fbpx

كيف حُولت ملايين الدولارات عبر BankMed Suisse لمصلحة شبكة تاج الدين الخاضعة للعقوبات الأميركية؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تحقيق استقصائي يكشف كيف حصلت شركة تابعة لكيان يملكه قاسم تاج الدين، الذي تعتبره الولايات المتحدة أحد كبار الداعمين الماليين لـ”حزب الله”، على أكثر من 11 مليون دولار على مدى أربع سنوات في حسابها في شركة تابعة لبنك البحر المتوسط في سويسرا

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تحقيق Congo Hold-Up، الذي شاركت فيه L’Orient-Le Jour، هذا التحقيق هو أكبر تسريب مالي في أفريقيا حتى الآن. ويستند التحقيق إلى 3.5 مليون وثيقة سرية من BGFIBank حصلت عليها Mediapart، ومنصة المنظمات غير الحكومية لحماية المبلغين عن المخالفات في أفريقيا (PPLAAF)، وتمّ تنسيقه عبر مؤسسة التعاون الاستقصائي الأوروبي European Investigative Collaborations EIC.

كشف التحقيق، كيف حصلت شركة تابعة لكيان يملكه قاسم تاج الدين، الذي تعتبره الولايات المتحدة أحد كبار الداعمين الماليين لـ”حزب الله”، على أكثر من 11 مليون دولار على مدى أربع سنوات في حسابها في شركة تابعة لبنك البحر المتوسط في سويسرا. تم إجراء التحويلات من قبل شركات مرتبطة بـCongo Futur، وهي تكتل صناعي يخضع أيضاً لعقوبات أميركية مرتبطة بالعائلة نفسها.

للوهلة الأولى، لا تظهر شركة (Global and Infinite Traders SAL (GAIT، وهي شركة “أوف شور” متخصصة في استيراد مخلفات وقطع رخيصة من لحوم البقر من أصول مختلفة إلى جمهورية الكونغو الديموقراطية (DRC)، أي اختلاف عن الشركات اللبنانية الأخرى التي تعمل في أفريقيا.

“التجارة الثلاثية” بين الدول المصدرة والملاذات الضريبية مثل لبنان حيث يقع مقرها الرئيسي والدول الأفريقية المستوردة، هي أداة يختارها كثر من رجال الأعمال من أرض الأرز.

على رغم أن هذه الممارسة ليست غير قانونية، إلا أنها تسمح لرجال الأعمال بتقليل حجم مسؤوليتهم الضريبية والانخراط في بعض الممارسات، مثل فرض رسوم زائدة على خدماتهم – وهو ما يسهله غموض سلسلة الاستيراد – وفق تقرير التدقيق بتكليف من السلطات الكونغولية من شركة Menaa العالمية ونشر عام 2013. وندد التقرير بالآثار الكارثية لهذه الممارسات على أسعار المواد الغذائية الأساسية.

ومع ذلك، فإنّ ما يميز GAIT عن شركات أخرى هو قدرتها على التحرّك في متاهة النظام المالي العالمي، على رغم الضمانات التي يفترض أن تمنع حصول ذلك.

كما كشفت L’Orient-Le Jour، وNGO Public Eye مع شركائهما في مشروع Congo Hold-up، بناءً على 3.5 مليون وثيقة سرية من بنك BGFI، أنّ الشركة تمتلك حساباً بالعملة الأجنبية في BankMed Suisse، شركة تابعة لبنك البحر المتوسط في لبنان- أحد أكبر خمسة مصارف في البلاد، وتسيطر عائلة الحريري على أغلبية الأسهم فيه.

إلّا أنّ GAIT مملوكة لشركة Ovlas Trading SAL، وهي مجموعة مملوكة لرجل الأعمال اللبناني قاسم تاج الدين، الذي تعتبره الولايات المتحدة أحد الممولين الرئيسيين لـ”حزب الله” والذي تم إدراجه على لائحة العقوبات من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية منذ عام 2009.

الأمر نفسه ينطبق على Ovlas، المتمركزة في حي في بئر حسن (لبنان) بين حاجزين تابعين لـ”حركة أمل”، بحسب وزارة الخزانة الأميركية.

