، ويواصل الكثير من طالبي اللجوء محاولتهم عبور الحدود لدخول بولندا، فيما ينتظر 4 آلاف طالب لجوء على الحدود بين البلدين.

وتحاول دول الاتحاد الأوروبي الحد من موسم الهجرة الجديد عبر ضغوط تمارسها على شركات الطيران لوقف الرحلات إلى العاصمة البيلاروسية مينسك، إذ تمكنت بالفعل من إيقاف معظم الرحلات من العراق وسوريا، لكن الأزمة الإنسانية عند الحدود الأوروبية خلفت حتى الآن الآلاف من العالقين عند الحدود، فيما لقي 11 شخصاً حتفهم. وعلى رغم تلك المعاناة يصر كثر من المهاجرين الذين اقترضوا مبالغ من المال في معظم الأحيان لدفع تكاليف الرحلة، على البقاء على رغم صعوبة الحصول على المواد الغذائية والحاجات الأساسية.

ضحايا صراع دولي!

وقع الحالمون بالفردوس الأوروبي ضحية الصراع بين أوروبا وبيلاروسيا من جهة وشركات السياحة وشبكات التهريب من جهة أخرى، إذ يروي العائدون تفاصيل مرعبة عن لحظات الهجرة الخطرة “أرادوا لنا الموت وتركونا في غابة بلا وسائل اتصال، فيما كان الجميع وخصوصاً الأطفال وكبار السن يعانون من شدة البرد”.

وبات المهاجرون وقوداً لتوتر قائم بين القوات البولندية والبيلاروسية، وتتهم القوى الغربية بيلاروسيا بافتعال الأزمة بدعم من روسيا، من خلال استقدام مهاجرين إلى الحدود لإثارة خلافات داخل الاتحاد الأوروبي.

وعلى وجه التحديد تتهم دول الاتحاد رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو بتدبير أزمة المهاجرين وتسهيل دخول الوافدين من الشرق الأوسط عبر الطيران إلى مينسك في محاولة دخول القارة العجوز، وذلك رداً على العقوبات التي فرضت على بلاده بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل عام 2020، وتصدي السلطات للاحتجاجات الحاشدة التي اندلعت ضده.

وفي رحلة الهجرة الأكثر خطراً كان المهاجرون يتبادلون قصصهم المأساوية حول الفظائع التي فروا منها من بلدانهم، لكن آمالهم في تحقيق وضع اقتصادي وسياسي أفضل، سرعان ما تبخرت وعادوا إلى نقطة البداية في بلدانهم.

من دون أي حماية أو مساعدة تمضي نساء حوامل وأطفال وكبار السن أياماً وشهوراً في غابات مكشوفة حيث لا يستطيعون النوم ليلاً جراء البرد القارس، وتتعثر المنظمات الإنسانية في الوصول بسبب القيود التي يفرضها التوتر السياسي عند الحدود.

اليوم يعود مئات المهاجرين العراقيين إلى وطنهم بعد فشلهم في عبور الحدود شديدة الحراسة، تاركين وراءهم ذكريات قاسية للحياة في الغابة خلال رحلة الشتاء، بخاصة مع وجود أطفال، وتعرضهم للضرب من حرس الحدود.

قَبِل بلسم ومعه مئات العائدين من الحدود البيلاروسية عرض الحكومة العراقية لإعادة العالقين إلى أرض الوطن، عبر رحلة جوية على متن الخطوط الجوية العراقية، نظمت لإجلاء المهاجرين من هناك، وعلى رغم تلك الذكريات القاسية، إلا أن كثراً منهم يؤثرون مجابهة الشتاء القارس وقسوة العسكر والانتهاكات، على العودة إلى الوطن.

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!