fbpx

حياة الأنثى: تكفير عن آثام لم تقترفها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

حياة الأنثى تكفير عن آثام لم تقترفها بعد. وحياة الرجل مغفرة مسبقة لآثام مسموح له بتجريبها بحسب جرأته. والقانون يكفل حقوقه بالزواج من 4 نساء أو التهديد بهذا الحق لضمان استمرار تسلطه. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

قدّم لها خاتماً ماسياً في السنوية الثلاثين لزواجهما. لطالما أحبت الماس. لكن هذه الماسة كانت مميزة حقاً. الخاتم كان فاخراً.

لم يتذكر هذا اليوم سابقاً ولم تعد تهمها هذه الذكرى منذ وقت طويل. لكن حضور الخاتم بكل بهاء ماسته أبهرها… لثوان… وسرعان ما برزت في ذهنها صورة الفتاة التي أراد الاقتران بها منذ مدّة ثم خانته الترتيبات. 

قالت لها صديقتها التي تعرف كل شيء: احتفظي بالخاتم. 

واحتفظت به. لبسته في خنصرها لأنه صغير، وليذكرها بأنّه ليس لها. ثم باعته في بداية العام الدراسي وأرسلت لابنها مصاريف جامعته الخاصة وراء البحار لأن الأب شكا من تقصير السيولة وسوء الأحوال.

يعيش الرجل حياتين متوازيتين. حياته الواقعية كزوج محترم وحياته الحالمة كـ”دون جوان”، قادر على إخضاع نساء العالم لإغرائه.

وتعيش المرأة حياتين متوازيتين. حياتها الحالمة كزوجة محترمة وحياتها الواقعية كخادمة في معبد الزوج.

تختزن  المرأة في ذاكرتها وصايا جداتها ومأساة النساء اللاتي تهورّن وخرجن عن الخط المرسوم لهنّ فسقطن. وتعتمد على بوصلة مرتجفة في ضبط موقعها كلما تعرّضت لموقف محيّر. وغالباً ما تحلّ مشكلاتها من حسابها الخاص بالصبر والتسامح الذي يقابل بمباركات الأسرة والمجتمع.

تغضّ الزوجة بصرها بينما يغازل زوجها النساء أمامها معتبرة أنه يمزح. وتسهر الأم كي لا يزعج بكاء الوليد نوم زوجها. تحافظ الزوجة على رشاقتها وابتسامتها تطبيقاً لمعايير مسلسل باب الحارة الشهير.

 ولم يسعفها أنها عملت خارج المنزل في رفع منسوب حقوقها في الحياة. ما زالت العاملات يحافظن على تقاليد بيت الزوجية بتفانٍ تام. كل النساء خادمات في بيت الأسرة ومن ثم خادمات في بيت الزوج. وهناك أسر تمنع إحدى فتياتها من الزواج قسراً حتى لا يبقى البيت من دون رعاية عندما تعجز الأم والأب وتصبح خدمتهما من نصيبها.

 ولا مانع من بيع فتيات الأسر الفقيرة بغاية الستر وبيع فتيات الأسر الغنية بغاية ضمان استمرار الرفاهية وكله بموجب الصفقات المغرية لعقد الزواج الشرعي.

وهكذا يبقى دعاء: “إن شاء الله تفرحوا فيها وتشوفوها عروس”، هو أفضل مجاملة لصبية في مقتبل العمر. 

ويبقى لقب “أم فلان” أرقى ما تنادى به سيدة.

أصبح النقاش في قضية  حقوق المرأة مبتذلاً ومكرراً ومع ذلك لا شيء يتغير في بلاد الشرق السعيد. تظّل البنت خاضعة للقيود الصارمة وامتثالها للأوامر هو شرط أنوثتها ويظل الصبي حاصلاً على حريته غير المشروطة، فهذا هو شرط رجولته، طالما بقيت تحكمنا قوانين شريعة فرضت من آلاف السنين ويمنع قطعاً المساس بقدسيتها تحت أي ظرف.

حتى بعدما تقاتلنا على اللقمة واختلفنا على كل تفاصيل الحياة، بقينا محافظين على تفاصيل جهلنا وتخلّفنا، تجمعنا آراء الشريعة السمحاء من دون اعتراض.

كأننا لا نريد أن نخرج من هذه الحلقة الجهنمية.

ننتظر رياح التغيير من الجهات الأربع ولا نغير أنفسنا. 

وتحرس النسوة هذه القوانين بلا هوادة. تارة باسم الدين وأخرى باسم العيب وغالباً باسم الدفاع عن منظومة تربت عليها الأجيال منذ آلاف السنين وحرّم إعمال العقل في جدواها. 

والآن حين صار تجريب الحرية متاحاً في مجتمعات أخرى بدأت عمليات التخلّي عن هذا الموروث الثقيل بخجل شديد. فالعائلات التي انتقلت قسراً أو إرادياً إلى أوروبا هرباً من ظروف الحرب، لم تصمد روابطها طويلاً. الفتيات اللاتي كنّ يخشين بعبع المجتمع شعرن بالانعتاق. وبدأن الانفصال تدريجاً عن أزواج متسلطين، مستندات إلى مجتمع يضمن حقوقهن وحقوق أطفالهن. 

حياة الأنثى تكفير عن آثام لم تقترفها بعد. وحياة الرجل مغفرة مسبقة لآثام مسموح له بتجريبها بحسب جرأته. والقانون يكفل حقوقه بالزواج من 4 نساء أو التهديد بهذا الحق لضمان استمرار تسلطه. 

الكلمات بسيطة ومكرّرة، لكن الدمار لم يعد بسيطاً ومكرّراً. صار شاملاً. ولا بد من إعادة إعمار العقول على أرضية نظيفة. 

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.