رداً على استفسار حول عمليات النقل هذه، قال قاسم تاج الدين لـCongo Hold-up في رسالة كتبها محاموه إنه “لا يمكنه تقديم إجابات مفصلة على أسئلتنا”، بسبب “الإجراءات القانونية الحالية والسابقة”.

إقرأوا أيضاً:

القائمة السوداء

قال خبير الامتثال المصرفي، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، “الشركات الخاضعة للعقوبات ممنوعة من استخدام الدولار في معاملاتها، باستثناء حالات معينة تتطلب الحصول على إذن مسبق من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية”.

على رغم هذه المحظورات، وصل ما لا يقل عن 11.37 مليون دولار إلى حساب GAIT في BankMed Suisse من أيّار/ مايو 2011 إلى نيسان/ أبريل 2015 من حسابات في BGFIBank-RDC تحتفظ بها ست شركات: Congo Stars for Commerce, Atlantic Trading Company (ATCOM), General Trade Company, Congo Quality Industries, Kin Trading and Glory Group.

كلها مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بـ Congo Futur. التكتل الصناعي، المدرج على القائمة السوداء للولايات المتحدة منذ عام 2010 بزعم تمويل ميليشيات “حزب الله”، يرأسه شقيق آخر من عائلة تاج الدين، أحمد تاج الدين. 

يكشف تحليل حسابات هذه الكيانات في BGFI عن تدفقات نقدية هائلة إلى هذه الحسابات؛ خلال الفترة التي كانت هذه الكيانات تعمل  فيها مع GAIT، تم إيداع ما يعادل 110.6 مليون دولار نقداً (بالدولار أو بالفرنك الكونغولي) في حسابين في مكتب البنك الكونغولي.

في حين أن المبالغ كبيرة، فإن مصادر هذه الإيرادات غير واضحة ويبدو أن الشركات ليس لديها أي تكاليف تشغيلية. تعمل التحويلات أيضاً في الاتجاه المعاكس: عام 2013، على سبيل المثال، أجرت GAIT تحويلات بلغ مجموعها 1.65 مليون دولار إلى Cotrefor، وهي شركة أخرى تابعة لـ Congo Futur.

رفض BankMed Lebanon وBankMed Suisse تأكيد الأمر أو إعطاء تعليقات مفصلة على المعلومات التي تم الكشف عنها، بحجة أن الكشف عن المعلومات المتعلقة بعملاء محددين محظور بموجب القانون السويسري.

“يتابع كل بنك بصرامة ويلتزم بقوانين ولوائح الامتثال ومكافحة غسل الأموال ذات الصلة. بناءً على ذلك  لن نفتح حسابات أو نتعامل مع الأفراد أو الشركات الذين يخضعون لعقوبات، أو الذين يخضع مالكوهم المستفيدون للعقوبات”، كتبت الشركة اللبنانية الأم ردّاً على أسئلة Congo Hold-Up.

وأضافت المؤسستان في ردودهما المتطابقة: “إذا تعرض العملاء الحاليون الذين لم يكونوا خاضعين للعقوبات سابقاً للعقوبات، فسوف نتوقف عن التعامل في حساباتهم و/ أو نغلقها، بالتنسيق مع المنظمين لدينا”.

بينما من عام 2011 – عندما بدأت التحويلات – وحتى عام 2013، لم يكن ارتباط GAIT بـOvlas واضحاً، إلا أن نشر تقرير تدقيق شركة Menaa يحدد بوضوح الرابط اعتباراً من ذلك التاريخ. وفقاً لهذا الأخير، تم دمج GAIT مع Ovlas، إضافة إلى اثنين من الموردين الآخرين، Leaders of Supply and Product SAL وGalaxy Flame Trading SAL.

شركات “الأوف شور” اللبنانية الثلاث ممثلة بالمكتب ذاته الذي يدير جميع عملياتها. كما تتوضّح العلاقات بين الطرفين عبر عماد حسون، وهو أحد المساهمين في GAIT، وهو نقطة اتصال بشركة Ovlas Trading وممثل Leaders of Supply and Product.

إضافة إلى ذلك، وصفه القضاء الأميركي بأنه “يعمل بصفته مقرّباً وملازماً” لقاسم تاج الدين. واتهمه القضاء الأميركي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 بمساعدة رجل الأعمال في إعادة هيكلة إمبراطوريته التجارية من أجل التحايل على العقوبات الأميركية. ورفض حسون الرد على الأسئلة.

علاوة على ذلك، أضاف تقرير Menaa أن GAIT ليست مدمجة فقط مع Ovlas ولكن أيضاً مع Congo Futur. شارك حسون بنفسه هذه المعلومات مع المراجعين عندما أخبرهم أن “عملاءها في أفريقيا هم عملاء شركته”. في ظل عدم اتخاذ أي إجراء من قبل BankMed Suisse، استمرت التحويلات بمبالغ تتراوح بين 50 ألف دولار و385 ألف دولار، وأحياناً تحصل أربع حوالات في اليوم، حتى نيسان/ أبريل 2015.

جرس انذار

ومع ذلك، تمّ دقّ أجراس الإنذار مراراً وتكراراً بشأن المخاطر التي تنطوي عليها هذه التحويلات. كان الفرع الباريسي لبنك BGFIBank أول من استجاب، بعد 4 تحويلات بقيمة إجمالية قدرها 810345 دولاراً تم تحويلها إلى GAIT من قبل إحدى الشركات التابعة لـCongo Futur في أيّار/ مايو 2011.

“لفتت انتباهي مجموعة من العناصر: الطبيعة المتكررة للتحويلات، ضخامة المبالغ، تحويل الأموال إلى BankMed Suisse، وهي ليست جزءاً من تدفقاتنا المعتادة. (…) لقد أجريت بعض الأبحاث، وأشارت مواقع إلكترونية عدة إلى أن هذه الشركة تابعة لمجموعة Congo Futur التابعة لعائلة تاج الدّين، والتي من الضروري عدم الانخراط بأعمال تجارية معها. نحن نرفض هذه العمليات كإجراء احترازي”، جاء في رسالة بريد إلكتروني أُرسلت في أيّار/ مايو 2011 من قبل إدارة الامتثال في BGFIBank Paris إلى المدير العام للفرع الكونغولي.

لم يكن لدى الأخير الرأي نفسه، مشدداً على “نسبة الجودة إلى السعر” الجيدة لـ GAIT التي وصفها بأنها “جديرة بالثقة وجديرة بالتوصية”. على رغم التحذير الباريسي، تمّت التحويلات.

لكن فترة الراحة لم تدم طويلاً. في 6 حزيران/ يونيو، قام قسم الامتثال في BGFIBank في باريس مرة أخرى بحظر الحوالات إلى GAIT من قبل شركات شبكة Congo Futur.

قال ضابط الامتثال: “لا يمكننا التعامل مع مثل هذه الشركة التي يديرها شخص تعتبره الولايات المتحدة ممولاً للإرهاب”.

بعد هذا الرفض، كان على الشركة الفرعية الكونغولية البحث عن مصارف دولية أخرى أقل تشدداً في الرقابة، بدءاً من Commerzbank في ألمانيا. في البداية، مرّر البنك تحويلات عدّة. لكن تقرير الامتثال BGFIBank-RDC المؤرخ في آب/ أغسطس 2012 والذي تم إرساله إلى إدارة BGFI، ينص على أن “جميع الحوالات التي طلبتها ATCOM [أحد عملاء GAIT] يرفضها جميع مراسلينا لأسباب تتعلق بالامتثال”، نقلاً عن حوالتين تم حظرهما من قبل البنك الألماني.

لم يعلق Commerzbank على الحوالات المعنية، لكنه أكد أنه شدد ضوابطه منذ عام 2015، من خلال “أنظمة فحص ومراقبة حديثة لضمان الإبلاغ عن الحوالات المشبوهة إلى السلطات المسؤولة”.

لجأت BGFI بعد ذلك إلى مؤسسة FIMbank المالطية، والتي طلبت في كانون الثاني/ يناير ونيسان/ أبريل 2013 مع ذلك فواتير حوالتين بين GAIT وأحد عملائها، Congo Stars For Commerce. أصدر المستورد فاتورتين، ولكن لا يبدو أن المبالغ ولا تاريخ الفواتير أو مراجعها متطابقة مع الحوالات.

عادة، مثل هذا الوضع الشاذ كان يجب أن ينبه قسم الامتثال في البنك. رفض FIMbank الإجابة على أسئلتنا بشأن “علاقاته المصرفية السابقة مع BGFIBank RDC”، متذرّعاً بأسباب تتعلق بالسرية. ومع ذلك، شدّد على أنه يحافظ على “أعلى المعايير الأخلاقية والامتثال في مراسلاته”.

في الواقع، فإن تمرير الحوالات بالدولار الأميركي مع الكيانات الخاضعة للعقوبات يعرض البنوك، حتى خارج الولايات المتحدة، لمخاطر قانونية كبيرة.

وموقف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية هو أن أي معاملات بالدولار الأميركي ستشمل حتماً مصرفاً أميركيّاً في مرحلة ما، وبالتالي تشكّل انتهاكاً للعقوبات. كسر العقوبات تترتب عليه غرامات عالية جدّاً، نحو 300 ألف دولار لكل مخالفة. يمكن أن يصل أيضاً إلى مستوى عقوبة الجريمة في حالة الانتهاك المتعمد ويفترض أن الولايات المتحدة يمكن أن تحصل على ولاية قضائية خارج الحدود الإقليمية. هذا هو السبب في أن البنوك عادة ما تكون حذرة للغاية”،

بحسب روبرت كليفتون بيرنز، المحامي في شركة Crowell & Moring في واشنطن.بإمكان القضاء السويسري أن يشارك أيضاً.

قالت ساندرين جيرود، محاميّة في Lalive، مكتب محاماة في سويسرا، “في ما يتعلق بـ”العناية الواجبة”، يتطلب القانون السويسري أن تقوم المؤسسات المالية الخاضعة للإشراف من خلال هيئة الإشراف على السوق المالية السويسرية (FINMA) بتحديد مخاطرها والحدّ منها والسيطرة عليها بطريقة مناسبة واتخاذ الإجراءات التنظيمية اللازمة”. وهذا ينطبق أيضاً على المخاطر القانونية في العلاقة مع الكيانات في الخارج. في حالة إهمال هذه الالتزامات، فإن التزام البنك بتقديم ضمان لنشاط تجاري لا عيب فيه، سيصبح بالتالي موضع تساؤل، ويمكن أن يخضع لعقوبات من الـFINMA”.

قد لا يتعرّض بنك البحر المتوسط في لبنان لهذه المخاطر، لأنه ليس بالضرورة مسؤولاً قانونياً عن تصرفات شركته الفرعية. بينما ترأّس محمد الحريري، ابن عم رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري، المؤسستين، الكيانين اللبناني والسويسري، في وقت الحوالات، “هذان كيانان قانونيّان منفصلان، يخضع كلّ منهما لسلطته التنظيميّة الخاصّة وللقوانين والأنظمة في الولاية القضائية المعنيّة. لكل كيان مجلس إدارة منفصل وفريق إدارة ومهمّة امتثال مستقلة. يتعامل الكيانان مع بعضهما بعضاً على أسس تجارية بحتة ووفقاً للقوانين واللوائح ذات الصلة”، بحسب جيرود

“التواطؤ محتمل دائماً، لكنه ليس ضمنيّاً. يجب إثبات ذلك”، بحسب كريم ضاهر، محامٍ ضريبي وعضو لجنة FACTI التابعة للأمم المتحدة. “بإمكان الشركة التي تمتلك الشركة التابعة، على سبيل المثال، تعيين ممثلين هناك في مناصب إدارية، ومن خلال ذلك، التأثير في القرارات”. 

لقراءة القصة بالفرنسية:

https://www.lorientlejour.com/article/1282475/quand-bankmed-suisse-heberge-les-millions-de-dollars-dun-reseau-dentreprises-sous-sanctions-americaines.html

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.